قلبوا أوراقهم على طاولة الاقتصادية .. (3)
الصناعيون: لماذا تعالج سيولة الكهرباء على حسابنا؟!
في الجزء الثالث من ملف «الاقتصادية» الشهري، حول هموم الصناعة المحلية، يتطرق ضيوفنا إلى قضية التعريفة الكهربائية التي رفعت أسعارها وفقا لقرارات هيئة تنظيم الكهرباء. ضيوفنا لم يريدوا إضاعة مزيد من الوقت في الحديث الاستهلاكي, بل لجأوا إلى الأرقام. وقالوا إن كل الأرقام تفيد بأن القطاع الصناعي هو العميل المميز لشركة الكهرباء، والزبون الذي يستهلك طاقة مستمرة على مدار العام، وهو الذي لا يكبد الشركة أي خسائر. كانوا يشيرون طبعا إلى كون الاستهلاك المنزلي ينخفض في أوقات معينة من العام ويتحول إلى عبء على الشركة. ولفت ضيوف «الاقتصادية» إلى أن الصناعة السعودية تعيش الآن أكثر من عنق زجاجة، أبرزها ما يتعلق بالطاقة الكهربائية التي كانت تعد ميزة نسبية تتمتع بها الصناعة، وشددوا على أن التعرفة لا تؤثر في التكاليف، أمر غير دقيق، بل هي مؤثرة وموثقة. وتحدثوا عن أنه يجب أن تكون الطاقة الكهربائية تنافسية في المملكة بحكم رخص الوقود, ويجب تعميق هذا أكثر وأكثر. وأجاب ضيوفنا عن سؤال طرحناه حول رؤيتهم للاستراتيجية الصناعية، حيث شددوا على أن نجاحها مرهون بعملية إدارة التغيير في الجهاز الحكومي, لافتين إلى أن وضع الاستراتيجية في حد ذاته لا يعد أمرا صعبا، بل المحك ودلالة النجاح هو حسن التطبيق والإدارة وتحقيق الأهداف التي تستهدف رفع حصة الصناعة من الناتج المحلي إلى 20 في المائة خلال عشرة أعوام, وهي ضعف النسبة الحالية. بقي أن أقول إن ضيوفي هم: أحمد الراجحي نائب رئيس اللجنة الوطنية الصناعية، الدكتور عبد الملك الحسيني الرئيس التنفيذي لشركة أراسكو، وخالد القويز الرئيس التنفيذي لمجموعة أسترا الصناعية، وعبد الكريم النافع الرئيس التنفيذي لشركة الخزف السعودي. هنا تفاصيل الجزء الثالث والأخير من ملف هذا الشهر، حول مطالب القطاع الصناعي.
مزايا الصناعة
بداية قال المهندس أحمد الراجحي «إنه فيما يتعلق بالكهرباء, خاصة قضية رفع تعريفة الكهرباء الصناعية أو التعريفة المتغيرة، نحن في الحقيقة في الصناعة لدينا مزايا موجودة في البلد للصناعات السعودية، من ضمن مزايا الكهرباء، نحن عندما نعدد مزايا المملكة في جذب الصناعة فأحد المقومات يرتكز على التعريفة الكهربائية، وأن تكون المملكة جاذبة للصناعات ذات الطاقة الكثيفة، وعادة الصناعات ذات الطاقة الكثيفة يكون في الوقت نفسه رأسمالها عاليا». وضرب الراجحي أمثلة على رأيه فقال «على سبيل المثال الحديد والألمنيوم وغيرهما من الصناعات، هذه الصناعات تتطلب رأس مال عاليا واستهلاك كهرباء عاليا أيضا، والتعرفة الكهربائية المناسبة تكون وسيلة جذب لهذه الاستثمارات، وبالتالي لأنها صناعات أساسية تخلق صناعات تحويلية».
محاولات فاشلة
وأكد الراجحي أن التعريفة التي تغيرت قبل فترة بسيطة حاولت اللجنة الوطنية الصناعية في مجلس الغرف واللجنة الصناعية في غرفة الرياض توصيل الصورة للمسؤولين والتوضيح أن قطاع الصناعة بالنسبة للكهرباء مستهلك بسيط مقارنة بالاستهلاك الكلي للقطاع السكني, حيث يمثل الأخير 54 في المائة بينما الاستهلاك في القطاع الحكومي يمثل أقل من 20 في المائة، لكن دون جدوى. وقال إن «استهلاك الكهرباء في قطاعيه التجاري والصناعي يشكل نحو 25 في المائة فقط، وعليه فإن رفع التعريفة على الصناعة المحلية لن يحل مشكلة شركة الكهرباء ذلك كون هذه الصناعة هي المستهلك الأقل».
أفضل زبون
النقطة الثانية في رأي الراجحي أن الصناعيين هم أفضل زبائن الشركة «نحن ندعي أننا أفضل زبائن شركة الكهرباء» .. ثم طرح سؤالا وأجاب عنه. لماذا نحن أفضل زبائنها؟ أولا – كما يقول أحمد الراجحي لأن الصناعة تعمل 24 ساعة وسبعة أيام في الأسبوع و30 يوما في الشهر، و365 يوما في السنة في جميع أوقات السنة، ولأن الصناعة تعمل بينما في القطاع السكني يتغير، فالمستهلك السكني أحيانا يكون مكلفا لأنه لا يستهلك شيئا يذكر في غير وقت الذروة، أمر آخر، الاستهلاك السكني الآن مثلما يمكن 80 و90 في المائة منه يستهلك على الشريحة الأقل وهي خمسة هللات للكيلو واط، ونحن نعتقد أن الصناعة غير مخسرة بالنسبة لشركة الكهرباء، بل بالعكس، تغطي مصروفاتها وتربح».
اعتراف ومستهلك جيد
حول طبيعة المحاولات مع الجهات ذات العلاقة قال المهندس أحمد بن سليمان الراجحي «أتذكر في اجتماع مع شركة الكهرباء ذكروا أن الصناعة غير مخسرة للكهرباء، وبسبب هذه الأسباب تعتبر مستهلكا جيدا في مواقع مثل الجبيل والرياض، ونحن نعرف تكلفة الكهرباء في الجنوب أعلى من تكلفة الكهرباء في الرياض بسبب طبيعة وظروف ومناخ المنطقة».
التأثير في التكلفة
خلص الراجحي إلى أنه يعتقد أنه «كان من المفروض ألا ينظر إلى الصناعة على أنها علاج شركة الكهرباء من ناحية مشكلة السيولة، وكان يجب حل الموضوع على نطاق أوسع ولا تكون الصناعة كبش الفداء لحل المشكلة، لأنه في قناعتنا أن هناك صناعات, ومن خلال دراسة أجريت في مجلس الغرف اتضح أن هناك صناعات تستهلك نسبة من الكهرباء من التكلفة الإجمالية تصل 15 إلى 20 في المائة، فأنت اليوم لا تستطيع أن تقول إن الكهرباء غير مؤثرة في التكلفة، وهناك من يقول إنها غير مؤثرة، لكن الواقع خلاف ذلك. أعتقد أننا ما زلنا نطمح إلى أن يعيد مجلس هيئة تنظيم الكهرباء النظر في رفع التعرفة على الصناعة ونعتقد أن الخلل في الاستهلاك السكني وليس في الاستهلاك الصناعي, ويجب ألا يحمل الموضوع في المكان الخطأ.
أكثر من عنق زجاجة
خالد القويز قال: «إن هناك أكثر من عنق زجاجة تمر به الصناعة المحلية، توفر الطاقة الكهربائية عنق زجاجة مؤثرا جدا واليوم لدينا استثمارات ليست بسيطة والحكومة ضخت مبالغ وجهودا في إنشاء مناطق صناعية بالبنية التحتية اللازمة وتشغيلها متوقف على توافر الطاقة الكهربائية». وأشار القويز إلى قضية اعتبرها «نقطة أساسية» وهي: أنه إذا أردنا أن ننمي ونجذب الاستثمار في القطاع الصناعي لا بد أن يكون المخطط متكاملا». وضرب مثالا على ذلك وقال «يعني ألا نرتب كل شيء ونترك المفتاح، مثل من بنى البيت وأهمل المفتاح» وقال إنه الأمر بالنسبة للطاقة الكهربائية التي لا بد أن ينظر إليها على أنها أحد العناصر الأساسية والروافد المهمة لتنمية الصناعة المحلية».
تنافسية الكهرباء
نقلت السؤال إلى الدكتور عبد الملك الحسيني فقال: «يجب أن تكون الطاقة الكهربائية تنافسية في المملكة بحكم رخص الوقود ويجب تعميق هذا أكثر وأكثر». وأثني على ما ذكره القويز حول أهمية استمرارية الطاقة لأن قطع الكهرباء تترتب عليه تكاليف كبيرة جداً تختلف من صناعة إلى صناعة وتشمل, إضافة إلى ضياع وقت الإنتاج وتلف بعض المعدات وبالذات المعدات الحساسة منها, انتهاء صلاحية المواد الخام, وأهم من ذلك إضعاف نظام السلامة في المنشأة, لافتا إلى أنه «يأمل في أن يصاحب الزيادة في الرسوم تحسن في الخدمة وبالذات في الصيف».