تضمنت 13ورقة علمية
حلول ونماذج لتحقيق بيئة إنسانية في الأحياء السكنية تطرحها ندوة الإسكان في يومها الثاني
الحميد أثناء ترؤسه الجلسة الأولى من فعاليات اليوم الثاني لندوة الإسكان الثالثة
تغطية - محمد عبد الرزاق السعيد، فاطمة الغامدي:: تصوير فهد العامري
أكد سليمان بن سعد الحميد محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، على أهمية توفر عنصرين لتلبية احتياجات الإسكان في المملكة، هما إصدار نظام الرهن العقاري وذلك في تمويل المواطنين لبناء مساكن، وأنظمة للبناء تحمي حقوق الملاك واستثماراتهم.
وكشف الحميد بعد ترؤسه الجلسة الأولى من فعاليات اليوم الثاني لندوة الإسكان الثالثة "الحي السكني أكثر من مجرد مساكن" التي تنظمها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، في مركز الملك فهد الثقافي عن عزم المؤسسة تنفيذ مشاريع إسكانية في الرياض تضم 400وحدة سكنية، إضافة ل 800وحدة سكنية في كل من مدينتي الجبيل وينبع ونحو 700وحدة سكنية في المدينة المنورة، مشيراً إلى أن المؤسسة تجري مفاوضات مع كل من الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، والهيئة الملكية للجبيل وينبع لإنشاء المزيد الوحدات السكنية في الرياض والجبيل وينبع، كما تدرس إنشاء المزيد من المشاريع في المنطقة المركزية حول الحرم النبوي الشريف في المدينة المنورة.
وكان الحميد قد ترأس الجلسة الأولى للندوة التي ناقشت محور التجارب والتطبيقات الناجحة في كل من الصين واستراليا، حيث احتوت على ورقتين علميتين، استعرضت الأولى "تجارب الصين في تصميم الأحياء السكنية" للدكتور زنج شلنج، عضو الأكاديمية الصينية للعلوم، الرئيس الفخري لجمعية المهندسين المعماريين في شنغهاي، عميد كلية العمارة والتخطيط في جامعة تونكجي في الصين.
وتمثلت التجربة في بناء أحياء سكنية جديدة لاستيعاب العدد المتزايد من السكان في بعض المدن الكبرى والعاصمة بكين، ودعت الورقة إلى إمكانية تطبيق هذه التجارب في البلدان التي لها ظروف مشابهة. وتطرقت الورقة الثانية إلى "دروس من تجربة أستراليا في تصميم الأحياء السكنية" للدكتور جون بايرن من هيئة إسكان كوينزلاند، وهو أستاذ محاضر في التصميم الحضري من جامعة كوينزلاند للتقنية في أستراليا، وفيها استعراض لما أقدمت عليه أستراليا في السنوات الأخيرة من بناء أحياء جديدة تتوافر فيها جميع العناصر البيئية المناسبة من مبان ذات أبعاد جمالية ومساحات خضراء وتخطيط عمراني مناسب. وكان شهد اليوم الثاني للندوة خمس جلسات علمية، تضمنت 13ورقة علمية تناولت محاور الندوة الرئيسية الأربعة: جوانب تخطيط وتصميم الأحياء السكنية الجديدة، تحسين بيئة الأحياء السكنية القائمة، تفعيل مشاركة السكان في الأحياء السكنية، عرض تجارب وتطبيقات محلية وعالمية ناجحة.
وعلى الصعيد ذاته، قال الدكتور أحمد بن محمد السيف عضو مجلس الشورى رئيس لجنة المرافق والخدمات في المجلس، ان أبرز مهام هيئة الإسكان العليا التي أعلن عن إنشائها أخيراً من قبل مجلس الوزراء، يتمثل في تيسير امتلاك المواطن للمسكن، ومراقبة الأنظمة والتشريعات المتعلقة بالإسكان بما في ذلك أسعار الأراضي والإجازات والتمويل وكافة قضايا الإسكان.
وبين الدكتور السيف بعد ترؤسه الجلسة الثانية في الندوة، والتي تناولت محور تحسين بيئة الأحياء القائمة، أن استخدام التقنية في تطوير الأحياء السكنية كما ورد في التجربة الكورية، يحقق العديد من المزايا في مختلف جوانب الحياة للسكان في الأحياء، ويعالج الكثير من القضايا الملحة وفي مقدمتها السلامة المرورية، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن تطبيق الأنظمة والالتزام بها من قبل السكان يحمل أهمية بالغة في تحقيق مطلب البيئة السكنية المثالية في الأحياء القائمة.
مشيداً بدور هيئة تطوير الرياض، وذلك بقوله إنها سباقة إلى كل جديد ومفيد فيما يتعلق بإدارة المدن والتنمية، مشيراً إلى أن إنجازات الهيئة تتداول ليس على المستوى المحلي فقط، بل على المستوى العالمي.
وكانت الجلسة الثانية تضمنت، ثلاث أوراق عمل، كانت الأولى منها بعنوان "تطبيق مفهوم التصميم البيئي الصحيح لمنع الجريمة في الأحياء السكنية في كوريا" لكل من المهندس يونجائي ليو، وبون جوم كانغ من قسم الهندسة المعمارية في جامعة سيول الوطنية في كوريا، طرحا فيها كيفية تصميم مساكن تتوافر فيها خاصية الأمن بحيث يقل وقوع الجريمة فيها إلى حد كبير.
ورقة العمل الأخرى كانت بعنوان "تشكيل النسيج العمراني للأحياء السكنية الجديدة ومتطلبات الإنسان الخدمية والاجتماعية والسلوكية" للدكتور نضال سطوف الأستاذ المساعد في كلية الهندسة المعمارية في جامعة البعث، اعتبر فيها المسكن ذا الفناء الداخلي للعائلة الواحدة بطابق واحد أو طابقين، الوحدة الأساسية الأكثر ملاءمة لتشكيل نسيج عمراني إنساني يتوافق كليا مع البيئة العربية، وبشكل خاص البيئة الصحراوية وشبه الصحراوية، بما يؤمنه للسكان من ترسيخ للترابط الاجتماعي، وتوليد للشعور بالخصوصية، مشيراً إلى أن البلوك السكني هو مسكنهم الأكبر، وبالتالي واجبهم العناية بالفراغات العامة وصيانتها، وأكد على أهمية الفصل التام بين حركة المشاة والسيارات، وما يؤمنه ذلك من حرية الأطفال وراحة نفسية للأهل. من جانبه، شدد الدكتور إبراهيم بن محمد البطحي مدير عام التخطيط العمراني في أمانة منطقة الرياض عقب ترؤسه الجلسة الثالثة على أهمية مشاركة السكان في تخطيط أحيائهم، وتحقيق التزاوج بين رأي المخطط والسكان بمختلف فئاتهم. وأكد البطحي ان أمانة منطقة الرياض تشجع المطورين على انتهاج فكر استثماري في تخطيط وتطوير الأحياء السكنية يأخذ في الاعتبار الاحتياجات والمتطلبات التي يحددها السكان، ويساهم في تطوير البيئة السكنية في الأحياء الجديدة، مشيرا إلى أن من شأن التزام المطورين بفكر التطوير الشامل، زيادة ارتباط السكان بحيهم، وزيادة العمر الافتراضي للخدمات، وتعجيل الفترة الزمنية المطلوبة لاكتمال الخدمات في الحي. وكانت الجلسة الثالثة للندوة ناقشت بحث: "تطوير وتحسين الأحياء السكنية بالمشاركة الشعبية" للدكتور أحمد هلال محمد أستاذ التصميم المعماري بكلية الهندسة جامعة أسيوط. والذي سعى خلال عرضه للتعرف على تجربة المشاركة الشعبية التي تمت في حي الناصرية بمدينة أسوان جنوب مصر لتطويره من خلال استقراء تلك التجارب ودراستها والتعرف على إيجابياتها وسلبياتها.
وتعرض البحث إلى تجربة تحسين الحي، واعتمد في ذلك على المنهج الوصفي التحليلي، حيث تناول أهداف هذه التجربة، والتعرف على إدارتها وظروف تمويلها، ثم عمل تقويم لها لمعرفة إيجابياتها وسلبياتها، وقدم البحث بعض النتائج والتوصيات التي يمكن أن تسهم في توجيه دور السكان في تطوير أحيائهم السكنية التي يقطنوها.
وكشف البحث أن تطوير مناطق الأحياء الشعبية في المدينة وتنميتها من المشاكل التي تمثل عبئا كبيرا يستلزم إمكانيات اقتصادية ضخمة، مشيراً إلى إمكانية تحقيق ذلك من خلال تعاون الحكومة مع المجتمع في وضع حلول إيجابية لتطوير المناطق العشوائية، إذ تكمن في المجتمع طاقات بشرية هائلة ينقصها التنظيم ليمكن استغلالها وتوجيهها للمساهمة في مجال التطوير والتنمية والتخفيف عن الحكومة في تطوير تلك المناطق.
فيما حملت ورقة العمل الثانية في الجلسة بعنوان "دور الشراكة وكيفية تفعليها في تنمية المجتمع المحلي - دراسة حي الرائد السكني في الرياض"، للباحثة دلال بنت عبد الله بن عدوان، الإدارية السابقة في قطاع التعليم. وتقول الباحثة: أصبح معتادا تكاتف وتكامل الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني في طرح قضايا التنمية الاجتماعية مفاهيم الفقر والتعليم والصحة والبنية التحتية للتنمية والخدمات العامة والإسكان، وأن العام بينهم أسس قاعدة للاستشارات حول المستقبل بآليات واضحة لإعطاء كل منهم مرئيات الآخر. وتضيف: إن هذه الشراكة إذا ما كانت فعالة فإنها تسهم في طرح المشاكل والتحديات التنموية الملحة التي يتطلب تجاوزها إمكانيات تتعدى حدود الإمكانيات المتاحة لأي قطاع منفرد بذاته، حيث إن الشراكات القائمة بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني أصبحت أكثر الطرق فعالية لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية المستدامة.
بينما سلطت الورقة الثالثة "مشاركة السكان في إدارة وصيانة الأحياء السكنية: الخبرات والتجارب في نيروبي- كينيا" المقدمة من الدكتور إنج واشنطون إتش إيه أوليما الأستاذ المشارك وعميد مدرسة بناء البيئة في جامعة نيروبي، الضوء على تحديات التخطيط والتطوير والإدارة في الأحياء السكنية الواقعة في الأحياء الحضرية في كينيا. وطبقت الورقة مدخل دراسة الحالة النظري من خلال التركيز على أحياء سكنية منتقاة داخل مدينة نيروبي لإخضاعها لتحليل متعمق.
أما الجلسة الرابعة والأخيرة في اليوم الثاني للندوة، فترأسها الدكتور فيصل بن عبد العزيز المبارك مستشار الأمين العام للهيئة العليا للسياحة للتخطيط، وتناولت، ثلاثة بحوث ضمن محور "مشاركة السكان في الأحياء القائمة". وأوضح الدكتور فيصل بن عبد العزيز المبارك عقب الجلسة، أنها تطرقت إلى ثلاثة عناصر رئيسية هي: القيم الإسلامية في الأحياء السكنية والتي تتيح فرصا واسعة للاستفادة منها في التخطيط المعاصر، والتعامل مع الطفل في المدينة وضرورة جعل المدن أكثر إنسانية، وتوفير المسكن الميسر للقوى العاملة. ودعا الدكتور المبارك إلى أهمية الإصرار على تطبيق مفهوم الوحدة في المجاورات السكنية في كل مخطط جديد في مدينة الرياض، مشيراً إلى أن المخططات القائمة تركز على متطلبات محدودة لا تلبي كافة احتياجات السكان الأساسية التي تمثل في مجملها البيئة الإنسانية للأحياء، حيث تتجه اهتمامات المطورين إلى توفير الحد الأدنى من الخدمات والمرافق الأساسية في المخططات الجديدة مع إغفال العديد من الاحتياجات الأساسية للسكان، بالرغم من كون توفر هذه الاحتياجات يصب في صالح المطور والسكان في آن واحد.
وأكد الدكتور المبارك على أن الهيئة العليا للسياحة تعاملت مع عدد كبير من الجوانب في المدن فيما يتعلق بالسياحة، ومن ذلك توقيع اتفاقيات مع وزارة الشؤون البلدية والقروية للمساهمة في تخطيط الأحياء، وتطوير أواسط المدن وإعادة الأهمية والجذب السياحي إليها، كما وقعت اتفاقيات مماثلة مع وزارة النقل تهتم بتطوير الخدمات السياحية المقدمة على الطرق، إلى جانب تقديم منظومة متكاملة من الخطط والبرامج على عدة مستويات تهدف في مجملها إلى المساهمة في التخطيط الإقليمي للمدن بما يساهم في تطوير المواقع السياحية والمحافظة عليها بمختلف أنواعها وحيثما كانت من خلال التعاون مع شركاء الهيئة من القطاعين العام والخاص.
أما بحوث الجلسة الرابعة للندوة، كان الأول منها بعنوان: "نظرية لو كوربوزيه واعتمادها في أحياء سكنية في مدينة الرياض" للدكتور جرالد ستاين من قسم الهندسة المعمارية في جامعة تشوان التقنية في جنوب إفريقيا.
أما البحث الثاني فكان بعنوان: "السكن الميسر وسط المدينة" وهو مقدم من آل بورفيس مدير تنفيذي مجموعة تطوير الإسكان والحفاظ على الأحياء السكنية في سان فرانسيسكو. الولايات المتحدة الأمريكية والدكتور هشام مرتضى الأستاذ المشارك في قسم العمارة في جامعة الملك عبد العزيز بجدة. والذي اعتبر أن تشييد مبان جديدة أو القيام بتطوير عمراني في مركز المدينة، أمر شبه مستحيل إذا كان ذلك المركز ذا كثافة عالية أو باستخدامات تجارية بحتة. مما يقلل من توفر الأراضي البيضاء أو يؤدي إلى ارتفاع سعرها إذا وجدت. ويعتبر التعامل مع هذا الوضع لتوفير سكن ميسر وفي وسط المدينة تحديا ليس بالهين. وتعطي هذه الورقة أمثلة حديثة لإسكان ميسر في قلب مدينة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية. وهي المدينة المعروفة بمحدداتها البيئية. كونها محاطة بالماء من ثلاث جهات. الأمر الذي يحد من أية فرصة للنمو العمراني. وقد أدت هذه المحددات إلى عدم توفر أراض فضاء أو رفع قيمتها متى ما توفرت. لكن هناك أمثلة لمشاريع سكنية في وسط مدينة سان فرانسيسكو، أنشئت لمحدودي الدخل وبطرق إبداعية من حيث التخطيط والتمويل. ومن هذه الأمثلة مشروع كاسا ديلا رازا للإسكان الميسر في حي ميشن. أحد أحياء سان فرانسيسكو المكتظة بالمباني التجارية. ويعتبر هذا المثال أول مشروع يستخدم حق الهواء، الفضاء العام لبناء مسكن ميسر في الساحل الغربي لأمريكا. وتبعت هذا المشروع ثلاثة مشروعات أخرى في وسط المدينة. مستخدمة فكرة الإسكان لذوي الدخل المحدود فوق المنشات والأسواق التجارية. البحث الأخير في هذه الجلسة كان بعنوان "نحو تخصيص أماكن خاصة للأطفال في الأحياء المعاصرة"، للدكتورة أمينة بدر من معهد نيويورك للتقنية في مجمع البحرين.