الجشع والجزع
د. وليد عرب هاشم *
الجشع والجزع هما الخصلتان الأساسيتان لتحقيق الخسائر في أسواق الأسهم ، فالجشع يأتينا عندما تكون الأسواق مرتفعة، والأسعار في زيادة مستمرة، ونحن نعلم أنها أصبحت لا تتناسب مع واقع الشركات، ولا مع أرباحها ، ومع ذلك نستمر بالاحتفاظ بهذه الأسهم، بل أننا نقوم بعمليات شراء لأسهم إضافية ونجمعها عند هذه الأسعار المرتفعة، وذلك لأننا لم نقتنع بالربح الذي تحقق وإنما نصر على الاستمرار طمعاً في زيادة الربح، وبعضنا قد يستدين ليشتري أسهما إضافية وبأسعار مبالغ فيها، وما هذا إلا أسلوب شبه مؤكد لتحقيق الخسائر عندما تنخفض هذه الأسعار المبالغ فيها، وهذا لا بد وأن يحدث مهما استمر، وهكذا تتحقق الخسارة بسبب الطمع أو الجشع. أما الجزع فهو أيضاً شعور عاطفي، وأيضاً سبب رئيسي للخسائر، ولكنه يحدث عندما ينخفض السوق وتتدهور الأسعار إلى مستويات متدنية، وهنا بدلاً من أن ننتهز الفرصة لشراء أسهم شركات قوية، وبأسعار متواضعة، قد نجد أن بعض المساهمين يصيبهم الخوف من استمرار هذا الانخفاض، ويقومون بالتخلص من الأسهم وبيعها، ولو كان ذلك بأسعار زهيدة، وهكذا تتحقق هنا أيضاً خسائر مؤكدة. وحالياً أنا أشعر أن هناك بعض القلق، أو الخوف في سوق الأسهم، ولا أجد له تبريرا منطقيا تماماً كما كنت أنا وغيري من المحللين نشعر قبل عامين أن هناك نوعا من التفاؤل والاندفاع في سوق الأسهم بدون أن يكون هناك مبرر منطقي لذلك، وأتضح أن ارتفاع أسعار الأسهم آنذاك فعلاً لم يكن مبررا، وكلنا نعلم ما حدث من انخفاض بعد ذلك، والآن اعتقد أن الموضوع يتكرر - ولكن من الناحية المعاكسة - وقد نجد أن انخفاض أسعار الأسهم حالياً ليس له مبررا منطقيا، وبالتالي ليس من المستحسن أن نبيع ما لدينا من الأسهم، خوفاً من استمرار انخفاض الأسعار . بالطبع هذه النصيحة لا تنطبق على كل أنواع الأسهم ، فهناك لازالت شركات ضعيفة، ومن المتوقع أن تنخفض أسعار أسهم هذه الشركات، ولكن في المقابل فإن هناك شركات قوية ولا يوجد أي قلق تجاه انخفاض أسعار أسهمها، وحتى لو حدث مثل هذا الانخفاض فإنه يكون مؤقتا بإذن الله وسرعان ما ينعكس. والله أعلم.
* عضو مجلس الشورى