عرض مشاركة واحدة
قديم 02-27-2010   رقم المشاركة : ( 10 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اخبار ومنوعات السبت 13--3

خبز الغني... وخبز الفقير
الجمعة, 26 فبراير 2010
عبدالله بن ربيعان
شاهد كثيرون على شاشة التلفزيون السعودي، المرأة المسنة الفقيرة التي لم تجد طعاماً لأطفالها في الجمعية الخيرية، وبادر المذيع بأنها تريد «ولو لحم حمار» لتطعم أطفالها، وهو المقطع الذي انتشر في منتديات كثيرة، وشوهد في «اليوتيوب» 42 ألف مرة في مقطع، و6800 مرة في مقطع آخر، و2773 مرة في مقطع ثالث.

وبحسب قولها في لقائها مع المذيع النشط عبدالرحمن الحسين، فإن «دخلها مع خمس بنات هو 1400 ريال، علماً بأن بعض بناتها مطلقات ومعهن أطفال قصر»، وحينما يسألها المذيع ماذا تريد من الجمعية الخيرية؟ كان ردها الصاعق «أبغي الإيجار، وأبغي إن كان عندهم طماطم، وإن كان عندهم دجاج، وإن كان عندهم لحم، وإن كان لحم حمار، اسكت نفسي واسكت من عندي».

وبالتأكيد فإن الجميع تعاطف مع هذه السيدة، وربما قدم لها بعض أهل الخير ما تيسر، ولكن ماذا سيكون وضعها بعد عام وبعد عامين، حينما ينسى الناس قصتها؟ ثم كم حال مثل تلك المرأة المسنة لا نعلم عنهم يا ترى؟ ثم لماذا لم يتغيّر وضعها على رغم أنها بحسب قولها «مسجلة في الجمعية منذ حرب صدام»؟ أي قبل 19 عاماً.

واعترف بداية بأن علاج الفقر والقضاء عليه أمر شبه مستحيل، ولكن سأحاول عرض حل المشكلة من منطق الاقتصاد. ففي الاقتصاد ينقسم الاستهلاك إلى مستقل وتابع، فالمستقل ويسمى الاستهلاك التلقائي لا يرتبط بدخل الانسان، مثل السكن والمأكل والملبس، وهي الأشياء الضرورية التي يجب أن تتوافر للشخص، سواء اشتراها، «أخذ من والديه»، أو اقترضها، أو «شحذها»، وربما «سرقها»، أو غير ذلك.

ثم هناك الاستهلاك التابع وهو المرتبط بالدخل، يزيد مع زيادة الدخل، وينخفض مع انخفاضه. وسنركّز على النوع الأول، لأنه من واجب وزارة الشؤون الاجتماعية المسؤولة عن الفقراء في البلد وبمساعدة أهل الخير إن توفر لكل عائلة سعودية فقيرة الحد الأدنى من العيش الكريم، بتوفير المسكن والملبس والطعام وكلفة الدراسة للفقراء وأولادهم، وطالما هناك فقير، فهذا يعني خللاً وقصوراً في أداء الوزارة يجب أن تحاسب.

وقد يقول قائل إن الحكومة لم تقصّر، فهي تدعم السلع الأساسية، ولولا الدعم لكان سعر الخبزة الواحدة بريال كامل، لأن كلفة انتاج كيس الدقيق تكلف ما يصل الى 72 ريالاً، ولكنها تباع للمخابز بـ 25 ريالاً، وتدفع الحكومة بقية الكلفة كإعانة. وهذا صحيح ولا شك فيه، ولكن الدعم يستفيد منه الأغنياء أولاً، فالمليونير ومن هو في قاع الفقر يشترون الخبز المدعوم. وأنا لا أطالب برفع سعر الخبز على الغني، ولكن هل يستطيع الفقير (مثل حال المرأة المذكورة) شراء الرز أو الطماطم أو الزيت، أو دفع الإيجار، أو مصاريف ومستلزمات الدراسة براتب أو بمعونة من الجمعية الخيرية لا يتعدى 700 ريال؟ الإجابة هي بالتأكيد لا.

إن الحل الاقتصادي الأفضل، والذي تعمل به كثير من الدول هو توزيع بطاقات التموين على الفقراء. فالبطاقة التموينية تعطي حاملها قدراً يومياً أو أسبوعياً من السلع الأساسية (الخبز، الشاي، الرز، اللحم، الدجاج، وغيرها)، وبالتالي فهي تضمن ألا ينام الفقير وأولاده جوعى، لأن ما في الجمعية الخيرية نفد، ويستطيع الفقير التوجه إلى أقرب «سوبرماركت» وأخذ ما يحتاجه بهذه البطاقة، وبكرامة بعيداً عن طوابير الجمعيات.

وثاني فوائد البطاقة أن الجمعيات الخيرية لا تحتاج لتخزين السلع الغذائية في مخازن مكلفة، ولن تفسد السلع الغذائية جراء طول أو سوء التخزين.

والثالث أن الطبقة الفقيرة المستحقة لهذه البطاقات في مأمن من ارتفاع الأسعار وتضخمها، فالبطاقة تمكّنها من استهلاك حاجاتها الأساسية بالعدد والكمية من دون النظر لسعرها.

الرابع أن توزيع البطاقات التأمينية يخلق تنافساً كبيراً بين التجار، لتموين حاجات حملة البطاقات، وبالتالي تستطيع وزارة الشؤون الاجتماعية مفاوضتهم للحصول على أقل الأسعار، وستكون بالتأكيد أقل كثيراً مما تشتري به الجمعيات الخيرية بصورة منفردة حالياً.

وخامس فوائد هذه البطاقة أنها يمكن أن توجه إلى السلع المنتجة وطنياً، وبالتالي نضمن دعماً غير مباشر للإنتاج الوطني من السلع الأساسية، وفي مقدمها الصناعة الغذائية.

سادساً أن توفير هذه البطاقات يحل مشكلة الفقراء الآنية أو العاجلة، وهو أن يجدوا ما يطعموا به أطفالهم، ويعطي الوزارة الوقت لعلاج مشكلتهم الطويلة بإلحاقهم بوظائف مناسبة، أو تدريبهم على حرف يدوية تخرجهم من قائمة الفقراء الى طبقة الفئة المتوسطة المنتجة.

آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس