توقعات بوصول سعر برميل النفط إلى 100 دولار خلال 2011
الاحتياطيات النفطية تقفز بالسعودية إلى المرتبة الثالثة عالميا
محمد الهلالي من جدة
أكد الدكتور علي التواتي أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز والمستشار الاقتصادي، أن احتياطيات المملكة والفوائض كبيرة جدا وقد تكون بين المرتبة الثالثة أو الرابعة عالميا ومستثمرة في سندات خزانة أمريكية وأوروبية.
وقال بمناسبة إعلان أضخم ميزانية تقر في تاريخ البلاد، إن المملكة قادرة على مواجهة أي أزمات اقتصادية مفاجئة، لأنها كانت متحفظة في تقديرات الميزانية تحسبا لأي أوضاع وأزمات اقتصادية، وهي مستعدة تماما لأي انخفاض في أسعار النفط حيث إنها بنت الميزانية على أسعار تراوح بين 55 و60 دولارا للبرميل، مستبعدا انخفاض أسعار النفط، ومتوقعا في الوقت ذاته أن تصل إلى 100 دولار للبرميل خلال 2011.
وأضاف: الميزانية ركزت على الاستثمار في رأس المال الإنساني، إلى جانب التركيز على المشاريع الانشائية طويلة المدى, واللافت للنظر انخفاض الدين العام، حيث كان الدين العام حينما تولى البيعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله في 2003 يتجاوز 1.5 تريليون ريال ويصل إلى 1.6 تريليون ريال، واستطاع في فترة حكمه أن يخفضه إلى 10 في المائة فقط من إجمالي الناتج الوطني لعام 2010، وهذا إنجاز، إضافة إلى ظهور الفائض الكبير، وذلك يعطي مؤشرات أن الدولة أصبح لديها فوائض ودينها قليل واحتياطياتها كبيرة، وبالتالي لا نتوقع زيادة بمزيد من الرسوم المباشرة وغير المباشرة، خاصة أن 91 في المائة من موارد الدولة من النفط، وذلك سيخفف على المواطنين من خلال استمرار تخفيض أسعار مشتقات النفط وتعرفة المياه والكهرباء على الأقل في العام المقبل، كما حظي التعليم بنصيب الأسد من الميزانية، وإلى عهد قريب كانت هناك أزمة في القبول في الجامعات، والآن ـــ ولله الحمد ـــ زادت نسبة القبول في الجامعات, وسيتم افتتاح عشر كليات جديدة العام المقبل، ووزارة التربية والتعليم تسلمت 600 مدرسة للبنين والبنات سيتم تشغيلها العام المقبل، إضافة إلى استمرار برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي، جميعها أمور وضعت أمام النشء والأجيال الجديدة والراغبين في إكمال دراساتهم العليا خيارات متعددة يستطيعون أن يستفيدوا منها، أيضا أعضاء هيئة التدريس لهم بدلات ومكافآت جديدة اعتمدت منتصف العام، ومن الممكن أن تكون هناك مشاريع لبناء مساكن جديدة حاليا لأعضاء هيئة التدريس، وهذا سيخفف من أزمة الإسكان إلى حد ما، وهو أحد الحلول لأزمة الإسكان، وفي مجال الخدمات الاجتماعية هناك مشاريع جديدة لأندية رياضية ودور الرعاية والملاحظة الاجتماعية والتأهيل، إضافة إلى تعزيز المخصصات اللازمة لمعالجة الفقر والصندوق الخيري الوطني وهي تسهم في تخفيض أعداد الفقراء في البلاد، كذلك الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة ومستحقي الضمان الاجتماعي لم تهملهم الميزاينة، بل زادت من مخصصاتهم هذا العام, كما تم إعفاء الآف من ورثة المتوفين المدينين لصناديق الاقراض الحكومية، ودراسة حالات الظروف الصعبة التي لا تسمح حالتهم بالسداد يتم إعفاؤهم وسيعفون عن سداد القروض الحكومية، كذلك شرط إلغاء تملك الأراضي للتقديم لصندوق التنمية العقاري وتوحيد القرض على مستوى المملكة، وهو يعطي ميزة لسكان الأرياف والمناطق البعيدة لأن الأرض أرخص، وبالتالي يمكن أن يكون القرض مفيدا ويغطي نسبة أكبر من تكاليف البناء، وذلك نوع من الإعانة للمواطنين في المناطق الريفية والنائية.
وزاد: نأمل أن تتم الموازنة بين احتياجات المواطنين حاليا وبين احتياجات الأجيال المقبلة في الموازنات القادمة, حيث خصص أكثر من 50 في المائة من الميزانية الحالية للمشاريع متوسطة وبعيدة المدى، وهناك حاجة للمواطنين حاليا لزيادة مخصصاتهم ورواتبهم وإعاناتهم الاجتماعية الأسرية لمواجهة غلاء المعيشة ومواجهة الأوضاع الاقتصادية المتقلبة التي أتت على كثير من أصحاب الدخول الثابتة.
واستدرك التواتي "البنوك تحتاج الى مساندة من الدولة حتى تستطيع أن تدخل في عمليات إقراض طويل الأجل يتعدى فترة 15 إلى 20 عاما، مشيرا إلى أن عدم صدور نظام الرهن العقاري، وفي حال عدم وجود تنظيم واضح للقروض طويلة الأجل سواء الصناعية أو الإنشائية أو غيرها لا نعتقد أن يتعدى دور البنوك الدور الذي تقوم به حاليا وهو دور الوسيط بين المواطنين ومؤسسات الأعمال.
من جهته قال المحلل الاقتصادي حسام جخلب يتضح قوة وصلابة الاقتصاد السعودى مع صدور الميزانية المالية للعام المنتهي في (2010 ـــ2011) وأثبت الاقتصاد السعودى قدرته ومكانته بين الاقتصادات الكبرى بإعلان الميزانية وتحقيق أرقام قياسية تفوق كل التوقعات, مشيرا إلى التوقعات قبل إصدار الميزانية وتسجيل فائض بنحو 108 مليارات ريال، حيث بلغ حجم الإيرادات 735 مليار ريال بزيادة نسبتها 56 في المائة عن المتوقع، مقابل نفقات بـ 626 مليار ريال بزيادة نسبتها 16 في المائة عن التقديرات المتوقعة عند إقرار الميزانية سابقا.
وأشار إلى أن هناك استمرارا في الخطة التنموية للدولة التي بدأتها من عام 2003 والتي تتضمن الاستمرار في دعم النمو الاقتصادي في المملكة العربية السعودية خلال السنوات القادمة، وذلك بالتركيز في موزانة 2011 على المشاريع التنموية التي تعزز استمرارية النمو والتنمية طويلة الأجل، وبالتالي زيادة الفرص الوظيفية للمواطنين, حيث من المقرر أن يجري إنفاق 256 مليار ريال أخرى على مشاريع جديدة إضافية لبعض المشاريع التي سبق اعتمادها، مبينا أن زيادة الإنفاق الحكومي تؤدي إلى تحسن أداء الأعمال في الاقتصاد بما يسمى اقتصاديا بالمناخ الاستثماري الذي يؤدي إلى تحسن أداء القطاعات المختلفة داخل الكيان الاقتصادي، فزيادة الإنفاق على جميع القطاعات يؤدي إلى تحسن أداء النمو للدولة خلال السنوات المقبلة ويؤدي ذلك إلى تحسين الإنفاق والسيطرة على معدلات التضخم وزيادة الاستثمارات وتحسين الأداء الصناعي ورفع كفاءة الإنتاج مع توزيع الإنفاق الحكومي بين القطاعات, حيث حصل قطاع التعليم العام والتعليم العالي وتدريب القوى العاملة على 150 مليار ريال وقطاعات الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية إلى 68.7 مليار ريال، كذلك 25.2 مليار ريال على قطاع النقل والاتصالات و24.5 مليار ريال على قطاع الخدمات البلدية و50.8 مليار ريال على قطاع المياه والزراعة والتجهيزات الأساسية الأخرى، كما أن حجم الدين العام انخفض إلى 167 مليار ريال عن مستواه السابق البالغ 225 مليار ريال، مؤكدا أن استمرار الإنفاق هو موشر على تحسين أداء الاقتصاد والمحافظة على مستويات النمو بدعم الإنفاق الحكومي.
وتابع "من هنا يتضح قوة وقدرة الاقتصاد الوطني على تحقيق نجاحات في عصر الأزمة الاقتصادية العالمية وتواصل استمرار دعم الاقتصاد الوطني في دعم الاقتصاد العالمي من خلال تطبيق اتفاق منظمة العشرين بتحفيز النمو العالمي من خلال زيادة الإنفاق الحكومي واستمرار الخطط التنموية ودعم المشروعات والاتفاق على خفض الدين العام لدول منظمة العشرين وزيادة الصادرات، وكلها عوامل تساعد الاقتصاد على التكيف مع المتغيرات الدولية وتحقيق الأرقام القياسية والنجاحات السنوية".
وأبان أن السعودية تتميز بميزة تجارية من حيث تصنيف الميزان التجاري في عام 2010 وذلك بفائض في الصادرات بمقدار 557 مليار ريال بزيادة تفوق 40 في المائة عن العام السابق، في الوقت الذي تعاني فيه بعض دول منظمة العشرين بعجز في الميزان التجاري مما يضيف قوة ومتانة للاقتصاد السعودي بين دول العشرين ومما لا شك فيه أن ارتفاع أسعار النفط فوق مستويات 70 دولارا ساهم في تحقيق إيرادات إيجابية لعام 2010، كما يتضح من تقرير الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام الجاري، بنحو تريليون و630 مليار ريال بنسبة نمو قدرها 16.6 في المائة عما كان عليه في 2009، وذلك بدفع من نمو في قطاع النفط بنسبة 25 في المائة وكل تلك الأرقام الخاصة بعام 2010 هي حصاد عام واستمرار لخطة تنموية طويلة الأجل تهدف السعودية إلى تطبيقها لاستمرار حالة الانتعاش الاقتصادي التي بدأتها من 2003 وتحقيق معدلات نمو مرتفعة والسيطرة على معدلات التضخم وتحقيق فائض في الصادرات واستمرار دعم الصناعة وزيادة الإنتاج الصناعي خلال السنوات المقبلة باستمرار الإنفاق على المشروعات التنموية والمدن الصناعية وتحسين أداء الصادرات النفطية وغير النفطية وتنويع مصادر دخل الميزانية خلال السنوات المقبلة.
واستطرد أن المشروعات التنموية للدولة تستهدف خلال السنوات المقبلة تخفيض معدلات البطالة من خلال زيادة الوظائف للعاملين مما يؤدي إلى تحسين مستويات المعيشة وتخفيف عبء البطالة على الاقتصاد, كما تستهدف المشروعات التنموية للدولة تأسيس بنية تحتية تخدم الاقتصاد الوطني في السنوات المقبلة.
وفي السياق ذاته أضاف هاني باعثمان رئيس شركة أعيان المالية أن انعكاس الميزانية إيجابي على التوسع في مشاريع البنى التحتية، وتمنى إقرار مشروع الرهن العقاري في القريب والاستفادة من السيولة الكبيرة والميزانية، مضيفا سنجد كثيرا من الأموال بحوزة الأسر السعودية وهي تمثل ادخارات لها وبدلا من ترحيلها إلى الخارج للسياحة يجب الاستفادة منها في بناء المساكن.
وأفاد باعثمان أن السعودية والصين والهند والاقتصادات الناشئة لديها فوائض تمكنها من مواجهة أي أزمات بعكس الدول المتقدمة، مشيرا إلى أن على رأس القائمة الاقتصاد السعودي حيث لديه فوائض نقدية ولديه القدرة على مواجهة الأزمات وأي هبوط في أسعار النفط.
وتوقع أن يتم رفع سعر الفائدة على الريال مع مستوى السياسة النقدية، لكبح التضخم حتى في حال عدم رفع الفائدة من قبل البنك المركزي الأمريكي، متوقعا ألا يكون الرفع بفوارق كبيرة.