الموضوع: مرحلة التغريب
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-31-2007   رقم المشاركة : ( 3 )
@ بن سلمان @
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية @ بن سلمان @

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 156
تـاريخ التسجيـل : 01-10-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 14,724
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 20
قوة التـرشيــــح : @ بن سلمان @ مبدع


@ بن سلمان @ غير متواجد حالياً

افتراضي رد : مرحلة التغريب

التغريب هوتيارفكري كبيرذوأبعادسياسيةواجتماعيةوثقافيةوفنية،يرمي إلىصبغ حياةالأمم بعامة،والمسلمين بخاصةبالأسلوب الغربي،وذلك بهدف إلغاءشخصيتهم المستقلةوخصائصهم المتفردةوجعلهم أسرىالتبعيةالكاملةللحضارةالغربية .


التغريب في ديار الإسلام


محمد حسن يوسف

عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: لتتبعن سَنَنَ من كان قبلكم، شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه. قلنا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟!! [1]
قال ابن حجر العسقلاني في شرح هذا الحديث: " ضب ": دويبة معروفة ... والذي يظهر أن التخصيص إنما وقع لجحر الضب لشدة ضيقه ورداءته. ومع ذلك فإنهم - لاقتفائهم آثارهم وإتباعهم طرائقهم – لو دخلوا في مثل هذا الصغير الرديء لتبعوهم .[2]


مظاهر التبعية
إن إتباع آثار اليهود والنصارى، ممثلا في اقتفاء آثار الغرب في طرائق معايشهم ومناهج حياتهم، أصبح من الأمور المميزة لحياة المسلمين في هذا الزمان. وتتعدد مظاهر هذه التبعية في أمور شتى، أحاول استعراض أغلبها أو أهمها فيما يلي:
إعطاء أسماء أجنبية للمحال التجارية: فالسائر في الشارع يهوله هذا الكم الخطير من الإعلانات التي تحمل أسماء أجنبية، إما مكتوبة باللغة العربية أو - وهو الأمرّ – مكتوبة باللغة الإنجليزية. واستعرض فيما يلي طائفة لهذه المسميات: فهذا محل للسيارات يطلق على نفسه " الألفي موتورز "! بدلا من أن يقول " الألفي للسيارات ". ومؤسسة تعليمية تُسميّ نفسها " مودرن أكاديمي " بدلا من " الأكاديمية الحديثة ". ومحل تنظيف ملابس اسمه " فاست كلين "!! ولماذا يُسميّ محل تنظيف الملابس نفسه بهذا الاسم؟!! ومحل أدوات كهربائية اسمه " جمال إليكتريك هاوس ". ومحل ألعاب اسمه " Royal Club ". و" ميوزيك سنتر " اسم محل لبيع الشرائط. ومحل " Blue Eyes " لبيع المستلزمات الطبية للعيون. ومحل إنشاءات اسمه " نيو ديزاين ". ومحل أجهزة تبريد اسمه " كول لاين ". ومحل للصرافة اسمه " كونتيننتال للصرافة ". ومحل للتحف يسمي نفسه " رياضكو للتحف " – ولا أدري ماذا تعني " كو " بإضافتها لاسم رياض. إن هذه مجرد أمثلة لأسماء عديدة غيرها تصدم المتجول بالشارع، وتجعله يشعر بأنه في بيئة غربية غير البيئة العربية التي يحيا فيها!!!

ومن مظاهر التغريب التي تصدمك في الشارع، تقليد سلوكيات الغرب وعاداتهم شبرا بشبر وذراعا بذراع. تجد البنت ترتدي الملابس على الموضة الغربية، فتمشي في الشارع شبه عارية. وقلما تجد بنتا بدون أن يصاحبها ولد. فالبنت تمشي متأبطة بذراع الولد، ويتسكعان سويا في الطرقات. وأصبح من النادر رؤية بنت تمشي محتشمة تظهر زيها الإسلامي. بل أصبحت رؤية من ترتدي النقاب أو الخمار ومن يرتدي الجلباب ويطلق لحيته، أصبح ذلك محلا للسخرية والتهكم.

وفي أسلوب الحوار، تجدهم يحاولون إقحام كلمة باللغة الإنجليزية أثناء الحديث، حتى يبدو المتكلم وكأنه " مثقف "!! فلا يخلو الحديث من كلمات مثل " أوكيه " أو " هاي " أو " باي باي " أو " آلو " أو " صباح الخير " ... الخ. وفي ذلك هجران للغتنا وتقليل من شأنها، خاصة مع وجود البدائل لكل تلك الكلمات والعبارات في ديننا وفي ثقافتنا.

وبعد يوم العمل، تأتي أوقات الفراغ التي يحاولون " قتلها "، فتجدهم أمام شاشات التلفاز يشاهدون المسلسلات أو الأفلام التي تبث القيم الغربية البعيدة أو المنافية للإسلام، أو يتابعون المباريات، والتي غالبا ما تتعارض أوقات إذاعتها مع مواقيت الصلاة، فتجدهم يهدرون الصلاة في سبيل إتمام المشاهدة والمتابعة.

وفي التفكير والسلوك، هيمن النمط الغربي للسلوك على أفراد أمة الإسلام. فتجدهم يغرقون في الديون طويلة الأجل من أجل شراء بيت كبير أو سيارة فارهة أو غير ذلك من الكماليات. ولا يهتمون بما إذا كانت هذه المعاملات تَحْرُم لارتباطها بالربا أم لا. فإذا تكلمت مع أحدهم من أجل التصدق على بعض الفقراء أو غير ذلك من أوجه الجهاد بالمال وجدته يشيح عنك بعيدا مبديا تأففه وتبرمه.

وفي المأكل والمشرب. وضع لنا الإسلام آدابا تنظم طريقة الأكل والشرب. ولكننا هجرناها واستعرنا مفاهيم الغرب عوضا عنها. فانتشرت في شوارعنا ثقافة محلات تقديم الوجبات السريعة والسندوتشات والتي يمشي الناس يأكلونها في الشارع. أو يجلسون في تلك المحال فيأكلون على أنغام الموسيقى الصاخبة والأغاني الهابطة.
كل هذه المظاهر هي مجرد نماذج لما أصاب هويتنا في مقتل. ذلك أن أهم شيء فطن إليه أعداؤنا هو ما تضيفه إلينا هويتنا من عزة وفخار. فكانت محاولاتهم الدءوبة والمتكررة لمسخ تلك الهوية وتشويه صورتها. والآن وبعد وضوح هذه المخططات وآثارها على مجتمعاتنا، فإما أن نظل ملتزمين بهويتنا الإسلامية، وإما أن ننجرف مع التيار فيبتلعنا ونهلك وتكون الهاوية.

خطورة هذا النموذج على أمة الإسلام
إن التقدم له أسباب ومظاهر. لم يتقدم الغرب بسبب أن شعوبه كانت تمشي تأكل في الشارع، أو لأن أولادها كانوا يأخذون بأيدي البنات ويهيمون على وجوههم في النوادي والملاهي، أو لأنهم كانوا يُقحمون كلمات غريبة عنهم في أحاديثهم. وإنما كان التقدم في الغرب لأسباب انتهجوها: تشجيع البحث العلمي، والتزام الأمانة والجدية في المعاملات، وإعطاء كل ذي حق حقه، وتشجيع الموهوبين وإفساح المجال لهم، والتخلي عن النفاق، والاهتمام بالشباب ... إلى غير ذلك من القيم التي شجعوها وعملوا بها، فكانت سببا في تقدمهم.

فلما تحقق لهم ما يريدون من تقدم، أرادوا أن تكون لهم حضارة وقيم خاصة بهم، فكانت تلك المظاهر التي انتشرت بينهم في المأكل والمشرب والملبس والمعاملات بين البنات والأولاد. ولذلك فإن اقتباس هذه المظاهر دون العمل بالأسباب الدافعة للتقدم هو مجرد وهم وسراب، ولن يجلب تقدم أو يؤدي إلى تنمية.

إن الفرق بين الحضارة الإسلامية وبين غيرها من سائر الحضارات الأخرى، أن الحضارة الإسلامية عُنيت ببناء الفرد أولا بناءً شاملا، ثم بعد ذلك انتقلت إلى العمران المادي. كما أن حضارة الإسلام هي حضارة تقوم على الجانب الوجداني والقيم، ومنها الجمال والسمو. أما الحضارات الأخرى فقد عُنيت بالتشييد المادي وإعمار الحياة في ميادينها المختلفة، لكنها تتجاهل بناء الفرد من داخله، بل وتعجز تماما عن القيام بهذا الدور الذي تفرد به الإسلام دين الفطرة. كما تقوم الحضارات المستحدثة الدخيلة على ثقافة العشوائية، وليس لها جذور. ويتضح ذلك في شكل الملابس والسلوكيات وطريقة الكلام. وللأسف فالشباب عندنا اتخذوا النموذج الغربي " العشوائي " قدوة، واعتبروا الخروج عن القيم إبداعا وموضة.
وإننا إذا أردنا أن ننهض بأمتنا وأن نعيد إليها عزها المسلوب، علينا أن نقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي أحيا الله به موات العرب، وأن نأخذ أنفسنا بالتربية الإيمانية فهي وحدها سبيل التغيير والتحويل [3].

يقول " يوجين روستو " مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق جونسون: " يجب أن ندرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ليست خلافات بين دول أو شعوب، بل هي خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية. لقد كان الصراع محتدما بين المسيحية والإسلام منذ القرون الوسطى، وهو مستمر حتى هذه اللحظة، بصور مختلفة. ومنذ قرن ونصف خضع الإسلام لسيطرة الغرب، وخضع التراث الإسلامي للتراث المسيحي.

إن الظروف التاريخية تؤكد أن أمريكا هي جزء مكمل للعالم الغربي: فلسفته، وعقيدته، ونظامه. وذلك يجعلها تقف معادية للعالم الشرقي الإسلامي بفلسفته وعقيدته المتمثلة في الدين الإسلامي. ولا تستطيع أمريكا إلا أن تقف هذا الموقف في الصف المعادي للإسلام، وإلى جانب العالم الغربي والدولة الصهيونية، لأنها إن فعلت عكس ذلك فإنها تتنكر للغتها وفلسفتها وثقافتها ومؤسساتها ".

إن روستو يحدد أن هدف الاستعمار في الشرق الأوسط هو تدمير الحضارة الإسلامية، وأن قيام إسرائيل هو جزء من هذا المخطط. وأن ذلك ليس إلا استمرارا للحرب الصليبية [4].

إن التغريب، في أحد أوجهه، ليس إلا اللباس الثقافي للتصنيع. لكن تغريب العالم الثالث ( والذي تتكون معظم دوله من الدول المسلمة ) هو أولا، عملية محو للثقافة، بمعنى أنها تدمير بلا قيد ولا شرط للبنيات الاقتصادية والاجتماعية والعقلية التقليدية، لكي لا يقوم مقامها في حينه سوى كومة كبيرة من الخردة، مصيرها إلى الصدأ ... إن هذا الذي يُعرض على سكان العالم الثالث، لكي يحل محل هويتهم الثقافية الضائعة، إنما يتضمن صنع شخصية وطنية عابثة، ذات انتماء خدّاع إلى مجتمع عالمي ( هو الغرب ) ... إن ضياع الهوية الثقافية الذي ينتج عن ذلك، أمر لا يقبل الجدل، وهذا يساهم بدوره في عدم استقرار الشخصية الوطنية سياسيا واقتصاديا. وما يتبقى بعد ذلك من الإبداع الوطني، يكمن في حالة تبعية إزاء ثقافة تبدو لها أجنبية، وإنها لكذلك [5].


آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس