متحدثون في ندوة نظمتها غرفة الأحساء بالتعاون مع مجلس الغرف السعودية:
الإصلاح الاقتصادي يزيد الفرص أمام المنشآت العائلية للاستمرار والنمو
- خالد القحطاني من الأحساء - 02/05/1428هـ
أكد الدكتور محمد الدغيشم المدير التنفيذي للمركز الوطني للمنشآت العائلية أن المنشآت العائلية السعودية تواجه في الوقت الراهن مجموعة من التحديات الداخلية تنشأ عن طبيعة وخصوصية المنشأة العائلية وتحديات خارجية تنشأ عن المتغيرات التي تحدث في البيئة المحلية والعالمية المحيطة بالمنشأة العائلية.
وأوضح الدغيشم خلال الندوة التي نظمها مركز تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الغرفة التجارية الصناعية في الأحساء بالتعاون مع المركز الوطني للمنشآت العائلية في مجلس الغرف السعودية تحت عنوان "مقومات استمرار المنشآت العائلية عبر الأجيال" وبحضور الدكتور عادل بن أحمد الصالح أمين عام الغرفة وعدد كبير من رجال الأعمال وبعض المهتمين في هذا المجال، أن من أبرز تلك التحديات الداخلية عدم جاهزية الأجيال التالية لتولي رئاسة المنشأة بعد ذهاب الجيل المؤسس وعدم الاستمرار في تعاقب الأجيال على إدارة المنشأة (أقل من 10 في المائة من المنشآت يستمر إلى ما بعد الجيل الثالث)، تقسيم تركة المؤسس بعد وفاته بين ورثته بما في ذلك المنشأة وعدم وجود ميثاق عائلي ينظم عملية استمرار المنشأة بعد وفاة مؤسسها. كما تشمل التحديات تغير نمط الملكية للمنشأة العائلية عبر الزمن نتيجة لدخول عدد من الشركاء الجدد، الصراع على السلطة والإدارة بين مالكي المنشأة العائلية، ضعف أو انعدام التخطيط الاستراتيجي ومحاباة الأقارب على حساب مصلحة المنشأة، وقصر العمر الزمني للمنشأة العائلية (24 سنة تقريبا).
أما أبرز التحديات الخارجية فحدد منها زيادة الضغوط على منشآت القطاع الخاص نتيجة لزيادة توجه الدولة نحو الاعتماد على منشآت القطاع الخاص في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، ارتفاع تكاليف الإنتاج نظرا لانخفاض الدعم الحكومي الممنوح للمنتجات المحلية أو الموجهة للتصدير، وارتفاع أسعار مدخلات العملية الإنتاجية والتركيز على الجودة ما يضعف من قدرة المنتجات الوطنية على المنافسة الدولية ويقلل من أرباح المنشآت الوطنية، تطبيق أنظمة اقتصادية دولية جديدة تشجع على المنافسة وتحد من الاحتكار وتلغي كافة أنواع التمييز والحماية التي تمنحها الدولة للمنشآت المحلية ومنتجاتها، تطبيق قوانين حماية الحقوق الفكرية وبراءات الاختراع ما يساهم في ارتفاع تكاليف الإنتاج وظهور الحاجة إلى زيادة مخصصات البحث والتطوير.
وبيّن الدكتور الدغيشم بعض العوامل التي قد تقلل من فاعلية المنشأة العائلية وذكر منها اتسام أفراد الإدارة العليا بالانغلاق وعدم تشجيعهم للآخرين على إبداء الرأي وتقديم المقترحات والمبادرات التي قد تكون في صالح المنشأة العائلية، عدم إتاحة الفرصة لدخول دماء جديدة للمشاركة في إدارة المنشأة، انعدام أو نقص الأعضاء المستقلين من غير التنفيذيين في المجالس المختلفة، انعدام أو ضعف فعالية عملية الاتصال بين أعضاء العائلة من التنفيذيين وغيرهم من حملة الأسهم، سيطرة أحد الأعضاء أو عدد قليل فقط من الأعضاء على اتخاذ القرارات المصيرية، اعتماد المنشأة العائلية كلياً على الجهود التي يبذلها أحد أو بعض أعضاء العائلة، انعدام المرونة في الأنظمة أو وجود إجراءات بيروقراطية أو روتينية مطولة تحد من قدرة المنظمة على الإنجاز بكفاءة وفاعلية عاليتين، إهمال الجوانب العاطفية والاعتماد كلياً على وحي المنطق وخاصة عند اتخاذ القرارات المرتبطة بأحد أفراد العائلة، عدم وجود وسائل تتسم بالرسمية والعملية للتخطيط لانتقال السلطة من القادة الحاليين إلى قادة المستقبل، اعتماد المنشأة العائلية بشكل رئيس على حجمها الكبير أو على الحظ في تحقيق النجاح الذي تتمتع به في الوقت الراهن، وغياب الوسائل التي تساعد على تحقيق النجاح، اعتماد المنشأة بشكل كبير على عنصر واحد أو نشاط فردي كمصدر لإيراداتها، ومدى تعرض هذا المصدر للمخاطر.
وأكد الدغيشم أن تحقيق النجاح في المنشأة العائلية لا يأتي من فراغ أو كضربة حظ، وإنما هو محصلة للتمازج بين ثقافة المنشأة والنمط القيادي لإدارتها، مشيراً إلى أن المنشآت العائلية المتميزة تتسم بكونها موجهة من قبل مجموعة من القيم والمبادئ، وتدار بشكل رشيد، ولديها مقدرة عالية على التكيف مع الظروف وتبني الإجراءات الإدارية الناجحة.
وأضاف أن اهتمامات ومشاعر أعضاء المنشأة العائلية يمكن إدارتها وتوجيهها بنجاح وهذا ضروري لضمان استمرار المنشأة العائلية، كما أن المحافظة على سعادة كافة المنتسبين والمساهمين في المنشأة العائلية والتزامهم تجاه المنشأة وأهدافها يعتبر أمراً ضرورياً ليس فقط لاستمرار المنشأة وإنما كذلك لتحقيق تماسك العائلة وانسجامها ووحدتها.
وقال الدكتور الدغيشم إن أفضل طريقة لتحقيق هذا الهدف هي إنشاء عدد من المجالس المتخصصة - المستقلة ولكن في الوقت نفسه تكون منسجمة مع بعضها - يتم فيها مناقشة القضايا والاهتمامات المتعلقة بكل من إدارة العمل، الملكية، وشؤون العائلة بكل شفافية وصراحة، ومن ثم اتخاذ القرارات المناسبة التي تمكن من إدارة هذه القضايا المتشابكة بشكل بناء ويحقق أهداف جميع الأطراف ذات العلاقة.
وقال الدغيشم "لضمان بقاء وازدهار المنشأة العائلية واستمرارها عبر الأجيال، يتعين على أصحاب المنشأة التخطيط الاستراتيجي لكافة القضايا المهمة فيها والتي تتناول الأنظمة الفرعية الثلاثة التي تتألف منها المنشأة العائلية"، ولعل التحدي الرئيس الذي يواجه أصحاب المنشأة هو المقدرة على التحديد والتوقع بشكل مسبق لكافة الفرص والمخاطر التي ستواجه المنشأة في المستقبل، مع التحديد الدقيق لنقاط القوة ونقاط الضعف في المنشأة.
وقال: يتعين على الإدارة تحديد عدد من الأسئلة الصحيحة في الوقت المناسب والبحث عن الإجابة الدقيقة لهذه الأسئلة مما يمكنها من التخطيط للمستقبل بشكل أكثر فاعلية ويتيح لها أفضل الفرص للنجاح للوصول إلى تحديد دقيق للفرص والمخاطر الآنية والمستقبلية.
ولخص الدكتور الدغيشم في ختام الندوة التباين بين احتياجات العائلة واحتياجات المنشأة، مؤكدا أن المنشآت العائلية تختلف عن غيرها من منشآت الأعمال نظراً لوجود ضغوط إضافية ناتجة عن ملكية الشركة، فالخلط بين المنشأة وبين العائلة يؤدي إلى ظهور العديد من التناقضات والصراعات التي لا توجد في منشآت الأعمال غير العائلية، فالعائلة التي تملك منشأة لا تريد أن تكون المنشأة أداة لتحقيق المنافع المادية والأرباح فقط، بل تريد من المنشأة أن تكون أداة ووسيلة للتعبير عن دوافع العائلة ومكانتها الاجتماعية، وأن تصبح المنشأة جزءا من التراث الذي تتوارثه الأجيال المتعاقبة للعائلة، مضيفا أن وجود هذا الاختلاف بين المنشأة العائلية وغيرها من المنشآت، يتطلب تبني مجموعة مختلفة من الرؤى والتصورات ووجهات النظر عند وضع الخطط الاستراتيجية في المنشآت العائلية.
وقال إن عائلات الأعمال الناجحة هي التي تستطيع التوفيق بين هذه التناقضات والصراعات وتمازج بينها من خلال الفكر الخلاق والتصرفات المتميزة، والقرارات غير التقليدية.
وقال إن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنتهجه الحكومة حالياً يوفر مجالات استثمارية واسعة قد تتيح الفرصة للمنشآت العائلية في النمو والاستمرار، ومن ثم يتعين على المنشآت العائلية خلق نوع من الاتحادات والتكتلات الاقتصادية فيما بينها بشكل يمكنها من الاستفادة من هذه الفرص المتاحة".