السلام عليكم ورحمة الله
هذه الحلقة ما قبل الأخيرة من خطاب البهائم والطيور ونحوهما . وهو آخر ما عرفته من خطاب البهائم مما وجدت النص عليه في كتب اللغة أو حاولت أن أبحث له عن أصل مقبول ، وتبقى لدي كلمات لم أجد لها أصلا سأسردها الأسبوع القادم ، وأتمنى عليكم أن تجمعوا في أذهانكم كل ما عرفتموه من هذه الألفاظ مما لم يذكر في هذه الحلقات ، مع البحث عن أصله إن أمكن ، لعل الحلقة القادمة تكون خاتمة لهذا الجانب اللطيف من اللغة .
تقول ثمالة : ( سِك ) للعنز إذا أرادت أن تزجرها .
وتقول ( تَوْ تَوْ ) للتيس لزجره .
وتقول : ( ينقِّض ) . والاسم : ( نقيض ) وهو صوت يخرج من طرف الفم كصوت الوزغ ، وهو لزجر الحمار وحثه على السير . أو للمعزى لدعائها .
وتقول : ( يتربس ) أو : ( يطربس ) للغنم ، أي : يدعوها للشرب ، وهو أيضاً صوت من الفم ، بأ ن يغلق شفتيه ، ثم يخرج الهواء من بينهما بقوة ، بحيث تتحرك الشفتان مضطربة محدثة صوتاً .
قلت : هذا صحيح منقول أو له أصل ، فقولهم : ( سِك ) للعنز لم أجد من نص عليه ، لكن قال ابن عَبّادٍ في المحيط : وأيْنَ تَسُكُّ ؟ أي : تَذْهَبُ ، وسَكَّ في الأرْض : سَكَعَ . والانْسِكاكُ في القَطا : هو أنْ يَنْسَكَّ على وُجُوْهِه ويُصَوَّبَ صدُوْرَه بَعْدَ التَّحْلِيْقَ . وانْسَكّتِ الإِبلُ : مَضَتْ على وَجْهِها .
فلعلها أخذت من هذا المعنى ، فكأنهم يدعونها بأن تسك في الأرض وتمضي على وجهها .
أما ( تَو تَو) للتيس ، فلم أعثر عليها بهذا اللفظ والمعنى أيضاً ، لكن في كتب اللغة : تَأْتَأَ التَّيْسُ عند السفاد : ليَنْزُوَ .
قال في اللسان : التأتأة : دُعاء الحِطّانِ إِلى العَسْبِ ( الحِطّانُ هو التَّيْسُ ) .
قلت : ثمالة تقول ( تو تو ) للتيس لزجره ، وكتب اللغة نقلت : ( تأ تأ ) لحكاية صوته .
أما ( النقيض ) للحمار أو المعز ، فهو صحيح ووارد في كتب اللغة ، قال في اللسان : وأَنْقض بالدابة : أَلصقَ لسانه بالغار الأَعلى ، ثم صوَّت في حافتيه من غير أَن يرفع طَرفه عن موضعه .
وقال الكسائي: أَنْقَضْتُ بالعنزِ إِنْقاضاً إِذا دعوتها . وقال الأَصمعي : يقال أَنْقَضْتُ بالعَيْر والفرس .
وفي حديث هوازِنَ : فأَنْقَضَ به دُرَيْد ، أَي : نَقَرَ بلسانه في فيه كما يُزْجَرُ الحِمار ، فَعَله اسْتجهالاً .
قال ابن منظور : والنَّقِيضُ من اَلأَصْواتِ يكون : لِمفاصل الإِنسانِ ، والفَرارِيجِ ، والعَقْرَبِ ، والضِّفْدَعِ ، والعُقابِ ، والنَّعامِ ، والسُّمانى ، والبازِي ، والوبْرِ ، والوزَغ .
أما ( يطربس أو يتربس ) فأصلها في اللغة ( يطرطب ) قال في التاج : طَّرْطَبَةُ : صَوْتُ الحَالِبِ للمَعِزِ يُسَكِّنُهَا بِشَفَتَيْه ، وقيل : دُعَاؤُهَا بِشَفَتَيْه . وعن أَبي زيد : طَرْطَبَ بالنَّعْجَة طَرْطَبَةً : دَعَاهَا . وطَرْطَب الحَالِبُ بالمِعْزَى إِذَا دَعَاها ونقل الأَزْهَريّ قول الشاعِر :
إذَا رَآنِي قد أَتيتُ قَرْطَبَا ... وجَالَ في جِحَاشِه وطَرْطَبَا
قال : الطَّرْطَبَةُ : دعُاءُ الحُمُر . وقَالَ غيره : الطَّرْطَبَةُ : الصَّفِيرُ بالشَّفَتَيْن للضأْنِ . وفي حَدِيثِ الحَسَن وقَدْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ الحَجَّاجِ فَقَالَ : دَخَلَتُ على أُحَيْوِلٍ يُطَرْطِبُ شُعَيْرَاتٍ لَهُ . يريد يَنْفُخُ بِشَفَتَيْهِ في شَارِبِه غَيْظاً وكِبْرا .
ومن معاني الطرطب كما في التاج قال : وامْرأَةٌ طُرْطُبَّة : مُسْتَرْخِيَةُ الثَّدْيَيْنِ ، وأَنْشَدَ :
أُفٍّ لِتِلْكَ الدِّلْقِمِ الهِرْدَبَّهْ
العَنْقَفِيرِ الجَلْبَحِ الطُّرْطُبَّهْ