الجشع والجزع (2)
د. وليد عرب هاشم *
من الواضح أمامنا الآن – أن ما حدث في سوق الأسهم قبل عامين كان ناتجا من ارتفاع غير مبرر في الأسعار، وكان علينا بيع الأسهم خلال تلك الفترة والخروج من السوق ، ولكن الطمع في الربح أدى إلى استمرار كثير من المساهمين بالتمسك بأسهمهم، بل وشراء المزيد حتى ولو كان بالدين، وهذا (الجشع) أدى إلى خسائر مؤكدة. وهذا الحدث واضح أمامنا الآن لأنه حدث في الماضي والماضي واضح .
ولكن ما يحدث حالياً في وقتنا الحاضر قد لا يكون واضحا ، أو على الأقل قد لا نتفق عليه، فالبعض قد يرى أن الانخفاض في أسعار الأسهم سوف يستمر وأن من المستحسن الخروج من السوق ، ولكن أنا - وهناك غيري - ممن قد يرون أن الوضع الحالي لسوق الأسهم السعودي ليس له تبرير منطقي، وقد يكون مبنيا على شعور بالإحباط والخوف، وهذا الشعور العاطفي سيؤدي الى بيع أسهم لشركات قوية، وبأسعار زهيدة ، وبدون أن يكون هناك مبرر لذلك، وأن خروج بعض المستثمرين من السوق الآن قد يكون بسبب الخوف أو (الجزع) بدون مبرر، وهذا أيضاً يؤدي إلى خسائر مؤكدة.وأنا ابني كلامي على أساس أن سوق الأسهم هو جزء من الاقتصاد السعودي، وهذا الاقتصاد لم يتخلف - أو يتغير عما كان عليه قبل سنتين إلا للأحسن، فأسعار النفط لا زالت مرتفعة ، وكذلك بالنسبة لإنتاجنا من النفط، والاقتصاد السعودي لازال في مرحلة نمو قوية ، وينعم بفوائض ضخمة من السيولة وبإنفاق مستمر على المشاريع الجديدة وبانفتاح لتطوير قطاعاته، ودعوة الاستثمارات الداخلية والخارجية.أما بالنسبة للانخفاض في سوق الأسهم فقد يرجع إلى كون السوق كان أساساً مرتفعا إلى حد غير مقبول ، كما يرجع أيضاً الى أن هناك بعض الشركات الضعيفة التي كانت مجالاً للمضاربة ( أو النصب) وارتفعت أسعار أسهمها بحوالى مائة ضعف بسبب هذه المضاربة، وبالتالي لو انخفضت أسعار أسهم هذه الشركات الى نصف أو ربع ما كانت عليه فإنها تظل مرتفعة ، ويجب أن تنخفض أكثر ، ويجب استمرار الابتعاد عنها، ولكن هذا لا ينطبق على أسعار أسهم الشركات القوية والمربحة والتي أرى أنها انخفضت بسبب الانخفاض العام في سوق الأسهم ، وبسبب الانهيار الذي حدث في أسهم الشركات الضعيفة ، فاختلط الصالح مع الطالح، هذا يعني أن الفرصة الآن مناسبة للشراء في هذه الشركات، والدخول في السوق وليس للخروج.
* عضو مجلس الشورى