رد: الملف الصحفي للطباعة ليوم الأحد 23-02-1431هـ
الندوة : السبت 23-02-1431هـ العدد : 598
في التربية والتعليم
حسين عاتق الغريبي
| يحدث المأزق الحقيقي في عملية (التعلم) حين يفقد الحس مفهوم الغاية من (التعليم) .. فكثيراً ما نعلن عن نشوة الابتهاج بنجاح (الابن) وحصوله على (الشهادة) ــ وهذا شيء مفرح ــ غير أن السعادة الحقيقية تكمن في الاطمئنان على سلامة (البناء التربوي ) وهو ما يعني الشهادة الصريحة بأن هذا (الابن) قد نال تنشئة تربوية سليمة تؤهله للقيام بدوره العملي في مجتمعه بكفاءة واقتدار.
| ان معظم الجهود المنزلية ــ وحتى المدرسية ــ تركز (أحياناً) على عملية التحصيل الدراسي، طمعاً في الوصول الى (درجة التفوق) او رغبة في معالجة القصور الدراسي، وتغفل جوانب هامة تتعلق بالتهيئة النفسية التي تساعد على ثبات خطوة الابن في حياته العامة، واعداده لممارسة فعل منتج يحقق له ولمجتمعه بصفة عامة حياة هانئة.
| والتعلم السليم يمارس في جو من النشاط الهائل الذي ينبغي ان يكون منظماً.. يوازن بين (التلقي) وكسب الخبرة لبناء شخصية مهذبة تعشق العمل، وتتجه اليه بصدق واخلاص.
ــ ويؤكد العالم العربي (ابن جماعة) على ضرورة (ان يبذل المتعلم نشاطه وجهده في كل درس يتعلمه، لكي يثمر تعلمه).
ــ كما يرى (ثورنديك) : ان كل النظريات التربوية التي تعلق اهمية على الخبرة أو النشاط لمجرد كونها خبرة أو نشاطاً دون اعتبار اتجاه هذه الخبرة أو هذا النشاط ونتائجها، هي نظريات أصبحنا نشك فيها أكثر من ذي قبل).
| فالنشاط المبذول في عملية (التعلم) يجب أن يكون نشاطاً موجهاً لغرض، وهو رأي (ابن جماعة) وقد كان سباقاً الى تحديد أهداف دراسة كل مادة علمية يتلقاها طالب العلم، فمثلاً : نجده يحدد الهدف من دراسة الفقه في قوله : (لابد من وجود النية في طلب العلم بأن يقصد به وجه الله تعالى، والعمل به، واحياء الشريعة، وتنوير قلبه، وتحلية باطنه، والقرب من الله تعالى يوم القيامة، والتعرض لما أعدَّ لأهله من رضوانه وعظيم فضله).
|| ويظهر في هذا القول التأكيد على الناحية التطبيقية، وهو ما اخذت به كل لائحة حديثة للاختبارات، ففي عملية التقويم لمادة (الفقه) تركز اللائحة على ضرورة حصول الطالب على مهارات ومعارف محددة.. فعلى الطالب في حالة (الحفظ) ان يستدعي ويستظهر المفاهيم والأحكام الفقهية والأدلة الشرعية الواردة في المقرر، وفي حالة (الفهم والاستيعاب) عليه ان يستحضر ويستنبط الأدلة والمفاهيم والاحكام الفقهية في المقرر ويربطها بالنصوص الشرعية.. أما في حالة (التطبيق) فإنه ملزم بالتمثل بما أخذه في هذا المقرر في محيطه التعليمي.
| مثل هذا الأسلوب، يساعد كثيراً في تحقيق الهدف التربوي، لأن التربية ــ أصلاً : (هي العمل الذي يخول كائناً انسانياً ان ينمي استعداداته الجسدية والفكرية، كما ينمي مشاعره الاجتماعية والجمالية والأخلاقية في سبيل انجاز مهمته كانسان ما استطاع الى ذلك سبيلا).. والله الموفق.
|