[عثمان الثمالي]

المقال
14هللة تعطل معاملة



عبدالرحمن محمد المطوع
(يا معّود خلني ساكت)، أضحكتني هذه الجملة اللطيفة التي سمعتها قبل أيام على لسان رجال أعمال كويتيين زاروا جدة أخيراً، تلك الجملة التي نسمعها دائماً من اخوتنا وأشقائنا من الكويت الحبيب، تعكس حالهم ونظرائهم من السعودية، انتقاداً لتقاعس الجهات الراعية للاستثمار، عن الوفاء بمتطلبات حماسهم نحو العمل الجاد وتنمية البلاد، بدلاً من تحويل ثرواتهم إلى بلدان أخرى.
ففي وقت يعتبر فيه السعوديون والكويتيون الأكثر نشاطاً في كافة دول المنطقة والأعلى استثماراً حتى في أوروبا كونهما الأغنى بين دول المنطقة تنموياً في وقت أصبحت الدول الأصغر في المنطقة أكثر تقدماً تنموياً وبشهادة الجميع.
أما قصة عنوان المقال، فهي حادثة وقعت لرجل أعمال معروف في جدة، تعطلت مصالحه لدى إدارة حكومية بسبب عدم سداد 14هللة، نعم 14هللة، ورغم تفاهة المبلغ، لكن المشكلة في النظام التقني الذي وُضع، فهو لا يفرق بين 14هللة و 14مليون ريال أهدرت في خطأ هندسي كبير، كما حدث في كوبري طريق الملك فهد في جدة وشارع فلسطين، فالخسائر والتعطيل والخطأ الهندسي كلها تكلف أكثر من 14مليون ريال، لو حُسبت بطريقة اقتصادية سليمة.
يا سادة .. يا أفاضل.. كلنا نسافر، ونرى العالم من حولنا، وكيف ينمو بسرعة البرق. ونعرف أننا متأخرون، ونتذمر من تأخرنا عن الركب، ولكن التطوير يشهد قطاعات مهمة، ويغفل عن قطاعات أهم، فالواقف من المسئولين عن تطوير نظام إدارته يعطل مسئولاً نشيطاً في جهة خدمية أخرى مرتبطة أعمالها بالسابقة، فما فائدة أن أنجز رسومات وخرائط وغيرها من الخطوات الأولية ولا أحصل على رخصة بناء أو تشييد. وما فائدة رأس المال متى ما كان الاستثمار صعباً ويحتاج إلى تراخيص معقدة تعطى للبعض بالواسطة ودون تقييد بالنظام، وما فائدة المال الوفير الذي يرزقنا الله به هذه الأيام مع ارتفاع أسعار النفط، دون بناء الوطن على أسس تستوعب أجيالاً مستقبلية من أبنائنا واحفادنا قد لا يعرفون للنفط قيمة حينها. الوطن بحاجة إلى بناء، ونحن بحاجة إلى قوانين وأنظمة حديثة تحفظ لنا كيفية صرف المليارات دون هدر أو سرقة أو سفه، بل بناء حقيقي للوطن كي ينعم الجميع بالرفاه.