عرض مشاركة واحدة
قديم 03-25-2010   رقم المشاركة : ( 6 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اخبار التربية الخميس 9--4

الوطن :الخميس 9 ربيع الآخر 1431 ـ العدد 3464 ـ السنة العاشرة
حمزة قبلان المزيني
"وتَنسَون أنفسَكم"؟!
لا يمل بعضُ المعلقين الغربيين من العودة إلى موضوعهم الأثير المتمثل في إدانة التعليم في العالمين العربي والإسلامي لأنه، كما يقولون، يَغرس "الأصوليةَ" الدينية التي تؤسِّس للعنف.ومن أشهر هؤلاء توماس فريدمان الكاتب في صحيفة نيويورك تايمز. ومن آخر ما كتبه مقال نشرته صحيفته في 9/2/2010 بعنوان: "ذلك كله بسبب المدارس". ويورد فيه شكوى بعض المثقفين اليمنيين وغيرهم من العرب من العنف الذي يؤسِّس له التعليم "المؤسلَم". ولم يدخر وسعا، كما هي عادته، في إسداء النصح للعرب والمسلمين بأن يغيروا مما يعلِّمونه لأبنائهم. وما كتبه السيد فريدمان ليس جديدا؛ فقد تنبه العرب أنفسُهم، والكتّاب السعوديون خاصة، إلى هذه المشكلة وانتقدوا سياسات التعليم في بلدانهم. ونتج عن جهودهم حذفُ كثير من التأويلات المتطرفة لبعض النصوص الكريمة، وأَخذ التعليم يسير نحو التمكين للاعتدال والاهتمام بالتعليم الضروري للتنمية.وكان الأحرى بالسيد فريدمان الإقلاع عن هذا الحديث المكرور، وأن يصرف بعض جهده، بدلا من ذلك، إلى انتقاد ما يحدث في بلاده هو. ويكفيه أن يقرأ بعض ما تنشره الصحيفة التي يكتب فيها ليكتشف أن بعض المسؤولين عن التخطيط للتعليم في بلاده يشرِّعون الآن للمفاهيم المتطرفة نفسها التي قطعت البلدان الإسلامية شوطا بعيدا في محاربتها. فقد نشرت نيويورك تايمز في أعدادها الأخيرة بعض التقارير عن عمل إحدى أهم اللجان التي تشرِّع لسياسة التعليم في الولايات الأمريكية. وتسعى هذه اللجنة التي يسيطر عليها الجمهوريون المتطرفون في ولاية تكساس الأمريكية إلى وضع الأطر العامة التي تحكم تأليف مقررات التعليم العام في السنوات العشر القادمة، لا في تكساس وحدها، بل في أكثر من سبع وأربعين ولاية أمريكية.ومن التقارير الشاملة عن اللجنة المقالُ الطويل الذي كتبه راسل شورتو في المجلة الأسبوعية التي تصدر عن نيويورك تايمز في 11/2/2010 بعنوان "إلى أي حد كان المؤسِّسون مسيحيين؟". ويورد فيه أن بعض المحافظين المساندين لهذا التوجه المتطرف لا يخفون أن هدفهم هو السيطرة على التعليم لتنفيذ فلسفاتهم اليمينية. فيشير أحدهم، وهو رالف ريد، إلى أهمية وضع أشخاص يؤمنون بما يؤمن به في اللجان التي تدير المدارس، قائلا: "إن من الأفضل عندي أن يكون لدي ألف عضو في لجان إدارة المدارس من أن يكون لدي رئيس (للولايات المتحدة يؤمن بما يؤمن به) وألا يوجد عضو في تلك اللجان". وتقول سينثيا دنبار، وهي من الناشطات المسيحيات في لجنة سياسة التعليم في تكساس: "إن الفلسفة التي تسيِّر الفصلَ الدراسي في جيلٍ ما ستكون هي الفلسفة التي تسيِّر الحكومةَ في الجيل التالي".ولا يتسع المجال لإيراد التفصيلات المفزعة التي يتضمنها المقال، لكن الفكرة الجامعة التي ينطلق منها أولئك المحافظون ويريدون أن تتماشى المقررات الدراسية معها هي أن مؤسسي الجمهورية الأمريكية قصدوا أن تكون الولايات المتحدة بلدا مسيحيا. وتؤكد دنبار "مسيحية" أمريكا قائلة: "إننا أمة أراد الله لنا أن نكون منارة على تلة لتكون مركزا للأمل والكرم المسيحي (تنير الطريق) لاستنقاذ عالَمٍ يتهدده الفناء".وتسعى هذه اللجنة إلى إعادة صياغة مقررات العلوم الإنسانية والتاريخ والاقتصاد، ومعظم الأعضاء فيها غير متخصصين في هذه العلوم. فأهم عضو محافظ فيها، دون ماكليروي، طبيب أسنان، ويصف نفسَه بأنه "أصولي مسيحي". ويعترف بأنه يؤمن بفكرة الخلق المباشر التي يراها بديلا لنظرية التطور، وبأن عمر الأرض لا يزيد عن عشرة آلاف سنة، كما يقول الإنجيل. وقد أدخل هو وزملاؤه أكثر من مئة تعديل على وثيقة سياسة التعليم في تكساس للتأكيد على مسيحية الدولة وما يترتب على ذلك.ويؤكد ماكليروي أن كثيرا من زملائه في اللجنة "يوقنون أن المبادئ اليهودية والمسيحية هي الأسس التي قامت عليها بلادنا وأن كثيرا من الوثائق المؤسِّسة تقوم على الكتاب المقدس. وفي محاولتنا الوصول إلى فهم أفضل للدستور والفيدرالية والفصل بين فروع الحكومة والحقوق الأساسية التي ضمنتها وثيقة الحقوق أظن أنه سيصبح واضحا لطلابنا أن بواعث مؤسسي بلادنا كانت دينية".
ويسعى أعضاء اللجنة إلى صياغة المقررات الدراسية في ظل تأويل ينفي أن الدستور الأمريكي نصَّ على الفصل بين الدولة والدين. وإذا كان أحد اليمنيين الذين قابَلَهم فريدمان يتذكَّر أنه درس نظرية التطور، قبل أن "تؤسلم" المناهج، فإن أعضاء اللجنة الأمريكية يريدون تضمين الوثيقة فَرْضَ تدريس ما يسمى بـ"نظرية الخلق" الدينية إلى جانب نظرية التطور العلمية، بل والتهوين من الأخيرة. وتسعى الوثيقة إلى إحداث تغييرات واسعة في ما يجب أن يدرسه الطلاب الأمريكيون من التاريخ الأمريكي ليؤكدوا الرؤى المحافظة ومنها حذف بعض الشخصيات التاريخية المعروفة وإدخال شخصيات تمثل تيارهم المحافظ. ومن ذلك إخراج إدوارد كينيدي ورالف نادر، ووضع نيوت جنجريش، الرئيس الأسبق لمجلس النواب الأمريكي، وهو من أكثر المحافظين في العقود الأخيرة تطرُّفا.وتسعى الوثيقة إلى تمجيد التيارات المحافظة التي تنامت منذ السبعينيات الميلادية، وكانت وبالا على أمريكا والعالم، في العقد الأول من هذا القرن خاصة.وأوصت بحذف بعض المصطلحات المألوفة التي تتضمن نقدا للسلوك الأمريكي في تعامله مع الخارج كـ"الإمبريالية"، و"التوسُّع"، واستبدل ببعض المصطلحات المألوفة مصطلحات أخرى لإزالة المعاني السلبية لها، كـ"الرأسمالية" التي حل محلها "الأسواق الحرة".وصوَّت عشرةٌ من أعضاء اللجنة مقابل خمسة لصالح هذه التعديلات المتطرفة حين عُرضت الوثيقة للتصويت في 5/3/2010.وربما يكون من حسن الطالع أن ماكيلروي هُزم في الانتخابات الأخيرة، وربما يؤدي ذلك إلى التقليل من غلواء الوثيقة التي ستعرض مرة أخرى للتصويت في مايو القادم.ومجمل القول أن التغييرات التي أحدثتها هذه اللجنة المتطرفة تتضمن كثيرا من الأفكار التي ستؤسِّس لكثير من المشكلات العميقة لبعض مكوِّنات الشعب الأمريكي، وستضمن وضع أمريكا على مسار الصدام مع الثقافات العالمية والشعوب الأخرى.
لهذا كله كان من الأفضل للسيد فريدمان أن يوجه نقده لهذه التوجهات المتطرفة التي تستغل الديموقراطية في السعي إلى الاستحواذ على التعليم في الولايات المتحدة. وكان يمكنه، على الأقل، أن يصرف اهتمامه لكشف المشتركات بين هؤلاء اليمينيين الأمريكيين ومن يماثلونهم في البلدان العربية والإسلامية ويقف من الفريقين موقفا مبدئيا واحدا لتبيين خطرهم جميعا على السلام العالمي وعلى التعليم المجدي الذي يساعد الناشئين على اكتساب معرفة تغنيهم فكريا وإنسانيا وتساعدهم في تحسين أوضاعهم وأوضاع بلدانهم اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس