عرض مشاركة واحدة
قديم 11-22-2011   رقم المشاركة : ( 9 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: التربية والتعليم ليوم الثلاثاء 26-12

عودة إلى رحاب التربية

محمد بن أحمد الرشيد
بعدما جرفني في الأسابيع الماضية من حزن - لايزال يحيط بي - بوفاة حبيبين إلى نفسي، ففي ذات الأسبوع الذي لقي فيه سلطان الجود والعطاء، سلطان الحنكة والريادة ربه، وودعته دعوات الملايين إلى رب كريم. وجوار للصالحين - بإذن الله تعالى - سادني مزيد من الحزن الموجع والأسى المبرح بفقدان حبيبتي أمي - رحمها الله وأسكنها فسيح جناته - وكانت عن ذلك الألم مقالات في الأسابيع الثلاثة الماضية.
لكن الحياة لا تتوقف بموت الأحباب، والدنيا لا تنتهي بانتهاء عمر الأعزاء.. لذا أعود اليوم إلى رحاب شؤوننا العامة، وما يثار فيها من قضايا وآراء.




تعلم اللغة الثانية مبكراً - طبقاً للحقائق العلمية الثابتة - أجدى كثيراً من تعلمها متأخراً، وجاء في إفادة أحد هؤلاء الباحثين تشبيه جميل مفاده (ان ذهن الصغير كقطعة الاسفنج يمتص كل ما يوضع فيه، وكلما كبر تصلب وقل (امتصاصه) وكذا يقول المثل العربي (التعليم في الصغر كالنقش على الحجر).





* * * *
إن العام الدراسي الحالي - الذي نحن فيه - يختلف كثيراً عن سابقيه من الأعوام. إذ إن التطوير والتحديث قد بدأ عملياً تطبيقهما في المدارس - وذلك ما صرح به كبار مسؤولي الوزارة بحكم أن مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام والذي رصدت له منذ عدة سنوات تسعة مليارات من الريالات قد بدأ عطاؤه - ما سوف يؤتي - بإذن الله - ثماره المرجوة، ومن ذلك الذي أثلج صدري قرار مجلس الوزراء (الذي صدر في نهاية شهر جمادى الأولى ١٤٣٢ه) والقاضي بإدخال تعليم اللغة الإنجليزية لغة مهارة في المرحلة الابتدائية بدءاً من الصف الرابع الابتدائي، على ان ينظر فيما بعد في ان يبدأ تعلمها من الصف الأول الابتدائي.
* * * *
لقد أعاد لي ذلك القرار الحكيم أحداث اللقاء المهم في مدينة أبها في العام ١٤١٨ه الذي شارك فيه عدد كبير من قادة العمل التربوي، ومعهم نخبة من المثقفين من خارج الميدان التربوي، وأحد خبراء البنك الدولي (من واشنطن)، وكان محور ذلك اللقاء الكبير هو تطوير التعليم العام في بلادنا، وأخذ إدخال اللغة الإنجليزية في السنين الأولى من المرحلة الدراسية جانباً كبيراً من نقاش الحاضرين - بوصف ذلك عنصراً مهماً من عناصر التطوير - وتبين للمجتمعين ضرورة تمكين الطلاب من اللغة الإنجليزية بحكم أنها لغة التقنية التي لا غنى عنها اليوم، وأن السبيل الوحيد للتمكّن منها هو التبكير في تعلمها، إذ ثبت علمياً أنه كلما بكّرت في تعلم لغة ثانية غير لغتك الأم تمكنت من إجادتها، شريطة الا يؤثر في التركيز على تعلم اللغة الأم وإجادتها وتعليم كافة المواد بها.
* * * *
وتبين من أوراق العمل والإحصاءات التي قدمت في هذا الشأن ومن تجارب الدول الأخرى ان تعلم اللغة الثانية - بوصفها مهارة من المهارات - لا يؤثر سلباً في جودة مستوى اللغة الوطنية.
ثم عُرضت هذه النتائج على اجتماع عام في جدة، حضره كل مديري التعليم وجمع من المشرفين التربويين، ووافق الجميع - آنذاك - على ضرورة تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية .. ذلك الأمر الذي نال كريم موافقة خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في حينه، وتوج بقرار الموافقة من مجلس الوزراء الذي رأسه هو حفظه الله.
* * * *
وإثر ذلك القرار بدأت الخطوات التنفيذية بإرسال وفود للتعاقد مع معلمين من أبناء البلدان التي تتحدث بالإنجليزية المتخصصين في تعليمها لغة ثانية، غير أنه بعد ان شاع هذا الخبر، وعرف عنه الناس كثرت الاعتراضات المتوالية من أطياف عدة في المجتمع، خشية أن يؤثر ذلك في مستوى تحصيل الصغار في اللغة العربية، ومع ما تم نشره من طمأنة الناس على سلامة الحفاظ على مكانة اللغة العربية إلاّ ان ذلك لم يخفف من وطأة المعارضات العامة فصدر التوجيه السامي بالتريث في تطبيق هذا القرار.
* * * *
وقضت المصلحة تشكيل فريق علمي أكاديمي آخر من الأكاديميين المختصين في التربية وعلم النفس وعلم اللغات من مختلف جامعات المملكة لدراسة هذا الأمر ورأس الفريق الدكتور عبدالعزيز الدخيل مدير جامعة الملك فهد بالظهران - آنذاك - وقام هذا الفريق بدراسات مسحية واسعة شملت العديد من مناطق العالم وسجلوا تجارب كل دولة، وخرجوا بنتائج أهمها:
١- أن تعلم اللغة الثانية مبكراً - طبقاً للحقائق العلمية الثابتة - أجدى كثيراً من تعلمها متأخراً، وجاء في إفادة أحد هؤلاء الباحثين تشبيه جميل مفاده (ان ذهن الصغير كقطعة الاسفنج يمتص كل ما يوضع فيه، وكلما كبر تصلب وقل (امتصاصه) وكذا يقول المثل العربي (التعليم في الصغر كالنقش على الحجر).
٢- ثبت علمياً أن اللغة الإنجليزية هي لغة التقنية ووسائط الاتصال السائدة عالمياً، ولا سبيل لامتلاك تطور التقنية إلاّ بلغتها.
٣- أن اللغة الثانية وتعلمها وليس التعليم بها لا أثر له سلبياً على اللغة الأم.
ومع أن هذا التقرير - الذي تم آنذاك - واضح وجلي إلاّ أنه تقرر أن يكون التطبيق تدريجياً من الصف السادس الابتدائي، على ان تتوسع وزارة التربية والتعليم في تعميمه من الصفوف الأولى لاحقاً.
* * * *
واليوم سعادتي بهذا القرار الذي صدر بتعليم الإنجليزية من الصف الرابع سعادة حقيقية كبيرة، وخطوة تقود - إن شاء الله - إلى اكتمال المسيرة التطويرية، وعسى أن توفق الوزارة في استقدام معلمين للإنجليزية من المتحدثين بها، والعارفين بأصول تعليمها لغة ثانية، وعسى ألا يصطدم تحقيق هذا القرار بالمعوقين ورافضي التطوير.
* * * *
وفي هذه المناسبة أؤكد أنه لا يجوز - بأي حال من الأحوال - سماح الجهات المسؤولة عن نظام التعليم وسياساته للمدارس أن تكون لغة التعليم في مراحل التعليم العام عندنا لغة غير اللغة العربية، وأنه مما يؤسفني أن أرى هذا الاندفاع من المواطنين في إلحاق أولادهم بالمدارس التي تعلّم بغير العربية، دون إدراك منهم لمخاطر هذا الأمر الذي يسبب قلقاً دائماً عند ذوي الانتماء الوطني المخلص.
مرحباً بالإنجليزية لغة مهارة لا لغة تعليم.. ويا قوم: إنكم أعزاء بلغتكم العربية الخالدة، فلا تضيعوا عزتكم، ولا تجنوا على أولادكم بحرمانهم من التمكن من هذه الثروة التي لا مثيل لها، ولا بديل عنها.
* * * *
وفقنا الله جميعاً إلى الخير والصواب والأخذ بأسباب القوة مهما غلا ثمنها، اللهم اجعل صدورنا سليمة معافاة، وأمدنا يا ربنا بتأييد من عندك وتسديد.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس