..والرأي لكم
نحن والاستثمار.. الطموح وحده لا يكفي
د. عبدالعزيز بن علي المقوشي
الجهود التي بذلتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو نائبه حفظهما الله جميعاً في مجال تنويع سلال الاستثمار الوطني والانفتاح الرشيد على العالم الخارجي استيراداً وتصديراً واستثماراً آحادياً ومشتركاً حققت الكثير من الاعتبارات السياسية والاقتصادية وأكدت المثل الشعبي الذي يشير إلى أنّ على الإنسان "أن لا يضع البيض في سلة واحدة".
تلك الجهود الكبيرة التي بذلها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده منذ عدة سنوات ولا تزال مسيرتها متواصلة العطاء، فمن زيارات لدول الشرق إلى أخرى لدول الغرب والشمال والجنوب أثمرت كلها عن تحالفات اقتصادية رائدة تسعى لخدمة الوطن أولاً ولخدمة المواطن ثانياً. ولعلّ الزيارات التي سيقوم بها خادم الحرمين الشريفين خلال الأسابيع القادمة لعدد من الدول الأوروبية تسير ضمن توجهات الدولة الرشيدة في هذا الخصوص.
ومع كل هذه الجهود الحثيثة والفاعلة في الوقت نفسه إلاّ أنني أحس بشيء من الأسى والحزن عندما أقرأ ما تتحدث عنه جهة حكومية لها دور مهم في تنمية وتنشيط الاستثمارات المحلية واجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية، ألا وهي الهيئة العامة للاستثمار التي ينتقد وكيلها لشؤون الاستثمارعدم التواكب مع المتغيرات الدولية، حيث لا يستجيب الواقع - حسب قوله - مع الظروف ليتسنى لنا التقدم، وذلك من خلال الأنظمة والقوانين المطروحة. ويشدَّد الوكيل خلال لقائه مع رجال الأعمال في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض على أنه لا بد من أن تكون هناك سرعة ومرونة واحترافية في تغيير الأنظمة بالشكل الذي يقدم النظام الأمثل ليتوافق مع طبيعة التنافسية المطروحة.
كما يشير إلى أن طبيعة الأنظمة والإجراءات الداخلية ذات العلاقة بالاستثمار وأيضاً البنى التحتية اللازمة لإقامة المشروعات تعد من أبرز التحديات التي تواجه المستثمرين، وكشف عن أن ذلك يكبد اقتصاد المملكة سنوياً 60مليار ريال كخسائر مباشرة وغير مباشرة، وأكثر من 120ألف وظيفة للخريجين والمؤهلين.
هذا الطرح يشير بشيء من التحليل إلى واقع لابد من العمل على تطويره وتنميته وتأهيل العاملين عليه وفيه من أجل تحقيق طموحات الوطن، وإلاّ فلن تتحقق الفوائد التي تسعى إليها الدولة من خلال تلك الزيارات التي تتم على أعلى مستوى وتلك الاتفاقيات الثنائية التي تبرمها الدولة.. وليس أدل على ذلك من هذا الرقم الضخم الذي يشير إليه وكيل المحافظ في لقائه وهو رقم اقتصادي (صاعق ومحبط في الوقت نفسه)، ذلك أنّ ستين ملياراً ومائة وعشرين ألف وظيفة ليست بالأمر الهين مطلقاً!!
ويذكر الوكيل في لقائه "أن التنافسية لا تقتصر على تطوير الأداء الحكومي، بل تشمل دور القطاع الخاص في تعزيز مستوى التنافسية للسلع والخدمات ومنتجاتها بشكل عام؛ ما يتطلب جهداً أكبر لتشجيع قطاعات الأعمال على تبني برامج وأساليب حديثة تسهم في رفع المستوى التقني والارتقاء بمستوى منتجاتها وخدماتها لتعزيز قدراتها التنافسية للنفاذ إلى الأسواق العالمية".
مثل هذا الطرح وغيره كثير يجعلني أتساءل عن مدى إحساس القطاعات الحكومية والخاصة بحجم هذه المشكلة التي تطرحها الهيئة العامة للاستثمار، كما يجعلني أناشد القطاعات الحكومية المعنية بالتخطيط والتنفيذ لاقتصاديات الوطن بأن تولي هذا الجانب عناية قصوى وكم أتطلع إلى لجنة سريعة وعاجلة تدرس أبعاد هذه المشكلة وتسعى لمعالجتها بشكل سريع، ذلك أننا نعيش عالم السرعة واقتصاد اللحظة ولا مكان مطلقاً في عالمنا اليوم لأي نوع من أنواع الاسترخاء.. ودمتم. amagushi@alriyadh.com