أهمية تنظيم التأمين.. وإيجاد هيئة مستقلة له
د. إبراهيم بن عيسى العيسى
بعد أن كتبت مقالين عن المرور وشركات التأمين من حيث الإيجابيات والسلبيات، خطر على ذهني تساؤل من حيث وجود تنظيم محكم للتأمين وهل ما صدر يعد كافيا؟ وفي الحقيقة أن حداثة وجود التأمين، وخاصة الإلزامي على رخص القيادة ثم تعديله ليكون على المركبة، يعطي انطباعا وكأن المملكة تخوض تجربة حديثة، وما استتبع ذلك من ممارسات يشوبها بعض السلبيات التي أدت إلى عدم ثقة بعض المواطنين بشركات التأمين نتيجة مماطلة بعض الشركات في دفع التعويضات للطرف المتضرر الذي قرر له حق التعويض من الجهات المختصة، وقد يكون بسبب عدم وجود التأهيل والمعرفة لمن يزاولون العمل سواء في شركات التأمين، أو في الجهات الممارسة والمشرفة على تطبيق الأنظمة التي صدرت، وهذا قد يكون صحيحا من خلال ما لوحظ من تعديلات، وما صاحب ذلك من تعطيل، أو إرباك في الممارسات العملية تضايق واشتكى منها عدد من المؤمنين لدى شركات التأمين، أو المحالين على بعض الشركات عندما يلاقون مماطلة في دفع التعويضات المقررة من الجهات المختصة، وغير ذلك من السلبيات. وإزاء كل ما حصل ويحصل فلابد من وجود نظام موحد محكم للتأمين بكل أنواعه ـ الإلزامي والاختياري ـ يسن بعناية فائقة يأخذ بآخر ما وصلت إليه الدول المتقدمة من تنظيم سواء كان الإلزامي على المركبات، والخدمات الطبية (التأمين الطبي)،أو الاختياري الذي يتم لمختلف المناشط التجارية والصناعية والإلكترونية والزراعية، وغيرها ممن ترى أن التأمين يعد ضروريا لحماية مخاطر أنشطتها، ومثل هذا النظام لابد أن ينص فيه على إنشاء هيئة مستقلة تتولى الإشراف على تطبيق النظام من حيث منح التراخيص لشركات التأمين المؤهلة، ومراقبة أنشطة الشركات بحزم وجدية، وهذا في تقديري سيكون أفضل مما هو معمول به في الوقت الراهن من قيام إدارة أو قسم مختص في مؤسسة النقد العربي السعودي بدور منح التراخيص والإشراف مع جهات أخرى من وزارتي التجارة والصحة، وهذا قد يكون من أسباب السلبيات الحاصلة في الممارسات العملية، لأن كل جهة لها اختصاصات محددة في أنظمتها، ولم يكن التأمين من ضمنه، ناهيك عن أن هذا يترتب عليه أن يوكل الأمر بشأن التأمين إلى غير مختص من الإداريين أو ذوي اختصاصات أخرى بعيدة عن التأمين، ومتطلباته من فنيين وقانونيين يمكنهم مراجعة وثائق التأمين (بوالص التأمين)، والتأكد من أن نصوصها متوازنة لصالح كل الأطراف خالية من النصوص الإذعانية، ومعرفة كل الجوانب الخطرة والكوارث التي تكون محلا للتأمين، واستبعاد كل ما لا يشمله التأمين، وهذه من الأمور المهمة التي تحتاج إلى مراقبة دقيقة وجادة بحيث لا يترك إعداد و صياغة وثائق التأمين (بوالص التأمين) لشركات التأمين بشكل مطلق كما هو حاصل الآن، فوثيقة التأمين عقد بين طرفين يجب أن يراعى فيه حقوق والتزامات كل طرف بشكل عادل ومتوازن، يضاف إلى ذلك ضرورة وجود محكمة مختصة للنظر في منازعات التأمين، فإن لم توجد محكمة مختصة فتشكل لجنة قضائية من ذوي الاختصاص للنظر في منازعات التأمين، وهناك خيار يمكن الأخذ به بأن يترك لأطراف وثائق التأمين في إيراد نص صريح في الوثيقة يقضي بحل أي خلاف أو نزاع عن طريق التحكيم مع ذكر الشروط الأساسية للتحكيم، وأما الشروط الأخرى فتحرر في وثيقة التحكيم التي تعد ويوقعها الخصوم أو وكلاؤهم الرسميون المفوضون وفق ما تقضي المادة الخامسة من نظام التحكيم السعودي الصادر عام 1403 هـ / 1983م، والمهم تسهيل الإجراءات، والسرعة في الإنجاز، والتحكيم ميزته أن الخصوم هم الذين يختارون أعضاء هيئة التحكيم بإشراف الجهة المختصة أصلا بنظر الدعوى عندما تعتمد وثيقة التحكيم، والتحكيم حلت بموجبه كثير من قضايا التأمين في وقت كان التأمين محدوداً واختيارياً.
ما تقدم ذكره مجرد طرح آراء ومقترحات لعل فيها الفائدة التي تولد القناعة للأخذ بها، أو ببعضها بما يحقق الصالح العام، وينفع في تنظيم التأمين بما يحسن الأداء، ويعالج القصور والسلبيات، والله من وراء القصد، والهادي
مجلس الاستقرار المالي يرحب بخطة أوباما لتقييد البنوك

باراك أوباما
«الاقتصادية» من واشنطن
رحب مجلس الاستقرار المالي أمس بخطة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتقييد حجم البنوك وتعاملاتها.
وقال المجلس المكلف من قبل مجموعة العشرين بتنسيق جهود الحكومات على صعيد قواعد تنظيم الأسواق في أعقاب الأزمة المالية، إن المقترحات الأمريكية تأتي في إطار عدد من الخيارات التي يدرسها لمعالجة مخاطر أن تصبح البنوك «كبيرة جدا بحيث لا يمكن السماح بانهيارها».
وأعلنت اقتصادات أوروبية رئيسية دعمها لخطة الرئيس الأمريكي باراك أوباما التي قد تعيد ترتيب النظام المالي العالمي لكنها أشارت إلى أنها لا تعتزم أن تحذو حذوها.
ويدرس مجلس الاستقرار المالي عدة خيارات لمعالجة مشكلة البنوك «الكبيرة جدا» بما في ذلك تحديد مستويات مستهدفة لرأس المال والمديونية والسيولة وتحسين أساليب الإشراف وتبسيط هياكل الشركات.
وقال المجلس في بيان «سيكون تضافر المناهج ضروريا لمعالجة المشكلة بالنظر إلى اختلاف أنواع المؤسسات والسياقات الوطنية والخارجية ذات الصلة. وفي الوقت نفسه يجب أن تحافظ تلك المناهج على سوق خدمات مالية متكاملة». وسيقدم المجلس توصياته إلى زعماء مجموعة العشرين في تشرين الأول (أكتوبر)، كما سينشر تقريرا مؤقتا بعد قمة المجموعة في حزيران (يونيو). وقدمت فرنسا وبريطانيا وألمانيا دعما لخطة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لفرض قيود على حجم البنوك الأمريكية وتعاملاتها ولكنها لم تصل إلى حد التعهد باتباع المقترح الذي فاجأ الأسواق العالمية، وقد تعيد مقترحات أوباما المثيرة صياغة النظام المالي العالمي، ولكن خبراء قالوا إنها تفتقر إلى التفاصيل، وقد تلقي بظلالها على المنهج العالمي الذي تبنته مجموعة العشرين. وقدم أوباما مقترحاته الخميس الماضي قائلا إنه مستعد لمواجهة مقاومة بنوك «وول ستريت» التي ألقى باللوم عليها لكونها ساهمت في التسبب في الأزمة المالية العالمية.
وستمنع الخطة البنوك من الاستثمار في صناديق تحوط أو صناديق استثمار الملكية الخاصة أو امتلاكها أو رعايتها. وستفرض الخطة حدا جديدا على حجم البنوك بالنسبة للقطاع المالي كله، بل ربما قد تمنع المؤسسات من أنشطة استخدام أموالها التي ليس لها علاقة بخدمة العملاء من أجل أرباحها. وينطوي استخدام البنوك أموالها على قيام الشركات بمراهنات في الأسواق بأموالها، مما كان مصدرا لأرباح وفيرة قبل الأزمة المالية وبعدها.
ورحبت كريستين لاجارد وزيرة الاقتصاد الفرنسية بالمقترحات قائلة: إنها خطوة جيدة جدا للأمام. إنهم يرون أن التنظيم الذي كان كلمة محرمة وكان صعبا استخدامها في الأوساط المالية في الولايات المتحدة مهمة لاحتواء التجاوزات البنكية.
قال بول ماينرز وزير الخزانة البريطاني: إن بريطانيا اتخذت بالفعل إجراءات لمعالجة مشكلات قطاعها المصرفي، وأضاف توصل هو إلى حل لما يراه في الشؤون الأمريكية. واتخذنا نحن بالفعل الإجراء الضروري في بريطانيا ولكن المحافظين المعارضين في بريطانيا الذين رجحتهم الاستطلاعات للفوز بانتخابات مزمع عقدها في حزيران (يونيو) قدموا دعما أكثر قوة.
وقال جورج أوزبورن المتحدث باسم المحافظين للشؤون المالية لراديو بي. بي. سي: خلق الرئيس أوباما مساحة أكبر لباقي العالم للتوصل إلى ما اعتقد أنه سيكون نظاما معقولا للقواعد الدولية، وأضاف، دائما ينبغي علينا أن ندرس فصل الأنشطة المصرفية للأفراد عن أنشطة تعاملات البنوك على نطاق واسع، وهذا أفضل ما جرى عمله على النطاق الدولي، وتظل الشكوك بشأن ما إذا كان ممكنا إقرار خطة أوباما دون تغيير منذ أن فقد حزبه مقعدا رئيسيا في مجلس الشيوخ، مما حرم الحزب من أغلبية كبيرة في المجلس. وأثارت عودة البنوك لمنح مكافآت ضخمة لمصرفيين الغضب الجماهيري والإعلامي في الولايات المتحدة وأوروبا بعد استخدام أموال الضرائب في سداد هذه المكافآت، وكانت هناك موجة بيع كبيرة في «وول ستريت» الخميس الماضي وهزت مخاطر بشأن اتباع دول أخرى خطة أوباما للبنوك الأوروبية. ودعت قمة مجموعة العشرين التي استضافها أوباما في أيلول (سبتمبر) لإجراء تخفيضات في مكافآت المصرفيين وتعزيز رؤوس أموال البنوك.
وأكدت وزارة المالية الألمانية على الحاجة إلى التحرك قدما على الصعيد الدولي وقالت: إن برلين ستقدم مقترحاتها بشأن تطوير اللوائح المصرفية. وقال مايكل أوفر المتحدث باسم الوزارة «نتوقع أن تكون المقترحات الجديدة عاملا مساعدا للمناقشات المستمرة على صعيد دولي. ونهدف بالتأكيد إلى إيجاد حل لمشكلة «كبير لدرجة لا تسمح لك بالفشل» وأشار أوزبورن أيضا إلى مخاطر التحرك بشكل فردي وقال: إن الاجتماع المقبل لمجموعة العشرين سيكون منتدى لمناقشة القواعد الدولية المتفق عليها.