عرض مشاركة واحدة
قديم 01-09-2011   رقم المشاركة : ( 9 )
المتفائل2012
عضو


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 6806
تـاريخ التسجيـل : 06-01-2011
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 24
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : المتفائل2012


المتفائل2012 غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مجلة فلسطينية من الثمانينات تتحدث عن الحياة الجامعية في تلك الفترة

انتشار تعاطي المخدرات في غياب سلطة وطنية رادعة

بقلم: د. رسمية عبد القادر
كلية التربية

إن مشكلة الإدمان على المخدرات ظاهرة عالمية، تعاني منها المجتمعات على اختلاف مستوياتها، حيث تؤثر
فيها من النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية والحضارية.
سحقا لمجتمع يكون الكثير من أفراده عبيد المخدر، يتعاطونه فيشعرون بآدميتهم المرهونة، وآسفاه! على بلاد
يكون اقتصادها معتمدا على المخدرات وهذه الأدوية الزائفة، حيث يتبخر دخلها القومي لتوفير المخدرات،
وتكون مدخراتها فريسة سهلة للمجرمين والمهربين يتاجرون بدم الشعب وحريته.
إن مشكلة تعاطي المخدرات تعتبر إحدى المشكلات التي بدأت تزحف إلى هذا الجيل في الوقت الحاضر،
والنتيجة المخيفة لتعاطي المخدرات، هي الإدمان، وما له من أثر سيء على الوضع الصحي للمدمن، قد يصل
إلى الموت، علاوة على الانحلال الخلقي والاجتماعي.
ومرحلة الإدمان التي يصل إليها متعاطي المخدرات مع تكرار التعاطي حيث يعتمد جسمه عليها نفسيا وحسيا،
ويتأقلم جسده ليتحمل زيادة الجرعة، وفي هذه الحالة يكون مهددا من معاناة أعراض الإقلاع إذا امتنع عن
أخذ المخدر في الوقت المطلوب.
يبدأ المدمن بتعاطي المخدر عادة كي يشعر بالمتعة والصفاء الذهني والثقة بالنفس والاسترخاء العقلي الناتج
من كون أغلب المخدرات مسكنات مؤقتة، إذ أن لها تأثيرا مهدئا على بعض مراكز الجهاز العصبي المركزي
للإنسان.
أما أعراض الإقلاع التي يكون فيها المدمن تحت رحمتها، ربما لا تتوفر له جرعة المخدر في موعد تعاطيها،
أو إذا أراد أن يمتنع فتكون قاسية لما يحدث عن تهيج عصبي يصل إلى درجة الهستيريا، وتشنجات في
العضلات والمفاصل، يصل إلى قيء وإسهال وآلام في البطن وإفرازات متواصلة من الأنف والفم والعينين،
مع عدم القدرة على التركيز ألا على موضوع واحد، ألا وهو حاجته إلى المخدر، فيبك ي ويهدر كرامته
مسترحما من حوله أن يوفروا له الجرعة.
إن المدمن لا يتورع عن القيام بأي عمل مهما كان شائنا في سبيل الحصول على المخدر، فالشرف والأخلاق
والمبادئ تكون مجرد كلمات لا معنى لها.
رسالة النجاح، العدد 18 ، كانون الثاني ١٩٨٤
فلتتصور رب أسرة مدمن، كيف تكون حالة أسرته الصحية والاجتماعية والاقتصادية، فهو يمتص رحيق قوت
أسرته ليحافظ على كونه طبيعيا وليس للمتعة والتخدير.
إن وضع المناطق المحتلة الاجتماعي والسياسي والاقتصادي يشكل بيئة صالحة لانتشار المخدرات وللإدمان،
فقد زاد تعاطي المخدرات زيادة هائلة في فترة ما بعد الحرب وذلك للأسباب التالية:
١- هروب البالغين من مشاكلهم الخاصة والعامة، بسبب الأوضاع السياسية غير المستقرة، والاقتصادية
المتدهورة، والمعاناة التي يعاني منها أرباب الأسر المحدودة الدخل والثقافة، لذا يلجأ الكثير منهم
للمخدرات بغية تناسي هذا الواقع....ولكنهم في الحقيقة يضاعفون هذه المشاكل.
٢- انحراف بعض الشباب والمراهقين دون وعي منهم، كي يهربوا من حاجز مظلم ومستقبل حالك،
وغالبا ما يبدؤون بتعاطي الحشيش، وهو من المخدرات الحقيقية، والتي تكمن خطورتها في أنها
تؤدي إلى الهلوسة وعدم السيطرة على التصرفات، والانحراف والاستعداد النفسي للإجرام، هذا من
ناحية، ومن ناحية أخرى فإن تعاطيها يؤدي في النهاية لتعاطي المخدرات القوية التي تسبب الإدمان.
٣- العمل في إسرائيل والاعتماد عليه كدخل للطبقة العاملة وغالبيتهم من الشباب، مما يجعل هذه الفئة
تتأثر بالمجتمع الإسرائيلي الذي يعاني كالمجتمعات الغربية من تفشي المخدرات، ولعل الإ باحية
وتوفر وسائل الترفيه وسهولة ممارستها والحصول عليها في إسرائيل والتمتع بما هو محرم منه في
مجتمعنا، كل هذه الأمور تدفعه إلى الإقبال عليها بنهم.
٤- الربح الوفير الذي تدره تجارة المخدرات في وضع اقتصادي بما يشجع الكثير على ممارستها ودفع
المخدرات إلى المستهلكين.
٥- موضع قطاع غزة الاستراتيجي بين مصر، البلد المستهلك للمخدرات، وإسرائيل التي تعاني من
انتشار المخدرات جعلها مكانا مناسبا للتخزين وعقد الصفقات، عدا عن كون القطاع شريطا رفيعا
على شاطئ البحر، يجعل التهريب وتواجد المخدرات في القطاع أمرا سهلا.
٦- العقوبة غير الرادعة التي يفرضها الحكم العسكري على مهربي المخدرات والمتاجرين بها.
٧- انعدام وجود مركز صحة لعلاج المدمنين وإرشاد المواطنين.
٨- السبب الأهم والأخير وهو غياب السلطة الوطنية الرادعة التي تتبنى التوعية الجماهيرية وتهتم
بأوضاع المدمنين الصحية والاجتماعية، يتضح لنا مدى خطورة ظاهرة انتشار المخدرات وإن لم
تصل بعد في القطاع والضفة إلى مرحلة الشيوع.
رسالة النجاح، العدد 18 ، كانون الثاني ١٩٨٤
٩- الاحتلال
إن الاستعمار كما هو واضح في كثير من الدول التي وقعت تحت براثنه، كان يسعى جاهدا لنشر
المخدر وغيره من المخدرات الأخرى، بغية تحقق ضعف واستكانة وتخلف في الشعب المغلوب على
أمره بحيث لا تسمح حالة هذا الشعب أن ينتفض لمقاومته والتحرر من ربقته.
والاستعمار إنما يتبع هذا الأسلوب كي يظل الشعب في غفلة التخدير وأوهامه، ويترك لهم الحبل على
الغارب في استغلالهم والإثراء على حسابهم، ولعل الأمثلة على ذلك ليست بعيدة، فالصين كانت تعاني
من انتشار المخدرات بين طبقات الشعب المختلفة انتشارا مخيفا، وكان لذلك اثر سيء على معنويات
الشعب وكافة إمكانياته العقلية والمادية، وقد كان للاستعمار الدور الأول في انتشار هذا المخدر،
لدرجة إن الأمر قد وصل إلى قيام الحرب بين الشعب الصيني من ناحية، وبين الاستعمار وتجار
الأفيون من ناحية أخرى، وعرفت تلك الحرب باسم "حرب الأفيون".
ونحن بعد ذلك نستطيع أن نقول: "إن الاستعمار وانتشار المخدرات ليس وليد الصدفة، بل في الغالب
إن الاستعمار يرتبط كحكم تسلطي تخريبي بانتشار المخدرات كنتيجة، ومظهر من مظاهر هذا
التخريب الاستعماري".
وهكذا تبدو ظاهرة تعاطي المخدرات مشكلة ليست فردية كما تبدو، ومن ناحية أخرى مشكلة معقدة متشابكة،
متعددة الجوانب لكل جانب منها خطورته على حياة الفرد ومعنوياته، وتوافقه مع نفسه ومع غيره من الناس،
ولكل منها خطورته بالنسبة لمجموع الشعب وتقدمه.
ولهذا وجب العمل بقدر الإمكان لمنع هذا الانتشار لأن اشد ما يخيف أن يجيء يوم نرى فيه شبابنا أمل الغد
ورصيد المستقبل والذين نعتمد عليهم لتحقيق ما لم نستطع تحقيقه، يتعاطون الحبوب المخدرة في مدرسة أو
زقاق أو مقبرة، أو ترى طلابنا الذين نفتخر بهم يجوبون الشوارع بعقول شاردة وأجساد هزيلة وعيون صفراء
باهتة يحدوهم الانحلال الخلقي والاجتماعي بتأثير المخدرات وفتياتنا يتاجرن بأجسادهن للحصول على القوت
لأن من يعيلهن "هو مدمن مخدرات".
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس