عرض مشاركة واحدة
قديم 08-14-2010   رقم المشاركة : ( 7 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي Re: الاخبار الاقتصادية ليوم السبت 04/09/1431 هـ 14 أغسطس 2010 م

توقع الأزمة المالية العالمية كان شبه مستحيل

رمز الاقتصاد العالمي قبل الانهيار يعترف: توقع الأزمة كان مستحيلا







ألان بيتي من نيويورك
كان ألان جرينسبان، الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأمريكي ولقرابة عقدين من الزمن، أحد أكثر الأشخاص نفوذا في واشنطن، بل في العالم فعليا، وأصبح بالنسبة إلى كثيرين رمزا للاقتصاد العالمي خلال الأيام التي سبقت انهيار كل شيء. جرينسبان البالغ من العمر 84 عاما، يرتدي ثيابا أنيقة، لكن متزنة، بنعومة، وجرينسبان متزوج من أندريا ميتشل، رئيسة قسم مراسلي الشؤون الأجنبية في تلفزيون إن بي سي، وهي - بحسب روايته - امرأة منفتحة واجتماعية، وشخصية مغايرة تماما لشخصيته الأكثر تحفظا.
كان جرينسبان رئيس الاحتياطي الفيدرالي قبل انهيار سوق البورصة عام 1987 بقليل، حتى عام 2006، في تلك الفترة نما الاقتصاد، وارتفعت سوق البورصة، وكذلك أسعار المنازل، واستمر "وول ستريت" في أن يصبح أكثر غنى.
وبعد عام فقط من قيام جرينسبان بتسليم قيادة الاحتياطي الفيدرالي إلى بن برنانكي، بدأت أزمة ائتمان تحولت إلى أزمة مالية عالمية، وهددت نظام رأسمالية التمويل برمته، الذي كان جرينسبان من أشد مؤيديه، بأن ينتهي تماما.

في مايلي مزيد من التفاصيل:

هروبا من أحدث سلسلة من أيام الصيف اللاهبة، غطست بامتنان في الرواق الداخلي البارد لمطعم توسكا، وهو مطعم إيطالي في حي عُرِف برواده من جماعات الضغط في العاصمة الأمريكية واشنطن. ولا يبدو المكان من الشارع جذابا؛ فالستائر تغطي بالكامل داخل المطعم، وتقدم وجها خاليا إلى العالم، لكن الداخل النشط، والمميز يعج بالنشاط. ويقع المطعم في موقع مناسب بين ''كابيتول هيل'' – مقر مجلس الشيوخ - والبيت الأبيض، وفي الحي الذي تقع فيه بعض أقوى شركات الاستشارات السياسية نفوذا في واشنطن، ويمتلك سمعة كموقع لعقد الصفقات السياسية، والوساطة للوصول إلى السلطة عند أعلى المستويات. وتقول الأسطورة: إنه في هذا المكان أمضى توم داشلي (ممثل ولاية ساوث داكوتا في مجلس الشيوخ) فترة عشاء دامت خمس ساعات وهو يقنع باراك أوباما لكي يترشح للرئاسة، وهو مكان نموذجي في العاصمة واشنطن.
دخل المطعم بعد ثوانٍ من دخولي إليه ألان جرينسبان، الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأمريكي. ولقرابة عقدين من الزمن، كان جرينسبان أحد أكثر الأشخاص نفوذا في واشنطن، بل في العالم فعليا، وأصبح بالنسبة إلى الكثيرين رمزا للاقتصاد العالمي خلال الأيام التي سبقت انهيار كل شيء. وتم الترحيب بجرينسبان عند مكتب الاستقبال بتحية سلسلة تقول ''أهلا سيدي الرئيس''، حيث إن المطعم يلتزم بعادة واشنطن التلقائية بمخاطبة الأشخاص بحسب المناصب التي كانوا يحتلونها، حتى بعد سنوات من تركها.
تم إرشادنا خلال غرفة الطعام المزدحمة نحو طاولة منعزلة نسبيا عند الزاوية. ويتحدث جرينسبان البالغ من العمر 84 عاما، ويرتدي ثيابا أنيقة، لكن متزنة، بنعومة، وإنما سريعا، واختار أن يشرب كولا الحمية، مشروب واشنطن الرسمي. وطلبت بدوري مياها فوارة.
أشير إلى شهرة المطعم، ويبدو أنه مسرور. وقال: ''اقترحت زوجتي هذا المكان''. وجرينسبان متزوج من أندريا ميتشل، رئيسة قسم مراسلو الشؤون الأجنبية في تلفزيون إن بي سي، وهي - بحسب روايته - امرأة منفتحة واجتماعية، وشخصية مغايرة تماما لشخصيته الأكثر تحفظا. ويتكون لديك انطباع أنه في غاية السعادة لإسناده الكثير من القرارات مثل هذه إليها. وسأل إذا ما كان بإمكانه أن يدفع الفاتورة. وأوضحت له أن جزءا من لعبة ''فاينانشال تايمز'' أن تدفع ثمن الفاتورة، ويبتسم قائلا: ''هكذا إذا، يوجد فعليا ما يطلق عليه غداءً مجانيا''.
إنها ليست وجهة نظر تسمعها غالبا من محافظي البنوك المركزية، لكن بالنسبة إلى جانب كبير من فترة رئاسة جرينسبان في الاحتياطي الفيدرالي – كان رئيس الاحتياطي الفيدرالي قبل انهيار سوق البورصة عام 1987 بقليل، حتى عام 2006 – بدت وجهة النظر هذه وكأنها حقيقية. فقد نما الاقتصاد، وارتفعت سوق البورصة، وكذلك أسعار المنازل، واستمر ''وول ستريت'' في أن يصبح أكثر غنى. بعدئذٍ، بعد عام فقط من قيام جرينسبان بتسليم قيادة الاحتياطي الفيدرالي إلى بن برنانكي، بدأت أزمة ائتمان تحولت إلى أزمة مالية عالمية، وهدد نظام رأسمالية التمويل برمته، الذي كان جرينسبان من أشد مؤيديه، بأن ينتهي تماما.
النقاد الذين طالما اعتقدوا أن جرينسبان كان مفتونا للغاية بالمشاريع الحرة، وأسواق المال، ادعوا البراءة. وعلى نحو نموذجي، كان يتأمل عميقا في شأن تداعيات ما حدث، ويحوّل أفكاره إلى حجة. وهذه عادة منذ زمن طويل: قبل أن يصل إلى الاحتياطي الفيدرالي، أمضى ثلاثة عقود وهو يدير شركة استشارية اقتصادية في نيويورك، تخللتها فترة كرئيس لمجلس المستشارين الاقتصاديين إبان رئاسة جيرالد فورد، وأثناء استعداده لمقابلتنا هذه، أرسل إلي بحثا من 46 صفحة كتبه حول الأزمة.
يقول جرينسبان: ''هل ترغب في أن تبدأ؟'' ويعني بذلك المقابلة، وليس الغداء. وقبل أن نصل إلى طلب الطعام، كنا قد تخطينا شبه استحالة القدرة على توقع الأزمة المالية العالمية (التي يوضحها بتتبع توزيع محتمل في الهواء بإصبعه)، والافتراضات التي يتضمنها التنظيم المالي، وأوجه التشابه مع الفزع المالي الذي حدث عام 1907، وتأثير نهاية الحرب الباردة على معدلات الادخار العالمية. وجئت على ذكر الاحتياطي الفيدرالي في بداية الألفية الجديدة حين كان جرينسبان رئيسا، وما زالت ذكريات الأحاديث الطويلة معه بهذا الأسلوب الأستاذي تعود سريعا إلى ذاكرتي. ويقوم بأبحاثه الخاصة – في مرحلة ما، يقتبس قصة كتبتها ظهرت على صفحات ''فاينانشال تايمز'' في صباح اليوم الذي كنا نتناول فيه الطعام – وينظم حججه.
على الرغم من أنه يعترف بعدم الحديث بجمل تامة – على النقيض من زوجته، حسبما يقول، التي بإمكانها الحديث في فقرات تامة في أي مناسبة – ويأمرني بتصليح القواعد لكل ما اقتبس عن قوله، لكن اتضح أن ذلك غير ضروري. ويبدو أسلوبه محسوبا، ودقيقا، وأكاديميا، على الرغم من أنه يبدي وجهات نظره بقوة، ويمسك الطاولة أثناء المجادلة. ويقول، ''تذكر مبدئي''، في أكثر من مرة، أثناء المرور بسلسلة منطقية.
اعترف بأنه كان ''مخطئا بنسبة 30 في المائة'' خلال عمله رئيسا للاحتياطي الفيدرالي، على وجه الخصوص في الافتراض أن البنوك والمؤسسات المالية ستراقب عن كثب الجدارة الائتمانية للأشخاص الذين تتعامل معهم، لكن خطته الحالية لمنع تكرار حدوث الأزمة المالية العالمية ما زالت تبدي تفضيلا لوجود لمسة خفيفة من المراقبة والإشراف: اجعل البنوك تحتفظ بالمزيد من رأس المال لدعم عمليات الإقراض لديها، وطالب بوجود ضمانات أعلى يمكن مصادرتها إذا سارت العملية المالية في الاتجاه الخاطئ، واحتفظ بالمزيد من السيولة لحالات الطوارئ.
في الحالات القصوى، حسبما يقول، ربما تضطر البنوك إلى التجزئة بواسطة القانون إذا أصبحت أكبر من أن أن تفشل دون أن تتسبب في انهيار النظام المالي برمته، لكنه يوضح أنه يعتبر أن مثل ذلك التدخل بمثابة الملجأ الأخير. ويبقى على اعتقاده بالأسواق، ولا يعتقد على الإطلاق أن رأسمالية التمويل على الطراز الأمريكي ستفقد أساسها لصالح نموذج أكثر سلاسة، وتنظيما من الديمقراطية - الاشتراكية - الأوروبية، ناهيك عن جاذبية الاقتصاد المخطط مركزيا مثل اقتصاد الاتحاد السوفياتي السابق. وهي مسألة تتعلق بإجراء تعديلات تكنوقراطية دقيقة.
أتساءل فيما إذا كان هذا الحل المحدود يمثل ردا مناسبا على مثل تلك الكارثة الاقتصادية. وألح الكثيرون، بمن فيهم بول فولكر، سلفه في الاحتياطي الفيدرالي، على وجود قيود أشد بكثير على البنوك. ويقول: ''إذا كنت تعني هل هو رد انفعالي مناسب على الأشخاص الذين خسروا الكثير فعليا بسبب خطأ لم يرتكبوه؟.. فإن الإجابة لا''.. لكن من حيث ما يلزم فعليا القيام به، فيمكن تركيز الحلول على نطاق ضيق: مراجعة احتمال حدوث الكارثة المالية في ضوء دليل جديد، وجعل البنوك تتصرف وفق ذلك. ويقول: ''إن الشرط الضروري بالنسبة إلى موقفي هو أن هذا الحدث نادر للغاية''. ولم يتوقع المنظمون الماليون انفجار فقاعة الديون التي تراكمت، والنطاق الذي سببت عنده في الغالب وقف النظام المالي بأكمله عن العمل.
بعد مرور 15 دقيقة من الحديث نظرنا إلى قائمة الطعام. وحيث إنه تفادى الأطباق المعقدة مثل الباستا مع صلصة لحم السلطعون، يختار جرينسبان طبقا أكثر تقشفا: السمك المشوي مع الخضراوات العضوية المشوية. وحيث إنني أدرك صعوبات إجراء مقابلة أثناء تناول الباستا، فإنني تجاوزت على مضض اختيار طبق الجزر مع لحم الأرنب، واخترت طبقا بسيطا: أخطبوطا صغيرا مشويا مع السلطة الخضراء. وجاء الطعام سريعا، وبدأنا في تناوله، وكان جرينسبان يأخذ لقمة صغيرة من السمك المغموس في خردل ديجون.
القسم الآخر الذي تمسك به النقاد من سجله في المنصب، على الخصوص الديمقراطيون، هو دعمه لجولتين من التخفيضات الضريبية. وجاءت الجولة الأولى في عام 2001 في بداية إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، والأخرى بعد عامين. وفي الأسبوع الذي سبق لقاءنا، واضعا نصب عينيه العجز المالي الأمريكي الهائل، قال لشخص أجرى معه مقابله إنه كان يدعم التراجع عن هذين التخفيضين على الضرائب، وهي ملاحظة تمسَّك بها نقاده للمجادلة بالقول إنه كان يتسم بعدم المسؤوليه؛ لأنه دعمها في المقام الأول. وهنا كذلك، لديه رد صاغه بحذر. أولا، كانت توقعات الإدارة والكونجرس (مجلس الشيوخ) في ذلك الحين فوائض مالية هائلة، وبناء عليه كانت التخفيضات الضريبية أمرا منطقيا. وثانيا، جادل بالقول في ذلك الوقت إن الجولة الثانية من التخفيضات الضريبية التي أجراها كان مشروطة بتطور الاقتصاد ومصادر التمويل العام، ولكنها لم تكن كذلك. وثالثا، قلل من قيمة كيفية فهم كلماته لتبرير تخفيض الضرائب في كافة الأحوال، واعترف فعليا بذلك الخطأ في مذكراته التي كتبها عام 2007 تحت عنوان، ''عصر الاضطراب ''The Age of Turbulence. ويقول في هذا الصدد: ''تكون الانتقادات في محلها تماما حين تفعل شيئا خاطئا، وأؤكد لك ذلك.. لكنني شخصيا ما زلت أفضل أن يكون الانتقاد دقيقا حين يوجه إليّ شخصيا''.
تم أخذ الأطباق حين انتهينا، وانتقلنا إلى شرب القهوة. وطلب جرينسبان قهوة كابتشينو، وأنا قهوة أمريكية. وحيث تم اختتام اجتماع الأعمال الرسمية، انتقلت إلى المزيد من الأمور الشخصية، وحين كان رئيس الاحتياطي الفيدرالي، كان لديه العشرات من أذكى الاقتصاديين في العالم مصدر للمعلومات، ومحادثات لا تنتهي مع زملاء ألمعيين، ونظراء من شتى أرجاء العالم. وبالنسبة إليه، على الصعيد الشخصي، إلى أي حد كان الأمر صعبا ليترك كل ذلك؟
اتضح أن الإجابة هي أنه ليس أمرا صعبا للغاية. فما زال يتوق إلى الاجتماعات المتكررة غير الرسمية التي اعتاد عقدها مع مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، والجلوس لساعات عدة والتحدث في شأن أي شيء كان يثير اهتمامه في ذلك اليوم. ويقول بحزن إلى حد ما إنه يفتقد كذلك تناول وجبات الإفطار المتكررة التي كانت تجمعه مع لاري سومرز، الذي كان في وزارة الخزانة في ظل رئاسة كلينتون، ويشغل الآن منصب كبير المستشارين الاقتصاديين في ظل رئاسة أوباما. وينظر عديد من الزملاء إلى سومرز على أنه فظ، لكن يبدو أن جرينسبان ودود معه. ويقول: ''أمضينا وقتا رائعا. وأنا أعرف شخصيا أن هناك عديدا من الأشخاص الذين يعتقدون أن الرجل فظ قليلا في بعض الأحيان، لكنه شخص ذكي، ولاري شخص ذكي فعليا إلى حد كبير''.
لكن إلى جانب الإجازة الغريبة التي يقضيها وهو يلعب الجولف أو التنس في مدينة أسبن بولاية كلورادو، أو جاكسون هول في ولاية وايومينج، حيث يقيم في مزرعة يملكها صديقه منذ فترة طويلة، ورئيس البنك الدولي سابقا، جيمس وولفينسون، فإن لدى جرينسبان الكثير من الأعمال التي تبقيه مشغولا. وقبل أن ينضم إلى الاحتياطي الفيدرالي، كان يدير شركته الاستشارية الاقتصادية الخاصة، وطور معرفة استثنائية من سلسلة البيانات والإحصائيات العميقة. وحتى حين كان رئيسا للاحتياطيي الفيدرالي، كان يمضي رغم ذلك نصف يومه على الأقل في الدراسة الخاصة.. أما الآن، حيث انتهى عمله في مجال المصرفية المركزية، فقد عاد مباشرة إلى ما كان يفعل سابقا، حيث يدير عملية أبحاث مع عدد قليل من الموظفين. وتساعده في هذه المرة قوة الحاسوب الحديثة، والمؤتمرات عبر الفيديو، والتقنيات التي يتحدث عنها باحترام في الغالب.
يقول: ''يعتقد الناس، ’كيف يمكنك أن تمضي من كونك شخصية بارزة في نظام مالي دولي، وتعود إلى مكتبك‘؟. وإجابتي على ذلك هي، ’إنني أعشق ذلك‘. وأنا شخصيا أعود إلى جذوري''. وينطوي عمله على التنقيب عن البيانات من النوع الأكثر دقة.
يتحدث بحماس عن بناء سلسلة من البياتات التي من شأنها أن تسمح له بمراقبة الربحية الشهرية للمؤسات غير المالية في الولايات المتحدة. ويقول: ''إنه ذلك النوع من الأمور التي كنت أقوم به منذ أجيال''، والإشارة إلى الزمن هنا ليس مبالغا فيها.
في الآونة الأخيرة، وفيما يتعلق ببحث آخر، كان جرينسبان يبحث عن تحديد لما يشكل جناح طائرة في الولايات المتحدة. واستطلع بعض الأعمال التي أنجزها بنفسه حين كان في العشرينات من عمره حول متطلبات طائرة للحرب الكورية التي كانت دائرة في ذلك الوقت. ويقول بفخر إن البحث أثبت أن أسلوبه في التفكير كان ذاته في ذلك الحين. ويقول: ''يتعلق الأمر ببناء فكرة عامة، والتفاصيل الإحصائية، والقياس المنطقي، وعلم الجبر''.
حين يواصل فكرة الاحصائيات والأبحاث، يسترخي جرينسبان، ويصبح أكثر ارتياحا. وألمس شخصيا أنه على الرغم من أنه أحب وظيفة الاحتياطي الفيدرالي، إلا أن حياة أكثر خصوصية، وتأملا، كانت ستناسب شخصيته على نحو أفضل إلى حد ما. ويقول: ''ما زلت شخصا منطويا. وبالمفهوم النفسي فإنني شخص مساعد على نحو أكثر، وليس صانع سياسة''. وخلال عمله المبكر فترة قصيرة موسيقيا متخصصا في الجاز، على سبيل المثال، يقول: ''كنت رجلا هامشيا جيدا، كما يطلقون على ذلك، لكنني لم أرغب في أن أؤدي عملا منفردا''. وفي واقع الأمر، على الرغم من محاولتي، فإنني أجد من الصعب تصوره وهو يعزف على الكلارينيت في نوادي الجاز التي تعج بالدخان في مدينته الأصلية، نيويورك، خلال أربعينيات القرن الماضي. ومن الأسهل تصوره وهو يتخلى عن الجاز ويذهب إلى الجامعة ليصبح اقتصاديا.
وفي حين أنه يهتم بوضوح بشأن إرثه، يبدو أن هناك بعض الحقيقة في ادعاءاته بأن الأشخاص الآخرين يمضون الكثير من الوقت وهم يقلقون أنفسهم بشأن تاريخه، أكثر منه شخصيا. ويقول: ''إنني شخصيا منشغل كليا بما أفعله. ولا أعتقد أن لدي الوقت الكافي للقلق بشأن ذلك. ولندع الآخرين يقلقون بشأنه، فأنا في غاية الانشغال.''
في الوقت الذي يخلو فيه المطعم من الرواد، ننتقل إلى الحديث في شأن الأحداث الجارية، ونتحدث مطولا بشأن الصين، واعتقاده بأن اقتصاد السوق سيسود هناك، بغض النظر عما يبدو عليه ضعف جاذبيته في الوقت الحالي، وبغض النظر عن مدى بطء تقدم الإصلاح الاقتصادي. ويقلق من أن القيادة الحالية، هو جينتاو، ووين جياباو، أقل حماسا إزاء الخصخصة من سلفيهما جيانج زيمن، وزهو رونججي، لكنه لا يخشى بقوة من أن تعود البلاد إلى الاتجاه المعاكس، وتتجه نحو التخطيط المركزي. ويقول: ''حين ذهبت إلى الصين، لم أسمع أي شخص يجادل لصالح الإطار النظري لرأسمالية كارل ماركس الذي كان يتمحور حوله منذ سنوات''.
يبدو أسلوبه إزاء كل شيء ذاته. أنظر إلى البيانات، أحسب الاحتمالات، أتخذ قرارا محسوبا محايدا. وقبل أن نغادر بقليل، يتحسر على الدعوات بالنسبة إلى ''أوباما المسكين'' من حيث إنه يتم النظر إليه على أنه يهتم بشأن التسرب النفطي في خليج المكسيك بشكل أكبر. ويقول: ''كنت أتذمر حين كان الناس يقولون إنه لا يبدي تعاطفا كافيا. وقلت أنا شخصيا،’ليس ذلك ما أريد أن أراه‘، بل أريد أن أرى إجراء غير متعاطف، ومتعمد. ولن يحل التعاطف هذه المشكلة''.
أدفع الحساب، ونشق طريقنا عائدين عبر قاعة الطعام والتي كانت عند نحو الساعة الثانية والنصف بعد الظهر شبه مهجورة. وعدد قليل من الأشخاص في هذه البلدة لديهم الوقت، أو الرغبة في قضاء فترات غداء مترفة. وأرفض العرض اللطيف لتوصيلي بالسيارة. وتتم قيادة السيارة التي تقل ألان جرينسبان خلال فترة ما بعد الظهر الرطبة، ليعود إلى الغوص في أعماق مناجم البيانات التي يعشقها.

السيرة الذاتية لـ ألان جرينسبان

سنوات ما قبل البنك المركزي الأمريكي

1926: ولد في 6 آذار (مارس) في منطقة واشنطن هايتس في نيويورك، الابن الوحيد لأب يعمل محللا في البورصة وأم محبة للموسيقى. وقد تطلق والداه حين كان في الخامسة من عمره.
1935: والده هيربرت ينشر كتابا بعنوان ''الانتعاش الاقتصادي في انتظارنا Recovery Ahead''، وهو كتاب حول خطط الإنفاق في برنامج الصفقة الجديدة الذي قرره الرئيس روزفلت. وفي كلمته التي وقَّع بها نسخة الكتاب التي أهداها إلى ابنه كتب أنه يرجو ''أنه حين يبلغ سن النضج أن يعود بنظره إلى الوراء وأن يسعى لتفسير التحليل المنطقي وراء هذه التوقعات المنطقية وأن يبدأ عملا مماثلا''.
1943: يتخرج من ثانوية جورج واشنطن، بعلامات ممتازة في الرياضيات والموسيقى.
1944: يبرع في العزف على آلتي الكلارينت والساكسوفون، ويلتحق بفرقة هنري جيروم الكبيرة في جولاتها. يعمل كذلك في مسك الدفاتر لحسابات الفرقة.
1948: يتخرج بشهادة في الاقتصاد من جامعة نيويورك. ويقول في مذكراته التي نشرها بعنوان ''عصر الجيشان'' The Age of Turbulence (نشر في 2007): ''كنت أفضّل التركيز على التحديات الفنية ولم تكن لدي وجهة نظر كلية''.
1950: يحصل على درجة ماجستير في الاقتصاد من جامعة نيويورك. يتابع دراسته العليا في جامعة كولومبيا، لكنه يترك الدراسة ويقبل بوظيفة لدى مجلس المؤتمر الصناعي القومي.
1952: يتزوج جوان ميتشيل، لكنه يلغي الزواج بعد عشرة أشهر. وكانت ميتشيل قد عرَّفته على أعمال الكاتبة والفيلسوفة آين راند. وقال في مذكراته: ''كنت محدودا من الناحية الفكرية إلى أن التقيت بها''.
1954: يؤسس شركة مع وليم تاونسند، المتداول في السندات، ليصبح رئيس مجلس الإدارة ورئيس الشركة ''تاونسند – جرينسبان أند كومبانيز''، المتخصصة في الاستشارات المتعلقة بالتوقعات الاقتصادية.
1967: يعمل مستشارا لرتشارد نيكسون قبل الانتخابات الرئاسية لعام 1968. يرفض عرضا ليشغل منصبا دائما في إدارة الرئيس نيكسون، لكنه في مذكراته يصف كلينتون ونيكسون بأنهما ''حسب ما رأيت أذكى الرؤساء الذين عملت معهم''.
1974: يعمل لدى الرئيس جيرالد فورد في منصب رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين.
1976: في عيد ميلاده الخمسين يستضيف شخصيات عالمية من قبيل إيستيه لاودر وبروك أستور وأوسكار دو لارنتا وهنري كيسنجر.
1987: عيَّنه الرئيس رونالد ريجان في منصب رئيس مجلس إدارة البنك المركزي الأمريكي.
1996 يتقدم لخطبة أندريا ميتشيل، وهي مراسلة لمحطة التلفزيون إن بي سي، كان يواعدها منذ 12 سنة. يؤجل شهر العسل لمدة شهرين بسبب ضغط العمل. وقال: ''درست مفكرة مواعيدي واقترحت أن نضيف شهر عسل في نهاية مؤتمر نقدي دولي في سويسرا''.

__________________
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس