الموضوع
:
الاخبار الاقتصادية ليوم الاحد2جماد الآخرة 1428هـ الموافق 17/6/2007م
عرض مشاركة واحدة
06-17-2007
رقم المشاركة : (
23
)
عثمان الثمالي
ثمالي نشيط
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة :
30
تـاريخ التسجيـل :
13-08-2005
الـــــدولـــــــــــة :
الطائف
المشاركـــــــات :
35,164
آخــر تواجــــــــد :
()
عدد الـــنقــــــاط :
30
قوة التـرشيــــح :
رد : الاخبار الاقتصادية ليوم الاحد2جماد الآخرة 1428هـ الموافق 17/6/2007م
أخطاء وسوء فهم في تحقيق تقارير المؤسسات المالية حول معدلات التضخم
صالح السلطان
نشرت جريدة "الرياض" في عدد الاثنين 13ربيع الآخر 1428، الموافق 30أبريل 2007، تحقيقاً، كانت عناوينه (من موقع الجريدة): "غياب المؤشرات المنتظمة لمصلحة الإحصاءات العامة خلق بيئة خصبة للتكهنات... محللون اقتصاديون ل"الرياض": تقارير المؤسسات المالية حول معدلات التضخم في السعودية دفترية ولا تستند إلى دراسات وبحوث ميدانية".
التحقيق احتوى نقاطا جيدة، لكنه بصفة عامة لم يكن موفقا في جوهره، وأساء فهم التقارير التي انتقدها. التعليق هنا سيتناول فقط عبارات التحقيق التي عليها مآخذ، لأنها لب التحقيق. وينبغي أن يعرف أن المآخذ على تحقيق الجريدة لا تعني تبرئة تقارير المؤسسات المالية من وجود ملحوظات عليها.
سأبدأ بالنقل الحرفي من التحقيق ما أراه أهم عبارات تستحق التعليق، ثم فهمي لها، متبوعة بتعليق:
1- "وصف محللون اقتصاديون، تقارير بعض المؤسسات المالية المحلية والأجنبية التي تحمل توقعات حول معدلات التضخم في السعودية، بأنها تقارير دفترية وانطباعية وتستند على تكهنات غير مبنية على دراسات وبحوث ميدانية، مشددين على أن السبب في بروز ظاهرة هذه التوقعات يعود لتأخر وعدم اهتمام مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات في السعودية بنشر التقارير الخاصة بمؤشرات الأسعار بشكل شهري ومنتظم".
2- "وهنا، رأى الدكتور محمد إحسان بو حليقة رئيس مركز جواثا الاقتصادي، أن التقارير الاقتصادية التي تظهر بين الحين والآخر حول معدلات التضخم في السعودية، تعتبر تقارير دفترية وانطباعية وغير مبنية على دراسات ميدانية حقيقية، مضيفاً:"هل قام معدو هذه التقارير بإجراء دراسات بحثية ميدانية تتعلق بمؤشرات الأسعار..هذا لم يحدث وكافة الأرقام التي تحملها هذه التقارير تمت من خلال قراءات مكتبية فقط وهو ما لا يعتد به".
3- ويتابع بو حليقة (حسب الجريدة) ".. الجهة الوحيدة التي تستطيع حسم تكهنات الخبراء المصدرين لهذه التقارير، هي مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات ... وذلك من خلال نشر البيانات الخاصة بمؤشرات الأسعار بشكل شهري ودون أي تأخير، مؤكداً أن تأخر المصلحة في إصدار هذه البيانات أوجد بيئة خصبة وواسعة للتكهنات بشأن معدلات التضخم المتوقعة في السعودية".
4- "واتفق الدكتور عبدالرحمن الجعفري الخبير الإقتصادي وعضو مجلس الشورى، مع ما ذهب إليه الدكتور محمد إحسان بو حليقة، من أن الأرقام التي تعلنها بعض الجهات والمؤسسات المالية داخل السعودية وخارجها، تعتبر أرقاما لا يعتدّ بها نتيجة أنها لم تستند على حقائق واقعية".
لقد فهمت من العبارات السابقة الآتي:
1- ما سمي في التحقيق بالتوقعات، وأحيانا تكهنات، هو المعبر عنه في كتب الاقتصاد (القياسي خاصة) بكلمة فوركاست forecast. وأقول ذلك نظرا لأن التوقع يأتي أيضا ترجمة لكلمة اخرى تستعمل في الاحصاء والاقتصاد كثيرا هي الاكسبكتيشن expectation. الفوركاست يتناول في العادة المستقبل، وليس الماضي، رغم أنه قد يستعمل للماضي عادة لاختبار منهج وأدوات الفوركاست.
واستطرادا، هناك من يرى أن ترجمة فوركاست بتنبؤ أنسب وأبعد عن اللبس من ترجمتها بتوقع. ولكن في اختيار هذه الترجمة تنبؤ اشكالا، نظرا لأن التنبؤ في اللغة العربية يعني الاخبار عن مستقبل بصورة يقينية أو في حكم اليقين، وهذا ليس مرادا قطعا في الفوركاست، ولم يدع انسان عاقل أن توقعاته في حكم اليقين. جاء في المعجم الوسيط الصادر عن مجمع اللغة العربية في القاهرة: تنبأ بالأمر: أخبر به قبل وقته. وجاء في نفس المصدر: توقع الأمر ارتقب وقوعه.
2- بعض المؤسسات المالية (مثل سامبا وساب وغيرهما) أعطت توقعات (أو تكهنات، كما يسميها البعض) عن التضخم لعام 2007، وربما لسنوات قليلة بعده، وقد أعطيت هذه التوقعات في مطلع العام الجاري.
3- وفقا للتحقيق، قال المحللون "...تستند على تكهنات..."، وأظن أن مرجع الضمير المستتر في كلمة تستند هو التقارير. هناك خلل في تركيب العبارة يسبب إشكالا في فهم المقصود: عبارة التحقيق تقول بأن التقارير التي تحمل توقعات تستند على تكهنات (التي تعني توقعات). ويبدو لي أن المقصود هو أن التوقعات أو التكهنات الواردة في التقارير لم تبن على دراسات ...الخ.
4- يرى بعض من استشارتهم الجريدة أن التوقعات (التكهنات) يفترض أن تبنى على دراسات وبحوث ميدانية.
5- التقارير التي حملت توقعات، وصفت بأنها دفترية انطباعية، ولم يبين صراحة سبب توصيفها كذلك، ولكني فهمت ضمنا أن السبب هو ما ذكر في الفقرة السابقة رقم
6.4- سبب بروز التكهنات هو تأخر و/أو عدم اهتمام المصلحة بنشر مؤشرات الأسعار بصورة شهرية منتظمة بدون تأخير.
7- العبارة المنسوبة للدكتور بو حليقة في الفقرة الثانية (من الفقرات المنقولة من التحقيق)، وكذلك المنسوبة للدكتور الجعفري في الفقرة الخامسة، لم تحدد هل المقصود بالأرقام المعلنة التوقعات (التنبؤات) أم بيانات عن الماضي، ومن ثم فقد يفهم منها أن هناك جهات وضعت معدلات تضخم عن فترات ماضية. إلا أن العبارة المنسوبة لبو حليقة في الفقرة الثالثة تدل على أنه يقصد المستقبل وليس الماضي.
التعليق
العبارات المنقولة، حسب فهمي لها، تدل على وجود خلط وسوء فهم.
فابتداء يبدو أن التحقيق يريد تضييق ما جعل الله فيه سعة! ولذا لا أقول ما المشكلة في أن تقوم جهات بإعطاء تكهنات أو توقعات عن التضخم (وغير التضخم) عبر مناهج أكثر عقلانية، بل هذا أمر مطلوب عمله، لأنه من قبيل النشاط البحثي الذي ينبغي تشجيعه ودعمه. واستفادة المجتمع من قيام متخصصين بمناقشة ودراسة الموضوعات العامة بصورة أكثر موضوعية وعقلانية وعمقا، وأرقى منهجية، ثم طرحها في وسائل متاحة للناس للاطلاع عليها، والتفاعل معها، هذه الاستفادة أعظم كثيرا من تناولها خلال (سواليف) في المجالس.
وفي كل أرجاء الدنيا، تجتهد حكومات (عبر أجهزتها التي طبيعة العمل فيها فنية) وهيئات ومنظمات اقليمية ودولية وجامعات ومراكز دراسات وبحوث وباحثين فرديين يجتهد كل هؤلاء في عمل تنبؤات اقتصادية، ليس عن التضخم فحسب بل أيضا عن متغيرات اقتصادية كثيرة جدا، إلى حد صعوبة الحصر. بل هناك مؤسسات بحثية شهيرة تركز أنشطتها في مجال التنبؤ.
مناهج وطرق التنبؤ الاقتصادي السائدة في الأوساط الاكاديمية والبحثية والمهنية لا تستند إلى الدراسات الميدانية، بل تستفيد من البيانات التاريخية بتطبيق مزيج من النظريات الاقتصادية والأدوات القياسية. ويتلخص التنبؤ الاقتصادي من وجهة علمية رسمية في تطبيق نماذج رياضية قياسية (أساس بنائها نظري) وأدوات اقتصادية قياسية، على البيانات، باستخدام برامج حاسب تطبيقية متخصصة، بعضها متقدم، تتطلب فيمن يستعملها توفر مهارات جيدة في النظرية الاقتصادية، وفي الاقتصاد القياسي الذي يمزج النظرية الاقتصادية والإحصاء والرياضيات في إطار واحد.
وهناك نماذج اقتصادية قياسية كثيرة، ويختار منها الباحث ما يرى أنه أكثر ملاءمة، ولذا فإن العملية ليست علمية موضوعية بحتة بل فيها جانب تقديري. أما البناء النظري فيفسر عمل الاقتصاد، أو جزئية منه. وبعض النظريات معقد، ويتطلب تطبيقها نقاشا وتمحيصا ومتابعة في بحث الأسباب والتأثير. ولكن هناك نظريات سهلة نسبيا. وبالتأكيد، سيكون لاختيار البناء النظري الذي يطبقه من يعمل التوقعات تأثيرا جوهريا على مسار التنبؤ، وتحدد مسار البحث والتحقيق والتمحيص، وما أهم البيانات التي سيأخذ بها، وما نوعية الأدوات التحليلية التي سيطبقها.
أما الهيئات المسؤولة عن إصدار الإحصاءات (كمصلحة الإحصاءات) فليس من مسؤوليتها عادة عمل التوقعات أو التنبؤات عن المستقبل، بل هي تجمع المعلومات، وتقوم في النهاية بإصدار بيانات عن المتغيرات موضع الاهتمام. والبيانات الصادرة إنما تعبر بالضرورة عن واقع انتهى وأصبح تاريخا.
لنعتبر أنفسنا في مطلع عام 2007هل مطلوب من مصلحة الإحصاءات الخروج إلى الميدان وسؤال الناس كم يتوقعون أن معدل التضخم سيكون لعام 2007، أو كم سيكون في العام الذي يليه (2008)؟ مثل هذه الأعمال ليست عادة من اختصاص الجهات المسؤولة عن إصدار البيانات. وليس من العادة أصلا اللجوء إلى هذه الطريقة عند عمل التنبؤات الاقتصادية.
لماذا؟ لأن التضخم ليس متغيرا عشوائيا، بل هو نتاج عوامل، ويتحرك تبعا لتحركها، مثل تضخم الفترات الماضية، ومعدلات النمو الاقتصادي، ونمو العرض النقدي، والتضخم في الدول المصدرة الرئيسية، والتغيرات في أسعار الصرف. وإذا تكونت لدينا فكرة عن سلوك هذه العوامل، فإنه ستتكون لدينا فكرة عما يفترض أن يكون عليه التضخم. مع وجود خلافات، يرجع بعضها إلى وجود مدارس اقتصادية تتفاوت في نظرتها لقوة كل عامل مسبب للتضخم، ولكن الخلافات ليست كبيرة الأثر على نتائج العمل التطبيقي the empirical work. كما سيكون لقدرات المتوقع ومدى جودة البيانات وتوفرها في وقتها ومدى ملاءمة مواصفات العوامل المؤثرة الثابتة والمتغيرة (بالمعنى الاقتصادي القياسي) تأثير كبير على جودة التوقعات.
وبالمقابل، ليس من اختصاص الهيئات البحثية والدوائر الاقتصادية عمل بيانات عن الماضي، ولا توجد جهات لها احترام (مثل البنوك وصندوق النقد الدولي ومراكز البحوث وأقسام الاقتصاد الأكاديمية) تصدر بيانات عن الماضي، بل جميعهم ينقلون عن المصادر الرسمية.
وقد اطلعت على عدد من تقارير البنوك عبر سنين، ولم أجد فيها ما يدل على أنها أصدرت بيانات يفترض صدورها من مصلحة الإحصاءات، كما أنها لم تصدر بيانات يفهم أنها بديلة عما أصدرته مصلحة الإحصاءات العامة. ولذا لا أعرف علام القول بأن تقاريرها أقل دقة في المنهجية التي تتبعها المصلحة، أو أن إصدار هذا النوع جاء بسبب غياب مؤشرات منتظمة.
يحدث أن يلجأ الباحث إلى توقع متغير لفترة انتهت بسبب تأخر صدور بيانات هذه الفترة، ولكن هذا لم يحدث بالنسبة للتضخم، فالرقم القياسي الشهري والسنوي للأسعار متوفر، وإذا حدث تأخير، فهو لا يتجاوز الشهر.
كما يلجأ الباحث إلى تركيب سلسلة زمنية، نظرا لأنها غير متاحة أصلا، أو بها عيب يمنع استعمالها كما هي. ومن أمثلة السلاسل الزمنية غير المتاحة (بالنسبة للمملكة) الدخل الشخصي والتراكم الرأسمالي والأسعار القياسية الموزونة للواردات. ومن أمثلة السلاسل التي بها عيب بيانات الانفاق الحكومي المنشورة في موقع مؤسسة النقد أو في تقريرها السنوي. فقد كانت هذه البيانات تعلن وفق التقويم القمري الهجري، ثم تحولت الحكومة إلى التقويم الشمسي منذ عام 1987.وفي كل هذه الحالات تذكر الجهة أو الباحث (في حال كونهما موثوقين مهنيا) المنهجية التي سير عليها في إنشاء أو إعادة بناء السلسلة الزمنية.
والذين انتقدوا المؤسسات التي أصدرت توقعات عن التضخم، واتهموا هذه التوقعات بأنها انطباعية، لم يسندوا نقدهم بذكر حجج مقبولة في المنهج البحثي الاقتصادي. من جهة أخرى، التجربة لا تدل على أنها انطباعية، مثلا، أعطت تقارير بنكية توقعات في مطلع عام 2006عن تضخم 2006، وكانت قريبة مما أصدرته المصلحة قبل أسابيع عن معدل التضخم لعام
2006.هناك من ليست لديهم قناعة أصلا بمحاولات التنبؤ الاقتصادي، ويستشهدون على رأيهم بالفشل في التنبؤ ببعض التطورات الاقتصادية، وووجود فروقات، قد تكون كبيرة أحيانا، بين الأرقام المتنبأ بها، رغم صدورها من جهات لها مكانتها واحترامها، وتحت تصرفها موارد عالية المستوى. ولكن هذا الانتقاد موضوع آخر، لا علاقة له بموضوع التحقيق.
-إلى من يحب المرح: الموقع التالي عبارة عن دعابة بمحاولات الاقتصاديين لتخمين المستقبل:
http://www.andyfoulds.co.uk/amusement/economists.htm
ومع ذلك، فإن الناس (بمن فيهم غير المقتنعين وأصحاب الدعابات) يمارسون التوقعات في شتى مناحي حياتهم، عند الإقدام أو التخطيط لفعل عمل ما، ولو كان بسيطا.
أخيرا، أثار الدكتور العويشق مشكلة في المؤشر وهي مدى تعبير سلة القياس وأوزانها للواقع. العويشق محق فيما قاله. لكني أحب أن أضيف بأن هذه المشكلة ليست مقصورة على المصلحة، بل مرتبطة بطبيعة أي مؤشر قياسي. وطبعا هذا لا ينفي كونها أكثر سوءا في دول دون دول. الوصول إلى رقم يمثل جميع المستهلكين متعذر، ولكن التطوير مطلب، والرقم القياسي لمستوى المعيشة في المملكة به عيوب مقدور على تلافيها، وهذا من مسؤوليات المصلحة. بحث هذه العيوب يطيل هذه المقالة، ويخرجها عن نطاقها، ومن يرغب التوسع فأحيله إلى دراسة لي عن التضخم، مبسوطة نوعا ما، ستصدرها المجلة الاقتصادية، في عدد صيف هذا العام بإذنه تعالى.
@ متخصص في الاقتصاد الكلي والمالية العامة - دكتوراه اقتصاد
آخر مواضيعي
الأوسمة والجوائز لـ »
عثمان الثمالي
الأوسمة والجوائز
لا توجد أوسمة
بينات الاتصال لـ »
عثمان الثمالي
بينات الاتصال
لا توجد بينات للاتصال
اخر مواضيع »
عثمان الثمالي
المواضيع
لا توجد مواضيع
إحصائية مشاركات »
عثمان الثمالي
عدد المواضيـع :
عدد الـــــــردود :
المجمــــــــــوع :
35,164
عثمان الثمالي
مشاهدة ملفه الشخصي
زيارة موقع العضو عثمان الثمالي!
البحث عن المشاركات التي كتبها عثمان الثمالي