عرض مشاركة واحدة
قديم 12-31-2006   رقم المشاركة : ( 27 )
ابن ابي محمد
ذهبي


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 563
تـاريخ التسجيـل : 25-07-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,185
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : ابن ابي محمد


ابن ابي محمد غير متواجد حالياً

افتراضي رد : حقد الصهاينة وصدام

العبرة الثالثة ـ تصفية الصفوف:
الصفحة الرئيسة

العبرة الثالثة ـ تصفية الصفوف:
الناظر في القيادات العراقية يجد أنها مركبة تركيبًا عجيبًا، والناظر في الجيش العراقي يراه كذلك ... والناظر في الشعب العراقي يجده هو مصدر تلك التركيبة ..
نعم؛ إن القيادة مختزلة كلها في شخص صدام إلا أن أولئك القادة الذين معه كان لكل واحد منهم دوره الذي يؤديه في مجتمعه، وله صورته أمام العالم .
فطارق عزيز رجل نصراني يتولى منصب نائب رئيس الوزراء وظل فترة يمثل الدولة في صورتها الخارجية بتوليه وزارة الخارجية ... ونحن لا نبحث هنا الحكم الفقهي لهذه المسألة بل ولا نتحدث في صدق ولائه للعراق ولصدام بقدر ما نتحدث عن كونه ثغرة في حصن الأمة، وثلمة في السيف العراقي ... وخصوصًا في وضع اندفاع الرئيس نحو الإسلام . فطارق عزيز إما أن يكون رجلا نصرانيا علمانيا أو يكون نصرانيا صرفا .. وعلى كلا الاحتمالين لا يسعده أبدًا توجه صدام هذا .... فهل يا ترى سيغلب حبه لصدام ووطنيته كرهه للإسلام وحبه لبعثيته ..؟!
وأما الصحاف فهو رافضي معروف، ولا ندري هل مثّل الصحاف دور ابن العلقمي في هذه النكسة الكبرى بناءً على تاريخ القوم القديم ... ؟! وهل كان هو الصلة المأمونة ما بين القيادات الأمريكية والقيادات العسكرية العراقية من خلال صلاته المفتوحة على آخرها مع الإعلاميين ؟!
وهل كان طرد ألـ [ سي إن إن ] من العراق من قِبَل الصحاف دليلا أخيرا يقدمه لصدام على وفائه وغِيرته ..؟!
وهل كانت مصطلحاته التي كان يطلقها رسائل مفهومة لدى القياة الأمريكية مثل مصطلح الأفعى، ومصطلح التقطيع، والحبس في الدبابات ونحو ذلك مما لم يأبه لها أحد في وقتها؟
وهل بقاء الإعلام العراقي يبث إلى أن وصلت الدبابات جسور دجلة دليل على ذلك، فلقد أثبت الأمريكان أنهم قادرون على إغلاقها من القمر الصناعي وقد فعلوا حين أرادوا. فلم لم يغلقوها من أول يوم من الهجوم ...؟! أم أن للصحاف مهمات ورسائل ..؟!
وهل كانت تصريحات الصحاف الأخيرة التي قالها للمراسلين في اليوم الأخير لظهوره بعدما غابت الكامرات عن التصوير، آخر دليل يقدمه على علقميته ... فلقد كانت تصريحاته مريبة جدًا كما ذكر لنا ذلك بعض المراسلين بأنفسهم ... !
وهل يثبت كل هذا ظهوره العلني المتكرر في شوارع بغداد وعلى الهواء وفي مكان معروف ومشاهد دون قصفه من قبل الأمريكان والتي كانت طائراتها تكاد تغطي سماء بغداد بينما كانوا يتقصدون القيادة العراقية حتى في المطاعم التي يتوقعون اجتماعهم فيها؟
أم أن الذي أكد ذلك أن صور القيادة العراقية التي نشرتها وكالة المخابرات الأمريكية والمطلوب القبض عليهم ليس من بينهم صورة الصحاف ... تشكل دليلًا إضافيًا على ذلك ..؟!
وهل كان عدم وضع وزير الخارجية معهم تغطية لصفقة الصحاف ...
وهل كان التعثر المستهجن من قبل كل العالم بدعوى عدم القدرة على تصوير آلاف القتلى الأمريكان في أرض المعركة أمرا مقصودا من الصحاف حين أعلن العجز عن ذلك وأنه يحاول استدراك ذلك ... علمًا بأن هذا الأسلوب كان أمضى سلاح في المجتمع الأمريكي من أجل الضغط على الرئيس الأمريكي حتى يتوقف عن الحرب وماقضية سحْل وسحب الجنود الأمريكان في شوارع مقديشو عنا ببعيد حيث هاجت الجماهير الأمريكية ضد رئيسها وسحبت الجنود من أجل جنديين أو ثلاثة فقط ..؟!
إنها مجرد تساؤلات مشروعة نطرحها، ولا نملك القطع بها ولا نفيها .
أما بالنسبة لتصفية صفوف الجيش العراقي: فإن المؤرخ لا يسعه أبدًا أن يقفز على حقيقة عظمة الجيش العراقي ... فإن جيشًا مثل هذا الجيش يستحق التحية والتقدير ... جيش أرانا في عصرنا انتصارًا بينًا ونصرة تكررت مرات ومرات ...
أما الانتصار الحقيقي فهو ما تحقق من الانتصار البين على إيران صاحبة أقوى خامس جيش على مستوى العالم، وأما النصرة فسيأتي الحديث عنها ...
ويكفي أنه الجيش الذي وقف هذه الأيام وقفة دامت عشرين يومًا في ملحمة طمس الإعلام لها كل بريق نصر ... حتى غدت وصمة عار عند الآخرين ...!
فهذه أعظم دولة في العالم ... جاءت بأعظم جيش في العالم .. يملأ الجو والبر والبحر ويملك من الأسلحة ما أعده منذ الحروب الباردة لدول عظمى ولم يحارب به ... جيش أعدته أمريكا لروسيا والصين ولأوروبا الشرقية وللعالم الإسلامي ... فاختزل العالم كله في مواجهة العراق، بعدما طور تلك الأسلحة مرارًا ... وكان المتوقع لدى الجميع أن تكون ساعات وإلا أيام لا تزيد عن سبعة !
لقد نسى العالم كل ذلك، نسوا صمود أم قصر اثني عشر يومًا وقد تغنوا بها كثيرًا، ونسوا صمود الفاو، والزبير، والبصرة، والنجف بداية والناصرية .. ثم اختزلوا كل ذلك الصمود في ليلة سقوط بغداد، وكأن ما فات كان ساعة من نهار، كحال الدنيا تمامًا، وصد ق من قال: من ضحك أخيرًا ضحك كثيرًا .. فضحك الإعلام العربي مرددًا قهقهة أمريكا في أجواء من الخذلان العجيب، وسكر في عظمتها رهيب ..
ولكن الناس قد نسوا كل هذا وجاؤوا يذكرون لحظة سقوط بغداد ...؟!
ولم تكن قضية سقوط بغداد سقوطًا عسكريًا بل كان سقوطها سقوطًا خيانيًا .. حين سلم أفراد معدودون بلدهم ليَسلَموا هم وعوائلهم، ولتذهب دماء من قتل هدرًا، ولتذهب أمريكا بالنفط ولتذهب البلاد كلها من أولها إلى آخرها، وليذهب التاريخ كله هدية بأيدي اليهود النصارى ثمنًا لسلامة أفراد وسلامة عوائلهم ..!
مع أن بغداد قد أعدت لتبقى صامدة سنين طويلة، وقد قال الفريق سعد الدين الشاذلي: أتحداهم أن يدخلوا بغداد بعد أربعين سنة ! وقد كان صدام يكرر مرارًا وتكرارًا بأن بغداد هي مقبرتهم، وعلى أسوارها سوف ينتحر هولاكو العصر الجديد، وقد كانت ثقته عالية جدًا، وحتى اللحظات الأخيرة كان وزير دفاعه الوفي سلطان هاشم يكرر ذلك بل ويحدد لهم وقت وصولهم بغداد ... وهناك سوف تكون المعركة .
وما علم الجميع أن ابن العلقمي قد باع واشترى ... وقضي أمر بغداد بليل، ونفد صدام بجلده في آخر لحظة ليعلن إعادة الكرة عليهم، ويخرج بعدها مباشرة إلى شوارع الأعظمية أمام الملأ كما بثته قناة أبو ظبي التلفزيونية، وكما أذيع خطابه الإذاعي والذي سمى فيه ولأول مرة الدخول الأمريكي: احتلالًا ...!
ونحن نقول: والله ثم والله ثم والله ثم والله إن أعظم سبب في سقوط بغداد هو الموقف المخزي من جميع الدول العربية، وإنا نسألكم بالله من أين طارت تلك الطائرات التي أحرقت أرض العراق المسلم فقطعت الأجسام وحرقت الأخضر ودمرت بلد كامل وغطت سماء عاصمتها حتى قال الكثير إن ماسقط على بغداد يفوق ماسقط على بعض العواصم الغربية في الحرب العالمية الثانية ؟ والسبب واضح وهو أن الطيار الأمريكي هنا يحس عند حرق هذا البلد بنشوة غريبة وباستمتاع شديد تحركه صليبيته الوقحة وعنصريته القذرة .. هذا السؤال جَبُنَت عن الإجابة عليه جميع القنوات العربية والشخصيات السياسية والعسكرية والإعلامية العربية في سكوت عن إظهار هذه الحقيقة الرهيبة .. ثم من أين انطلقت الدبابات وحملت الأجهزة والمعدات ومن أي القنوات البحرية دخلوا ومن أي الموانئ العربية أطلقوا صواريخهم المدمرة ؟ ثم من كان يقود تلك الجيوش للدلالة على المواقع العسكرية العراقية ونقاط الضعف فيها أليسوا هم استخبارات بلدين عربيين ؟ وقد أثبتت التقارير أن مع كل فرقة أمريكية دليل عربي يدلّها في أرض المعركة، ثم من أين كانت تأتيهم التموينات الغذائية ونحوها والتي هي زادهم وغذاؤهم ؟ وقد بلغ العطف والشفقة بتاجر تركي فعرض على القيادة الأمريكية في تركيا أن يوفر عاهرات من أجل التخفيف عن الكبت الجنسي لدى الجنود الأمريكان، وكذلك وجد هؤلاء الجنود شيئًا من هذه المتعة في بلد عربي آخر تهمّه نتيجة المعركة وقد امتلأ الانترنت بصور بنات ذلك البلد وهن عرايا مع هؤلاء الجنود في صور مخزية، فحسبنا الله ونعم الوكيل .
ومع كل الإعداد والعتاد فإن الذي ينقص الجيش العراقي هو ما لو توفر لحصل النصر بإذن الله تعالى، وكأن الله تعالى يريد أن يضرب به للناس المثل قبل أن تأتي الملاحم الموعودة، والحروب اللاحقة، إن كنا سوف نرى ملاحم، ونرى حروبًا بعد هذه الحروب ..!
فمن العبرة العظيمة أن هذه الدول العربية لن تملك جيشًا مثل الجيش العراقي من حيث شراسته وقدمه، فهو أول جيش عربي وهو مؤسس أغلب الجيوش العربية، وهو أكبر جيش خبرة في الحروب، ومجرب في مختلف أنواعها ومواقعها الجغرافية ... دخل حروبًا في الجبال وحروبًا في البحار، وحروبًا في الأهوار، وحروبًا في النخيل، وفي داخل بلده وفي خارجها، حروبًا مع العجم وأخرى مع الروم، حروبًا كان فيها مدافعًا وأخرى مهاجمًا وحروبًا كان مناصرًا ... بقيادة رجل رضع الشراسة والقوة منذ صغره، كما هو معروف عنه، وما اكتسب الشجاعة تعليمًا أو دُرْبه أو تصنّعها لمّا أصبح رئيسًا ! وبعد هذا عركته الحروب كلها .. وما أخذ إلا بالخيانة والذنوب !
لكن الذي كان ينقص الجيش العراقي أمورًا نوعية عديدة، نذكر منها:-
أولًا: الوحدة العقدية ... فالواجب بناء الجيش بناءً عقديًا موحدًا وفق الكتاب والسنة، وذلك من خلال الدعاة المتخصصين، المتفرغين لهذا الأمر .
ثانيًا: الهدف الواضح ... وهو القتال لإعلاء كلمة الله تعالى وحده .
ولو أن ألفًا من المجاهدين في سبيل الله، المجربين، البائعين أنفسهم لله تعالى، وقفوا للقوات الأمريكية على الجسر، لما استطاعت مجاوزته أيامًا وربما أبدًا ...
ثالثًا: رفع سياط الظلم والقهر عنهم وإزاحة الطبقية المقيتة التي مزقت نفوس كبار الجيش قبل صغاره .
رابعًا: إعطاء جهاز الدعوة الإيمانية، أو ما يسمى بالتوجيه المعنوي أو الديني الأولوية، لا أن يكون ثانويًا كما هو الواقع ... بحيث يكون أمره ونهيه ملزمًا مادام ملتزمًا بالكتاب والسنة، وهذا موافق لشرط البيعة المعروف شرعًا: ' إلا أن نأمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة '
خامسًا: أن يصبح الجيش هو أكثر الأجهزة التزامًا بالكتاب والسنة قولًا وعملًا، وذلك لشدة حاجتهم إلى عون الله تعالى ـ وما من أحد إلا وهو فقير إلى الله ـ ولشدة حاجة الأمة لهم، فإنه بذهابهم تذهب الأمة كلها كما هو واقع الآن ...
وكل التزام شرعي يعمله الجيش ويقرر عليه إنما هو قذيفة رعب في قلوب أعداء الله تعالى فاللحية مثلًا فرعية مخيفة لأعداء الله حتى لو كان المجاهدون بالعشرات، فكيف إذا كانوا بالملايين، وصلاة الجماعة كذلك، وقراءة القرآن، وتعليم أحكام الجهاد، وما يلحق به وما هذه الأمثلة إلا قليل في علم كبير كان يجب على ; أن يكوِّن له الرئيس جهازًا شرعيًا علميًا ضخمًا يبني الإستراتيجية ثم التطبيق والوسائل، وفيه المتابعة ... كما أن للأجهزة العسكرية الأخرى أهميتها ... أما أن تجعل أجهزة أسباب الأرض أولًا وأسباب السماوات آخر الحلول فهذا هو الخسران وهذه هي النتيجة ..
أما بالنسبة لصفوف الجيش العراقي فإنه مختلط بطريقة عظيمة ما بين السنة والشيعة، ولقد كانت هذه الخلطة أعظم ثغرة بغير نزاع في حصن العراق ... فمع أن صدامًا كان يدرك ذلك جيدًا، وكان يذكر ابن العلقمي مرارًا كرمز للخيانة وتسليم الخلافة العباسية .... إلا أن في شعبه من كان يفاخر بأن جده ابن العلقمي، كالمعارض الخارجي الرافضي فائق الشيخ علي، ومثله أمثال داخل العراق وأشد !
ربما كان صدام يتصور أنه من خلال أحاديثه التي يؤكد فيها على أن الجميع عراقيون، ولتجمعنا مظلة العراق، أو أن ترميمه بعض المقامات الشيعية، ونحو ذلك، يتصور أنه يستطيع كسب هؤلاء، وما علم أن هدف هؤلاء ليس الترميم بل هو البلد بأكمله، وما علم أنه يكفي لينسف بنفسه كل كلامه وكل عمله لديهم حين يقف يصلي في كربلاء واضعًا يده اليمنى على اليسرى !
لقد كان صدام يتصور أن جهاز الأمن هم أقرب الناس له، وأوفى الناس بحقه، وما علم أن عموم السنة كانوا ينفرون من هذه الوظيفة والحمد لله، وأن جُلّ من فيها من غير القيادات الكبرى كانوا الحاقدين من الرافضة الذين كانوا يذيقون دعاة السنة على الأخص أمر العذاب، ثم ينسب ذلك لصدام [وما صدام عنه ببريء فهو المنشئ له وهو المتولي أمره]، وكانوا يشيعون الرشوة في البلاد، وينسب ذلك لصدام، وكانوا يفعلون كل عمل مشين، وينسب ذلك لصدام ... أناس يكتبون التقارير وأناس يعذبون، وكان ذلك ينتشر في الآفاق منسوبًا لصدام وهم أكثر ناشريه في الخارج من خلال أجهزتهم [وليس هذا لصدام وحده ونحن نعلم في سجون كثير من الحكام من ينتهك أعراض الإسلاميين والإسلاميات بفعل الفواحش بل منهم من يلعن الله بالليل والنهار ويقول لمن يعذبه: أرسل لي ربك حتى أضعه في القيود الحديدية].
لقد كان الواجب عليه أن يفعل بهم فعل الرشيد بالبرامكة، ولو تركهم لقضوا عليه قبل أمريكا، ولو عاد اليوم لكانوا هم أشد الناس له عداءً .
لقد كان صدام يتصور أنه من خلال النظام الأمني الصارم يستطيع أن يضبط كل انفلات وخيانة ولو كانت في ساعة الصفر من خلال القبضة الفولاذية لابن عمه علي حسن المجيد على الجنوب ... لكن المبيّت كان أدهى ... وكان الذي في الفخ أكبر من العصفور كما يقال !
لقد كان صدام يتصور ذلك وغير ذلك، لكن ما في النفوس الرافضية الحاقدة كان أكبر، والعقائد كانت أكبر، والتاريخ كان أكبر ... فغلب التاريخ صدامًا وأعاد التاريخ نفسه وما عاد صدام، ليجدد ابن العلقمي دوره من خلال ذريته في العراق، ليمارسوا ذات الدور الذي مارسه جدهم، قبل المعركة، وفي أثنائها، ثم يمارسوا دور التتار بعد المعركة وهذا مالم يعد خافيًا على أحد ...
فما طاب لعلاقمة العصر في العراق أخبار المقاومة التي قام بها عامة الشيعة حتى أصدروا الفتوى من الداخل والخارج بما يسمى: ' وجوب الحياد الإيجابي ' ... أي لا تقاتلوا مع الأمريكان ولا مع صدام، ومقتضاها أن اسمحوا للأمريكان باحتلال بلادكم فتساقطت مناطقهم بعد الفتوى سريعًا: النجف وكربلاء والناصرية والعمارة والبصرة، ثم جيء لبغداد من بوابة مدينة الثورة والتي يقطنها أكثر من مليوني شيعي، وهي المسماة بمدينة صدام وحولوها الآن إلى مدينة الصدر، فكان أن ظهر أهلها في استقبال مذهل للأمريكان ...
وقد بلغنا بطرق متواترة لا تقبل الشك بأن من المجاهدين المتخندقين لمقاومة الزحف الأمريكي على بغداد، واجهوا خدعة كبرى، حيث كان الحاقدون من الرافضة يترصدون لهؤلاء المجاهدين المتخندقين من الجيش العراقي أو المجاهدين العرب فيقتلونهم من الخلف قبل أن يصلهما أمريكان، فوقعوا بين نارين .
ومن المعلوم أن الشعب العراقي كله كان مسلحًا في عمومه ... ولا يعرف هذا المجاهد المطعون من الغادر به ... فاهتبل الحاقدون من الرافضة فرصة الثقة بهم وغفلة العين عنهم، فانقضوا على المجاهدين العرب باسم الحكومة ونسب الغدر بهم إلى الدولة ....!
ولا يختلف إثنان في العراق أن الغدر ليس من طبيعة أهل السنة ... فضلًا عن أن يغدروا بضيفهم ... فكيف يغدروا بأخيهم الغيور الذي جاء يدافع عنهم ....؟!
ولذلك فإنا نعذر كل مجاهد تحدث بأن العراقيين أو الحزبيين غدروا به ..
نعم إنهم عراقيون، لكنهم كانوا هم الحاقدين من الرافضة الذين بيّتوا الأمر بليل على قتل هؤلاء المجاهدين العرب .. وربما يكونون حزبيين في النهاية لكنهم في النهاية كانوا رافضة مخصوصين !
وها هي الأخبار تأتي عن تتبع الحاقدين من الرافضة للمجاهدين العرب أينما كانوا في العراق ... بل إن منهم من أخذ يبحث عن المجاهدين في المستشفيات ويقتلونهم على سرير المستشفى في لحظة ذهول الناس عنه بغيره، وما أعظم الذهول في هذه الظروف، ونحن نعرف بعض من قتل بأسمائهم في المستشفى .!
كيف لا وهم يعتبرونهم ألد أعدائهم ولو كانوا عراقيين من بني وطنهم ..!
أليسوا هم الذين يحاربون الشباب العراقي الملتزم أشد الحرب بحجة أنهم وهابيون كما يسمونهم ... فالخضّار الحاقد الرافضي يرمي الداعية العراقي بالطماطم ـ إذا مر بسوق الخضار في العشار مثلًا ـ ويصيح بهذا الشاب: هوبي .. هوبي .. أي وهابي، وذاك السجّان يوقع على الشاب السني أقسى العذاب لأنه سني، وهو حين يفعل ذلك إنما يتقرب إلى آل البيت بتعذيبه كما يزعم، وموظف الاستخبارات يهييء الأمر ويقوم بالدور، فيكتب عنه أفظع التهم، ويلفق له ويفتري عليه وهكذا كل حاقد من الرافضة من موقعه يؤدي دوره نحو هؤلاء الشباب ... الذين يسمونهم [ وهابية ] ...
فكيف إذا جاء القوم [ وهابي ] ـ كما يقولون ـ من خارج العراق يريد نصرة إخوانه أهل السنة وأهل العراق ...؟
هذا وأهل السنة غير قادرين على حمايته ...!
فليس بمستغرب أبدًا أن يقع هذا الغدر بهؤلاء العرب من الحاقدين من الرافضة ... بل هو المنطق المحتم الذي يحكيه لنا التاريخ من قبل مرارًا في حواث لا تعد ولا تحصى، وجاء الواقع ليثبته ...
ولقد أوكلت أمريكا أمر المجاهدين العرب إليهم ... كان الله في عونهم .
وبغير هذا التغير العقدي التاريخي والجغرافي لن يصل أحد من المحللين إلى فهم المعادلة العراقية والوصول إلى السر الخفي في هذه المعادلة، وسيبقى البحث عن النتيجة الصحيحة لمن لم يعتمد هذه القضية العقدية طلسمًا لن يفككه حتى لو تفككت أعضاؤه ...!
ولقد فهمت أمريكا هذا الأمر جيدًا قبل المجئ إلى العراق، وركزت على هذا الثغر جيدًا، وما زالت حتى بعد نزولها أرض العراق تستحلبه ... ابتداءً بالهجوم الأول عن طريق الكويت، وتركًا للهجوم البري عن طريق السنة الأكراد تمامًا، وقفزًا للهجوم على البصرة والناصرية والنجف والعمارة وكربلاء وتركًا للهجوم على أهل الرمادي الذين هم من أهل السنة المجربين في القتال والإباء ... وقد جرب الأمريكان فعلًا حظهم هناك، فما هي إلا ساعة أو دونها حتى قتلوا جميع الأردنيين وأسروا جميع الأمريكان، وهو مجموع الفريق الذي أسقط إنزالًا .
لقد فهمت أمريكا هذه اللعبة جيدًا حين ركزت على الفاصل العقدي من بعيد .. من خارج العراق .. لعلمها أنه أقوى من الرابط الوطني العراقي الذي حاول اعتماده صدام .. فسخرت عملاءها العلاقمة في بلد خليجي صغير أولًا وإخوانهم في لندن وغيرها ثانيًا، وقام الجميع بدور فظيع في تفكيك الوحدة الوطنية العراقية بعدما ضربت مثلًا رائعًا في الوقوف صفًا واحدًا أمام عدوها دفاعًا عن بلده في أول أيام الحرب ... وما بين عشية وضحاها، تحولت العراق إلى مزق وفرق وأشتات وأشلاء وأعداء .... ووصلت أمريكا إلى عمق بغداد ... حين تحول استقبال الأمريكان من استقبال بالرصاص إلى استقبال بالترحيب والوقوف معهم صفًا واحدًا ضد بلدهم ...!
لقد كان صدام يستطيع أن يعالج هذا الشرخ الهائل في جيشه الكبير بما ذكرنا من تطهير الجيش وتزكيته وتصفيته وإكرامه ... على فترات حكمه الأخير ... ولكنه إذا لم يستطع فعل ذلك، فقد كان يستطيع أن يعالج هذا الشرخ الهائل قبل المواجهة بأشهر ...
نعم، إنه كان يستطيع أن يستفيد من أئمة المساجد وشباب المساجد الذين يتمنون لقاء العدو تحت راية إسلامية صرفة ...
فإن الشباب العراقي المتمسك بدينه كان كثيرًا ـ بحمد الله تعالى ـ وكل واحد من هؤلاء الشباب دخل الخدمة العسكرية العراقية الجديدة، فهو لا يحتاج إلى تدريب كثير، والعراق لا يحتاج إلى هذه الملايين المجندة، فالعبرة ليست بالكثرة، ومائة ألف شاب مجاهد بحق يمكن توفيرها من محافظتين أو ثلاث ... وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ لن يغلب اثنا عشر ألف من قلة ] أخرجه أحمد [ 26689] وأبو داود [ 4286] والحديث صحيح
وإن قناعة الشعب بأمر الجهاد إذا ما تصدى المجاهدون للصليبيين، سوف تتغير رأسا على عقب، وسوف يتسابق الناس إلى الدفاع تدينًا، وسيكون الاستشهاد لديهم أُمْنية .
وقد جرب العالم كله كما رأى صدام بنفسه ماذا صنع المجاهدون العرب في ميادين القتال العراقية، والأفغانية من قبلها، علمًا بأن هؤلاء الذين جاءوا العراق ـ فيما أحسب ـ أغلبيتهم لم يعرفوا القتال قبل ذلك، إنما هو الدين وحب الشهادة فحسب ... ثم إن ثلاثمائة وأربعة عشر رجلًا في الأرض نزل لأجلهم ألف وألف حتى بلغوا خمسة آلاف ملك من السماء .. والله تعالى يقول: [ إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين . بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ]
نعم، كان بإمكان صدام أن يستغني عن الشيعة وعن الغوغاء من سنة وشيعة، ويصفي جيشه من كل منافق بهذه الطريقة .. إذ لم يستطع أن يصفيه قبل سنين، وسوف يرى الصليبيون جنودًا لا قبل لهم بها ولكن يبقى صدام هو ذاك الرجل الذي يظن في نفسه اكتمال التصور ودقة الرأي وهو بعيد عن ذلك، وغيره من أمثاله كثير..
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس