[رويعي الغنم]

وفجأة أردمت السحب وزمجرت الرعود وعصفت الرياح ولاح وميض البروق في كبد السماء , وسرعان ما بدأ على أثرها سقوط وابل من ألأمطار المصحوبة ببرد يذكرني ببيض حنادي أبي تركي المزعومه , وسرعان ما تدافعت السيول من كل مكان , فلاذت ألأسود بالفرار وأنطفأت النيران وخبا لهيبها ,وأنغسلت البلاوي المروحة التي تسبب بها المدعو مخاوي منقاش .
ولكن المنطقة من تحتنا سرعان ما تحولت الى بحيرة وطوفان جائح , جلب معه الفكوك (التماسيح) المفترسة من ألأنهار والبحيرات المجاوره , مما زاد الطين بلة وزاد ألأوضاع سوء على سوء ...
كنت على فرع من الشجرة أرتعش رعشة متصلة لا تكاد تتوقف , رعشة لا أكاد أسمع معها سوى صكيك أسناني , رعشة لا أدري أكانت من خوف السباع والحيوانات المفترسة ؟ , أم من الهزل وسطوة البرد ؟, أم من ألأفاعي والثعابين التي فرت من جحورها على أثر ألأمطار والسيول ولاذت بفروع ألأشجار ؟, أم من الظلام الدامس الذي لا يمحو سواده الحالك سوى وميض البروق الساطع , أم منها مجتمعة كلها؟؟؟.
لست أدري , لكن المؤكد أنني كنت في حالة بائسة تثير الشفقة وتدعو الى الياس والقنوط , والمخاوي كان على شجرة أخرى يبكي بكاء الثكالى , وينوح نواح الثيران عندما ترى الدماء تسيل بين أضلافها, فترد عليه قردة الرباح بالضباح من ألأشجار المجاورة , وكأنها تقول له , عيب عليك , أختشي وخليك قرد وبلاشي عياط (على قول أخواننا المصريين) ...