عرض مشاركة واحدة
قديم 02-23-2010   رقم المشاركة : ( 15 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الملف الصفي للتربية ليوم الثلاثاء 9--3

الاقتصادية :الثلاثاء 09 ربيع الأول 1431 هـ. العدد 5979
24 حصة أسبوعياً فقط
د. عبدالرحمن الطريري
في كثير من ميادين الحياة توجد ممارسات أصبحت كالمسلمات والحقائق التي لا يمكن التفكير في حذفها أو تعديلها, أو إجراء أي تغيير فيها, والغريب أن هذه الممارسات تكتسب مع الوقت صفة أقرب ما تكون إلى القدسية حيث لا يتجرأ أحد على أن يفكر في عدم أهمية وجودها, وكأنما هذا الأمر خروج عن المألوف. حتى أن بعض هذه الممارسات يمر عليها عقود, وأزمنة طويلة دون أن تمس, وتأتي وتتعاقب على الميدان أجيال, ويأتي مسؤول ويذهب آخر, والوضع على ما هو عليه في هذا الأمر أو ذاك. الميدان التربوي هو أحد الميادين التي توجد فيها من الممارسات ما يكون قد وصل إلى مرحلة التكلس التي يصعب تفكيكها, أو حلحلتها نظراً لأن الميدان اعتاد هذه الممارسة, وكأن عقول العاملين في الميدان سواء من المعلمين أو الإداريين أو القيادات العليا ألفوا هذا الأمر واعتادوه, ولا يمكن تغييره, وكأن لسان حالهم يقول «إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون». ما دعاني لتناول هذا الموضوع أمران, أحدهما المخرجات التربوية المتواضعة التي أصبحت سمة واضحة من سمات النظام التربوي في بلادنا, وفي الأخص التعليم العام, والأمر الثاني هو أن وزارة التربية والتعليم أنيط بها مسؤولية تنفيذ مشروع الملك عبد الله المتمثل في إصلاح التعليم, الذي يفترض أن يمس القضايا كافة التي تؤثر سلباً في التعليم ومخرجاته. منذ عرفت نفسي, ومنذ كنت في المرحلة الابتدائية, ونصاب المعلم 24 حصة أسبوعياً, وخلال العقود التي مر بها التعليم في بلادنا العزيزة وهو على هذا الوضع, والغريب أن لا أحد تناول الموضوع أو أخضعه للمناقشة, أو الدراسة، رغم أني لا أفهم, حتى هذه اللحظة الأسس التي بني عليها هذا النظام سواء كانت تربوية أو اقتصادية, أو تعليمية أو فلسفية. في بدايات التعليم ربما نجد مبرراً للالتزام بهذا الإجراء أو الممارسة التي تحولت مع الوقت إلى نظام مقدس, وذلك لقلة المعلمين, لكن مع زيادة خريجي وخريجات كليات التربية, وكليات المعلمين لم يعد هذا المبرر قائماً, وفي يقيني أن قلة العبء التدريسي تعطي وقتاً وفرصة أكبر لبذل مزيد من الجهد والتفاعل بين الطلاب والمعلم, والتنوع في النشاطات التي يفترض أن يبذلها المعلم كي يتعلم الطلاب بصورة أفضل, ومستوى أجود, وحتى تتحول العملية التعليمية إلى عملية تربوية بعيدة عن الروتين والواجب الذي يجد المعلم نفسه ملزماً للقيام به بأي صورة كانت. ومع إدراكي أن بعض المعلمين يعاني قصورا ذاتيا في دافعيته, ورغبته, ومستوى معرفته, وأن تقليل عبئه التدريسي لن يغير من واقعه شيئاً إلا أن المصلحة العامة المتمثلة في الحاجة الماسة إلى الرفع من مستوى المخرجات التعليمية يستوجب إعادة النظر في العبء التدريسي مع محاسبة المقصرين من المعلمين الذين تسللوا إلى الميدان التعليمي, وهم فاقدون للتأهيل المعرفي والتربوي, بل النفسي, إن تخفيض العبء التدريسي يلغي الأعذار التي تحول دون التفاعل العميق بين المعلم وطلابه, والذي كثيراً ما نسمعه ونلاحظه, حيث إن 24 حصة أسبوعياً تعوق المعلم الجاد من أن يبذل مزيداً من الجهد, فهل يكون العبء التعليمي أحد أهداف مشروع الملك عبد الله لإصلاح التعليم الذي رصدت له المليارات من الريالات خاصة أن المشروع يستهدف عناصر عدة في المنظومة التعليمية, أحدها المعلم؟ كما أن تخفيض العبء التدريسي يخلق وظائف تعليمية جديدة, إذ لو خفض النصاب إلى 18 حصة أسبوعياً سنخلق ثلث الوظائف التعليمية القائمة حالياً, وهذا مكسب للميدان, وللشباب المؤهل للعمل في سلك التعليم, الذي لم يجد عملا بعد تخرجه في كلية التربية, أو كلية المعلمين. صحيح أن في هذا العدد الجديد من الوظائف تكلفة مالية لكن فائدته التربوية والتعليمية والاجتماعية, لا تقدر بثمن إن أحسن توظيف الوضع, كما أن تكلفة العاطلين المؤهلين للعمل الذين لم تتهيأ الفرصة لهم للعمل تعد تكلفة باهظة في جميع الأصعدة الاقتصادية, والأمنية. قرأت ذات مرة خبراً مفاده أن وزارة التربية والتعليم قررت خفض النصاب التدريسي للمعلمات المضطربات نفسياً إلى 50 في المائة من النصاب, ولا أخفيكم أني ذهلت من الخبر, وكنت بين مصدق ومكذب لعيني لولا أنه ورد في إحدى الجرائد, وقد قرأته عدة مرات أملاً في أن أكون قد فهمته خطأ لكن الخبر بهذا النص. استغرابي بل اعتراضي على الخبر الذي هو إجراء وممارسة تحدث أو ستحدث في الميدان التعليمي هو أن المضطرب نفسياً يفترض ألا يُدَرِس ألبتة, ذلك أن أبناءنا, وبناتنا في حاجة إلى معلمين ومعلمات أصحاء نفسياً بدل أن نبتليهم بمن قد يكونون سبباً في اضطرابهم أو نفورهم, وهروبهم من المدرسة, أما من ابتلي من المعلمين أو المعلمات باضطراب نفسي فيمكن التعامل مع حالته بصورة خاصة لكن لا يوضع تنظيم يمكنه من التفاعل مع الطلاب أو الطالبات ومن ثم التأثير فيهم بصورة سلبية لا تحمد عقباها. من أهم شروط نجاح المعلم صحته النفسية, فبصحته النفسية يمكن أن يؤدي دوره بشكل سليم حتى ولو كانت معرفته أقل من اللازم, لكن بفقدانه الصحة النفسية سيفقد المعرفة والسلوك القويم, وبمثل هذا الوضع ستتأثر العملية التعليمية بكاملها.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس