[رويعي الغنم]

الدليل الأول على عدم صحة شائعة النقش ..
بسم الله الرحمن الرحيم
عاد هيكل رحمه الله من حجه عام 1936م والف كتابه في منزل الوحي , وما من شك فأن من كان في قامة هيكل ستكون كتاباته مادة مغرية ومائدة عريضة يحرص على الأطلاع عليها قبل حرص العامة وكالات وجهات عديدة , وكل جهة تغترف منها مبتغاها , والمؤسسات العلمية واحدة من تلك الجهات ..
الجهات المهتمة بالآثار والنقوش ومراحل تطور الخط العربي رصدت الكتاب فور صدوره وحددت اهدافها بعد أن وجدت على مائدة هيكل بضاعة تستميل هواها وتحقق شيئا من مبتغاها , فقد جاء في كتابه حديث عن سد اثري عظيم في ناحية من نواحي الطائف وعليه نقش حجري قديم لا يكاد يتضح ووو...الخ ..
وبما أن هيكلا في هذا المجال لا يزيد عن كونه ناقل خبر او راويا وقصاصا اتي بنبأ اكتنفه الغموض ونقصه التوثيق والتحقيق , فالمادة العلمية اذا مغرية وتستحق شد الرحال اليها طالما انها لا زالت في طورها الخام ولم تحقق بعد , وكان من اوائل من تحرك لسد هذا الفراغ عالم ومستشرق ايطالي كبير على علاقة ومعرفة بهيكل ومصر ومؤسساتها الحكومية والعلميه وكان من طلابه في الجامعة بعض من اعلامها مثل عميد الأدب العربي طه حسين وغيره , وهو المستشرق كارلو ألفونسو نَلِّينُو Carlo Alfonso Nallino
ففي شتاء 1937 زار مصر زيارته المعتادة من أجل حضور جلسات المجمع اللغوي. فلما انتهت الدورة سافر إلى السعودية وظل زمناً بمدينة جدة، حيث استطاع أن يزور بعض الأجزاء الداخلية مثل الطائف، واصطحب معه في هذه الرحلة ابنته الآنسة ماريّا. وكانت الرحلة موفقة استطاع في أثنائها مقابلة الملك والاتصال بالشخصيات السياسية الكبرى في السعودية. واستطاع أن يدرس عن قرب الكثير عن هذه البلاد من جميع نواحيها.. وبدأ في كتابة بحثه عن هذه الرحلة في كتاب ضمنه رحلته من جدة إلى ما بعد الطائف , ولكن الموت عاجله قبل أن يتم القسمين الثاني والثالث الخاصين بالحياة الدينية الثقافية في الحجاز وجدة وما حولها ورحلته من جدة إلى ما بعد الطائف .
وهذا الكتاب عنيت به وتولت الأشراف على طبعه بعد وفاته ابنته الآنسة ماريا ، فظهر في عام 1939م كأول مجلد من «مجموعة مؤلفات نلينو المنشورة وغير المنشورة» وهي التي يشرف «معهد الشرق» على طبعها وإخراجها. والقسم الأول منه كتبه نلينو نفسه كما ذكرنا، أما القسمان الثاني والثالث فقد حررتهما الآنسة ماريّا اعتماداً على التعليقات والمواد التي تركها والدها، أو التي اشتركت هي في جمعها وكتابتها.

فمن أذا هو هذا العالم ؟ , ومن هي أبنته التي اكملت طبع كتاب والدها تحت أشراف معهد الشروق الأيطالي؟ , وما نتيجة تقريره عن النقش المزعوم ؟ ,

أما ابنته فأنها العالمة والمستشرقه الأيطاليه , ماريّا نلّينو (Maria Nallino) ( 1325 - 1394 ه‍ / 1908 - 1974 م ) تمرست على يد والدها , ولها اهتمام واسع بالأدب والشعر الجاهلي الذي ترجمت بعضا من قصائده إلى اللغة الأيطاليه ...
http://www.husseinalsader.org/inp/Up...o%20nalino.png
أما العالم فأنه , كارلو ألفونسو نَلِّينُو (Carlo Alfonso Nallino) (1288 - 1357 هـ / 1872 - 1938 م) وهو ايطالي مستشرق , طبعت محاضراته عن تاريخ علم الفلك عند العرب وترجمت الى العبرية عام 1911م , كما قامت ابنته ماريا (المستشرقة الأيطاليه) بعد وفاته بطباعة محاضراته عن تاريخ الآداب العربية من العصر الجاهلي الى نهاية العصر الأموي ...
شبَّ منذ صغره على تعلُّمِ العربيَّة فلمَّا أتقنها تعلم العبرية والسريانيه ، وتلقَّى هذه العلومَ اللغويَّة في مدينة اودينه Udine في ايطاليا ، ثمَّ انتسب إلى جامعة تورينو الأيطاليه ليتابع تحصيله العلميَّ في تلك اللُّغات. وفي 1873 وعمر 21 سنة ، نشر أول بحث له عن الجغرافيا والفلك عند العرب. وتلى ذلك عمله عن البتاني (1899-1907) (البتاني فلكي ومنجم ورياضياتي مسلم) وهو العمل الذي جلب له شهرة عالمية. وقد أوفدته الحكومةُ الإيطاليَّة إلى القاهرة سنة 1893، وأقام فيها بضعة شهور، ثمَّ عاد إلى إيطاليا، وأفاد من رحلته إلى مصر فعمل في نشر كتابٍ عن اللَّهجة المصريَّة.
قام بتدريس اللُّغة العربيَّة في المعهد الشرقيِّ في نابولي منذ عام 1894 حتَّى عام 1902م فأسهم في نشر اللُّغة العربيَّة بين المثقفين الإيطاليين في هذه السَّنوات الطَّويلة... ثمَّ دعاه المصريون سنة 1909م للمحاضرة في علم الفلك العربيِّ، فألقى في الجامعة محاضرات باللُّغة العربيَّة عن ذلك، ونُشِرَتْ هذه المحاضرات بعد ذلك في كتابٍ مستقلٍّ تحت عنوان «علم الفلك وتاريخه عند العرب في القرون الوسطى».
اهتمَّ بالتَّاريخ الإسلاميِّ ، وبعد احتلال إيطاليا لطرابلس الغرب عيَّنته الحكومةُ الإيطالية في وزارة المستعمراتِ في روما مديراً للجنة تنظيم المحفوظات العثمانيَّة، وكان آنذاك يدرِّسُ «تاريخ الإسلام» في الجامعة الإيطاليَّة، ولا يخفى أنَّه اطَّلع على جملةٍ من المحفوظات العثمانيَّة الَّتي كانت تشـتملُ على مخطوطاتٍ عربيَّةٍ قيِّمةٍ.
كان واسع الاهتمام باليمن، وقد وضع دراساتٍ تتعلَّق به منها ما يتناول الحضارات القديمة المتعاقبة في اليمن، ومنها ما يتعلق باللَّهجاتِ والخطوط العربيَّة فيه، وقد رُشِّحَ لتدريس تاريخ اليمن في كليَّة الآداب بمصر حيث درَّسَه أربعَ سنواتٍ منذ عام 1927م حتى عام 1931م.
اتَّسع نشاط نَلِّلينو في تعريف الإيطاليين بالحضارة العربيَّة، فعمل في الإشراف على بعض المجلات التي تصدر في إيطاليا وتعنى بالدِّراسات العربيَّة، منها مجلة «الدِّراسات الشَّرقيَّة» ومجلة «الشَّرق الحديث» , ورغبةً منه في توسيع نطاق التَّعريف بالحضارة العربيَّة قام بإصدار مجلَّتين باللُّغة الإيطاليَّة ممَّا أسهم في توسيع شريحة القرَّاء من الإيطاليين.
كما عمل نَلِّينو عضواً في مجامعَ علميَّةٍ تهتمُّ بالدِّراسات الاستشراقيَّة، منها المجمع العلمي الأيطالي Accademia d’Italia حيث عُيِّنَ كأحد أعضائه عام 1932م ، والمجمع اللغوي بالقاهره الذي عين فيه عضوا عام 1933م.
ومكانة نلينو من بين المستشرقين جميعاً مكانة ممتازة لا يساويه فيها غير جولدتسيهر ونلدكه. وهو يمتاز عن جولدتسيهر بدقته العلمية ، وسعة إطلاعه على مختلف المسائل الإسلامية والعربية، وتعدد مناحي نشاطه، كما يمتاز بمنهجه التحليلي والاستقرائي الذي يحول بينه وبين الالتجاء إلى افتراض الفرضات وببحوثه التركيبية الشاملة . ولهذا فإن نتائج أبحاثه نتائج حاسمة في معظم الأحيان، إن لم يكن فيها كلها. وهو في استقامته في الحكم لا يكاد يجاريه أي مستشرق آخر على وجه الإطلاق.

أما نتيجة بحثه ووقوفه هو وابنته والفريق المرافق له على سد السملقي فيقول عن بالنقش المزعوم : لقد بحثت عن النقش القديم (يقصد الذي جاء على ذكره هيكل) صخرة تلو اخرى وحجرا تلو آخرفلم أجد شيئا البته...



والى عند قول جهيزة التي قطعت به قول كل خطيب ونتيجة تحقيق هذا العالم الكبير في شائعة النقش المزعوم نتوقف بكم , تابعوا معي في مقالات قادمة أدلة أخرى تنفي تلك الشائعة لنركم لكم ولكل قارىء غيركم نفيا على نفي من باب الزيادة والتأكيد , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....