عرض مشاركة واحدة
قديم 09-15-2010   رقم المشاركة : ( 10 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي Re: الاخبار الاقتصادية ليوم الأربعاء 06/10/1431 هـ 15 سبتمبر 2010 م

إصلاح سياسة الدعم الحكومي لقطاع الكهرباء .. قرار أم خيار؟ (2)






بندر خالد الهويش
المقال السابق تناول ترتيب أكثر الدول الداعمة لموارد الطاقة الأحفورية حسب وكالة الطاقة الدولية التي صنفت المملكة ثالث أكبر داعم للوقود المستهلك محليا على مستوى العالم. وحديثا صدر تصريح عن وكالة الطاقة الدولية أعلن فيه أن المملكة استهلكت صيف هذا العام أكثر من 750 ألف برميل من النفط يوميا لغرض توليد الكهرباء فقط، المعادل للاستهلاك اليومي لبلجيكا و تركيا. وإضافة إلى دعم أسعار النفط والغاز المبيعة على الشركة السعودية للكهرباء (أقل من 3 دولارات لبرميل النفط)، فرضت الدولة تعريفة منخفضة للنهوض بالقطاع لأداء دور أكبر في تنمية الاقتصاد المحلي. إلا أن سياسة الدعم الحكومي لقطاع الكهرباء بحاجة إلى إصلاحات شاملة ومعالجة جذرية وإلا واجهت خطط التنمية تحديات عسيرة.
سابقا كان مجرد الحديث عن تعديل التعريفة من الخطوط الحمراء التي لا يمكن تداولها حتى في مجلس الشورى. إلا أن التحليل التاريخي لاتجاه الاستهلاك أثبت أن نصيب الفرد من الكهرباء تضاعف خلال آخر عقدين. دعم التعريفة وخفض أسعار الكهرباء دعوة وإن كانت غير مقصودة للإفراط في استهلاك الكهرباء ما جعل من صناعة الكهرباء والماء في المملكة تشكل خامس أكبر استثمار في العالم وهو أمر فعلا يدعو للقلق إن لم يتم توفير الأموال اللازمة في الوقت المناسب. والمملكة اليوم تشهد طفرة عمرانية وصناعية كبيرة ، إضافة إلى طفرة سكانية ما يعني أن الطلب على الكهرباء سوف يشهد بطبيعة الحال زيادة مطردة. والتوسع في البنية التحتية للكهرباء بحاجة إلى تجاوب المستهلكين كافة وخاصة من فئة الصناعيين والتجار فبعد زيادة تعريفة خدمة الكهرباء الأخيرة للاستهلاك الصناعي والتجاري تحديدا، كثر الجدل بين مؤيد ومعارض فالمؤيد رأى أن زيادة التعريفة مشجعة ومحفزة لطرح الأحمال في وقت الذروة ما يخفض نسب انقطاع الخدمة أثناء الصيف تحديدا إضافة إلى سد ''جزء'' من التمويل المطلوب لتعزيز النظام الكهربائي في أنحاء المملكة كافة. أما من عارض من ''بعض'' مستهلكي الصناعة والتجارة بالذات تخوفا من تحميل المستهلك النهائي تبعات هذه الزيادة بدلا من الاستثمار في الترشيد ورفع كفاءة الاستهلاك. إلا أن الخوض في آثار زيادة التعريفة هو ليس أقل أهمية من إدراك وفهم ''أحد'' جذور الأزمة التي تشعبت من سياسة دعم الكهرباء لدينا حتى للمقتدرين ماديا فالتأخر في تعديل التعريفة كما حدث أخيرا ولد ثقافة مشوهة لدى كثير من مستهلكي الصناعة والتجارة حيث قاموا بتشكيل تحالفات زادت من تأخر قطاع الكهرباء في المملكة فإضافة إلى نجاح هذه التحالفات بعرقلة تطبيق تعريفة لا يمكن حتى وصفها بالتجارية منذ بداية تشغيل الشركة السعودية للكهرباء عام 2000، ما زال القطاع يواجه تحديا نحو تقبل مستهلكي الصناعة والتجارة الأهداف المرجوة من تعديل التعريفة. في بداية الصيف قبل الماضي، على سبيل المثال، ''انقطع التيار الكهربائي عن مصانع في المدينة الصناعية الثانية في الدمام لمدة استمرت 4 ساعات، ما أدى إلى توقفها وتكبدها خسائر كبيرة، الأمر الذي زاد من الشكوك في قدرة الشركة السعودية للكهرباء على تغذية المصانع وتفادي مثل هذه الانقطاعات خلال الفترة المقبلة'' (عكاظ 16 يونيو 2009). و رغم اجتماع اللجنة مع شركة الكهرباء والوقوف على الأسباب الحقيقية للانقطاع المتمثلة في شح التمويل اللازم لضمان خدمة ذات موثوقية أعلى، إلا أنها لم تقتنع على ما يبدو. أما الدولة فقد منحت هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج صلاحيات تتعلق بحق تعديل تعريفة الكهرباء لفئات الاستهلاك غير السكني لإنقاذ الموقف في 5 أكتوبر عام 2009. والغريب أن اللجنة ذاتها التي كانت تشتكي من انقطاع الكهرباء عن المصانع تخوفت من ''انعكاس زيادة التعريفة الكهربائية – سلبا - على استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة'' (عكاظ 10 أكتوبر 2009) وكأن تواجد الاستثمارات الأجنبية كان هاجس اللجنة. بل قدمت دراسة متكاملة لشركة الكهرباء أفادت أن المشكلة متركزة في القطاع السكني والأماكن بعيدة متناسين أن الكثير من التجار شاركوا في المشكلة عندما نجحوا في إدخال أجهزة رديئة وبيعها للأفراد والمنشآت ما تسببت في هدر الكثير من الكهرباء لمصلحة آنية ضيقة.
وأخيرا صدر تقرير اقتصادي عن مركز معلومات ''غرفة الشرقية'' أوضح أن رفع التعريفة الكهربائية يضر بقطاع الصناعة الوطنية ولا يحقق الفائدة المرجوة. بل ذهب التقرير إلى أن رفع التعريفة يضر بصغار المستهلكين ويقلل من تنافسيتها نتيجة ارتفاع التكلفة عليها، فيلجأون إلى تقليل عدد العاملين ما يزيد نسب البطالة التي تشكل تحديا مهما للدولة (الاقتصادية 14 مارس 2010). محاولة التأثير في قرار تغيير التعريفة بهذا الأسلوب تظهر إدراكا غير ناضج لحقيقة المخاطر التي قد تواجه ليس الصناعة الوطنية فحسب بل خطط التنمية ككل في هذه المرحلة المفصلية. وكان من الأجدى أن نسأل الغرف التجارية كم منشأة من مصانع ومبان تجارية متوقف تشغيلها على إدخال التيار وبالتالي كم فرصة وظيفية معلقة على تشغيل تلك المنشآت؟
إذن سياسة الدعم الحكومي هي بلا شك سخية جدا لكنها خلقت تحديات ومؤثرات لا بد من تداركها وإلا سنتخطى خط اللاعودة كما هو الحال في النموذج الإيراني. طبعا هذا المقال ليس دعوة لرفع الدعم عن قطاع حيوي مثل الكهرباء فالقطاعات كافة حتى في دول العالم المتقدمة تحصل على دعم بشكل أو بآخر. لكن يبدو أن نجاح سياسة الدعم لا يقاس بحجم الدعم المادي المقدم للقطاع فحسب. نجاح سياسة الدعم مرتبط بمؤشرات أكثر شمولا كمعدلات النمو الاقتصادي وانخفاض معدلات البطالة تتجاوز المصالح الضيقة. سياسة الدعم المطلق لأجل غير مسمى كالمتبعة حاليا أثبتت أنها السبب الرئيس في ضبابية الرؤية لقطاع الكهرباء فبناء استراتيجية شاملة لتحويل قطاع الكهرباء إلى منظومة تخدم اقتصاد المملكة يتطلب سياسة واضحة وصارمة تخدم قطاع الكهرباء ذاته بينما تغرق شركة الكهرباء في ديون ليست هينة وإن حصلت على تصنيفات ائتمانية عالية. إذن يتمحور الحل في التركيز نحو إصلاح ''نوعية'' الدعم الذي تقدمه الدولة وتطوير السياسة المتبعة نحو إدارة الطاقة المحلية فالسياسة الحالية قد تضر مستقبلا مكانة المملكة لتلبية دورها الريادي في تزويد الدول المستهلكة كافة لموارد النفط. ذلك لأن الاستهلاك المحلي للنفط في حالة تزايد مستمر على حساب حجم الصادرات. إذن ما أوجه الدعم والإصلاحات اللازمة لإنقاذ قطاع الكهرباء وتحويله إلى قطاع منتج يخدم خطط التنمية مستقبلا؟
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس