رد: الملف الصحفي للتربية الأحد 04-05-1431هـ
الرياض : الاحد 4 جماد الأولى 1431هـ - العدد 15273
معلمون صالحون.. أم موظفون وكتبة
د. هاشم عبده هاشم
** يدخل المؤسسة التعليمية مع بداية العام الدراسي القادم قرابة (20.000) معلم جديد لأول مرة.. بعد أن اجتازوا المقابلات الشخصية كانوا وقبلها قد نجحوا أيضاً في اختبارات القياس وأهلوا لدخول هذا المجال الخطير.. إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من العمل في حياتهم.. بل وفي حياة مئات الآلاف من أبنائنا الصغار في مدارس التعليم العام..
** ولا تتخيلون قدر فزعي .. وقلقي.. وأنا أتابع أخبار تقدم عشرات الآلاف من خريجي الجامعات لوظيفة معلم.. ثم بعد الإعلان عن قبول حوالي (20.000) منهم.. واجتياز بعض هؤلاء للمقابلات الشخصية.. وتأهبهم لبدء عام دراسي جديد.. بمواجهة مسؤولية اعتبرها الأخطر في حياة الأمم والشعوب..
** قلت إنني فزع..
** لأنني مشفق على هؤلاء الشباب.. وهم يدخلون إلى بوابة التعليم في أكثر الظروف دقة وحساسية واستنفاراً لمعالجة الكثير من أوجه القصور.. والانحراف.. والبعد عن الجادة..
** وقلت إنني قلق..
** لأنني لست متأكداً بأن أكثر هؤلاء قد تقدموا للعمل في سلك التعليم عن قناعة واستعداد وميول طبيعية.. وإنما لأنهم وجدوها بمثابة فرصة وحيدة متاحة بعد أن استعصت عليهم الوظيفة في أماكن أخرى..
** وأنا مفزوع وقلق..
** لأنني لست متأكداً أيضاً بأن اختبارات القياس.. ومقابلات هؤلاء المعلمين كانت كافية للوصول إلى العنصر البشري الذي نريد لممارسة هذه المهمة الخطيرة.. والنجاح فيها.. والإسهام بذلك في تطوير العملية التعليمية التي تتعرض لحالة من الترهل.. والتراجع بسبب تدني مستوى التأهيل بين أوساط المعلمين.. وغياب المتابعة والرقابة لعملهم .. حتى أصبحت العملية التعليمية مجرد وظيفة مريحة تنتهي في منتصف النهار.. وفور فراغ كل معلم من أداء حصصه الدراسية.. وبعد أن يكون قد حشا عقول الطلاب بمعلومات جامدة.. وترك في عقولهم ألف سؤال وسؤال مفتوح.. اذا هو لم يخلف لدى البعض مفاهيم خاطئة ومغلوطة ومشوشة.. تؤهلهم لكي يصبحوا مشاريع منحرفين.. أو إرهابيين .. او لا مباليين.. في أحسن الحالات ..
** وللأمانة فإن هذا الكلام لاينطبق إلا على فئة يسيرة بين المنتمين إلى هذا السلك.. لكن هذه الفئة وإن كانت محدودة .. الا أن أثرها على العملية التعليمية كبير.. وخطير.. وسلبي.. ولا حول ولا قوة الا بالله..
** ما علينا الآن من كل هذا..
** وإنما الذي يعنينا الآن هو:
** ماذا أعددنا لاستقبال هؤلاء المعلمين الجدد.. ولدمجهم في العملية التعليمية.. ولمراقبة مستويات أدائهم.. وسلوكهم العام.. ومراقبة طريقة تعاملهم مع الطلاب.. ومدى صلاحيتهم لمهنة التدريس.. وترفعهم عن بعض الصغائر والسلوكيات.. وجعلوا مسافة كافية بينهم وبين طلابهم يشغلها الاحترام.. ويؤطرها الشعور بقيمة المعلم.. ومكانته في نفوسهم وليس العكس..
** فليس كافياً أن يكون هؤلاء قد اجتازوا امتحانات القياس.. والمقابلات الشخصية..
** كما انه ليس كافياً ان نضع بين أيديهم جداول الحصص الدراسية ومقرراتها.. ونتركهم ولا نتابع عملهم .. ولا نتأكد من قدرتهم على أداء هذه المهمة..
** والأكثر أهمية من كل هذا هو : كيف نعمل على تطوير أدائهم.. ورفع مستوى تأهيلهم على رأس العمل.. ومتابعة سلوكياتهم..
**وكذلك كيف نكتشف الموهوبين والمتميزين منهم.. وندعمهم ونشجع مبادراتهم.. وندفعهم إلى تقديم المزيد من الإبداع.. وخلق أجواء المنافسة بينهم تطويراً للعملية التعليمية ذاتها..
** وكم أتمنى أن تتحول مخاوفي هواجس.. إلى تفاؤل واسع.. وآمال عريضة في أن يصبح هؤلاء إضافة حقيقية قادرة على مواكبة مرحلة ما بعد التغيير لمناهجنا.. ومقرراتنا.. وطرق التدريس البالية لدينا.. بل وتغيير فكر المعلم وشخصيته أيضاً..
ضمير مستتر:
** [ البيئة الوظيفية الحاضنة .. تساعد على الإبداع ولا تؤدي إلى المزيد من الإحباط والفشل]
|