سحب الكرسي ودخل إلى بوابة خلفه وتركني قائما . حاولت أن أفتح هاتفيولكنه لا يلتقط أية أرسال . أحسست بالكآبة بالفعل أخذت بجريرة غيري ورأيت وسمعت منسوء الخلق مالم أسمع به من قبل . بعد ربع ساعة فتح الباب الداخلي ودخل منه ثلاثةرجال يحملون أوراقي الثبوتية . تلى أحدهم اسمي الرباعي المكتوب في جواز سفري، ضحكوقال: حتى الأسماء لديكم فائض فيها وضحك الأثنان الآخران .
قال أحدهم متهكما : أنه البترول يحصلون به على كل شيء حتى أسمائهم . فتعالى ضحكهم .
قلت : إنما أنا ضيف لديكم وليست هذه من شيم العرب مع ضيوفهم .
فصرخ أحدهم ضاحكاقائلا: ضيف!!!
إنما أنت ضيف البترول، أرني مامعك من نقود . قال آخر نقودهمعطرة بريحة البترول . وضحك الثلاثة بصوت عال .
ثما أعادوا عليّ مارواهصاحبهم السابق من رواية البدو الرحل الذين وجدوا البترول وتحولوا إلى أصحاب ثروةبين عشية وضحاها وهم لا يتجاوزون "فرسن شاة" .
قلت : أنا لا يعنيني شيء منهذا القول أنا قادم لهذه البلاد لأمر ما وليس لي هم في الجدليات ووجهات النظرالمتباينة ولا ضغائن النفوس .
صمت الجميع ثم أردف أحدهم أنت وصاحبك أثرتمبلبلة في الطائرة وكنتم خطرأ على الطائرة والركاب وأعتديتم على الطاقم وهذا مثبتلدينا في التقرير الذي استلمناه من الطاقم .
قلت : لدي مايثبت عكس هذاالتقرير وكافة الركاب يشهدون على ذلك .
قال كيف ؟قلت : أولا الرجلليس بصاحبي وليس لي به علاقة لا من بعيد ولا من قريب ولم أفعل ما يخالف القوانينالمتبعة في وسائل السفر.
ثانيا : الرجل من دولة وأنا من دولة أخرى . وفيحالة ما بحثتم في أوراقنا الثبوتية ستعلمون بأني لم أقل إلا الحقيقة .
وكلمافي الأمر أنه أستبدل مقعده بالمقعد الذي بجواري الذي كان صاحبته امرأة من "انيوزيلندا" وأوراق صعود الطائرة تثبت ذلك وليس لي يد في ما حصل من طرفه فيالطائرة .
تناول الرجل جهاز نداء في حزامه وتحدث مع طرف آخر بلغة : "فرنكفونية" .
سحب أوراقي من على الطاولة التي أمامه وخرج فيما بقي الأثنانيتهامزان ويتلامزان:
بكلام تفوح منه رائحة الحقد ؛ حول الصحراء والبدو الرحلوالبترول .
حتى أنا ملأوني حقدا مثلم .
طلبت ماء . قال أحدهم أشرب منالبترول فضحك الثاني .
ساويت حقيبتي على الأرض وافترشتها بعد ما فقدتالأحساس في مفاصلي من طول الوقوف .
قال أحدهم : لصاحبه بكلام لم أفهم منهإلا أنه شبهني بأحد الدواب . فضحك الثاني مِلئ شدقيه .
دخل الرجل الذي خرجقبل قليل وقال تعال معي .
تبعته على غير هدى . فيما قادني إلى مصعد صعد بناوعندما فتح وجدت أننا في القسم الأعلى من المطار .
وسار بنا إلى باب صغيرعندما فتحه فإذا بمكتب صغير يجلس خلفه رجل يحمل رتبة عسكرية . سلّمت فلم يرد السلاموضع الرجل الذي معي أوراقي أمامه على المكتب . تناول الأوراق وقرأ اسمي وطابقه معمافي ورقة الطائرة . حدجني بنظره ثم ناولني أوراقي . وأشار إلى الرجل أن يخلي سبيلي .
شكرته فلم يرد على شكري .
خرجت مع الرجل الذي أتى بي وأشار إلىمنفذ الجوزات الذي كانت علامته بائنة ولم يعتذر عن أي شيء . لا يهم ذلك عندي بقدرما يهم الخروج من بؤرة الحقد التي ملأوني بها .
وصلت إلى موظف الجوازات الذيماطل معي ولم أهتد له على قصد حتى قال لي صراحة لِمَ ماتكرمنا ؟ اندهشت في البدايةثم قلت إنني لا أمتلك إلا شيكات سياحية وبطاقة صرف . عبس في وجهي وأنجز معاملةدخولي .
خرجت إلى ساحة الحقائب وجدت حقيبتي مرمية في آخر "السيب" لكثر مامرت به ولم يلتقطها أحد .
التزمت دوري في طابور التفتيش حتى وصلت إلى المفتش . كان يرمقني بنظرات غريبة ويتمتم ببعض الكلام الذي لم أفهمه أخذني على جنب وفتشالحقيبة وحتى التي في يدي قام بتفتيشها هي الأخرى وقال لي انتظر .
ذهب يفتشالأخرين ويمررهم بكل يسر . لاحظت أن أصحاب البشرة الشقراء والعيون الزرق يتوددونلهم ويمررونهم قبل غيرهم !.
وبعد ربع ساعة رجع لي وأعاد التفتيش في حقيبتي ! قلت يا أخي لِمَ كل هذا التعطيل ؟.
قال بنبرة جافة : أنت من يريد التعطيل أكرم أتعابنا نكرمك . تحاقرته ودسيت يدي في جيب قميصي وناولته دولارات لا أعلمعددها حتى الساعة.
تـمّـت