عرض مشاركة واحدة
قديم 04-17-2007   رقم المشاركة : ( 2 )
عثمان الثمالي
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية عثمان الثمالي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 30
تـاريخ التسجيـل : 13-08-2005
الـــــدولـــــــــــة : الطائف
المشاركـــــــات : 35,164
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 30
قوة التـرشيــــح : عثمان الثمالي محترف الابداع


عثمان الثمالي غير متواجد حالياً

افتراضي رد : الاخبار الاقتصادية ليوم الثلاثاء29/3/1428هـ الموافق 17/4/2007م


بنك الإنماء.. فقدان الرؤية والتخطيط


فواز بن حمد الفواز

في رد فعل سريع تأسس بنك الإنماء دون التفكير في الأبعاد الاقتصادية الاستراتيجية للصناعة المصرفية في المملكة. دائما ما تتسم أعمالنا بحسن النية والحجم الجيد, ولكن هذه ليست بديلة عن وضوح الرؤية وتحديد المهام والخطوات العملية للتنفيذ. ولعل بنك الإنماء مثال حي على ذلك في محدودية القيادات البيروقراطية الاقتصادية. دعنا نوضح ونتلمس الحاجة إلى بديل لاستخدام رأس المال الكبير.
برأسمال يبلغ 15 مليار ريال وكأحد أكبر البنوك السعودية والإقليمية يستحق منا درجة عالية من التمحيص والشفافية والتساؤل حول الخيارات الأفضل للبلاد. المراقب اليوم للخريطة المصرفية في المملكة يجد أن كل البنوك, عدا البنك الأهلي التجاري وبنك الجزيرة في جدة, تتركز في الرياض, وهذا مقبول إلى حد ما, حيث في كل دول العالم تتركز الصناعة المصرفية في مدينة معينة لأسباب كثيرة, ولكن مسؤولية القائمين على النظام الاقتصادي والمالي في المملكة تحتم عليهم النظرة الشمولية الواعية لخدمة الاقتصاد والناس في كل منطقة. الكثير من مناطق المملكة ليس فيها خدمة مصرفية لديها القرار ووسطها الاقتصادي والمالي هذا الإقليم أو ذاك. في حديث مع أحد الخبراء المصرفيين في المملكة تحدث عن بعض الأفكار حول طبيعة السوق المصرفية في المملكة, ذكر فكرة مصارف في المناطق في المملكة.
يأتي بنك الإنماء دون وضوح في القدرة على التميز وبرأسمال كبير سيصعب أن يحقق عوائد مجزية على أموال المستثمرين, خاصة أن أغلب المستثمرين من عامة المواطنين وأحد أهداف تأسيس البنك كان إشراك العامة في العوائد المصرفية المتوقعة.
استثمار مبلغ 15 مليارا لتحقيق عائد مجز على رأس المال مثل أغلب المصارف في المملكة, أي نحو 20 في المائة, سيأخذ سنوات طويلة, خاصة أن مصدر العوائد في المملكة هو الودائع منخفضة التكاليف من خلال فروع كثيرة, وهذا بدوره لن يكون سهلا بعد تمركز الكثير من المصارف في كل المدن والشوارع والمراكز الجذابة. المراقب اليوم لبنك البلاد يعرف أن الأداء غير مشجع والعملية طويلة, خاصة أن المؤسسين والقائمين على تأسيس بنك البلاد ليس معروفا عنهم حنكة مصرفية ولم يسبق لمدير البنك العمل في القطاع المصرفي. القطاع المصرفي في المملكة في أمس الحاجة إلى مراقبة أدق لحماية العامة من جشع البنوك وتساهل المؤسسة في حماية المستهلكين. قراءة إعلانات بعض البنوك في الصحف تعلمنا الكثير حول تلاعب البنوك بأموال الناس في ظل غياب المؤسسة عن الدور المنوط بها. على المؤسسة ممارسة الدور المنوط بها ودحض هذه الملاحظات بعد قراءة جادة ودقيقة لتسعيرة ما يسمى القروض الشخصية (سبق أن حللنا هذا الموضوع على صفحات هذه الجريدة). إن هدر طاقة المؤسسة المحدودة في تأسيس بنك دون القدرة على مراقبة الآخرين يعد خطرا على العامة والوضع المصرفي في المملكة. لعل الاستثمار الأفضل يأتي من خلال التأكيد على جهاز رقابي فاعل لخدمة قطاع مصرفي صحي قادر على المنافسة. الواضح أنه ليس لدى المؤسسة القدرة أو الكادر المؤهل أو كليهما.
تأهيل الجهاز الرقابي ضروري جدا, خاصة مع تكاثر المصارف السعودية, علما أن المقترح البديل سيزيد المصارف السعودية, إضافة إلى وجود المصارف الأجنبية. لعل الحل الأفضل في استثمار هذا المبلغ الضخم في تأسيس عدة بنوك إقليمية, حيث إن لدى المملكة توجها صحيا بتطوير المناطق وتأسيس كيانات اقتصادية سيكون للمصارف دور كبير في تمويل الكثير منها, وكذلك للتأكد من وجود اقتصاد تكاملي وزرع الخبرات المصرفية والمالية والتحليلية والإنمائية في هذه المناطق, خاصة أن الكثير من هذه المناطق لديها جامعات ما يسهل وجود الكوادر اللازمة. بهذا المبلغ يمكن تأسيس ستة أو سبعة مصارف في المنطقة الجنوبية والأحساء والمدينة والجوف والقصيم والخرج والباحة. فوجود مراكز مصرفية رئيسة في هذه المناطق يختلف جذريا عن دور إدارة إقليمية أو فروع, فهذه في ظل حاجة المصارف في الغالب إلى تمركز القرار الائتماني والاستثماري تصبح دون عمق معرفي وتحليل لخدمة اقتصاد هذه المناطق.
ليس من عيب أن نعترف بالخطأ ونعود إلى الطريق السليم, العيب أن نقبل بهذه الملاحظات ثم نستثمر في القرار الخاطئ. فكل ما دار حول البنك من قرارات مصدرها الجهاز البيروقراطي الذي أثبت فقدان قدرة الإبداع والتفكير خارج الصندوق, فهو يرى الحجم وليس النوعية, يرى منفعة المصارف ومن يملكها وليس المستهلكين, ويرى السعودة سطحيا في الفروع ولا يراها في الائتمان والاستثمار, ولذلك فهو لن يعدل عن قرار خاطئ. يستحسن إجراء منافسة بين إدارات هذه البنوك المقترحة على الأداء والتميز, بل مكافأة من يدير أفضل بأن يكون مسؤولا عن مراقبة الجهاز المصرفي في المملكة في مرحلة لاحقة, وكذلك الفكر والأسلوب نفساهما ينطبقان على صناعة التأمين.
التخطيط الاقتصادي السليم يتطلب قدرا من الشجاعة وإيجاد وسط أكثر قابلية للتنافس. المنافسة تصنع الأفضل فينا, فالضعيف سيسقط حتما ويتجه إلى مجال آخر, أما القوي فسوف يستطيع المنافسة عالميا والاندماج مع المصارف العالمية الأقوى. بنك الإنماء في ظل هذه الرؤية والتخطيط لن يكون منافسا ومرنا, كما أنه يسمح للجهاز البيروقراطي بالتظاهر بالحل.

آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس