[مخبر سري]

ورقة ود
الشجاعة حتى إشعار آخر!
جهير بنت عبدالله المساعد

يوميا لا تخلو صحيفة محلية واحدة من خبر مثير عن (جدة) كلهم يستهويهم الحديث عن عروسنا المجازة أي التي عندها إجازة! وكل ما قمت بتقليب صحيفة .. هزني طاري هو ما فيه غير جدة المتعثرة في طريقها إلى النهوض! يا خلق هوووه انظروا يمينا أو يسارا من فضلكم ما أكثر المدن والمحافظات التي إذا قورنت بجدة .. صارت جدة المدينة الفاضلة! الحملات الإعلامية تبدأ بجس نبض تبادر إليه صحيفة فإذا نجح في إشعال فتيل الجماهير هبت الصحف الأخرى حتى صرنا كلنا جدة .. وما عندنا غير جدة!
وليعذرني أحبابنا الجداويون فأنا منهم بالهوى والعشق .. هي أول بحر صافحته عيني وأول شط لا مسته يدي وأول بهجة استراحت لها نفسي عدا أن فيها أول وعلى ما يبدو آخر مرسى رسوت إليه!! لكن المشكلة أن حضورها الإعلامي سرق الأضواء من غيرها ولقوة تركيزه أظهر التفاصيل الصغيرة المخبأة، في حين أن ملامح وجه غيرها من المدن في خريطتنا الوطنية العريضة فيه أكثر منها تجاعيد وبؤر صديد ونمش وهالات سوداء .. ورؤوس دهنية لزجة تدل على مستوى ارتفاع دهن الثراء في الدم! وارتفاع ضغط المحسوبية ولا أحد يعترض!
غيرها شوكها دفين .. هي شوكها ظاهر!! وليت أن الإعلام البطل لا ينشغل بالظاهر والمظاهر! فالبطولة أن تركب الصعب لا أن تقفز السهل!! وإذا أوهنت صخرة بالمثابرة ذلك يعني أنك قوي وصامد لكن إذا مزقت وردة .. فذلك يعني أن قوتك ظالمة وغاشمة! فليس كل قوة تستحق التصفيق! ونحن جماعة تحب أصوات التصفيق والصفير والتشجيع لذلك جمهور الملاعب يتمادون في استعراض قدراتهم على التشجيع!! هوس يجتاحنا لجلد الذات وهوس يجتاحنا في ركوب ظهور النقد والتجريح ونخلط بين النقد الهادف وبين استعراض النقد الجارح! وللحقيقة جدة تطفو وغيرها يطفح!! واللبيب تكفيه الإشارة، وفي انتظار الفرج للناس فيما يعشقون مذاهب! ونحن نستميت عشقا في البطولات الورقية وكل منا ينتظر الفرصة كي يملأ سطوره بالاتهامات الجارحة أحيانا لأن الشجرة الوارفة فيها أوراق صفراء أو لأن لها فروعا تدلت على الأرض وما عادت بعيدة المنال! لا تستسهلوا السهل حتى لا تعجزوا عن الصعب! وبودي لو يتنقل الإعلام بين المدن والقرى والمحافظات ولا يسمح لمدينة واحدة باحتكار جهوده! وبودي لو الإعلاميون لا ينتظرون الكوارث حتى تأتي ويصنعوا من عندهم موقفا حتى لو كان ثمنه كارثة بالنسبة لهم.
لا زالت الصحافة العربية في حالة استنفار بحثا عن صحافي شجاع!!.