أرسل لي سعادة المشرف العام رسالة بالجوال يقول :
كلمة ولو جبر خاطر ، والا سلام من بعيد . فلم أفهم قصده فكلمت الحاج سلام وسألته عن تفسيرها ، فقال : أظنه يقصد المقداد . فهرولت نحو المنتدى ، فإذا المقداد حاضر ، يخطب في القوم ويعظهم ويذكرهم بالأيام الخوالي ، وابن أبي محمد أمامه يذرف الدموع . وقد ظهر لي من هذا الخطاب ان المقداد كرف كثيرا ، وخصوصا في جمع البرشومي ، لكن واضح جدا أن الرجل كان مترفا على نحو ما ، وأن المقداد الأكبر كان يغذيه جيدا فالمحشي والسنبوسة والكنافة ما كنت أحلم بها في تلك الأيام ، بل لو سؤلت عنها لما عرفتها ، ولما عرفت الفرق بين المحشي والحاشي ، ولا بين الكنافة ونحوها مما يشبهها ، وان كنت بحمد الله لم أكلف بجمع البرشومي ، لكن أظن ان جمع البرشومي مع المحشي والكنافة والسنبوسة خيار جيد ، وأجود منه أن شيئا من الرجعة سيؤول لجيبي ، هذا ترف كبير .
أما الحارث فالخيارات أمامه كانت قليلة جدا ، أهمها الشرغوف المدهون بقليل من السمن وقليل من السكر احيانا . مع شربه من طحين القمح مع بصل وطماطم ان وجدت ، ولا أذكر أنه خالطها لحم قط ، إلا أن تكون الكشنة من الكشو . أما السحور فالغالب أرز باللبن ، وأحيانا بالعدس ، وأحيانا سويق وهو أقصى الترف .مع ملاحظة أن القرص مع الشاي يمشي الحال أحيانا .
أما الذكريات الرمضانية في الديرة فكثيرة جدا ( عشت في الديرة خمسة عشر عاما ) أهمها صلاة التراويح التي نذهب لها في القرية على مسافة ليست قريبة . ومنها أننا كنا في عودتنا من المدرسة نحاول أن نطيل البقاء في الطريق لنقضي الوقت ، فلا نعود أحيانا إلا بعد العصر . واذكر اننا نجتمع حول مسجد صغير أمام منزل الشيخ عبدالله بن عبيدالله رحمه الله ، ثم نطوف حول المسجد على هيئة الطواف حول الكعبة ، ومعنا مطوفون يدعون بصوت عال ، ونحن نردد خلفهم ، ونبقى على هذا الحال زمنا طويلا ، لا لشيء سوى إضاعة الوقت ، اللهم إني أسألك أن تغفر لنا هذه الشركيات ، وأسألك أن تغفر لكل عزيز علينا فقدناه
وترحمه برحمتك وتنزله الفردوس الأعلى . اللهم آمين .