عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-2010   رقم المشاركة : ( 4 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي Re: الاخبار الاقتصادية ليوم الأحد 26/09/1431 هـ 05 سبتمبر 2010 م

الطريق إلى بنوك أكثر أمانا يمر عبر بازل






شيلا بير
من بين جميع الدروس المستفادة من الأزمة المالية الأخيرة، الدرس الأكثر أهمية هو: الرفع المالي المفرط مشكلة متفشية كانت لها عواقب وخيمة على اقتصادنا.
حين وقعت البنوك الكبيرة والمؤسسات المالية الأخرى في المشاكل، لم يكن لدى كثير منها رأس مال احترازي لمواجهة العاصفة. ومهد هذا الطريق لنشوء اضطرابات كبيرة في الأسواق، وعمليات إنقاذ من دافعي الضرائب، وحدوث انقباض هائل في الائتمان.
ولحسن الحظ، تتحرك لجنة بازل للرقابة المصرفية الآن لتصحيح هذه المشكلة. وتركز الإصلاحات المقترحة على ثلاثة مجالات: استئصال الأدوات الهجينة التي تخلط بين السندات والأسهم وتضعف هيكل رأس المال، وإضافة رأس مال احتياطي لتخفيف الصدمات بحيث لا يؤدي تخفيض الرفع المالي إلى سحق الإقراض خلال الأزمات، ووضع رسوم رأسمالية أعلى على المشتقات والأنشطة التجارية الأكثر خطورة.
والأهم من ذلك أن الإصلاحات تشمل نسبة دولية في الرفع المالي. ومن شأن هذا وضع حد أعلى على الرفع المالي في الأوقات الجيدة والسيئة على السواء، وفي الوقت نفسه يكون بمثابة تقييم لواقع الأمور مقابل رأس المال الاحترازي القليل جدا حين تقلل النماذج من أهمية المخاطر.
لكن على الرغم من أن إصلاحات بازل على وشك المصادقة عليها من قبل قادة مجموعة العشرين التي تضم الاقتصادات الكبرى هذا الخريف، إلا أن هناك دعوات لا مفر منها لتخفيفها. ويقول عدد من ممثلي الصناعة إن المتطلبات الرأسمالية القوية ستخنق الإقراض، وتزيد تكلفة الاقتراض، وتعرقل الانتعاش الاقتصادي الذي لا يزال هشا.
مثلا، تتنبأ جمعية تجارية رائدة تمثل كثيرا من أكبر المؤسسات المالية في العالم، بأن إصلاحات بازل لرأس المال ستزيد تكلفة القروض المصرفية في الدول الصناعية الكبرى بمتوسط يبلغ 132 نقطة أساس، ما يؤدي إلى خسارة بنسبة 3.1 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي وفقدان 9.7 مليون وظيفة بين الأعوام 2011 و2015.
ويختلف آخرون معهم في هذا الرأي. فالخبراء الاقتصاديون في هارفارد وجامعة شيكاغو يقدِّرون أن تعزيز متطلبات رأس المال بنسبة 10 نقاط مئوية ـــ وهي زيادة تفوق كثيراً أية زيادة قيد المناقشة ـــ سترفع متوسط التكلفة المرجح لرأس مال البنوك بنسبة 25 ــ 35 نقطة أساس فقط. ولا يرون أيضا أي دليل يدعم الفكرة القائلة إن المسيرة التاريخية نحو الرفع المالي الأعلى للبنوك قللت تكاليف الاقتراض على مر الزمن.
وتتوافق هذه النتائج مع دراسة جديدة أخرى أجراها بنك التسويات الدولية، ترى أن زيادة بنسبة 2 نقطة مئوية في النسبة المستهدفة للأسهم العادية الملموسة ستقلل الناتج المحلي الإجمالي بنسبة لا تزيد على 0.3 في المائة على مدى أربع سنوات.
ونشرت لجنة بازل هذا الشهر تقريراً يبين أن من المحتمل أن تؤدي متطلبات رأس المال والسيولة الأقوى إلى فوائد صافية طويلة الأجل من حيث الناتج الاقتصادي العالمي.
لماذا هذا الاختلاف في الآراء؟ أولا، النهج الذي يقوم فقط على ضرب التغير اللازم في رأس مال حقوق الملكية في الرفع المالي الفعال لبنك ما يغفل عن حقيقة في غاية الأهمية. فقد يكون تمويل الديون المعفى من الضرائب أقل تكلفة من حقوق الملكية على الهامش، إلا أن هذا الفارق يتقلص إلى حد كبير في العالم الذي يخضع لقوانين تنظيمية سليمة، حيث يتوقع أن يخسر أصحاب الديون في حال فشل البنك. وبدلا من ذلك، سيطالب أصحاب الديون بتعويض عن المخاطر الإضافية التي عليهم تحملها حين يزيد الرفع المالي الفعال.
ثانيا، يجب أن يتم وضع التكاليف الاجتماعية للإفراط في الرفع المالي في الحسبان عند حساب الأثر الاقتصادي لزيادة متطلبات رأس المال. ففي الأوقات الجيدة يكون من المرغوب سياسياً إبقاء المعايير الرأسمالية عند مستوى أدنى مما قد تفرضه السوق من رسوم على المؤسسات المالية على أساس مستقل. فالمصرفيون يكسبون أكثر، ويتم تخفيض معايير الائتمان، وتتحمل الحكومة ضمنيا تكاليف تحمل المخاطر على مستوى النظام بأكمله.
ومع ذلك، أصبح هذا الترتيب غير شعبي على الإطلاق حين تحول الازدهار إلى انهيار وأصبح على دافعي الضرائب دفع الفاتورة. ولهذا أصبح إنهاء مبدأ كون المؤسسات كبيرة جدا بحيث لا يمكن أن تفشل محور الإصلاح التنظيمي في الولايات المتحدة.
إلا أن التكاليف أعمق من هذا بكثير. فخلال الفترة التي سبقت الأزمة تم توجيه كثير من الأموال نحو أسواق العقار المزدهرة التي تشهد فائضا في المعروض. والانهيار الذي تلى ذلك دليل واضح على سوء توزيع رأس المال وأنه كان يمكن استخدامه بشكل أكثر إنتاجية في مجالات مثل الطاقة، أو البنية التحتية، أو القاعدة الصناعية.
وفي أعقاب الأزمة، ما زلنا نقيس الأضرار الجانبية بدلالة عدد المنازل التي تم وضع اليد عليها وعدد العمال العاطلين عن العمل. وأعداد كل منهما بالملايين. وكان ذلك مأساة إنسانية ومضيعة هائلة للموارد الاقتصادية.
ويميل منتقدو متطلبات رأس المال الأعلى إلى التقليل من أهمية مدى استبدال رأس المال بحقوق الملكية في تمويل القروض الجديدة، ولا يحسبون التكاليف الاجتماعية الناجمة عن عدم كفاية رأس المال المساند. وبالتالي ما يحدث هنا هو أن البعض في الصناعة يدافعون عن مصالحهم الذاتية. فمتطلبات رأس المال الأعلى تعني انخفاض عائدات المساهمين وتخفيض التعويضات.
لكن إذا كان هناك هدف أصلاً للإصلاح المالي، فهو تحسين مواءمة الحوافز ودمج تكاليف الرفع المالي وتحمل المخاطر داخليا. ونظام رأس المال الأكثر عقلانية الذي يمتد عبر النظام المالي العالمي هو جزء أساسي من هذه الإصلاحات.
سيكون تنظيف ميزانيات البنوك وتعزيز نوعية وكمية رأس المال عملا مؤلما، لكن إذا فشلنا في متابعة عملية تقوية رساميل البنوك، فإننا نخاطر بإهدار رأس المال الذي نملكه بالفعل وتعريض الاقتصاد العالمي لتكاليف باهظة غير مبررة تنجم عن أزمة مالية أخرى.


بن برنانكي ومعاناة العقد الضائع

مسؤول البنك المركزي الأمريكي في مأزق






روبن هاردِنج
بالنسبة لجميع السياح الموجودين في فندق جاكسون ليك كان الأمر يشبه مؤتمراً لمبيعات المكانس الكهربائية، وكان يبدو عليهم في الظاهر الاهتمام الأسبوع الماضي بمجموعة من الدارسين والمثقفين في غرفة الاجتماعات. لكنهم في الواقع كانوا ينظرون عبر هدوء البحيرة إلى قمم الجبال الظاهرة أمامهم في ولاية وايومينج الأمريكية.
مع ذلك كان يوجد داخل الغرفة أستاذ جامعي سابق، لطيف المعشر، وهو بن برنانكي، رئيس مجلس إدارة البنك المركزي الأمريكي، وهو يلقي كلمة ستؤثر على حياة هؤلاء السياح. كانت الأسواق المالية تترقب كل كلمة يقولها أثناء المؤتمر السنوي في جاكسون هول.
الأمور الموجودة على المحك الآن بالنسبة لأهم البنوك المركزية في العالم تفوق أهميتها الآن أكثر من أي وقت مضى منذ أن غاص العالم في أعماق الأزمة المالية. فالانتعاش الاقتصادي الأمريكي يمر في حالة تعثر. وتم تعديل معدل النمو في الربع الثاني إلى الأدنى ليصبح 1.6 في المائة. هذا المعدل من النمو ليس سريعاً بما فيه الكفاية للعمل على تخفيض معدلات البطالة. ليس هذا فحسب، بل إن هذه المعدلات يمكن حتى أن تبدأ في الارتفاع من جديد.
في الأسبوع الماضي، كان يبدو على برنانكي أنه يشير إلى أنه ربما يتعين عليه خلال فترة قريبة أن يتخذ الخطوة الضخمة في قيادة زملائه في اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة (وبعضهم غير راغب في ذلك) باتجاه جولة جديدة من إجراءات التسهيل الكمي. وهذا من شأنه أن يعني ضخ الأموال النقدية في الاقتصاد من خلال شراء مليارات الدولارات من الموجودات في مسعى لتعزيز النشاط الاقتصادي.
سيكون هذا امتحاناً لطريقة تفكيره الاقتصادي، ولعزيمته، ولأسلوبه القيادي القائم على الأخذ بإجماع الآراء. قال راندال كروسزنر، وهو محافظ للبنك المركزي منذ عام 2006 حتى 2009، ويعمل الآن أستاذاً في كلية بوث لإدارة الأعمال في جامعة شيكاغو: ''إنه قائد لطيف للغاية، لكنه قائد يعرف كيف يقود''.
مقارنة بألان جرينسبان، الرئيس السابق لمجلس البنك المركزي الأمريكي، الذي كان في الغالب يحتكر السلطة لنفسه، فإن برنانكي يحب بناء الإجماع في لجنة السوق المفتوحة. وفي حين أن جرينسبان كان يصرح عن رأيه أولاً حين تبدأ اللجنة بالتصريح عن آرائها حول السياسة النقدية (وبالتالي كان يهيمن على العملية)، إلا أن برنانكي يفضل الانتظار حتى النهاية، ويلخص في ذهنه ما قاله كل عضو، ومن ثم يعطي رأيه الخاص.
أدى هذا الأسلوب إلى مخاوف من أن البنك المركزي الأمريكي يمكن أن يتعرض للشلل من خلال السعي لتحقيق الإجماع، إذا كانت اللجنة، كما هي الحال اليوم، منقسمة على نفسها بخصوص الحاجة إلى اتخاذ إجراء مهم. لكن الأشخاص الذين يحضرون اجتماع اللجنة يقولون إن هذا من شأنه إساءة فهم شخصية برنانكي وأساليبه. إذ أنه يحظى باحترام زملائه، وحتى لو كانوا يختلفون معه بقوة، فإن اللجنة على الأرجح تتبعه في كل ما يريد منها أن تفعل.
ولد برنانكي في عام 1953 ونشأ في مدينة ديلون في ولاية ساوث كارولينا، والتي كان عدد سكانها في ذلك الحين، كما هي الحال الآن، بضعة آلاف شخص. وكان يبدو أن قدره هو النجومية، رغم أن ذلك كان في البداية من خلال عمله في كأكاديمي. فقد قفز عن الصف الأول، وكانت مرتبته الأولى على الولاية في امتحانات الدخول الجامعية، ثم ذهب للدراسة في جامعة هارفارد ومعهد ماساتشيوستس للتكنولوجيا.
تركزت أبحاثه في الجامعة على الكساد العظيم وعلى استهداف التضخم، وهذا ما جعله يبدو بصورة غريبة ومخيفة تقريباً أنه مناسب لدور مسؤول البنك المركزي أثناء الأزمات. مع ذلك، رغم أسلوبه القوي وسيرته المهنية، إلا أنه تحمل أكثر من أي مسؤول آخر في البنوك المركزية قدراً كبيراً من النقد يفوق تقريباً أي نقد تعرض له أي مسؤول آخر، وبعض هذه الانتقادات لم تكن متجنية عليه، حيث أنه أخفق في تشخيص فقاعة الإسكان في عام 2005 وعام 2006، وبعضها يتسم بالتجني على دوره في عمليات إنقاذ البنوك في عام 2008.
والنتيجة هي أن برنانكي، رغم جميع إنجازاته، فإن سمعته هشة. فالعالم يراقب بصورة وثيقة مسؤولي البنوك المركزية إلى درجة أنه لو أخفق الآن في نظر العالم فإنه سيواجه موجة من التعليقات الغاضبة والعنيفة.
مارك جيرتلر، وهو زميل لبرنانكي وشريكه منذ فترة طويلة في التأليف، ويعمل الآن أستاذاً في جامعة نيويورك، التقى به أول مرة حين كان حديث العهد بشهادة الدكتوراه في عام 1979. ويقول: ''كان يعتبر واحداً من ألمع الطلاب في السوق، وكان الناس يعرفونه منذ ذلك الحين بسمعته. من الممكن أن أصفه بأنه مفكر حدسي. فهو سريع للغاية وليس شخصاً من النوع الذي يدون عدداً كبيراً من المعادلات، رغم أنه قادر على القيام بذلك''.
من المؤكد أن سجله وهيئته وتكوينه يضعه في موقع طيب في أعين زملائه. في عام 2002 وعام 2003 ألقى كلمات حول كيفية تجنب الانكماش الاقتصادي في الولايات المتحدة، وحول ما ينبغي لليابان أن تقوم به للخروج من الهبوط الانكماشي. لورنس مايير، وهو محافظ سابق للبنك المركزي ويعمل الآن في منصب نائب الرئيس لدى مؤسسة ماكروإينوميكس ادفايزورز Macroeconomic Advisors، يقول إن البحث المذكور في عام 2002 أصبح خارطة الطريق بالنسبة للمركزي الأمريكي.
كثير من زملاء برنانكي يتحدثون عن مدى هدوئه أثناء أسوأ الأيام في خريف عام 2008، حين كان يبدو من الممكن أن ينهار النظام البنكي بصورة تامة. لكنهم يقولون إن سلوكه لم يكن من نوع البهجة بالمعركة أو الهدوء الرصين لشخص ضيق الأفق. ما حدث هو أن برنانكي قرر أن المحافظة على الهدوء هو أنجح سبيل للتعامل مع الظروف. وهناك شخص كان حاضراً معه في أحد الاجتماعات في أوائل الأزمة، ويتذكر أنه قال: ''يتعين علينا أن نختار المحافظة على الهدوء''.
من المعالم الأخرى في منهج برنانكي هو أسلوبه المباشر، وهو أمر يسبب الإرباك للسوق بالقدر نفسه الذي كانت تتسبب به الملاحظات المبتسرة الغامضة من جرينسبان. حين أخبر برنانكي الكونجرس (مجلس الشيوخ) في تموز (يوليو) أن الآفاق الاقتصادية كانت ''تتسم باللبس بصورة غير عادية''، اهتزت الأسواق من هذا التعبير. هل كان البنك المركزي يعتقد أن الاقتصاد كان في سبيله إلى الانهيار؟ هل كان ذلك إشارة بالشفرة حول السياسة النقدية؟ الأرجح أن المعنى الحرفي لكلماته كان هو كل ما كان يقصده برنانكي.
باعتباره من الأشخاص الذين عينهم الرئيس جورج بوش، كان من المتوقع أن ينُظَر إلى برنانكي دائماً بنوع من الارتياب من قبل البيت الأبيض في عهد أوباما، وهو ما ساعد على إشعال فتيل التكهنات حول ما إذا كان سيعاد تعيينه لفترة ثانية. ولا يبدو عليه أنه يستمتع بالزيارات التي يقوم بها إلى الكونجرس للإدلاء بشهاداته، حيث كان يبدو عليه بصورة واضحة التوتر في وجه الأسئلة المعادية.
لكن الانتقاد المهم في هذا المقام هو أنه حين قرر عدم تخفيض أسعار الفائدة وتسهيل السياسة النقدية أكثر من ذي قبل منذ منتصف عام 2009، فإنه اختار أن يتحمل آفاقاً اقتصادية كئيبة، وهي آفاق لا يوجد فيها ركود اقتصادي جديد وإنما ستظل معدلات البطالة مرتفعة لعدة سنوات. بول كروجمان، أستاذ الاقتصاد في جامعة برنستون، وصف السياسة الحالية للمركزي الأمريكي بأنها ''غير مناسبة نهائياً'' و ''غريبة تماماً من الناحية المنطقية''. وهو يجادل بأنه ينبغي على البنك أن يكون قد باشر بشراء المزيد من الموجودات.
الحكم الذي توصل إليه برنانكي، والذي لم يتغير حتى الآن، هو أن المنافع غير المؤكدة لتعزيز الميزانية العمومية الفدرالية من ألفي مليار دولار إلى أربعة آلاف مليار دولار أو ستة آلاف مليار دولار، ستفوقها تكاليف ومخاطر القيام بذلك. وسيتعين عليه أن يتوصل إلى حكم حول ما إذا توقف هذا الحكم عن كونه صحيحاً وحول الفترة التي يمكن أن يتوقف فيها عن كونه صحيحاً. يقول جيرتلر في هذا الصدد: ''كل أمر أعرفه عن برنانكي هو أنه نشط مندفع بالغريزة. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يريد أن يكون أول رئيس لمجلس المركزي الأمريكي يترك الاقتصاد ليتعرض للتدهور والتراجع''.
هناك أمور كثيرة تقع خارج نطاق سيطرته، خصوصاً الأمور السياسية التي عطلت فرصة الدخول في برنامج تحفيزي آخر، لكن لن يتذكره التاريخ كمسؤول عظيم للبنك المركزي إذا أنقذ الاقتصاد من أزمة مالية ثم لا يكون من شأن ذلك إلا أن يعاني الاقتصاد من عقد ضائع.


الانتعاش يقفز برأسه إلى أسفل




جورج ماجنوس
اهتزت الأسواق المالية بقوة في الآونة الأخيرة بسبب الأنباء التي تحدثت عن هبوط بنسبة 27 في المائة في مبيعات المساكن القائمة في تموز (يوليو)، لتصل إلى مستويات لم تشهدها منذ 20 عاماً تقريباً. ورغم أن هبوطاً من هذا القبيل كان متوقعاً، إلا أن هناك شبحاً مخيفاً أكثر من الهبوط يلوح في الأفق من جديد، هو الهبوط في أسعار المساكن، إلى جانب الضعف الملموس في مجموع الطلب النهائي. ربما يكون الاقتصاد الأمريكي في حالة نمو، لكن نسبة النمو بالكاد تتعدى 1 في المائة سنوياً. ولأن وضع أوروبا واليابان أفضل قليلاً من الوضع الأمريكي، يبدو الآن أن قفزة الانتعاش الاقتصادي برأسه إلى أدنى، هروباً من هوة العام الماضي قد فقدت زخمها.
في ظل هذه الخلفية، النقاش الدائر في السياسة النقدية والاقتصادية حول كيفية الإفلات من أزمة الديون، في سبيله إلى أن يصبح مثيراً للجدل بصورة متزايدة. حملة الانتخابات النيابية المقبلة في الولايات المتحدة من شأنها أن تركز على إمكانية السماح بانتهاء أجل التخفيضات الضريبية التي وُضِعت في عهد الرئيس بوش لأصحاب الدخول العليا، وبرامج تقليص الإنفاق الحكومي التي لم يسبق لها مثيل في بريطانيا ستكسو عظام خطة التقشف الحكومية، والبلدان الأوروبية التي تعاني متاعب السندات السيادية يرجح لها أن تواجه موجة جديدة من الجيشان.
ويبدو الآن أن السياسة النقدية ستحصل على حصة لا بأس بها في الجدل كذلك. ومن المفروض أن يكون معنى التباطؤ في النمو والتشديد في سياسات المالية العامة هو استدامة السياسات النقدية السهلة، أو حتى الأسهل من ذي قبل. وفي الفترة الأخيرة صوَّت مجلس الاحتياطي الفيدرالي على تغيير تركيبة ميزانيته العمومية من خلال شراء مزيد من سندات الخزانة، كما أن أكسِل فيبر، رئيس بوندسبانك (البنك المركزي الألماني) المعروف بمواقفه المتشددة، أقر بأنه سيتعين على البنك المركزي الأوروبي أن يبقي خط إمدادات السيولة الطارئة مفتوحاً أمام البنوك الأوروبية حتى عام 2011. هذان البنكان، إضافة إلى بنك إنجلترا، يرجح لهما أن ينظرا في المزيد من إجراءات التسهيل الكمي.
لكن بعض المنتقدين يصرون على أن التوسع والإسراف في السياسة النقدية بدأ منذ الآن بوضع الأسس لتسريع التضخم، وأنه ينبغي رفع أسعار الفائدة بحيث تسري على الفور. والعدد القليل من الأعضاء المعترضين في لجنتي صنع السياسة النقدية في مجلس الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا يتلقون التأييد من عدد من مسؤولي السياسة النقدية الذين لا يتمتعون بصلاحية التصويت. ربما تجد آراؤهم صدى، حيث من المرجح أن يعبر بعض صانعي السياسة عن مخاوفهم من أن أسعار الفائدة الصفرية والتسهيل الكمي تجتذب ارتفاع التضخم، وتجتذب كذلك طوراً جديداً من انعدام الاستقرار المالي في الوقت الذي تتخذ فيه البنوك غير النادمة على أخطائها، من جديد قدراً يفوق الحد من المخاطر.
إن زيادة الضغط النقدي تكون مناسبة في البلدان التي لم تتعرض للأزمات البنكية وأزمات الميزانية العمومية وأزمة الميزانية العامة للدولة، والتي قررت هذا العام رفع أسعار الفائدة. لكن هل هذه الزيادة مناسبة في الولايات المتحدة وأوروبا، الواقعتين في قبضة دورة تخفيف الرفع المالي وإعادة الهيكلة في الميزانيات العمومية وتقلُّص الموجودات على نحو يجعلهما عرضة بصورة خاصة للانكماش الاقتصادي وليس التضخم؟
هذا الكلام لا يقنع أصحاب المذهب النقدي الذين لا يزالون في عقليتهم القديمة، لكن بالنسبة للآخرين من أمثالنا ينبغي أن يسترشد النقاش بثلاثة مبادئ: الأول، أن من غير المناسب استخدام أسعار الفائدة الأعلى للتصدي لسلوك البنوك حين يكون هناك ضعف في الطلب على الائتمان، وفي الحالة الكامنة للطلب في الاقتصاد، وفي سوق العمل. بدلاً من ذلك ينبغي أن يعتمد صانعو السياسة على التغييرات التنظيمية، أي النوع نفسه من التغيرات التي يُفرغونها من مضمونها في سياق اتفاقيات ''بازل 3''.
الثاني، أن استخدام أسعار الفائدة الرسمية الأعلى لإدارة التضخم في أسعار الموجودات أمر جدير بالنقاش تماماً، لكن ليس في الوقت الحاضر. ذلك أن أسعار العقارات في حالة انكماش، وأسعار الأسهم أبعد ما تكون عن كونها في حالة فقاعة، كما أن أسعار السلع التي تظل مرتفعة إنما هي دلالة على الظروف الهيكلية وليس الطلب الدوري. ربما نظن أن أسعار السندات الحكومية مرتفعة بصورة مفرطة، لكن لا ينبغي أن نخلط بين التفضيلات الخاصة بتخصيص الموجودات والأساسيات الضعيفة في الدخل الاسمي التي تعتبر هذه الأسعار المرتفعة دلالة عليها.
الثالث، في حين يوجد حولنا قدر كبير من الأموال (مثل احتياطيات البنوك لدى البنك المركزي)، إلا أن هذا القدر الكبير من الأموال لن تكون له آثار تضخمية إلا حين تكون الرغبة في الإنفاق والاقتراض قوية إلى حد كبير. ولأن هذه الرغبة ليست قوية، ولأن النمو في الدخل ومجموع الطلب يتسمان بالضعف، فإن احتمال ارتفاع المعدل العام للتضخم سيكون ضعيفاً. واستخدام أسعار الفائدة قصيرة الأجل لمحاربة شبح التضخم سيكون من شأنه تدمير النمو والوظائف، خصوصاً حين تكون الحكومات عازمة على اتباع سياسة التقشف في المالية العامة.
ينبغي على صانعي السياسة النقدية أن يضعوا خططاً، ليس لرفع أسعار الفائدة الرسمية، وإنما للتحديد الصريح للظروف التي من شأنهم أن يعملوا فيها على توسيع برنامج التسهيل الكمي من جديد. السياسة النقدية ليست علماً، وإنما تقوم على اتخاذ القرارات بناء على الحكم والتقدير. من الأفضل، إذا استدعت الضرورة، طباعة المال والتعرض للسخط الشديد، بدلاً من رفع أسعار الفائدة والتعرض للسخط الشديد. في ظل الأجراء الأول، هناك دائماً إمكانية المغفرة والخلاص عن طريق سحب البرنامج التحفيزي، إذا استدعت الظروف ذلك. أما في ظل الإجراء الثاني، فليس هناك إلا الفوضى.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس