عرض مشاركة واحدة
قديم 09-04-2010   رقم المشاركة : ( 4 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي Re: أخبار التربية السبت 26/9

مأزق التعليم

د. مشـاري النعيـم


إن اعتمادنا على اختبارات التحصيلي والقدرات للقبول في الجامعات مر عليه الآن خمسة أعوام، ولا نعلم حتى الآن التأثير الايجابي الذي أحدثته هذه الاختبارات على مستوى الطلاب في الجامعات السعودية، بالنسبة لي (وأنا استاذ في كلية تعتمد على المهارات والابداع) لم ألاحظ أي تغيير في مستوى الطلاب بل ربما اصبح الأمر أسوأ.




ربما تكون نتيجة أولمبياد الرياضيات التي حصلت السعودية فيها على المرتبة 68 من بين 98 دولة هو مؤشر غير مباشر لمأزق التعليم الذي نعيشه، فمنذ عام 2004م ونحن نحاول المشاركة في هذه الألمبياد ونحصل كل مرة على مركز متأخر، رغم كل الاستعدادات والنفقات والتدريبات، بالنسبة لي أعتقد أن حصولنا على هذا المركز أمر طبيعي ولو حصلنا على مركز متقدم لاستغربت؛ لأن أي تفوق يجب أن يعكس على أرض الواقع أولا، وواقع التعليم يقول إننا نحتاج الكثير من التغيير قبل أن نحقق اي مراكز متقدمة في أي أولمبياد تعلمي. المشكلة لا تكمن في نجاحنا أو فشلنا في مثل هذه المشاركات لأن فاعلية التعليم هي مكمن "الألم" الحقيقي لأنها تلقي بظلالها على "التنمية" بكل جوانبها. أقول هذا وأنا "انسحب" من موسم صيفي مرهق، تلقيت فيه اتصالات غير عادية من الاقارب والاصدقاء والمعارف يطلبون فيها شفاعتي لقبول أبنائهم في الجامعة، وكل مرة أؤكد لهم أنه ليس لي حول ولا طول في هذه المسألة دون أن يقتنعوا بكلامي فقد كانوا مثل الغريق الذي يتعلق بقشة.
مشكلة القبول في الجامعة أصبحت مؤرقة والتوسع في التعليم العالي وبناء جامعات جديدة أمر مطلوب ومحمود لكنه لن يحل المشكلة بأي حال من الأحول لأنه مهما أنشأنا من جامعات سوف يبقى عدد كبير من طلابنا وطالباتنا دون مقاعد خصوصا وأن إنشاء جامعة وتشغيلها يحتاج إلى سنوات بينما يتزايد عدد خريجي الثانوية سنة بعد سنة. الأمر مرتبط بفاعلية التعليم العام وبقدرته على انتاج خريجين من الثانوية العامة قادرين على العمل بعد انخراطهم في برامج تدريبية بسيطة. ولعلي هنا أذكر القارئ بالعديد من الاطروحات والقرارات والأحلام التي كانت تدور في فلك تحويل التعليم الثانوي إلى تعليم "مهني" وبالطبع لم يتحقق منها شيء، لأنها كانت "أحلاماً غير جادة". نحن لا نريد أن نحقق مركزاً متقدماً في أولمبياد الرياضيات، لكننا نريد أن يصبح التعليم الثانوي فعالا ورافدا للعمل المهني في بلادنا.
الأمر الآخر الذي يشير إلى سلبية وزارة التربية والتعليم ورضاها بالمستوى المترهل الذي وصلت له هو قبولها بأن تكون نسبة الثانوية العامة فقط 30% (وباقي النسبة موزعة إلى 30% للقدرات و 40% للتحصيلي) ضمن النسبة الموزونة التي تحدد قبول الطلاب من عدمها في أغلب الجماعات السعودية (جامعة الملك عبدالعزيز تعطي الثانوية العامة 50%). في اعتقادي أن قبول وزارة التربية بهذا يعبر عن الاستسلام وعدم الرغبة في التغيير والتطور. الأمر المؤلم هنا هو أنه لا توجد أي خطوات تصحيحية تقوم بها الوزارة في الوقت الراهن، بينما كان من المفترض ان يتحول التعليم الثانوي إلى مرحلة انتقالية حقيقية أما للجامعة أو لسوق العمل وبدلا من أن نرهق موازنة الدولة بسنة تحضيرية تضيع من عمرشبابنا في الجامعة وتنفق عليها الدولة مئات الملايين كان يجب أن يصبح التعليم الثانوي برمته كمرحلة تحضيرية للجامعة وتتم الاختبارات التي تؤهل للجامعة من قبل وزارة التربية ووزارة التعليم العالي بشكل مشترك. لقد كنت اتابع الاسبوع الفائت زيارة أحد مسؤولي دولة شقيقة مجاورة (نائب رئيس الدولة) لوزارة التربية والتعليم في بلاده وكان يتفقد الفصول الدراسية والحافلات وكل الامكانات التي يجب أن تتوفر للبيئة التعليمية وأكد على أن التعليم الثانوي يجب أن يكون هو المرحلة الانتقالية للطلاب والطالبات بحيث يحل محل السنة التحضيرية في الجامعة، لأن هذه السنة تمثل هدراً مادياً ومعنوياً وتؤخر التنمية.
في اعتقادي أننا بحاجة لمثل هذه الرؤية فعدم مقدرة وزارة التربية القيام بدورها في التعليم الثانوي يؤثر على مقدراتنا ويظلم كثيراً من ابنائنا وبناتنا الذين يمرون عبر نفق اختبارات القدرات والتحصيلي ويتحول فيها الحاصل على درجة عالية في الثانوية العامة إلى طالب فاشل لمجرد أنه لم يحصل على درجة مناسبة في اختبار التحصيلي الذي يقدم لمرة واحدة، فإذا كان الطالب مريضا أو يمر بظروف صعبة ضاع مستقبله رغم أنه أمضى ثلاث سنوات مجتهدا ومتفوقا في مرحلة الثانوية. صرت لا ألوم أبنائي عندما صاروا ينظرون باستهتار للتعليم الثانوي وصرت أعذرهم عندما يقولون لي لا تزعج نفسك فتأثير درجة الثانوي اقل من "ثانوي" في القبول في الجامعة، ولعلنا سوف نضطر أن نعذر كثيرا من الشباب والشابات لعدم اكتراثهم بالانتظام في المدارس الثانوية طالما أنها غير مؤثرة. ففي حين أن الدولة تحاول أن توجد منافذ متعددة لامتصاص طاقات الشباب وتوظيفها في مسارات صحيحة حتى لايستغلها البعض في مآرب تخريبية وتضليلية، نرى أن تخاذل التعليم الثانوي يفتح ثغرة كبيرة ويوجه الشباب إلى "الاستهتار" و "التقاعس" خلافا عن كونه يحرم بلادنا من الكثير من الطاقات الخلاقة التي تعاكسها الظروف ولا تمر من اختبارت غير مدروسة وغير ناضجة (القدرات والتحصيلي) وتفقد حقها في التعليم الجامعي.
المزعج في موضوع التعليم في بلادنا أنه لا أحد يقوم بتقييم الافكار الجديدة إلا بعد فوات الآوان، فعندما تم إقرار نظام التقييم في المرحلة الابتدائية (قبل ثمانية أعوام تقريبا) لم تتم دراسة تأثير هذا القرار على مستوى طلاب هذه المرحلة والآن تفكر وزارة التربية في إلغاء الفكرة، كما أن اعتمادنا على اختبارات التحصيلي والقدرات للقبول في الجامعات مر عليه الآن خمسة أعوام ولا نعلم حتى الآن التأثير الايجابي الذي أحدثته هذه الاختبارات على مستوى الطلاب في الجامعات السعودية، بالنسبة لي (وأنا استاذ في كلية تعتمد على المهارات والابداع) لم ألاحظ أي تغيير في مستوى الطلاب بل ربما اصبح الأمر أسوأ. ومع ذلك فأنا لست ضد هذه الاختبارات لكني مع إصلاح التعليم الثانوي أولا وإعطائه قيمة أكبر وتحويله إلى مرحلة تحضيرية (إما للجامعة أو سوق العمل) ثم بعد ذلك فلنضع ألف اختبار للحصول على مقعد في الجامعة فعلى الأقل من سيفقد فرصة التعليم العالي لن يفقد فرصة الحصول على عمل يحفظ له كرامته.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس