[صقر قريش]

عكاظ:الأحد 28 ربيع الأول 1431هـ العدد:3192

تلميح وتصريح

نزيف

حمود أبو طالب

وأنا أمر بجانب مبنى ضخم شاهق في مدينة الرياض تعتليه لوحة كتب عليها «مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم»، انسابت في خاطري مواضيع وقضايا وهموم لا حصر لها، رجوت الله أن تكون حلولها موجودة في هذا المبنى، وأن يفصح القائمون على المشروع عن تلك الحلول ــ إذا وجدت ــ وإطارها الزمني وآليات تنفيذها..ومما تذكرته لحظة مشاهدتي للمبنى موضوع وددت الكتابة عنه قبل فترة قصيرة بعد أن سمعت حوارا بشأنه بين بعض المعلمين الراسخين في الخبرة، يتعلق بإيفاد المعلمين إلى الخارج. والحقيقة أن أسئلة كثيرة لابد أن تطرح حول هذا الموضوع .. كل عام يتم الإعلان عن إيفاد معلمين إلى عدد كبير من الدول في مشارق الأرض ومغاربها، دونما توضيح لماذا هذا المشروع موجود في الأساس، ولماذا نحن مستمرون فيه. هل نحن ملزمون به؟؟ هل هناك إتفاقيات مع تلك الدول لايمكن مراجعتها، تجعلنا نفقد كل عام عددا كبيرا من المعلمين المتميزين؟! وهل كل تلك الدول في حاجة فعلية لمعلمينا وتخصصاتهم؟! وهل هناك دول أخرى تفعل ما نفعل، وتخسر من كوادرها التعليمية مثلما نخسر؟؟إننا نقوم بفرز سنوي لأفضل المعلمين في كل التخصصات ونختار أفضلهم للإيفاد الخارجي، ومعظم المعلمين يذهبون إلى دول تتعامل معهم تشريفيا لتتحول البعثة إلى رحلة استرخاء طويلة يفقد خلالها المعلم مهاراته وحماسه ومتابعته وقدرته على الإنتاج، ثم يعود وقد أصبح شخصا مترهلا يختلف عن الشخص الذي سافر، أي أننا نفقد المعلم مرتين أو بصورة مضاعفة، نفقده خلال إيفاده، ونفقده بعد عودته.في الحقيقة لازلت غير مستوعب للموضوع برمته، فما جدوى إرسال معلم لغة متميز إلى دولة لا شأن لها بهذه اللغة، أو معلم رياضيات إلى دولة متشبعة بالمعلمين في هذا التخصص، أو معلم علوم إلى دولة تفوقنا علما، في الوقت الذي نشكو فيه من نقص المعلمين الجادين الأكفاء في تخصصات كثيرة، وفي الوقت الذي تستمر فيه إشكالات معقدة بين المعلمين ووزارتهم، وفي الوقت الذي تزداد فيه نسبة النمو السكاني بشكل كبير تتطلب مزيدا من المدارس والمعلمين والمعلمات. إذا ماهي الحكمة من نزيف المعلمين في برنامج الإيفاد؟؟.. وهل تجيبنا الوزارة أو اللجنة التعليمية في مجلس الشورى؟!.