Re: الاخبار الاقتصادية ليوم الثلاثاء 15/01/1432 هـ 21 ديسمبر 2010 م
بناء الإنسان السعودي محور ارتكاز الميزانية الجديدة
طلعت زكي حافظ
على الرغم من العجز المتوقع في الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1432/1433هـ (2011)، الذي قدر بمبلغ 40 مليار ريال، إلا أن الدولة استمرت في انتهاج سياستها الحكيمة، الرامية إلى بناء الإنسان السعودي والتعزيز من قدراته، باعتباره محور ارتكاز التنمية الشاملة التي تعيشها المملكة العربية السعودية.
تحقيقاً لأهداف الدولة المرتبطة ببناء الإنسان السعودي، استحوذ قطاع التعليم العام والتعليم العالي وتدريب القوى العاملة، على نصيب الأسد من نفقات الميزانية الجديدة، بتخصيص مبلغ 150 مليار ريال، الذي يمثل نحو 26 في المائة من إجمالي النفقات العامة المعتمدة في الميزانية، بزيادة بلغت نسبتها نحو 8 في المائة عما تم تخصيصه في ميزانية العام المالي الحالي (2010)، وذلك بهدف توفير البيئة المناسبة للتعليم، من خلال زيادة الطاقة الاستيعابية للمدارس والجامعات والكليات المتخصصة للبنين والبنات، حيث على سبيل المثال تضمنت الميزانية الجديدة مشاريع لإنشاء 610 مدارس جديدة للبنين والبنات في جميع أنحاء المملكة، إضافة إلى المدارس الجاري تنفيذها في الوقت الحالي التي يتجاوز عددها أكثر من 3200 مدرسة.
وفي مجال التعليم العام ستستمر الدولة أيضاً في العمل على تنفيذ مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم "تطوير"، بتكلفة تقدر بنحو تسعة مليارات ريال، من خلال شركة "تطوير التعليم القابضة"، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة.
وفي مجال التعليم العالي، خصصت الميزانية مبلغ تسعة مليارات لاستكمال مشاريع إنشاء عدد من المدن الجامعية في عدد من الجامعات، كما اعتمدت الميزانية النفقات اللازمة لافتتاح عشر كليات جديدة.
وفي مجال التدريب التقني والمهني تم اعتماد تكاليف إنشاء كليات ومعاهد جديدة وافتتاح وتشغيل عدد كبير من المعاهد المهنية والمعاهد العليا للبنات، بهدف زيادة الطاقة الاستيعابية للكليات والمعاهد التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني.
وفي مجال الابتعاث الخارجي، فقد أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـــ حفظه الله ـــ في وقت سابق استمرار العمل ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي (المرحلتين الأولى والثانية)، إضافة لما صدرت التوجيهات الملكية بضم بعض الدارسين على حسابهم الخاص لبعثة البرنامج، ويتوقع أن يصل إجمالي ما سيتم صرفه على برامج الابتعاث خلال العام المالي الحالي 2010 أكثر من 12 مليار ريال.
قطاع الخدمات الصحية وقطاع التنمية الاجتماعية، حظيا هما الآخران، بنصيبهما الوافر من اعتمادات الميزانية الجديدة، لكونهما قطاعين مهمين جداً لاكتمال منظومة بناء الإنسان السعودي إلى جانب قطاع التعليم، حيث إن التحسين من الظروف الصحية والاجتماعية للمواطن، سيمكنه لأن يكون عنصراً نافعاً ومنتجاً في المجتمع والاقتصاد وفي التنمية التي تعيشها المملكة، فعلى سبيل المثال قد اعتمد مبلغ 68.7 مليار ريال للإنفاق على المشاريع والبرامج الصحية المختلفة، بما في ذلك على خدمات التنمية الاجتماعية، كما سيتم استثمار مبالغ كبيرة في بناء وإنشاء مشاريع صحية جديدة، وفي استكمال إنشاء وتجهيز مراكز للرعاية الصحية الأولية في جميع مناطق المملكة، ومشاريع لإنشاء 12 مستشفى جديد، ومشاريع لإحلال وتطوير البنية التحتية لأربعة مستشفيات، إضافة إلى استكمال تأثيث وتجهيز عدد من المرافق الصحية.
وفي مجال خدمات التنمية الاجتماعية المقدمة للمواطن، تضمنت الميزانية الجديدة عددا من المشاريع الجديدة لإنشاء دور للرعاية الاجتماعية والتأهيل، إضافة إلى الاعتمادات اللازمة لدعم برامج معالجة الفقر والصندوق الخيري الوطني، بهدف اختصار الإطار الزمني للقضاء على الفقر في المملكة، كما تضمنت المخصصات للإنفاق على خدمات التنمية الاجتماعية، مخصصات تتعلق بالأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة ومخصصات للضمان الاجتماعي، هذا ويصل إجمالي ما تم صرفه على برامج معالجة الفقر والمخصصات السنوية المتعلقة بالأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة والضمان الاجتماعي خلال العام المالي الحالي 2010 إلى نحو 18.8 مليار ريال.
ويأتي صدور توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله ـــ باستمرار صرف بدل غلاء المعيشة بنسبة 15 في المائة منسوبة إلى راتب الدرجة التي يشغلها الموظف ابتداءً من الأول من المحرم 1432هـ، تتويجاً لجهود الحكومة السعودية، الرامية إلى تعزيز الاستقرار النفسي والاجتماعي لدى المواطن السعودي، حيث يكون قادراً على الإنتاج والمساهمة الفاعلة في بناء الوطن، ولا سيما في ظل ظروف الحياة المعيشية، التي تشهد عديدا من المتغيرات والمستجدات، التي قد تضاعف من أعباء المعيشة وتكاليف الحياة.
خلاصة القول، إنه على الرغم من كشف أرقام الميزانية الجديدة للعام المالي 2011، عن عجز بين جانبي الإيرادات والنفقات المتوقعة، يقدر بنحو 40 مليار ريال، إلا أن مخصصاتها واعتماداتها المالية المختلفة، لم تهمل جانب بناء الإنسان السعودي، باعتباره حجر الزاوية ومحور ارتكاز التنمية التي تعيشها السعودية، ومن هذا المنطلق استحوذت قطاعات مهمة للغاية تتعلق ببناء الإنسان، مثل قطاع التعليم والقطاعات الأخرى المساندة لبناء الإنسان السعودي، مثل القطاع الصحي وقطاع التنمية الاجتماعية على نصيب الأسد من نفقات الميزانية الجديدة واعتماداتها ومخصصاتها المختلفة، بنسبة بلغت نحو 38 في المائة، وذلك بهدف، تعزيز قدرات المواطن، وتهيئته للعمل في بيئة تعليمية، وصحية، واجتماعية، مواتية لتطوير القدرات الذاتية والإبداع والإنتاج، بالشكل الذي سيعود ـــ بإذن الله تعالي ــــ بشمولية النفع والفائدة على المواطن والوطن على حد سواء، والله من وراء القصد.ية
ميزانية الخير والغد المشرق
د. محمد بن ناصر الجديد
إيرادات عامة تقارب الـ 540 مليار ريال، ونفقات عامة تقارب الـ 580 مليار ريال، وعجز متوقع يقارب الـ 40 مليارا. أرقام تاريخية تشكل أضلاع مثلث الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1432/1433هـ التي أقرها أمس مجلس الوزراء الموقر. ميزانية خير لغد مشرق مدعومة بفائض محقق من الميزانية العامة للدولة للعام المالي الحالي (1431/1431هـ) يقارب الـ 105.5 مليار ريال. كيف ستتفاعل هذه الأرقام القياسية في تاريخ الاقتصاد السعودي مع التحديات المحيطة به والآفاق المأمول تحقيقها؟
"الإرهاب"، "العراق"، "إيران"، "اليمن"، "مجلس التعاون الخليجي"، "أمريكا"، "عائدات النفط السعودي"، "مصادر الطاقة"، "ديمغرافية الشعب السعودي"، و"موارد الاقتصاد السعودي". عشرة تحديات قائمة تحيط بنمو منظومة الاقتصاد السعودي واستدامتها خلال العقد المقبل. من الأهمية بمكان وضع الآليات الكفيلة بمواجهة هذه التحديات وتحويرها إلى آفاق تدفع بعجلة تنمية الاقتصاد السعودي نحو مزيد من سرعة النمو ومتانة استدامته، بعون الله تعالى.
آلية خير زفها لنا مجلس الوزراء السعودي الموقر أمس عندما أقر الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1432/1433هـ، وما حمله هذا الإقرار من مخصصات مالية لتنفيذ مشاريع حيوية لدعم جوانب الاقتصاد السعودي الأربعة: الاقتصاد التنموي، الاقتصاد الاجتماعي، الاقتصاد السياسي، والاقتصاد الاقتصادي.
فبالنظر إلى معدل مخصصات بنود الإنفاق العامة طيلة الأعوام الستة الماضية، هي فترة الخطة التنموية الثامنة والعام الأول من الخطة التنموية التاسعة، نجد أن هناك خمسة بنود إنفاق من أصل سبعة حظيت بنمو في نسبة معدلاتها إلى إجمالي النفقات العامة. هذه البنود هي الآتي: مرتبة حسب معدل الزيادة من الأعلى إلى الأقل هي، "صناديق التنمية المتخصصة وبرامج التمويل الحكومية"، فـ "الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية"، فـ "المياه والزراعة والتجهيزات الأساسية"، فـ "النقل والاتصالات"، وأخيرا "الخدمات البلدية". ونجد في الوقت ذاته حصول بنود "التعليم" و"قطاعات أخرى" على نسب مخصصات من إجمالي النفقات العامة أقل من معدل مخصصات بنود الإنفاق العامة طيلة الأعوام الستة الماضية.
تقدنا هذه النسب ومعدلاتها إلى الوصول إلى أن الاقتصاد التنموي قد استحوذ بجميع قطاعاته الرئيسة ذات الصلة بالخدمات والتنمية على معظم الاعتمادات، فحظي قطاع التـعـليم والتدريب على اعتمادات كبيرة موزعة بنسب متباينة على قطاعات التعليم العام، التعليم العالي، والتدريب المهني.
ينتظر من قطاع التعليم بلورة هذه الاعتمادات إلى تنمية واستدامة رأس المال الفكري السعودي بحلول العقد المقبل، لدعم منظومتي الصناعة والاستثمار عند اكتمال خططمها التوسعية، حيث يتوقع أن يشكل توفير رأس المال الفكري السعودي المؤهل لتولي مسؤوليات العقد المقبل أحد أهم التحديات التي ستواجه منظومة الاقتصاد السعودي.
كما حصلت قطاعات الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية على المرتبة الثانية في الإنفاق بعد قطاع التعليم والتدريب، فحظيت قطاعات الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية باعتمادات كبيرة. وعلى الرغم من أن الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد أشارت إلى جزء من نصيب قطاع الخدمات الصحية من هذه الاعتمادات، إلا أنه ينتظر أن تسهم هذه الاعتمادات في الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية، نظرا للارتباط الوثيق فيما بينهما.
كما حصلت قطاعات المياه والزراعة والتجهيزات الأساسية على المرتبة الثالثة في الإنفاق بعد قطاعات التعليم والتدريب، والخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية. وأتت قطاعات الخدمات البلدية والنقل والاتصالات على المرتبة الرابعة في الإنفاق بعد قطاعات التعليم والتدريب، والخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية، والمياه والزراعة والتجهيزات الأساسية.
يتضح من مقارنة النتائج المالية للعام المالي 1431/1432هـ ببنود الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1432/1433هـ في جوانب الخدمات الصحية، التنمية الاجتماعية، الخدمات البلدية، النقل، الاتصالات، المياه، الزراعة، والتجهيزات الأساسية، أن مناطق المملكة الجغرافية المتوسطة الحجم وذات التنمية المتواضعة ستستوعب معظم هذه الاعتمادات.
والخلاصة الشمولية التي نستخلصها من التوزيع البيني لهذه الاعتمادات في تلك القطاعات التنموية بالذات أن توزيع الكثافة السكانية بين مناطق المملكة ستحظى بتطورات من شأنها إعادة التوازن بين المناطق الجغرافية، وستسهم هذه العملية بطبيعة الحال في إحداث نهضة شاملة بحلول العقد المقبل، بعون الله وتوفيقه.
هذه التطورات الشاملة التي حملتها الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد في جانب الاقتصاد التنموي لن تكون بمعزل عن التطورات في جوانب منظومة الاقتصاد السعودي المتبقية، الاقتصاد الاجتماعي، والاقتصاد السياسي، والاقتصاد الاقتصادي. حيث يتوقع من قراءة بنود الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد أن يستوعب جانب الاقتصاد الاقتصادي جزءا ليس بالقليل من اعتمادات الميزانية، حيث سيتم ذلك عن طريق التحويل إلى احتياطي الدولة، وحساب تسديد الدَّين العام.
ويتوقع أن يسهم التحويل إلى احتياطي الدولة في تعزيز جانب الاقتصاد السياسي لمنظومة الاقتصاد السعودي عن طريق تعزيز مكانة المملكة السياسية في المنطقة والعالم. وهنا لا بد الأخذ في الاعتبار التطورات السياسة والعسكرية في المنطقة، وانعكاسات ذلك على الاحتياطي الحكومي.
كما يتوقع أيضا أن يسهم التحويل إلى حساب تسديد الدَّين العام في تعزيز جانب الاقتصاد الاقتصادي لمنظومة الاقتصاد السعودي عن طريق تقليل الالتزامات المستقبلية للمنظومة، التي قد تشكل تحديا يعوق نمو منظومة الاقتصاد السعودي بداية العقد المقبل.
أحد أهم الانعكاسات الإيجابية للتحويل إلى حساب تسديد الدَّين العام هو زيادة مستوى السيولة في المصارف السعودية بعد إتمام عملية شراء سندات الدين العام قبل موعدها. وزيادة السيولة ستدعم تنافسية المصارف السعودية في تطوير قنوات استثمارية جديدة غير السوق المالية من خلال مشاركة القطاع الخاص في مشاريعه التوسعية. وهنا نافذة ضوء ستحملها مشاريع القطاع الخاص المقبلة في استثمار الموارد البشرية السعودية، في إطار سياسات وأهداف خطة التنمية التاسعة، ووفق أولويات المجلس الاقتصادي الأعلى.
أحد أهم المخرجات غير المباشرة في تطورات جانب الاقتصاد الاقتصادي من منظومة الاقتصاد السعودي أنها ستتدفق، بعون الله، في الجوانب الثلاثة المتبقية من جوانب منظومة الاقتصاد السعودي: الاقتصاد التنموي، الاقتصاد الاجتماعي، والاقتصاد السياسي، وذلك لتشكل أرضية انطلاق متينة لمنظومة الاقتصاد السعودي في موجته الخمسينية الثانية (2000/2050)، بعون الله.
إقرار مجلس الوزراء الموقر للميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد أمس هو تجسيد جديد لسياسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - في دعم عملية تنمية واستدامة منظومة الاقتصاد السعودي. عملية تنموية طموحة تعمل ضمن عشرة تحديات رئيسة قائمة تستلزم الموازنة بين هذه التحديات، ومستهدفات رؤية الاقتصاد السعودي 2025، وواقع العام الثاني من الخطة التنموية التاسعة (2010 - 2014).
أسال الله رب العرش العظيم أن يقرّ أعيننا بعودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - في القريب العاجل سالما معافى، وأن يديم علينا نعماءه، وأن ينفع الوطن والمواطن بهذه الميزانية التاريخية المباركة.
|