سلام الله عليك يا ابا سيفين
موضوع مميز بحق ، وأنت أفضل من يكتب عن هذا الموضوع ، لأني أعلم أنك من الذين لم يقتصروا على الوظيفة ، زادك الله من فضله . وأرى أن هذا الموضوع مهم جدا ، وأتمنى من الجميع المداخلة ، إما بتجربة شخصية لكل من لديه تجربة شخصية ناجحة أو فاشلة ( لأخذ الدرس والعبرة من الحالتين ) وإما برأي لمن لديه رأي أو تعليق .
ولي على هذا الموضوع تعليقات كثيرة ، لكن سأذكر بعضها وأعرض عن بعض ، فمنها :
1) لا أظن أنك تقصد بالتجارة معناها الاصطلاحي فقط ، وهي البيع والشراء وتقليب الأموال بهدف الربح . بل تقصد ما هو أعم من ذلك ، وهو كل ما عدا الوظيفة ( سواء وظيفة حكومية أو في القطاع الخاص .) وبالتالي تشمل الحرف والمهن الخاصة على اختلاف أنواعها ، وتشمل الزراعة وتربية المواشي أوالنحل ....كما تشمل التجارة بالبيع والشراء في المحلات التجارية او العقار او الاسهم ..... بل تشمل الصناعة لمن لديه قدرة على دخول هذا المجال . كما تشمل الاستثمار في الداخل أو الخارج ، كالحبشة مثلا ، وهكذا .....
2) هذا المقال يصلح توجيهه لكل فئات المجتمع ، مع ملاحظة أن فئات المجتمع ليست سواسية أمام هذا الخطاب . فكبار السن الذين تجاوزوا الخمسين ليسوا مثل الشباب المقبلين على الحياة والعمل . والفتيان القادرين على الخروج والتصرف ليسوا كالفتيات المقصورات في البيوت . والذين حصلوا على وظائف تكفيهم رزقهم ليسوا كالعاطلين عن العمل أو من وظيفته لا تكفيه ...... ومع هذا فالجميع يمكن أن يمارس التجارة بالطريقة التي تتلاءم مع سنه أو جنسه أو عمله الذي يمارسه ....
3) نحن في زمن الترف والرفاهية الذي ما زال يصرف أبناءنا عن التجارة ؛ لأن التجارة لا تحتاج في بدايتها إلى رأس مال كبير كما قلت ـ وإن كان رأس المال مفيد جدا ـ لكنها تحتاج إلى خبرة لا تكتسب إلا بجهد ونشاط وعمل بدني وتعب وسهر ومتابعة وبذل وقت ... ومن الصعب أن تجد شابا على استعداد لبذل كل هذا .
4) التجارة ( بمعناها الواسع ) باب جيد للرزق ، وأحيانا للثراء السريع أو الكبير . لكن لا يصح أن يظن الشاب أن هذا هو الذي يحصل دائما ، فلن يصبح كل ممارس لها راجحي آخر ، ولا حتى كولد عم أبو مصلح . فأحيانا تأتي التجارة بالكفاف كالوظيفة ، وأحيانا تكون الوظيفة أفضل ، وأحيانا يخسر صاحبها ، بل قد يتورط في الدين وحقوق الناس ، فالتجارة ليس لها أمان ، وهذا هو الفرق بينها وبين الوظيفة ، والذي جعل الكثير يفضل الوظيفة . وكم من شخص جمع مدخراته من الوظيفة وأضاعها في التجارة كما حصل لكثير ممن تاجر في الأسهم في الآونة الأخيرة . وهذا يعطينا أهمية الدراسة والاستشارة والتأني في اختيار المشروعات .
5) لا يصح أن يغيب عن أذهاننا أن الرزاق هو الله ، فكم من ذكي فطن ألمعي سعى هنا وسعى هناك وعاد بخفي حنين ، وكم من قليل الذكاء يتقلب في نعمة الله !!! :
ولو كانت الأرزاق تجري عل الحجى
هلكن إذا من جهلهن البهائم .