بسم الله الرحمن الرحيم
تقول ثمالة : ( فلان ما يسطا ) أي : يخاف . ومنه : ( فلان عنده سطوه ) أي :
لا يخاف . والفاعل : ( ساطي ) .
وتقول : ( مرّ فلان يفد فديداً ) أي : مسرعاً صوت مشيه على الأرض مسموع .
ومنه قولهم : ( انفدّ فلان من عندنا ) أي : ذهب مسرعاً .
وتقول : ( جاء فلان له فديد ) أو ( جاء يتفدد ) أي : صوته عال ، وهو غضبان يتوعد بشر .
قلت : لعل ( يسطا ) أصلها ( يسطو ) من : سطا عليه وبه سطواً وسطوة ،
قال في المحكم : صال . وفي التهذيب : سطا على فلان : تطاول . أو قهر بالبطش .
وفي المفردات للراغب : السطو : البطش برفع اليد . فإذا كان السطو هو القهر
والبطش والتطاول ، فالذي يسطو هو القوي القادر غير الخائف ، أما الخائف فلا يسطو ؛
لعجزه عنه . لذا وصفوا غير الساطي بالخائف . وهذا لعله كان في زمن السلب والنهب
وتحكيم القوة ، فالذي يسطو شجاع ، ومن لا يسطو خائف . ثم توسعوا في ذلك حتى وصفوا
كل خائف بأنه لا يسطو .
أما ( الفديد ) فصحيحة ، قال في التاج : الفَدِيدُ : رَفْعُ الصَّوْتِ ، أو شدَّتُهُ أَو الصَّوتُ بنفْسِه ،
أو صَوْتُ عَدْوِ الشَّاةِ ، أَو صَوتُ عَدْوِها مع رُعَاتِها وحُدَاتِها . وفي اللسان : وفَدْفَدَ :
إذا عدا هارباً من سبع أَو عدوّ ، وفي حديث أَبي هريرة أَنه رأَى رجلين يُسْرِعانِ في الصلاة فقال :
ما لكما تَفِدَّانِ فَدِيدَ الجمل ؟
وفيه التاج : والفَدَّادُ : الشَّدِيدُ الوَطِءْ ، فَدَّ يَفِدُّ فَدّاً وفَدِيداً : اشتَدَّ وَطْؤُه فَوقَ الأَرضِ
مَرَحاً ونَشاطاً . ً وفي حديث : أَنَّ الأَرضَ إذا دُفِنَ فيها الإنسانُ قالت له : رُبما مَشَيْتَ
علي فَدَّاداً ذا مالٍ كَثيرٍ ذا أَملٍ كَبِيرٍ وذا خُيْلاَءَ وسَعْي دائم . وقد فسر ابنُ الأَعْرَابِيّ الفداد
بقوله : فَدَّدَ الرجلُ إذا مَشَى على الأَرض كِبْراً وبَطَراً . أما أبو الحجاج الثمالي ( وهو صحابي )
فقد روى الحديث وفسر الفداد ، وذلك في الحديث الذي رواه عنه ابن أخيه عبدالرحمن بن عائذ الثمالي
( من كبار التابعين ) فقد روى أبو يعلى وغيره بسنده عن عبد الرحمن بن عائذ الثمالي ،
عن عمه أبي الحجاج الثمالي ، قَالَ : قَالَ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلم : " يقول
القبر للميت حين يوضع فِيهِ : ويحك ابن آدم ، ما غرك بي ؟ ألم تكن تعلم أني بيت الفتنة
وبيت الظلمة ، ما غرك بي إذ كنت تمر بي فدادا ؟ .... الحديث " . قَالَ ابن عائذ : فقلت :
يا أبا الحجاج ، ما الفداد ؟ قَالَ : الَّذِي يقدم رجلا ويؤخر أخرى ، كمشيتك يا ابن أخي أحياناً ،
وابن عائذ يومئذ يلبس ويتهيأ .