لعبة الأسماء
كنا نشاهد معاً برنامجاً وثائقياً عن الهند
أنا وأحد الإخوة المصريين وهو من أسرة صوفية
لكنه صاحب فكر متحرر من خزعبلات الصوفية،
وكان من ضمن المشاهد:
مجموعة من البوذيين ينام أحدهم على المسامير،
وآخر يمشي على الجمر،
وثالث يغرز سكيناً في رأسه.. ومثل ذلك.
فقال لي الأخ:
هذه الخدع هي صورة طبق الأصل من خدع الصوفيين
الذين يدعون الكرامات في مصر.
وأضاف ساخراً:
حري بكل صوفي أن يتفرج على كرامات أوليائه الصالحين
وهي تحدث لهؤلاء الكفار وعبدة الأصنام.
كلمة أصنام أخذتني بعيداً،
فتذكرت قصة ظهور الأصنام في الجزيرة العربية،
وكيف أن صنم اللات نسبة لرجل صالح كان يلت السويق
فلما حزن عليه الناس وأقاموا له صنماً للذكرى
ثم عبد الصنم من دون الله.
تخيلت أن هناك صنماً تجمع حوله مئات الناس
يطلبون الرزق والشفاء بكل خضوع وخشوع،
وفجأة أخذ الشيطان هذا الصنم من بينهم
ووضع بدلاً منه شجرة،
وما زال الناس في مكانهم يطلبون الرزق!
ثم اختفت الشجرة وظهرت مكانها نار،
وما زال الناس حولها عاكفين!
ثم اختفت النار وظهر قبر،
وما زال الناس يطلبون الرزق ويتبركون به
ليقربهم إلى الله زلفى!
ما الفرق بين كل هذه المتغيرات
إذا كان الفعل واحداً؟!
ما الفرق بين أن يكون في المنتصف
صنم أو شجرة أو نار أو قبر
أو أي شيء آخر إذا كان العمل واحداً..
دعاء غير الله وطلب الحاجات ممن سواه؟!
عجبت من مكر الشيطان وكيفية استبداله للأشياء
وتغييره المسميات عبر التاريخ كي يحقق هدفه؛
وكأن الشيطان يريد أن يقول للبشرية المخدوعة:
من لم يطف باللات طاف بغيره ***
تعددت الأسماء والشرك واحد
إن تسمية الخمر بغير اسمها لا يجعلها حلالاً،
فتسميتها مشروبات روحية أو منشطات ذهنية
أو أي اسم آخر لا يلغي حكم الإسلام فيها،
كذلك اختراع أو اكتشاف أنواع جديدة مشابهة للخمر
من حيث التأثير لا يجعلها حلالاً!
فإن الخمر محرمة ليس لأن اسمها خمر؛
بل لأنها تذهب العقل،
فأي شيء يذهب العقل فهو حرام
بغض النظر عن ما يسميه الناس.
المخدرات والحشيش والأفيون حتى شم الغراء محرم؛
لأنه يذهب العقل مثل الخمر.
كذلك دعاء الأصنام شرك
ليس لأن اسمها أصنام أو غير ذلك
بل لأنه صرف عبادة لغير الله،
فلا فرق
بين دعاء صنم أو شمس أو ملائكة أو أضرحة
كل هذا صرف عبادة لغير الله
بغض النظر عن الأسماء.
هل بُعِثَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم
ليبين لنا أن طلب الرزق والشفاء يجوز من الأئمة
أم أنه بعث ليصرف العبادة لله وحده؟!
تأمل قول نبي الله إبراهيم عليه السلام
كما ذكر لنا القرآن
{وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } .
وقال تعالى:
{ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20)
أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) }
[ النحل : 20-21 ].
أموات غير أحياء..
إذا لم تكن هذه الآية تتحدث
عن دعاء الأموات من دون الله
فعن ماذا تتحدث؟!