[صقر قريش]

التدفق القوي للمقيمين يرفع معدلات نمو السكان في المملكة







سعود بن هاشم جليدان
أصدرت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات بيانات إجمالية عن التعداد السكاني الأخير الذي أجري في وقت سابق من عام 2010م. وتظهر هذه البيانات ارتفاع عدد سكان المملكة بشكل إجمالي بنحو 4.5 مليون نسمة خلال نحو ست سنوات، وذلك مقارنة مع بيانات الإحصاء السكاني الذي أجرته المصلحة في عام 2004م. وتمثل هذه الزيادة الكبيرة نسبة نمو سنوي مقدارها نحو 3.2 في المائة خلال الفترة من 2004 إلى 2010م (خمس سنوات وسبعة أشهر و12 يوما). وجاءت هذه النسبة مرتفعة مقارنةً مع بيانات التعداد لعام للسكان والمساكن في عام 2004م والذي ذكر أن معدل النمو السكاني بلغ نحو 2.4 في المائة خلال الفترة من 1992 إلى 2004م. كما جاءت أكبر من نسبة النمو في عدد السكان المستخلص من البحث الإحصائي الأخير عن الخصائص السكانية والسكنية، الذي أجري في عام 2007م. وإذا سلمنا بدقة البيانات التي وردت في الإحصاءات والبحوث السكانية والسكنية، فإن معظم النمو الحاصل في الفترة من 2004 إلى 2010م حدث خلال السنوات الثلاث الأخيرة المنتهية في عام 2010م، التي شهدت نموا اقتصاديا قويا. وهناك احتمال بأن بيانات البحث الإحصائي للخصائص السكانية والسكنية المجرى في عام 2007م لم تكن دقيقةً، وبنيت على فرضيات النمو السكاني التي كانت سائدة خلال الفترة من 1992 إلى 2004م، التي كانت معدلات النمو السكاني فيها نحو 2.4 في المائة. وترتفع الحاجة بعد التغير الكبير في معدلات النمو السكاني في الإحصاء الأخير لمراجعة فرضيات النمو السكاني خلال البحث الإحصائي للخصائص السكانية والسكنية لعام 2007م.
وتشير أهم بيانات الإحصاء السكاني الأخير الواردة في الجدول المرفق إلى أن الزيادة في عدد السكان المقيمين خلال الفترة من 2004 إلى 2010م كانت أكبر من الزيادة في عدد المواطنين خلال الفترة نفسها، فقد ارتفع عدد المقيمين بنحو 2.28 مليون نسمة، بينما ارتفع عدد الموطنين بنحو 2.18 مليون نسمة. ونتيجةً للزيادة الكبيرة في عدد المقيمين ارتفعت نسبتهم في إجمالي السكان من 27.1 في المائة في عام 2004م إلى 31.1 في المائة في عام 2010م. وتراجعت في المقابل نسبة المواطنين من إجمالي عدد السكان من 72.9 في المائة في عام 2004م إلى 68.9 في المائة في عام 2010م. ويشكل الذكور عادةً معظم العمالة القادمة إلى المملكة، وقد أدى تدفق العمالة الأجنبية بأعداد كبيرة التي يشكل الذكور معظمها، إلى ارتفاع نسبة الذكور إلى إجمالي عدد السكان, حيث ارتفعت نسبتهم إلى إجمالي عدد السكان من 55.4 إلى 57 في المائة.
ويعود الارتفاع الكبير في معدلات نمو السكان خلال الفترة بالدرجة الأولى إلى الارتفاع في معدلات تدفق العمالة الأجنبية للعمل، والتي جذبها النمو الاقتصادي القوي. وقد صاحب التدفق الكبير للمقيمين، الذي تشكل العمالة معظمهم ارتفاع نسب بطالة السعوديين. وشهدت الفترة ولادة خطط السعودة والسعي لتطبيقها، ولكن تدفق العمالة الأجنبية وبهذه المعدلات المرتفعة يدل على قصور في سياسات السعودة وانخفاض مستويات تفعليها في توظيف العمالة الوطنية على المستوى الكلي والجزئي. وأعتقد أن سياسات السعودة والنوايا الحسنة وحدها ليست كافية للحد من البطالة الوطنية، ولكن ينبغي إعادة هيكلة أسواق العمل وإعادة تنظيمها بشكل عام وتبني سياسات رفع الأجور ورفع الكثافة الرأسمالية في القطاعات الإنتاجية. وقد لا تتمتع هذه السياسات بترحيب جزء كبير من القطاع الخاص ولكنها ضرورية لخفض معدلات البطالة. وارتفعت خلال الفترة من 2004 إلى 2010م معدلات الإنفاق العام بشدة، وخصوصاً على مشاريع البنية الأساسية، كما ارتفع إنفاق القطاع الخاص بنسب مرتفعة. ويدل ارتفاع تدفق العمالة الأجنبية إلى أن زيادة الإنفاق العام، خصوصاً على المشاريع الأساسية، وزيادة إنفاق القطاع الخاص، ما زالتا بعيدتين عن تحفيز توظيف العمالة الوطنية. وأعتقد أن علينا البحث بجدية في أساليب تنفيذ مشاريع البنية الأساسية، التي يبدو أنها كثيفة الاستخدام للعمالة الأجنبية الرخيصة، وينبغي إجراء المزيد من الدراسات التي تركز على تغيير أساليب تنفيذ هذه المشاريع من أجل توظيف المزيد من العمالة الوطنية حتى لو تطلب الأمر رفع تكاليف هذه المشاريع.