«السعودية الفرنسية للتأمين» ترفع رأسمالها إلى 200 مليون ريال
الرياض: الوطن
وافقت الجمعية العامة غير العادية للشركة السعودية الفرنسية للتأمين التعاوني على زيادة رأسمال الشركة من خلال طرح أسهم حقوق أولوية ، فيما تم تعديل سعر السهم إلى 44.10 ريالا في تداولات السوق أمس وبنسبة التذبذب 10%.
وأقرت الجمعية زيادة رأسمال الشركة من 100 مليون ريال إلى 200 مليون ريال بنسبة زيادة 100% بمعدل سهم لكل سهم من الأسهم التي يملكها المساهم، وذلك عن طريق طرح أسهم حقوق أولوية بمبلغ إجمالي 125 مليون ريال مقتصرة على المساهمين المقيدين في نهاية تداول يوم انعقاد الجمعية العامة غير العادية بسعر طرح 10 ريالات وبعلاوة إصدار قدرها 2.5 ريال للسهم وعدد الأسهم المطروحة للاكتتاب 10 ملايين سهم.ووافقت الجمعية على تعيين هاينزوالتر دولبرغ عضواً بمجلس إدارة الشركة (ممثلاً عن شركة أليانز مينا القابضة - برمودا) بدلاً عن عضو مجلس الإدارة المستقيل كاميش جويال. كما وافقت على اعتماد لجنة الترشيحات و المكافآت وطريقة عملها.
في عهد المؤسس
السعوديون سبقوا العالم في القروض المتناهية الصغر
المالكي نفذ التجربة من دون إجازة طوال 43 عاماً في الوظيفة
جدة: خالد المحاميد
ينتهي الكاتب البريطاني أليستير كروك، في مقال قدمه لمنتدى الصراعات تحت عنوان "لماذا لا يستطيع المسلمون أن يكونوا ديموقراطيين" بالمفهوم الغربي للديموقراطية، إلى "أن القرآن ليس مجرد مخطط حول السياسة أو الدولة، بل هو مذكر بالحقائق القديمة كما تقول آياته. ومن أهمها أن البشر إذا ما أرادوا العيش مع بعضهم بنجاح، فيجب أن يكون ذلك من خلال مجتمع تسوده الرحمة والعدالة والمساواة، وهذه الرؤية تعد من أسس الإسلام السياسي، وتشكل انقلاباً تاماً على نظرية "التحول الكبير" فبدل سيادة مبدأ السوق الذي تخضع له بقية الأهداف الاجتماعية، أصبحت فكرة بناء المجتمع على أساس الرحمة والعدالة والمساواة، هو الهدف الأساس الذي يجب أن تخضع له بقية الأهداف ومنها السوق".
وقد عثرنا في تنقيباتنا عن التراث الاجتماعي للسعوديين، على قصة لشخصية جسدت مقولات أليستير كروك بحذافيرها، وهو رجل من مكة، تضيء سيرته الشخصية المتوارية شمعة أمل في نفوسنا، بأننا قادرون على تجسيد إسلامنا النقي العفيف، بمحموله من الرحمة والعدالة، مهما كانت المغريات الدنيوية لحوحة حولنا، ومهما كان حمل الحياة ثقيلاً فوق ظهورنا. سيرة رجل كانت تحت يده مئات الملايين من الريالات، التي لم تكن حتى مسجلة في ذمته، ولم يوقع على أي وثيقة أنها في عهدته، ومع هذا، كان أمينا في الحفاظ عليها.
43 عاماً دون إجازة
لا تظهر الوثائق، العام الذي تسلم فيه عبد الرحمن بن محمد جمال مالكي وظيفته، ففي تلك الأيام كان يكفي أن يعرف الشخص القراءة والكتابة، ليجد وظيفة محترمة في الدولة الناشئة، وهذا ما فعله الشيخ المالكي الذي تسلم وظيفة مدير "الأوراق ذات القيمة"، وهي تشمل الطوابع وجوازات السفر، والصكوك وغيرها من الأوراق، التي يجب أن يدفع المواطنون مبلغا ما، مقابل الحصول عليها، حين كان دخل الدولة السعودية يعتمد بشكل رئيسي على هذه الضرائب.
وفي ظل إدارة مبتدئة لم يتسلم المالكي هذه الأوراق كعهدة في ذمته، بل لعلها بقيت كما لو أنها أموال غير مرصودة، حيث كانت وزارة المالية تسلمه هذه الوثائق، ويقوم هو بردها أموالاً. ومن حسن الحظ أن المالكي كان يوثق كل شيء، ويصرف من وقته أطول مما تتطلبه الوظيفة من وقت لضبط هذه الأموال. ومع أنه كان يدير عددا من الموظفين، إلا أن كل شيء في دائرته كان تحت يده، وهذه المركزية ألزمته بأن يتخلى طوعاً عن إجازاته، لأن أي إجازة قد يقوم بها قد تعني كارثة بالنسبة لوزارة المالية في حينه، ولهذا السبب عمل المالكي 43 عاماً متواصلة من دون أن يحصل على إجازة، وهو ما دفع الكثيرين للثناء على جهده وأمانته وقدراته الاستثنائية، ومنهم وزير المالية آنذاك محمد سرور الصبان، والمفتش العام عبد الوهاب أشي، والدكتور عبد العزيز الخويطر الذي رثاه في مقالة مؤثرة في صحيفة الجزيرة.
وتؤكد وثيقة تعود إلى 60 عاماً خلت، بخط المفتش العام عبد الوهاب أشي، حقيقة تخلي المالكي عن إجازاته طوال خدمته الوظيفية، يقول فيها "إن الشيخ عبد الرحمن ابن العلامة الجليل محمد جمال مالكي، ضحى بالكثير من أوقات فراغه وبكل إجازاته، مدة خدمته الطويلة، حرصاً على ما بعهدته من أموال الدولة، التي تقدر بالملايين".
ويساند هذه الوثيقة وثيقة أخرى موقعة من وزير المالية والاقتصاد الوطني محمد سرور الصبان في 1383هـ، والتي يقول فيها "فقد ضرب هذا الموظف النزيه الأمين أروع الأمثلة للموظف الذي يهمه حفظ كرامته وشرفه، فكان مثالاً يحتذى به كل موظف أصيل. ولا يفوتني أن أذكر أن من أعجب سلوكه أنه لم يتمتع بإجازة مدة خدمته الطويلة، حرصاً على ما بعهدته من أموال، إذ ليس بوسعه أن يعهد لأحد بما في يديه، ولا يستطيع ذلك، أشهد بكل هذا أمام الله والناس".
ويشرح ولده عبد الحميد المالكي، الطيار المتقاعد، أن سبب عدم أخذ والده لإجازة طوال 43 عاماً، يعود إلى حرصه على الأموال العامة التي كانت تحت يده. حيث كان يسجل كل قرش وارد وكل قرش صادر، ولهذا حين تقاعد احتاجت وزارة المالية إلى 6 أشهر، لتسلم ما بحوزته من أوراق وأموال.
بنك القروض الصغيرة
بينما تتنامى عاماً بعد عام فكرة تأسيس بنوك للقروض المتناهية الصغر، أو ما يطلق عليه "بنك الفقراء"، وهي الفكرة التي بدأ بتنفيذها الاقتصادي البنجلاديشي محمد يونس حين أسس بنك "جرامين" في جمهورية بنجلادش عام 1979، لمنح قروض صغيرة للفقراء لتأسيس مشاريع ابتدائية، لتنتشر الفكرة تاليا في أنحاء كثيرة من المعمورة، تزيد على 100 بلد، بعد قيام محمد يونس بتجربتها ونجاحها في بلده، والتي نال على إنجازها جائزة نوبل للسلام عام 2006. هذه الفكرة السباقة، كان صاحب السبق فيها، عبد الرحمن مالكي، بالاتفاق مع وزير المالية السعودي آنذاك عبد الله سليمان، وتقتضي بأن يتسلم المالكي من وزير المالية مبلغ 80 ألف ريال كلما احتاج إلى ذلك، لإقراض المواطنين من الموظفين وغيرهم في مكة المكرمة، مبالغ صغيرة قد تصل إلى 50 ريالاً، لسد احتياجاتهم الضرورية والطارئة. ويذكر عبد الحميد المالكي، أن المواطنين كانوا يلجؤون إلى والده لطلب المساعدة حين تواجههم ضرورات حياتية مثل حالات الولادة، والزواج، أو استئجار منزل وتأثيثه، فكان يمنحهم مبالغ تبدأ من 20 وحتى 50 ريالاً، وكان يسجل عليهم هذا القرض الصغير ويطالبهم بالسداد بعد مرور 30 يوماً، وكلما انتهى المبلغ كان يعود إلى وزير المالية عبد الله سليمان، حيث يسلمه ما لديه من صكوك المدينين ليتسلم منه مبلغاً آخر يقوم بإقراضه. وممن كان يستدين منه في هذه الحالات شخصيات معروفة، بعض أبنائهم أصبحوا من كبار الأثرياء العرب، كالشيخ عبد الله كامل والد رجل الأعمال الشيخ صالح كامل، وحسين سراج الشاعر المعروف، والسيد علوي جفري، وحسين وعبد الرحمن بابصيل، وجميعهم من عائلات ستغدو -لاحقا- من وجهاء وأثرياء جدة. ويروي عبد الحميد مالكي أن "هذه التجربة بدأت في حدود عام 1930، أي بعد مرور 5 سنوات على فتح الملك عبد العزيز مكة المكرمة، في الوقت الذي كانت فيه الدولة السعودية من أفقر دول المنطقة". مضيفا "كان مبلغ 50 ريالاً ذا أثر كبير في الحياة اليومية، إذا علمنا أن أعلى الرواتب في حينها قد لا يصل إلى أكثر من 200 ريال". وفي حين كان المالكي يقرض 50 ريالاً، لم يكن راتبه الشهري يتعدى 130 ريالا!.
بنك متنقل
وبهذه القروض الصغيرة، والثقة التي اكتسبها عبد الرحمن المالكي بين موظفي الدولة، أتجه إليه هؤلاء ليضعوا في خزينته رواتبهم، يوم لم يكن هناك بنوك ، فكان بمثابة "بنك متنقل"، يقرض ويسترد من دون فوائد، ولا تكاليف تشغيل، كما هي حال البنوك الآن.
وليس ثمة ما يفسر هذه الأريحية، سوى ما قاله أليستير كروك، أنه في الإسلام "إذا ما أرادوا العيش مع بعضهم بنجاح ، فيجب أن يكون ذلك من خلال مجتمع تسوده الرحمة والعدالة والمساواة".