تاج محل أجمل المباني الإسلامية في الهند

بمناسبة إدراج "تاج محل" على قائمة المواقع المرشحة في مسابقة عجائب الدنيا السبع، لا بد من لمحة عن هذا البناء الذي هو من أجمل المباني الإسلامية في الهند من حيث الروعة والزخرفة والتصميم الهندسي.
"تاج محل" مبنى عملاق يشرف على مدينة أكرا بالهند، والتي كانت عاصمة المغول في ذلك الحين إلى أن قام الإمبراطور شاه جهان الذي حكم الهند قبل أكثر من 300 سنة بنقل العاصمة من أكرا إلى مدينة دلهي والتي هي عاصمة الهند حتى اليوم.
وقد شيدَّ هذا البناء الضخم الإمبراطور شاه جهان تكريماً لزوجته وشريكة حياته والتي كان اسمها (ممتاز محل) حيث كان الإمبراطور يحب زوجته كثيراً لأنها كافحت معه وكانت مخلصة له وأنجبت له ستة أولاد، ولما توفيت في عام 1630 حزن عليها زوجها الإمبراطور حزناً شديداً وقرر أن يقيم لها أجمل مقبرة يمكن أن يشاهدها إنسان، فاستدعى المهندسين المعماريين من كافة أنحاء العالم من الهند وتركيا وفارس والجزيرة العربية ليتعاونوا في وضع تصميم مميز لهذا البناء، وبعد 18 عاماً أصبح البناء جاهزاً بعد أن اشترك في تنفيذه أكثر من 20 ألف عامل، وقد جلبوا له الحجارة الجميلة والرخام الأبيض المصقول من الهند ومصر والجزيرة العربية والتبت.
ويبلغ ارتفاع المبنى حوالى 61م كله من الرخام الأبيض وكتبت عليه آيات من القرآن الكريم باللون الأسود.
وقد تم ترصيع وتزيين جدران المبنى بالأحجار الكريمة والعقيق وزهور عباد الشمس وأحجار الفيروز في تنسيق رائع يبهر الأبصار ويسلب العقول كما تحيط بالمبنى من كل جانب مجموعة من القباب الكبيرة والصغيرة غير المتصلة والتي يبلغ ارتفاع بعضها 41 متراً.
وكانت تحيط بالمبنى حديقة كبيرة تعتبر قمة في التخطيط والتنسيق الرائع حيث كانت تضم النافورات الجميلة والأشجار العالمية المشكلة بطريقة هندسية جميلة وبعد وفاة الإمبراطور دفن في نفس البناء إلى جانب زوجته.
ومؤخراً ووسط الاستعدادات للاحتفال بالذكرى الـ 350 لإنشاء تاج محل، عثر علماء آثار على أدلة تثبت هوية بعض العمال الذين ساهموا في بناء الضريح. وتقول إحدى اشهر الاساطير التي تلف بناء العمل، ان الامبراطور شاه جيهان عقد العزم على الحيلولة دون أن ينسخ اي ملك آخر عمله الفني البديع، وبالتالي قام بتقطيع ايدي بعض كبار الحرفيين. ومن المؤكد ان نحو 20 الف عامل ممن انكبوا على بناء تاج محل قبل 350 عاماً، في قرية صغيرة تدعى اكرا، كان لديهم فكرة ما عن الشهرة اللاحقة التي كان سيحظى بها هذا النصب التذكاري الكبير المشيد من أجل الحب، وذلك ان علماء الآثار اكتشفوا اسماءهم محفورة بشكل خفي على بلاطات من الحجر الرملي معلقة على أحد جدران المبنى.
فريق من خبراء معهد المسح الأثري الهندي، عثر لأول مرة على أسماء أكثر من 671 من العمال والبنائين، بينما كان يقوم بعمله المعتاد في الضريح. لكن غالبية الاسماء مكتوبة باللغتين العربية والفارسية وبعضها مكتوب بلغة الدفاناجري الهندية، فضلاً عن ان الفريق عثر ايضاً على رموز تمثل ازهاراً واسماكاً ورسومات هندسية وذلك في جدار يطل على نهريامونا الموحل.
ويقول عالم الآثار المشرف، الدكتور دايالان: "لدي شعور بأن الرموز رسمت على يد بنائين أميين، مما جعلهم يستخدمون الرموز كعلامة على هويتهم" ويضيف الخبير: "بعض الاسماء مكررة في اماكن عديدة، مما يشير الى ان اصحابها كانوا يحتلون مناصب اعلى، وربما كانوا خطاطين او مصممين".
اما مواد البناء، فلقد تم احضارها من جميع أنحاء الهند ومن بلدان اخرى ـ الرخام من مقالع الحجارة في ماكرانا في ولاية راجستان الصحراوية الهندية والاحجار الكريمة ذات اللون الازرق الفيروزي من التيبت واليشب من الصين واللازورد والياقوت الازرق من سيرلانكا ـ وتم نقلها الى مكان البناء باستخدام اسطول من الفيلة بلغ عددها الف فيل.
وما ان انتهت اعمال البناء، حتى قام ابن شاه جيهان بخلع أبيه عن العرش واودعه السجن على بعد بضعة كيلومترات عن القصر الملكي "الاحمر القوي" الذي كان يراقب منه تاج محل مستخدماً مرآة صغيرة معلقة على السرقة.
ويحاول فريق معهد المسح الاثري الهندي الآن اعداد قائمة كاملة وفك الرموز، علماً ان اسماء الفريق الابداعي المركزي معروفة منذ زمن، لكن الرائع في الامر هو اكتشاف اسماء رجال عاديين، ارادوا على طريقتهم المتواضعة ترك علامة تدل عليهم لدى الاجيال القادمة عن طريق نقش اسماءهم. وتقول السلطات المحلية في اكرا انها ستكرّم العمال بلوحة تذكارية تحمل أسماءهم.