كم كنت أود يوم أن نظمت قصيدة رثاء حين مات أحمد بن يوسف القصيبي أن تكون ممن اتعظ واعتبر فالعاقل من وعظ بغيره "وكفى بالموت واعظا"
وأنت القائل فيها:
أأحمد! كيف نفضت الصبا وسرت مع الزورق المبحر
عبرت على ربوات الشباب وغبت كأنك لــم تعبر([29])
أو ليتك ممن تدارك ما بقي من أيام حياته وقد كنت لنفسك واعظا ولها مذكرا فهل وعى قلب وادكر فؤاد .. يوم أن قلت في رثائك لأبي بندر :
فسبحان الذي أحيـا وسبـحان الذي أقبر
وسبحان الذي يجمع كل الناس في المحشر([30])
ب) "أحبك بكل أنفاس حياتي"
لقد أبان الدكتور غازي أن حبه لمعشوقته قد بلغ منه مبلغا عبر عنه بقوله:-
"أقول أحبك ..
أكتبها في الدفاتر ..
أعلنها في المنابر ..
أزرعها في الغيوم
– حتى قال –
أحبك حتى يصبح حبك حاجتي اليومية ..
أحبك بكل أنفاسي ..
ولو سمح الإله الكريم فسوف أحبك أكثر بعد الموت"([31])
إن شعراء الغزل والهائمين على وجوههم في أودية الغرام والعشق غالبا ما تكون تعابير حبهم وشوقهم لمحبوباتهم نهاية مطافها الموت أو وهم حتى في سكرات الموت تجدهم يتغنون بذكرهن والسعادة برؤيتهن ،أما سعادة الوزير الذي هو في موضع القدوة والمسؤولية فقد تجاوز ذلك إلى ما وراء الموت عسى أن يسمح له إلهه الكريم بحبها بعد الموت لا أدري أيقصد في عرصات يوم القيامة أم عند وضع الميزان أم على الصراط المنصوب على جسر جهنم.
بل إنه يعبر عن رغبته في حتفه في سبيل حبه لمن وله بها .. إذ يقول:
قولي يا أشهى كلماتي كيف أحبك حتى الموت
وأعشق حتفي([32])
وصدق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم:
(تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة...) ([33])
أما علم معالي الوزير أن الرسول عليه صلوات الله وسلامه عليه قد قال:
(لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) ([34]).
لست أدري مع هذا الحديث مقارنة بكلام الدكتور أي الحبين في قلبه أعظم ؟!والمكانة والمنزلة أسمى
بل قبل ذلك محبة الله وتقديم طاعته ورضاه على كل محبوبات النفس ورغبات الهوى، قال عليه الصلاة والسلام:(ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما..) ([35])
ج) ليلة ثائرة
آن الأوان لإبراز أحط دركات شعر الدكتور وما ارتكس فيه من حمأة:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم
قال بعض السلف رحمهم الله:- "ما أسر عبد سريرة إلا أظهرها الله على قسمات وجهه أو في فلتات لسانه"([36]) وقال يحيى بن معاذ رحمه الله: "من خان الله في السر هتك الله ستره في العلانية"([37])
لقد بلغ الحال بأبي يارا أن يرفع الستار وأن يبوح بشيء من المخبوء .. والحمد لله أن أبان الله لنا ذلك ليعلم عن يقين من كان مخدوعا بالرجل أو ملبسا عليه حقيقة من ذاع له صيت وألبس هالات من المديح والاطراء فإذا به وزير وسفير ومدير ومستشار ... الخ
يقول الدكتور غازي:
وكنت بقربي ..
وكان السرير يحدّث عن ليلة ثائرة
يا ترى ما مقصود عاشق الغيد والغانيات ؟! بإبدائه لحال السرير وكونه مسرحا لليلة ثائرة فاجرة عاهرة خاسئة.
ويتمادى في الوصف ويتطاول في النعت لما جرى في ليلته تلك فيقول:-
وإننا إذا ارتمينا في السرير عاريين نهرب مما كان في ثيابنا
هل بقي بعد هذا التصوير من مُزعة حياء أو قطرة احتشام يا دكتور يا وزير يا معالي!!
(فكيف من هذا شأنه يتاح له أن يكون وزيرا وسفيراومشيرا)
استتر بستر الله عليك ..أما وقد أبيت إلا أن تُشرع الأبواب وتفتح النوافذ فأنت وذاك. وقد قيل قديما ( اذا لم تستح فاصنع ماتشاء )
بل إنه يسفل إلى قاع سحيق فيحدث بقوله: ؟؟
وغصت مع النهود إلى لهيب
أما علمت يا غازي أن الزناة والزواني يحشرون يوم القيامة _ والعياذ بالله _ في تنور في نار جهنم ، قال صلى الله عليه وسلم ( فانطلقت معهما – أي الملكين – فإذا بيت مبني على بناء التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يوقد تحته نار فيه رجال ونساء عراة فإذا أوقدت ارتفعوا حتى يكادوا أن يخرجوا , فإذا أخمدت رجعوا فيها فقلت ما هذا ؟! فجاء الجواب :" إنهم الزناة " ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
ويتشهى معالي الوزير حاكيا ما يدور في المسائيات والليالي الحمراء فيقول :
" ويحكي المساء ..حكايا الفحول .. وكيف يصيدون أحلى النساء .. "
أما استحييت يا وزير .. أما جف ماء وجهك يوم أن تتحدث عن مثل هذا..
كيف بالله – بعد هذا وذاك – تستأمن على بنات المسلمين وأعراضهم وأنت تصدر قرارات توظيفهن على أصعدة متعددة .. وكان من آخرها قرار " تأنيث محلات بيع الملابس النسائية " وما قد يترتب على ذلك من مفاسد عظيمة إذ نشر في الجرائد توفير (150000) وظيفة نسائية في الأسواق في ما يقرب من (50000) محل تجاري([38]) .
المحور الخامس : كأس وخمرة .
لثم الغيد والعاشقات ، وسهرات الرقص والعربدة غالبا لا تنفك عن كأس وخمرة .. هكذا حكا لنا الشعراء من قبل وجاء غازي الوزير ليؤكد ذلك فما أشبه الليلة بالبارحة .
ولذا جاءت هذه الكبائر متلازمة مع الخمرة حتى في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال :
" في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف " فقال رجل من المسلمين : يا رسول الله ! ومتى ذلك ؟ قال : " إذا ظهرت القيان والمعازف وشربت الخمور " ([39])
يقول الدكتور غازي :
لا شيء إلا الكأس ..والعبرات .. والليل الأمين ([40]).
ويقول : لم تزل في الكؤوس يالعنة الليل .. بقايا .. وفي الظلام سكارى ([41]) .
وللخمرة ذكرها المتكرر في قصائد معالي الوزير معاقرة وأنسا وتعاطيا ومرتعا ، فهاهو يقول :
وتحلم فيها بليلة وسكر .. ومخدع عطر([42])
ويقول : فغداً قد تُسفح الخمر ..ويذوي الزهر ([43])
ويخاطب الوزير محبوبته قائلا :
أيا واحتي في قفار الزمان ويا جنة لم أذق خمرها([44])
" الخمرة أم الخبائث "([45]) " وأم الفواحش "([46]) ، "وقد لعنها الله ولعن عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتاعها وساقيها ومسقيها "([47])
" وقد حرم الله الجنة على مدمنها "([48]) ، " ومن مات وهي في بطنه فميتته جاهلية "([49]) ، " وشاربها كعابد وثن ، أو كعابد اللات والعزى "([50]) ، وهي والعياذ بالله " مفتاح كل شر "([51]).
فكل هذه المعاني وردت في أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم . إن ألوان الوعيد السالفة الذكر لهي كافية بأن يقلع عنها من أدمن تعاطيها وأن ينأى عنها من لم يعاقرها ، فهل كان الوزير غازي في معزل عن العلم بهذا حتى تكون الخمرة مبثوثة في قصائده ، ومكررة في أشعاره ورواياته !!
ناهيك عن كون العقلاء يترفعون عن مقاربتها بل ويحذرون منها .
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } سورة ق آية 37 .
المحور السادس : الكيل بمكيالين .
رمتني بدائها وانسلت ، فهاهو سماحة المعالي والوزير وحضرة المهندس والمفتي والمفسر والمحدث والمؤرخ والخبير السياسي والباحث الاجتماعي و00 و00 و00 يطالب باحترام التخصص وخصوصا من علماء الشريعة ، ودعاة الخير ، بينما هو يخوض في كل ميدان وناحية وعلم وفن!!
لقد عثرت على كلام للشيخ الدكتور :سلمان العودة ردا منه على هذه القضية فوجدته قد شفا وكفى .
يقول الدكتور سلمان وفقه الله وسدده :
إنك تطالب باحترام التخصص ، كما هو واضح من عبارتك ، وهذا إجمالا ممكن ومعقول ، لكن لننظر هل هذه القاعدة عامة لكل الناس ، أم أنك مُستثني من هذه القاعدة ولك الحق في طرح أي موضوع بدون استثناء ؟
ما بالك خضتَ في قضايا مشرقة وأخرى مغربة ؟ فمرة أنت اقتصادي ماهر ، ومحلل في مسائل التنمية ، تكتب في مقال : ( أوهام وأضغاث أحلام ) في ملحمة التنمية ، وذلك في مجلة الاقتصاد والإدارة، وتكتب بحثا بعنوان : التنمية وجها لوجه ، وهو كتاب مطبوع ضمن سلسلة إصدارات تهامة .
ومرة أخرى أنت خبير في الصناعة والتخطيط الصناعي ، تكتب بحثا بعنوان : ( الجبيل وينبع ..كيف ولماذا ؟ )، وهو موجود في مكتبة وزارة التخطيط بالرياض ، وتكتب بحثا بعنوان : ( الصناعة في الخليج ..آفاق جديدة ) ، وهي عبارة عن محاضرة قصيرة ألقيت بجمعية المهندسين البحرينيين .
ومرة ثالثة تكتب في الصحة والخدمات الصحية حيث نشرت لك مقالة بعنوان : ( نحو خدمة صحية أفضل ) ، ومرة أنت خبير في السياسة والعلاقات الدولية حيث دراساتك ورسالة الماجستير والدكتوراه ، ومن ذلك مقالك بعنوان : ( نظرية العلاقات الدولية ، هانز جي ونقاده ) ، وقد ذكرت في مقابلة مع المجلة العربية في هذا الشهر ، أن المصلحة الوطنية تقتضي أنك عندما تكون حليفا لدولة ما ، أن تعتبر كل ما يدور بداخل هذه الدولة ، خيرا كان أو شرا ، من شؤونها الداخلية ، ومن حقك أن تعقد حلفا مع دولة ما ، مهما كان فساد هذه الدولة الداخلي ، ولا يعنيك شأنها الداخلي ، بمعنى أنك حين قلت قصيدة تمجد فيها صمود العراق في وجه إيران ، يوم كانت العراق تحارب إيران حسب تصريحك أنت في العدد نفسه ، مصيب ولست بنادم على القصيدة ، أي أن من حقك مثلا أن تتجاهل جرائم صدام حسين مع المسلمين الأكراد والسنة في العراق ، ومجازره البشعة ضد العلماء في بلده وضد الدعاة ، واستئصاله لشأفتهم ، وقضاءه المبرم عليهم ، وأنت تعتبر هذا أمراً داخلياً لا شأن لك به ما دامت مصلحتك الوطنية تقتضي أن تكون حليفاً له .هذا معنى كلامك ، وهو جزء مما تحدثت فيه في العلاقات الدولية والخبرة السياسية .
ومرة أخرى أنت مؤرخ ....فذكرت : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدعو زوجته إلى طعام الغداء مع ضيف جاء إلى عمر من أحد البلاد ، وأن الذي منع المرأة من القدوم هو سخطها على عمر ، وإلا لجاءت لتأكل مع الضيف ، وهي ساخطة لأن عمر لم يشتر لها ملابس جميلة كملابس فلانة وفلانة من نظيراتها ، ثم عقبتَ على مقالك هذا بالهجوم على السادة الكرام الذين يتصورون أن المرأة مخلوقة من الدرجة الثانية وربما من العاشرة ، ولم تبين بالضبط من تعني بهؤلاء السادة الكرام ، فربما نكون نحن جميعا من أولئك السادة الكرام !
ومرة أنت مفسر ومحدث تروي عن الطبري في تفسيره أقوال منكرة غريبة وآثار مرفوضة ، وتتجاهل كلام ابن كثير في نكارتها ، وتتجاهل العقل الذي ينكرها ويرفضها ، وتتجاهل أن إسنادها مظلم كالليل ، وتمكن لهذه الروايات ، لتستدل بها على بعض نظراتك التي تتعلق بالأوضاع السياسية في منطقة الخليج وما حولها .
ومرة أنت باحث اجتماعي كما في كتابتك : ( قضية القضايا ، وبقية البقايا ) ، حيث تحدثت عن التغير الاجتماعي وكيف يتم هذا التغيير ، وانه من خلال التغيير الاجتماعي يمكن أن تحسم أمور سابقة كقضية اللاسلكي ، أو تعليم المرأة أو عمل المرأة أو قضية التلفاز وغيرها 0فيا غازي هل احترمت أنت التخصص وعلمت أن من تكلم في غير ميدانه أتى بالعجائب ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه0