عرض مشاركة واحدة
قديم 04-05-2010   رقم المشاركة : ( 10 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: خبار ومنوعات وحوادث الاثنين 20--3

هل نحن منافقون؟!
الاثنين, 5 أبريل 2010
د. عبدالرحمن سعد العرابي


* في أكثر من مقال، طرح الشيخ سلمان العودة في ملحق «الرسالة» قضية على جانب كبير من الأهمية في حياتنا المجتمعية المحلية، جعلها في شكل استفسار عن حالة كوننا مجتمعًا مرائيًا. وهكذا تساؤل أصبح بكل أسى صورة مقولبة لما ينظر به الآخرون إلينا ككيان مجتمعي إنساني. فالكاتب الإنجليزي ديفيد جونز وصف المجتمع السعودي في مجلة «ناشيونال ريفيو» بأنه «مجتمع يقنن النفاق».
* الصادق مع ذاته، والحريص على سيادة المبادئ والفضائل في عموم فضائنا المجتمعي يرى بوضوح أن تساؤل الشيخ العودة، وتأكيد الكاتب الإنجليزي إنما هو بكل حزن سمة أصبحت تتوشح رداء المجتمع السعودي في معظم هيكله. فالتغيرات الاقتصادية وما تبعها من تحوّلات ذهنية ونفسية ومجتمعية انعكست في شكل سلبي على فهم وإدراك قيم وفضائل إنسانية كانت سائدة في فترات سابقة في كل أركان وزوايا الكينونة المجتمعية السعودية، فتحوّلت تلك الفضائل والقيم إلى عكسها في التعاملات الحياتية اليومية إلى حد أنها أصبحت عنوانًا لكيفية التعامل بين أبناء المجتمع السعودي. ومن تلك القيم والفضائل المعكوسة الصدق حين تحوّل بإرادتنا إلى نفاق ينخر بنيان وتماسك المجتمع بأسره.
* الصدق كما هو في أصله ومعانيه، وكما كان سائدًا من قبل هنا فوق هذه التربة المباركة، وحين تطبيقه في تعاملاتنا اليومية الشخصية مع بعضنا البعض يعني بكل بساطة الصراحة والوضوح، وإحقاق الحق، وإبعاد الظلم والتسلّط والتجبّر حتى مع الرؤساء والوجهاء والأعيان. ولم تكن حالات الصدق القائمة -آنذاك- سبيلاً من سبل تدمير العلاقات الثنائية والجماعية بين أبناء الكينونة المجتمعية السعودية، بل كانت إحدى أهم وسائل ترسيخ وتوطيد العلاقات بين الجميع. فكان المسؤول الوجيه والكبير وصاحب السلطة يُقرِّب الصادقين، ويقبل مشورتهم، ويستعين بآرائهم في كثير من شؤونه الحياتية الخاصة والعامة.
* أمّا في أيامنا هذه ونتيجة لتراكمات مجتمعية وسلوكية سلبية فقد أبعِد الصادقون عن كل رأي ومنتدى وإدارة لأنهم أصبحوا يشكلون إزعاجًا (للكبير) والذي لم يعد يقبل أو يرضيه شيء سوى التبجيل والتفخيم في القول على كل ما يعمل حتى وإن كان خطأ. والأدهى والأمر أن هكذا إقرار وقبول ومطالبة من الكبير حفَّزت وسيطرت على الرؤية المجتمعية لسلم التطور الفردي لتحقيق التطلعات والآمال، فمن يرغب في الوصول إلى أهدافه ويحقق غايات طموحه عليه، أن يتسلق سلم النفاق، وأن يكون ذكيًا يعرف كيفية تصريف وتسليك الأمور.
* الأمثلة لو وددت إيرادها على ما أقول، فوق التصوّر، فالفضاء المجتمعي السعودي يزدحم حتى التخمة بالسلوكيات والتصرفات النفاقية، والتقريب لأصحابها، ولكن يكفي أن أقول ليس من الصعب الاصطدام اليومي المتكرر بصورة مزعجة ومرعبة لكل مخلص لهذا الوطن، فمثلاً حين تعلم أن خلافات حادّة وصلت عنان السماء بين منسوبي أحد القطاعات حتى أصبحت حديث الناس، وفجأة تشاهد الصور والاحتفاليات المزركشة، وهي تضج بالابتسامات والأحضان والحميمية التي لا تراها إلاّ بين الأزواج يصيبك الغثيان أسىً وحزنًا على ما سيؤول إليه الواقع المجتمعي السعودي في المستقبل.
* إن أخطر ما يواجهنا هنا فوق هذه الأرض المباركة قلب المفاهيم، وتبديل معاني الفضائل، بحيث يتحوّل الصدق إلى نفاق، والنزاهة إلى شطارة، والإخلاص إلى مسايرة، والأمانة إلى تسليك! حينها يعلم الله وحده ما ستؤول إليه حياتنا المجتمعية في كل مكوناتها وتركيباتها، ولن ينفع حينها الصوت.. فقد فات الفوت.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس