ذئب في ثوب أب
الاثنين, 22 فبراير 2010
د. ابتسام بوقري
قصة مؤلمة ومظلمة لا يكاد يصدقها عقل ولا تقبلها نفس بشرية سوية.. لجأت صاحبتها لي -بعد الله- مستغيثة، ولم أستطع تجاهل صوتها الذي رسمت عليه السنون العجاف التي عاشتها آثارها فسمعته منكسراً حزيناً كصاحبته.
إنها واحدة من آلاف النساء اللاتي تعرضن لأنواع من الاضطهاد النفسي والجسدي من زوج نزعت من قلبه الرحمة فضلاً عن المودة.. فكان نموذجاً سيئاً في تعامله مع أهل بيته بعكس ما أوصى به نبينا وسيدنا صلى الله عليه وسلم حين قال: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله). فهو لم يكن خيراً بل شراً لأهله.. وكما حكت لي تلك الزوجة المطحونة في رحى حجراها الاستبداد من شريك العمر -سارق العمر- وبين الحاجة المادية والاجتماعية التي اضطرتها إلى الصبر عليه سنوات طويلة زادت عن العشرين عاماً حتى انتهت بالطلاق، الذي كان مكافأة لها منه على تفانيها في خدمته وأبنائه!
ورماها إلى حيث لا تجد قوت يومها !! وإن كانت تأخذ مبلغ 800 ريال من الضمان الاجتماعي فهو لا يكفيها لنصف الشهر خصوصا أنها تساعد قريبها المحرم الذي تقيم عنده لأنه محتاج.
قالت لي إنها مكثت ثلاثة أيام لا تجد الطعام !! فهل هذا معقول في بلد المسجد الحرام؟ نعم.. فكم من محتاج متعفف لا يسأل الناس إلحافاً ولا يعلم عنه أحد شيئاً.. وينام طاوياً بلا غذاء ولا عشاء.. ومنهم هذه السيدة التي كتمت حالها ولم تتكلم إلا بعد أن فاض الكيل بها.
ما أكثر حكايات النساء المظلومات والمطلقات ، وتشهد أروقة المحاكم بازدياد الحالات.
لكن ما استوقفني لدرجة البكاء.. وحقاً يبكي ليس دمعاً ولكن دماً! فهو أمر جلل عند الله سبحانه وعند خلقه أجمعين إلا مرضى القلوب التي هي أقسى من الحجارة مثل هذا المخلوق الذي أكرمه الله بعدد من البنات اللاتي قال عنهن رسول الرحمة بما معناه أن من كان له ثلاث بنات وأحسن تربيتهن وأكرمهن ليس له جزاء إلا الجنة، واثنتان، وواحدة.
لكن أباهن - الزوج السابق لصاحبة القصة – لم يكرم بناته ولم يحسن إليهن ولم يتصرف كإنسان بل وحش عديم الإنسانية قام بالاعتداء عليهن مراراً.. ومازالت المأساة مستمرة!
ولدي أوراق إقرار مكتوبة بخط الفتيات وتوقيعهن.. تجعل البدن يقشعر حين قراءتها!
ومن هذا المنبر أنادي وأصرخ بأعلى صوت - وأضم صوتي إلى صوت المرأة وبناتها - نداء طلب إغاثة عاجلة ليس بالطعام والكساء ولكن برفع الظلم عن أنفس بريئة تتعرض لأبغض أشكال التعدي على حقوقها الإنسانية وكرامتها وعفتها!
أتوجه لحقوق الإنسان وللشؤون الاجتماعية ومن بيده الأمر لإنقاذ هذه الأسرة من براثن ذئب في ثوب أب.. والمسؤولية الآن يحملها الجميع وأنا معهم نحو هذه الأسرة المدمرة.