مَنْ يفهم مناهج التربية والتعليم؟
عملت وزارة التربية والتعليم على تطوير المناهج، وألزمت التدرب والتدريب عليها، وقد يكون غاب عنها تضاؤل المعرفة بتنقلها من الأعلى للأدنى؛ فمن ينقل وصفاً لطريق لشخص آخر، قد يحفظ ما سمعه لفظاً، فإنه عند التطبيق تجد أن ذلك الشخص يتوه أو يحتاج إلى المساعدة. وهذا مصداق لنظرية أن المعرفة إذا أُلقيت نظرياً فُهِم منها 20%، وإذا أُلقيت مع تطبيق مفترض تصل المعرفة إلى 25% للمتلقي، وعندما ترتفع إلى إلقاء وتطبيق وتغذية راجعة ترتفع إلى 30%، وعند التطبيق المباشر في واقع حقيقي صحيح ترتفع إلى ما فوق 50%.
المناهج الجديدة في وزارة التربية والتعليم، خاصة العلوم والرياضيات، جميلة، ولعل الأجمل طباعتها الفاخرة.
ولكن مَنْ يقود السيارة بعد صُنْعها، وسائقها لم يتعلم القيادة؟؟
الوزارة تقول نُدرِّب مركزياً ثم على مستوى الإدارات ثم المعلمين!
حسب علمي فإن ما يتحصل عليه المعلمون من المعرفة لا يمثل 20% لمعرفة المنهج الجديد! لأن من دربهم من المشرفين التربويين لم يحصلوا إلا على 40% من المعرفة الكاملة، ولو سلمنا بذلك فكم نسبة المعرفة التي ستصل للطالب؟ يمكن أن تكون 10%!
إلا إذا كان هناك جهود ذاتية للمعلِّم؟
هنا حلقة مفقودة تُسبِّب هدر جميع الجهود في تطوير المناهج.
أدعو قيادات وزارة التربية والتعليم للاطلاع على التقارير الميدانية، أو النزول – مشكورين - للفصول الدراسية والتعرُّف على مستوى تحصيل الطلاب ومن ثم الحُكْم على جهود تطوير المناهج.
أعود إلى أبرز أهداف المناهج الجديدة، وهي:
أن تنمي عند الطالب مهارة التفكير الناقد..
وهذا جيد، لكن إذا كان بعض المعلمين ينقل المعرفة مكتملة لعقل الطالب أو ملخصة أو مقتضبة أو مختلة، وقد لا ينقل معرفة أصلاً!! فأين الخلل؟؟
طوَّرت الوزارة المناهج فأضافت الجامعات السنة التحضيرية!!
وطوَّرت الوزارة المناهج وأُقر اختبار قياس لقدرات الطالب!
وطوَّرت المناهج وقَلّ القبول المستند إلى المعدل المئوي للطالب في الجامعات؟
وهذا سبب الورطة التي حلَّت بالوزارة ومنسوبيها.. فمَنْ يُنقذ الوزارة في منتديات المجتمع والإعلام وغيرهما!
إذا كان مقياس الجودة المنتج النهائي فكيف هو الطالب في جودة تحصيله للمعرفة والتعامل معها، وهو المنتج النهائي لوزارة التربية والتعليم؟
كنت في حفل مدرسة ثانوية، وقد تمت دعوة عدد من التربويين ولاعبي أندية مشهورة لحفل لأيتام..
فلما دخل التربويون لم يصفِّق من الطلاب إلا نزر يسير.. وعندما دخل لاعبو الكرة ضجت الصالة و"تصمخت" الآذان لصفيرهم وتصفيقهم!! فقال زميلي: كيف هذا؟ أهكذا يكرَّم المعلم؟ ولماذا يُستقبل اللاعبون بحرارة؟ قلتُ: بل هم محقون في تحيتهم للاعبين!! لأننا قصرنا معهم في إمتاعهم بالمعرفة، وحقق اللاعبون إمتاع وإشباع المشاهد بلعبهم الكرة..
فيا ليت وزارة التربية تقلب الهرم مرة واحدة في بعض قراراتها، وتنزل للميدان واهتمام المجتمع، وتأخذ بأهم المهارات التي يحتاج إليها الطلاب، ومن ثَمَّ تضع المناهج وفقاً لذلك.. وتدخل الفصل، وتتعرف على هموم المعلِّم الفنية، وتعمل على توفيرها، ومن ثَمَّ تطالب المعلِّم بما تريد..
لتجرب ولو على عشر مدارس، ولتنظر ماذا ترى؟..
خالد بن محمد الشبانة