مختصون يتحدثون في غرفة جدة:
الذهب دون سعره العادل.. والدولار عامل حسم.. ومبيعات البنوك المركزية تراجعت 81%
من اليمين د. وديع كابلي، جميل فارسي، مصطفى صبري، بشير ذياب، وعلي الكندي يتحدثون في ندوة الذهب في جدة.
عبد الهادي حبتور من جدة
بعد المستويات القياسية التي وصلت إليها أسعار الذهب العام الماضي التي لامست 1218 دولاراً للأونصة، إلا أن مستثمري وتجار الذهب يؤكدون أن القيمة الحقيقية للمعدن النفيس بالدولار الأمريكي تظل أقل من السعر الذي يجب أن يصل إليه مقارنة بأسعار 1982 مأخوذاً في الاعتبار عوامل التضخم.
وفي ظل فقدان الذهب لمركزه الريادي للاستخدام كغطاء عالمياً للعملات الرئيسية الموجودة مع تنوع الاقتصادات وتضخم حجمها وعدم مقدرته على القيام بالدور الذي قام به في الماضي، وفقاً لمسؤولي البنوك المركزية، أصبح التنبؤ بأسعار الذهب مستقبلاً أمرا في غاية الصعوبة، ولا سيما أن هناك تقارير تشير إلى وجود عمليات مضاربة تحدث في بورصات الذهب العالمية تتحكم في مؤشر الأسعار صعوداً ونزولاً.
وفي ندوة خاصة عقدت في غرفة جدة البارحة الأولى لمناقشة أوضاع أسواق الذهب عالمياً وفي السعودية تحديداً وعوامل تأثرها بالأزمة المالية العالمية وتحليل الطلب وأسعار الذهب وإلى أين تتجه، أجمع المختصون على أن كل المؤشرات إيجابية بشأن ارتفاع الطلب بعد أن اعتاد المستهلكون على زيادة الأسعار التدريجية، إلى جانب النمو الاقتصادي العالمي الذي بدأ يأخذ مساراً تصاعدياً في الفترة الأخيرة.
واستهل الحديث الدكتور وديع كابلي أستاذ الاقتصاد والتمويل في جامعة الملك عبد العزيز في جدة بشرح واف وبشكل بسيط لأسباب الأزمة المالية العالمية وتأثيرها في الاقتصاد وقطاع الأعمال في العالم، وفي دول الخليج والمملكة بصفة خاصة.
إلى ذلك، بيّن علي الكندي نائب شيخ الصاغة ومدير عام شركة الكندي وإخوانه للذهب والمجوهرات، عرض وتحليل لجنة الذهب والمجوهرات تمّ بالتعاون مع كبير محللي المعادن الثمينة في شركة GFMS العالمية ومجلس الذهب العالمي، موضحاً أن إجمالي الطلب العالمي على الذهب كان في أفضل أحواله في عام 2008، حيث تجاوز 3800 طن، فيما انخفض إجمالي الطلب عالمياً عام 2009 بنسبة 11 في المائة عن عام 2008، وذلك من حيث الوزن، وكان متوسط سعر الذهب في عام 2009 نحو 972 دولارا للأونصة، الذي يمثل ارتفاع سعر الذهب عن عام 2008 بنسبة 12 في المائة، حيث توقع كثير من المحللين الاقتصاديين العالميين حصول الأزمة العالمية مبكّراً فاتجه كثير من المستثمرين إلى الذهب كسلعة موثوق بها في الأزمات المالية.
وأشار الكندى إلى أن ثقافة الاستثمار في الذهب موجودة في السعودية، لكنها تحتاج إلى تطوير منتجات استثمارية ذهبية مباشِرة داخل المملكة، وأضاف ''زاد الاستثمار بالذهب في المملكة في وقت أزمة الأسهم السعودية، واتجه المستثمرون لاقتناء الذهب، لكن في 2009 انخفضت قيمة مبيعات الذهب في السعودية بنسبة 24 في المائة مقارنةً بـ 2008، وكان الانخفاض بشكل رئيسي في الطلب على المجوهرات الذهبية، لكنه كان الأفضل مقارنةً بدول المنطقة''.
أما بالنسبة لأسعار الذهب العالمية التي وصلت لمستويات قياسية العام الماضي فقد كشف علي باطرفي أن القيمة الحقيقية للذهب بالدولار تظلّ أقلّ من السعر الذي يجب أن يصل إليه، مقارنة بما وصلت إليه سابقاً (خصوصاً عام 1982)، آخذين في عين الاعتبار عوامل التضخّم (القيمة الحقيقية للنقد).
وتابع ''بسبب الطلب العالمي الكبير على الاستثمار في الذهب انخفضت صافي مبيعات البنوك المركزية بشكل كبير، ووصلت بمجموعها إلى 44 طنا فقط في عام 2009، مقارنة مع متوسط 444 طنا على مدى السنوات الخمس حتى عام 2007 و279 طنا عام 2008، أي بانخفاض وصل إلى 81 في المائة في 2009).
كما أن أحد عوامل ارتفاع سعر الذهب هو زيادة تكلفة إنتاج الأونصة الواحدة، التي اقترب معدّلها من حدود الـ 500 دولار للأونصة في عام 2009 أي بزيادة تراوح بين 50 و100 في المائة عن مستويات التكلفة قبل خمس سنوات.
أما توقّعات الطلب على الذهب في النصف الأول من عام 2010 أفاد الكِندي بأنها ستكون إيجابية، وذلك بعد أن اعتاد المستهلكون تدريجيا على ارتفاع أسعار الذهب (باستثناء التذبذب القوي)، إلى جانب أن الظروف الاقتصادية العالمية بدأت تخرج من حالة الركود وتنتعش بشكل تدريجي.
وتوقع الكندي أن النصف الأول من 2010 سيشهد هبوط سعر أونصة الذهب إلى معدلات 1030 إلى 1060 دولار بسبب قوة الدولار الحالية مقابل اليورو الذي يواجه ضغوطا بسبب امتداد الأزمة الاقتصادية من اليونان إلى بلدان أوروبيّة أخرى مثل البرتغال وإسبانيا، وعدم وجود إشارات تدلّ على أن معدلات التضخم سترتفع، وتسييل (بيع) لأسهم السلع في بورصة نيويورك للسلع COMEX، وكل ذلك سيساعد على انخفاض أسعار الذهب.
أما في النصف الثاني من العام الجاري حتى بدايات 2011، فالتوقعات المحتملة هو ارتفاع الأسعار إلى معدّلات 1150 إلى 1280 دولارا للأونصة، وسيستمرّ معدّل سعر الأونصة في الانخفاض في عام 2011 ويصبح 1120 دولارا للأونصة.
في غضون ذلك، قدم تركي فدعق المحلل المالي مداخلة عن ارتباط سعر الذهب بالدولار والتوقعات المستقبلية ذلك قائلاً ''في آذار (مارس) 2009 كان العالم يشهد قاع الأزمة المالية العالمية، في ذلك الوقت كان سعر الدولار مقابل اليورو في أقوى مستوياته 1.25 سنت، منذ آذار (مارس) حتى أواخر أيلول (سبتمبر) كان سعر الذهب في حدود 990 دولار للأونصة وكان سعر الدولار مقابل اليورو أقل من 1.4 سنت، وكانت كل الدلائل الاقتصادية تشير إلى أن الدولار سيذهب إلى حدود 1.5 سنت مقابل اليورو وفعلاً وصل الذهب إلى 1200 دولار في أواخر كانون الأول (ديسمبر) 2009 وكان سعر اليورو 1.51 سنت''.
وأردف ''هذا الربط يعطي صورة أكثر وضوحاً، وهناك توقعات تشير إلى أن الذهب سينخفض أقل من ألف دولار على المدى البعيد، في رأيي هذا لن يحدث إلا في حالة انخفاض قيمة الدولار إلى 1.32 سنت مقابل اليورو، وأعتقد أننا لن نرى على مدى السنوات العشر القادمة سعر أونصة الذهب أقل من ألف دولار، على المدى البعيد كل التقارير الاقتصادية تتوقع أن يصل الدولار إلى 1.6 سنت مقابل اليورو طبعاً هذا إذا قامت الدول الأوروبية بحل مشكلاتها الحالية في غضون عامين''.