عرض مشاركة واحدة
قديم 02-08-2010   رقم المشاركة : ( 3 )
أبوخالد
ذهبي نشيط

الصورة الرمزية أبوخالد

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 161
تـاريخ التسجيـل : 06-10-2005
الـــــدولـــــــــــة : الغرفة الشعبية
المشاركـــــــات : 2,671
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 256
قوة التـرشيــــح : أبوخالد تميز فوق العادةأبوخالد تميز فوق العادةأبوخالد تميز فوق العادة


أبوخالد غير متواجد حالياً

افتراضي رد: شر البلية مايضحك<سلسلة اطروحات<متجدد

شر البلية ما يضحك 2 : سيدي الحمار ...
تابعوا منتم خسرانين شيء


قبل ثلاث سنوات عندما كنت في زيارة ) لأرض الكنانة مصر ) وفي القاهرة تحديداً
تصادف أن كان تواجدي مع احتفالات مولد الحسين رضي الله عنه
فقررت الذهاب إلى هناك بدافع الفضول ولآن مثل هذا الحدث قد لا أصادفه في كل مرة
واصطحبت معي أحد الأخوة المصريين والذي سبق أن تعرفت عليه أثناء قدومه للعمرة
هذا الرجل الذي أعتز بصداقته كثيراً لما يملكه من فكر واعي ومن مظاهر تدين حقيقي
بعيداً عن الانغلاق أو الجمود الفكري وكذلك عن الانفتاح الغربي
بما يتبعه من هدي محمد صلى الله عليه وسلم من انتهاج الوسطية الحقيقية
وليست الوسطية المفضية للارتماء في أحضان أصحاب الأهواء والشهوات وأصحاب الفكر المتحلل من أي قيود شرعية !!!!
المهم أننا بدءنا جولتنا من الساحة الرئيسية والتي وجدناها قد امتلأت عن أخرها تقريباً بالزوار
وأكثر ما شد انتباهي كثرة القرويين البسطاء وانتشارهم بشكل ملفت للنظر
وتواجد الكثير من الباعة المتجولين الذين يبدو أنهم يعتاشون على مثل هذه المناسبات
ومن مثل هؤلاء الفقراء المعدومين الذين لا يبدو عليهم أي مظهر للغنى
على العموم تجولنا بين تلك الجموع ونحن نتسلى بأكل الملبس وبعض الحلويات المصرية الشهية
وعندما وصلنا لمسجد الحسين رضي الله عنه لاحظت إقامة صوان كبير جداً ملاصق للمسجد
سألت صديقي عنه فطلب مني أن لا أشغل نفسي بمثل هذه الأمور التي ستتبين لي لاحقاً
وطلب مني الدخول للمسجد للسلام على سيدنا الحسين
فوجئت بكلامه وظهر علي الاستغراب الشديد وسألته على الفور من يكون هذا الحسين الذي سيستقبلنا ونتشرف بالسلام عليه ؟!!
ضحك صديقي وهو يستغرب ، ألا تعرف سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!!
ومن لا يعرف الحسين بن علي سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت ذلك وأنا لا زلت أستغرب من سؤاله ،
ولكن كيف نسلم عليه وهو قد أستشهد في العراق في زمن يزيد بن معاوية ويقال أنه دفن هناك
وهناك من يقول أن رأسه حمل ليزيد ودفن في مدينة دمشق في باحة المسجد الأموي
أستغرق صديقي في الضحك وهو يخبرني أن السلام عليه سيكون بالمرور على قبره في داخل المسجد
وليس مصافحته شخصياً ، كتمت غيضي وتوجهت معه إلى داخل المسجد
واقتربت كثيراً من الضريح المزعوم وشاهدت ما يفعله هؤلاء الجهلة
من التبرك بصاحب القبر والنواح وطلب الغوث منه في مظاهر شركية يندى لها الجبين
ولا يمكن تصديق أن هذا يحدث في بداية القرن الواحد والعشرين في عصر التكنولوجيا والعلم
لاحظ صديقي تأثري الشديد ، فأخبرني أنه تعمد أن يريني هذه المظاهر حتى لا أخدع بمن يقول أن هؤلاء القوم هم أصحاب إيمان فطري ونقي !!
ولم يتم كلامه إلا وبدء دوي الطبول الذي يصم الأذان حتى إن حوارنا أصبح بلغة الإشارة
سألته عن هذا الصوت فأشار لي بأن أتبعه ، وخرجنا سريعاً من المسجد
وتوجه بي إلى حيث الصوان الكبير
وإذا نحن أمام مجموعة من الصهبجية يبدو أنهم من فرقة حسب الله الشهيرة جداً
الذين بدءوا بإحياء الليل على طريقتهم الخاصة جداً !!!
من خلال الرقص والتمايل على أنغام الطبول والصاجات خلاف ما ينبغي من إحياء الليل بالذكر والصلاة والاستغفار كما كان يفعل رسول الهدى عليه أفضل الصلاة والتسليم
على العموم لقد استهواني هذا المنظر وأطربني شجي الألحان ويسر علي هذا الأمر
أنني لم أطلبه في مرقص أو ملهى ليلي وإنما وجدته بجوار مسجد سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكدت أركن إليهم إلا قليلاً لولا أن استيقظت الفطرة السليمة في آخر الأمر
فتنبهت مدركاً أن ما أراه لا يمكن أن يكون مظهراً دينياً وإن أقسم القوم على ذلك
وطلبت على الفور من صديقي أن يبتعد عن هذا المكان ولاحظ التغير الذي طرأ علي
فظهرت ابتسامة حقيقية على وجهه وقال لي حسناً سننتقل من هنا ولكن قبل أن نخرج
لابد أن أريك آخر هذه المناظر وسحبني من يدي إلى داخل الحارة
ليمر بي خلال تلك الأزقة الضيقة بجوار جامع الأزهر
ليريني البؤس والشقاء الحقيقي متمثلاً في تلك الجموع من الفقراء والمساكين
الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء متخذين من هذه الأزقة سكناً لهم
استغربت من هذا المنظر وطلبت منه إيضاحاً سريعاً لكل ذلك
ليدمي قلبي بما أخبرني به من أن هؤلاء الفقراء يبيعون كل ما يملكون
ليقدموا في مثل هذا الوقت من كل عام قاصدين الحج إلى ضريح الحسين
متوسلين إليه أن ينقدهم مما هم فيه من فقر وجوع
زاعمين أنه يملك الحظوة عند رب السموات والأرض فيشفع لهم
كما أوضح لي صاحبي أنهم طرائق قددا يسمون بأصحاب الطرق الصوفية
ومنهم أتباع سيدنا البدوي وسيدنا المرسي أبو العباس وخلافه من أئمة الجهل والظلال
ودار حديث طويل بيننا وصل إلى أن الأمية والجهل منتشرة بشكل كبير جداً
في تلك المناطق من صعيد مصر
لذلك ينشط أصحاب تلك الدعوات الفاسدة وينجحون في إقناع هؤلاء البسطاء
بالتصوف بمظاهره الشركية من زيارة القبور والتوسل للموتى
وكعادة إخوتنا المصريين لم يشأ صديقي أن نفترق دون أن يلطف الجو
بروايته لطرفة تتعلق بما نحن فيه من هم
وأخذ يروي قصة اثنين من فقراء صعيد مصر كانا يجوبان الأرض بحثا عن الرزق ومعهما جحش صغير ( الجحش في اللغة أبن الحمار )
يحمل أغراضهما البسيطة ومن فرط التعب والجوع والعطش مات الجحش المسكين
و قاما الرجلان بدفنه في المكان الذي مات فيه وجلسا تثقلهما الهموم
فمرت بهما امرأة من قرية مجاورة فألقت التحية ردوا التحية عليها باقتضاب
وكانت المرأة فضولية فسألتهما لماذا تجلسان هنا في الخلاء القفر
ولأن أكثر ما يميز الشعب المصري العظيم ، الظرف والفكاهة حتى في أحلك الظروف
وكذلك كون الحزن والإجهاد يولدان عند الظرفاء ميلاً قوياً للمرح والدعابة خصوصا مع الفضوليين
أجابها أحداهما ، هذه البقعة يرقد تحتها مخلوق عظيم كان أكثر المخلوقات طيبة على الأرض وتحمل وصبر ، لم يكن يغضبه أي شيء وكان صامتاً يفكر في حكمةٍ طوال الوقت وكان....... وكان.........
واندمجا الآن في الدور وطفقا يعددان مناقب الفقيد ، الذي هو بالطبع الجحش
- ونحن هنا يا سيدتي للتبرك من هذه البقعة الطاهرة وفى الغالب سوف نقيم هنا للأبد
قالت المرأة في حيرة لم أسمع عنه من قبل
فردا عليها سريعاً ، شأنه شأن كل العظماء يا سيدتي
لا تعرف فضائلهم إلا بعد موتهم
ويبدو أن المرأة اندمجت تماماً في الموضوع بسؤلها عن اسمه ؟؟؟؟
لم يفكرا كثيرا وقالا
( سيدي الحمار )
ياه .. قالت المرأة ، إذا كان الرجل عظيم لهذه الدرجة فلماذا لا تبنيان له مقاماً يليق به ؟؟؟؟؟؟
- لقد قررنا ذلك بالفعل يا سيدتي لكن لابد من مساعدة أهل الخير
- اطمئنا سأبذل كل ما في وسعى
تركتهما المرأة وسارت فى طريقها وبعد ساعتين أرسلت لهما طاجن من الحمام المحشي بالفريك وملحقاته وفى الصباح جاءهما إفطار يكفى عشرون شخصاً وبدء يتوافد عليهم القوم وتحول المكان إلى مزار ثم مولد فخم يقام في كل عام
أعظم ما في المكان بقى صندوق النذور المصنوع من خشب الماهونجي والمرصع بالذهب والنحاس المشغول الذي كان يمتلئ ويفرغ عدة مرات في العام الواحد انتعشت حالة صاحبينا الفقراء
أوه آسف لم يعودا فقراء أصبحا من أثرى الأثرياء قصور وحدائق غناء وبيوت صيفية وأخرى شتوية
طبعا كأي اثنين من النصابين بدأ كل منهما يسرق الأخر واتهم احدهما الأخر بسرقة مبلغ كبير من صندوق النذر فرد علية الأخر
- محصلش والله ما حصل تحب احلف لك بأيه ؟..... طب وحياة سيدي الحمار
فرد علية صديقه صارخا
- وحياة سيدك مين يا خويا ؟.......... ما إحنا دافنينه سوا
فذهب قوله هذا مذهب المثل وأصبح من الأمثال الشعبية الشهيرة جداً

نظرت إلى صديقي وقد إغرورقت عيناي بالدمع من شدة الضحك
ومضينا سوياً وأنا أردد في داخلي حقاً أن ( شر البلية ما يضحك )

آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس