الوطن :الأحد 5 ربيع الآخر 1431 هـ العدد 3460
سيناريوهات الأستاذة "نورة القحطاني"
محمد السحيمي
هي الباحثة العصامية، عضو النادي الثقافي بجدة، وصاحبة كتاب "الرجل في الرواية السعودية" الذي تجمع فيه بين عمق الفكر وسلاسة الأسلوب، وإذا عرفت أنها زوجة، وأم لثلاثة أقمار: بدر، وسمر، وميار، فلن تجد مبالغة في القول بأنها نموذج مدهش للمرأة السعودية، حظي بكل احترام، في كل مرةٍ يمثل الوطن في تظاهرة ثقافية خارجية!
ولكن وهج النار، ليس إلا نتيجة للاحتراق: إنها من منسوبات التعليم المخضرمات؛ بدأت "شهيدة واجب" في إحدى قرى الأطراف! وظلت سنين عجباً قبل أن يلتئم شملها بزوجها وأطفالها في المركز/ "جدة غير"! وكان بإمكانها أن تقضي بقية عمرها "نصف محشي": يحشو جماجم الطالبات بـ"كلامنا لفظٌ تعيسٌ كاستقم"! ويمضغ وقته مع بقية الزميلات في تبادل الدعايات المجانية لصالونات تقشير الركب، والتمييش بعد النفاس، وأحسن مطعم يعد زميلهن/ "محشي ورق العنب"! وأهم شيء: تاج الفتاة ماهو يابنات؟ وأين يكون التاج؟ شاطرات، ياحظ اللي بيتزوجكن!
ولكن "نورة" مصابة بداء الطموح، فواصلت دراساتها العليا، دون أن تفرغها الوزارة لذلك إلا عامين لم يكفيا لتحديد موضوع الرسالة! فلم تهن ولم تحزن، وحصلت على درجة الماجستير بامتياز، في مجال الرواية السعودية الذي مازال بكراً! وكان بإمكانها أن تكتفي بأعلى مرتبة في سلم "المحاشي" وهي المستوى السادس، ولن تضيف لها الدكتوراة شيئاً، ولكن لاشافي لها من "فيروس" الطموح؛ فتقدمت بطلب تفريغ لإكمال دراستها، ففرغت الوزارة طلبها فوراً، أي همَّشته بـ"كلام فارغ"؛ لعدم وجود بديلة! وهذا يعني أن "جدة" بحاجة ماسَّةٍ إلى معلمات لغة عربية، كونها من التخصصات الشاغرة لعشرة أعوام قادمة! فلماذا لا يحققون رغبة "نورة"، ويفرجون كرب المعلمات المنتظرات النقل إلى "جدة"؟! وهل الوزارة تسعى لخدمة منسوباتها لا سمح الله؟! وإذا لم يعجبكمكن: رفضت حتى الإجازة الاستثنائية بدون راتب؛ لعدم توفر البديلة أيضاً! فليس أمام "نورة" إلا: أن تتعالج من "الفيروس" إياه، و"تتمحشى" كبقية زميلاتها! أو تطلب النقل إلى "القريات" للسماح لها بالتسلل إلى جامعات الأردن، وتيأس من العودة إلى "جدة" للأبد! وإما أن تغير اسمها من "نورة" إلى "ياسر"!
والحل الأخير ـ رغم قهقهتكنَّكم ـ لن يكلفها أكثر من شهرين بيروقراطيين، تستند فيهما على أن العرب تسمي وتصف الأنثى بأسماء وصفات المذكر: ناهد/ فاتن/ حامل/ مرضع/ شريهان...تصغير "شرهان"، لا تذهبوا بعيداً!
أما الأبواب التي ستفتحها هذه الخطوة الجريئة البسيطة فلا حصر لها؛ خاصة أن اسم والدها "سعيد" أيضاً! فمن ذا يعرقل "ياسر القحطاني" إذا أراد مواصلة الدكتوراة في جامعة "مانشستر"؟ ومن ذا يشترط له البديل إذا تعرض لمخشٍ في بوز "بوته" الأيمن ولزم علاجه في الخارج مدة تكفي لإتقان الإنجليزية؟ ومن ذا يحرج "بدر" بذكر اسم أمه أمام أقرانه بعد اليوم؟!!