انتبه .. "ساهر" يراقبك

العقيد المقبل يتحدث عن أداء الكاميرات الحديثة
الرياض: طارق النوفل
توشك العاصمة السعودية الرياض، أن تستحيل "مصيدة المخالفين"، معلنة انتهاء عصرهم الذهبي في بث الفوضى والرعب، وزيادة ضحايا الحوادث وأعدادها. حيث من المنتظر أن تكون الرياض تدريجيا بيئة آمنة للسائقين، بعد أن تحاصر كاميرات المرور المخالفين، وتطاردهم في كل منعطف وشارع. وبذلك لن يغدو للسلطة الافتراضية قيمة، ولن تنفع واسطات الأقرباء والمعارف، ولن يكون جندي المرور سوى مراقب للسلامة يخضع للإشراف، حاله حال السائقين.
كاميرات احترافية
تسلحت العاصمة بكاميرات عالية الدقة، متطورة التقنية، ترسل تقاريرها الموثقة بالصورة إلى مركز للمعلومات، فإذا دخلت ملفاته، لم تستطع أي واسطة حذفها أو إلغاءها، بل تصبح حكما نافذا لا رجعة فيه، أو خلاص منه.
"لقد مسحنا خريطة الشوارع، واستكشفنا مناطق خطرها، فلم يعد ثمة مبرر من التأخر في اصطياد العابثين"، يقول بحماسة مدير عام مرور الرياض العقيد عبد الرحمن المقبل، حالما بأن تصبح القيادة في شوارع الرياض سلسة مثل السباحة، وآمنة مثل السكون، وحيوية دون أذى.
الموضوع بالنسبة للقائمين على المشروع، ليس مجرد اقتناص المخالفات، بل العمل على خلق صورة ثقافية جديدة، تجعل من الشارع السعودي الذي يضم نحو 90 جنسية بتبايناتها وتضاداتها الثقافية، خريطة بشرية متناغمة، تستكين إلى النظام وتحترم قواعده، بحيث يخلع كل سائق رداءه السلوكي السابق، ليرتدي مفاهيم النظام ويلتزم بها.
نظام "ساهر"
تبحث إدارة المرور في الوقت الحالي مع مزودي خدمات الاتصالات الثلاثة في المملكة، STC""، و"موبايلي"، و"زين"، للوصول إلى تحديث نهائي لبيانات أصحاب المركبات، وربط هواتفهم مع بياناتهم الرسمية، كي يسهل عمل نظام "ساهر" ويسهل وصول المعلومة أو المخالفة فور وقوعها بلحظات.
وهو الأمر الذي يتطلب من الفرد تحديث بياناته الأساسية، لدى "مركز المعلومات الوطني"، والذي سيكون مرتبطاً ارتباطا مباشرا بعمل وآلية النظام الجديد، والذي تعتمد فكرة عمله على التقنية الحديثة، عبر كاميرات ثابتة في المواقع الحيوية، فضلا عن الكاميرات المتحركة، والتي سيعتمد تحديد موقعها على الكثافة المرورية وساعات الذروة من عدمها. وستكون جميع أنواع الكاميرات الرقابية متصلة بـ"سيرفرات" لدى إدارة المرور، وذلك لاستقبال أي لقطة مصورة وتحليلها في غرفة العمليات الخاصة، وتمحيص الصور الملتقطة، والتي يمكن من خلالها الكشف عن اللوحات المزورة، والمركبات المطلوبة، كالمسروقة مثلا، أو مركبات استعملت لارتكاب أي جريمة. وحاليا تتم تجربة "ساهر" عبر فريق عمل سعودي، يدرب بأيدي خبراء أجانب، من آسيا، وأوروبا، وأمريكا. وتعد المملكة ثاني دولة في العالم، تستعمل هذه النوعية الكاميرات الحديثة، لمراقبة وقع الحركة المرورية، بعد ألمانيا .حيث تتميز الكاميرات بعدساتها التي تستطيع الالتقاط، حتى في حال استخدمت السوائل المظللة على اللوحات، أو في حال طمس الألوان التي تميز رقم تسجيل المركبة.
700 ألف مخالفة!
في العام المنصرم وحده، رصد مرور الرياض، أكثر من 500 ألف مخالفة خاصة بالسرعة داخل المدينة، وأكثر من 200 ألف حالة قطع إشارة، وهو الرقم الذي يثير السؤال عن موضوع "السلامة المرورية"، وتاليا عدد من يسقط من ضحايا في الحوادث، وما يتسبب من عاهات مستديمة للمصابين.
صورة جديدة للمرور
في جولة "الوطن" على مقر مرور العاصمة، يلفت النظر أن الزحمة التقليدية المعتادة في الأجهزة الحكومية غير مشهودة، وهو الأمر الذي يفسره العقيد المقبل بقوله "إن الفكرة الجوهرية هي تغيير المنظومة من الداخل. مكاتب إدارة المرور تخلت عن الطابع البيروقراطي متحولة إلى أنظمة العمل الحديثة والمفتوحة. فلا المدراء يغلقون مكاتبهم، بل إن واجهات مكاتبهم زجاجية، وأبوابهم يجب أن تبقى مفتوحة، وتواجدهم شرط ضروري بحيث يجد الشاكي، دوماً، صوتا مسؤولا يسمعه ويحل مشكلته إن وجدت".
السرعة في الإنجاز من أهم التغيرات، إذ لا تحتاج "رخصة القيادة" أكثر من عشر دقائق، حال توافر كامل البيانات، التي يمكن التحقق منها عبر الموقع الإلكتروني، فلا يجيء المستفيد إلا لاستلام رخصته. أما "لوحات المركبات"، فلا تتجاوز المدة أسبوعين، وهي فترة إرسالها وطبعها، ومن ثم إعادتها للمرور. وكذلك الحال في تسديد المخالفات ومعالجة الحوادث، إذ تتوافر مكاتب لشركات التأمين، تمكن جميعها المتضرر من إنهاء إجراءاته في وقت وجيز.
مراكز التوقيف
اللافت في الأمر، اهتمام المرور بمراكز التوقيف، وتحولها من غرف مبعثرة يتزاحم فيها الموقوفون، إلى غرف منظمة مجهزة بأسرة، مكشوفة من الخارج، تحت مراقبة مستمرة، مع تحديد غرف خاصة بـ"المفحطين" وصغار السن. ومع أن إدارة المرور لا توفر خدمة الاتصال الهاتفي، إلا أنه جهزت كل غرفة بعدد من "شواحن الهواتف النقالة" المختلفة المقاسات، ليستخدمها الموقوفون، وبذلك أوقفت "السوق السوداء" التي كانت رائجة في التوقيف سابقاً، حيث كان سعر شحن الهاتف الجوال يصل إلى 10 ريالات للساعة.
كما أصبح بإمكان الشخص الموقوف الحصول على ساعة من الفسحة في باحة خلفية، فضلا عن التغذية.
حقوق الإنسان، بنظر العقيد المقبل أمر هام، يؤكد على ضرورة الالتزام به، موضحا أن المخالفة أيا كان شكلها، ليست مبررا للتعدي على كرامة الإنسان وقيمته، التي يجب الحفاظ عليها في أعلى مستوى، أما العقوبة فتطبق نظاماً.
ويتسع مقر التوقيف لـ 4 عنابر، وصالة معيشة للنزلاء. وتتميز العنابر الجديدة بسعة في المكان و النظافة، حيث روعي فيها استخدام الفرش القابلة للتنظيف والتجديد.
قسم الرخص
استخدام التقنية الحديثة لدى قسم "الرخص" ساعد على محاربة الانتظار، إذ يستغرق إصدار رخص القيادة أو المركبة بين 3 و 5 دقائق. حيث لا يتم البدء بالاطلاع على أي معاملة إلا بعد اكتمال المستندات المطلوبة، مما يساعد على استلام الرخصة في اقل وقت ممكن، وبمعدل 350 و 450 رخصة قيادة تصدر يوميا.
ومن المنتظر أن تسفر المباحثات مع إدارة البريد السعودي، عن تدشين خدمة إيصال واستلام الرخص عبر البريد، ولكن في مستقبل قد لا يكون منظوراً .
غرفة القيادة والتحكم
تضم غرفة التحكم والسيطرة المرورية، أكثر من 12 مأمورا على مدار 24 ساعة، للرد على اتصالات المبلغين، حيث يتم تحويل كل اتصال ينتظر 5 ثوان دون رد، إلى مأمور آخر.
وكان المركز قد تلقى العام الماضي عدداً من الاتصالات وصلت إلى 2380070 اتصالاً، وذلك للاستفادة من خدمات المركز المتكاملة، في توجيه الفرق المرورية الميدانية للتعامل مع الحوادث مرورية، أو حالات من شأنها أن تؤثر سلباً على حركة المرور، إضافة إلى طلب المساعدة للتعامل مع بعض المواقف بشكل سريع.
ويعتبر مركز القيادة والتحكم المروري بالرياض، مركز السيطرة والمتابعة الميدانية للشأن المروري الميداني، حيث تمكن أجهزة الاتصال المتطورة وكاميرات المراقبة ذات التقنية العالية المسؤولين، من الوقوف بشكل مباشر على حركة المرور في العديد من الشوارع والمحاور الرئيسة لمدينة الرياض، إضافة إلى أجهزة اتصال حديثة تمكن رجال المرور في المركز من التواصل مباشرة مع المبلغين عبر وسائل الاتصال.
قسم السير
يعد هذا القسم الحيوي من أدق الأقسام، وأكثرها علاقة بقائدي المركبات. إذ يتم من خلاله رصد الأوضاع المرورية، ووضع الخطط بحسب حركة السير وظروفها المتغيرة، مع مراقبة أداء الأفراد الميدانيين بشكل يومي، واستقبال شكوى المواطنين والمقيمين، ضد أي فرد، وإحالتها إلى قسم هيئة الفصل للبت في أمر كل شكوى.
وعن مصير رجل المرور المخطئ، أوضح العقيد المقبل، أنه يتم تنبيه ومعاقبة المقصرين من الأفراد، وقد يصل الوضع إلى إعادة تأهيل الفرد المروري مرة أخرى.
ويقوم القسم كذلك بدراسة المخالفات التي ترصد بحق المركبات، التي تعود ملكيتها إلى الشركات، والتواصل معها، للتوصل للسائق الحقيقي للمركبة.
المحكمة المرورية
تختص "المحكمة المرورية" باستقبال المخالفات التي تستدعي إصدار أحكام قد تصل إلى السجن لشهر كامل، كما يحدث مع المقبوض عليهم بجرم "التفحيط". كما يتم فيها الفصل بين المعترضين على المخالفة.
وفي إحصائية مصغرة، نظر قسم هيئة الفصل خلال عام 1430هـ في 50 ألف قضية، منها 2330 قضية تتعلق بـ"التفحيط"، و2801 قضية اعتراض على مخالفات.
البحث والتحري
هو قسم سري، يعمل على البحث والتحري عن الهاربين من قضايا مرورية، وغير المنصاعين لطلبات الحضور.
أغلب القضايا تحال لقسم البحث والتحري، هي تلك التي لها علاقة بـ"التفحيط"، أو الهاربين من موقع الحادث. إضافة إلى الهاربين من سداد مبالغ التعويض من الحوادث.
ويتميز العاملون بالقسم بزيهم المدني، ويستعملون مركبات مدنية، ويعتمدون على المصادر السرية من المتعاونين مع إدارة المرور، ممن يسهلون عمليات اختراق عالم المطلوبين.
الموقع الإلكتروني
تم تحديث الموقع الإلكتروني الخاص بالمرور، قبل نحو ثلاثة أشهر، حيث يزوره بشكل يومي 20 ألف زائر، 40% منهم للاستفسارات عن المركبات المحتجزة، و20% من الزوار من الأطفال, حيث تم تفعيل ركن خاص للطفل، يتم فيه عرض أفلام كرتونية لزيادة الوعي المروري لدى الأطفال. إضافة إلى قسم الاستفسارات عن المخالفات المرورية. كما تمت إضافة ركن "حادث الأسبوع"، والذي يحظى بتفاعل كبير من الزوار