[فاعل خير]

تربويات يؤكدن الحاجة إلى أمن نسائي في مدارس البنات

تحقيق - عائشة العامودي
تكثر في الآونة الأخيرة مشاكل الطالبات وتعديهن على زميلاتهن الطالبات أو منسوبات المدرسة من معلمة أو إدارية الأمر الذي يؤدي أحياناً إلى التعدي بالضرب أو التلفظ بألفاظ بذيئة لا تليق بالحرم المدرسي، ولا يقتصر الأمر على الطالبات فقط ولكن أحياناً يمتد إلى الأمهات والأهالي في فناء المدرسة أو بالقرب من أسوارها.
وفي بعض الأحيان تعتدي المعلمة على طالبة أو على مديرة مدرسة إما لحظة غضب أو لمرض نفسي الأمر الذي دفع ببعض التربويات والمسؤولات في الميدان التربوي إلى المطالبة بسيدات أمن لضبط الأمن بالمدارس.
ونظراً لما لمسته "الرياض" القسم النسائي من انتشار هذه القضية في معظم مدارس البنات بمدن المملكة التي قد تصبح ظاهرة مستقبلاً فقد أجري هذا التحقيق بين بعض مدن المملكة فظهر هناك مؤيدون للأمن الداخلي بينما كان هناك مطالبون للوقوف على الوضع وحله بطرق تربوية وتثقيفية.
أمن نسائي داخلي
أكدت الأستاذة موضي الجنوبي مديرة وحدة المتابعة بإدارة التربية والتعليم للبنات بمنطقة الرياض حاجة مدارس البنات إلى أمن نسائي داخلي خاصة في المدارس ذات الأحياء الفقيرة والتي تكثر فيها السلوكيات غير المرغوب فيها أو مراكز الإشراف التربوية. وعللت الجنوبي الحاجة إلى وجود سيدات أمن مدربات حتى يستطعن ضبط الأمن في المدارس والتواجد في حال ظهرت مشكلة أمنية بالمدرسة كماس كهربائي أو حريق لا سمح الله أو حدوث مشكلة بين الطالبات تستدعي وجودها فأحياناً يحدث تهجم من ولية أمر أو معلمة مريضة نفسياً حيث لا يستطيع الشرطي الدخول إلى المدرسة في حال أمر يتطلب دخول سلطة أمنية.
وأوضحت ان تواجدهم في المكاتب أفضل من تواجدهم بالمدرسة فوجودها المستمر بالمدرسة بالبأس العسكري قد يؤثر على نفسية الطالبات فبالتالي يستحسن تواجدها في مركز الإشراف وتستدعى للمدرسة عند الحاجة وإذا لزم الأمر وجودها في المدرسة لبضعة أيام فلا مانع من ذلك. مبينة ان وحدة المتابعة تستطيع تحديد المدارس التي تتطلب سيدات أمن في المنطقة الرياض.
وطالبت مديرة وحدة المتابعة بمنطقة الرياض بضرورة وجود حراس أمن يعملون بشكل يومي مع حراس المدارس الذين لا يستطيعون الحفاظ على الأمن خارج فناء المدرسة خاصة أثناء خروج الطالبات كما سيحد من السلوكيات السلبية التي يعمد لها بعض الشباب عند مدارس البنات مبينة أنها طالبت بحراس أمن قبل ثلاثة سنوات بإحدى اللقاءات التربوية. وأرجعت الجنوبي كثرت تعدي الطلبة على المعلمين ومنسوبي التعليم يرجع إلى ما تبثه الصحف من قصص وحالات ضرب الطلاب واعتدائهم على المعلمين والذي يأخذ مساحة كبيرة وواسعة بينما لا يتم نشر ما يتعرض له الطالب من عقوبة جراء ذلك، وإذا تم نشر عقوبة الطالب المعتدي فإن ذلك يتم في مساحة صغيرة وزاوية ضيقة الأمر الذي أسهم في تمادي الطلبة وتطاولهم.
بينما بينت مديرة إدارة توجيه وإرشاد الطالبات بمنطقة الرياض الأستاذة مشاعل أحمد الدخيل ليس هناك حاجة لوجود مسؤولة أمن في معظم مدارس منطقة الرياض عدا تلك التي تقع في بعض الأحياء التي يتدني فيها المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي وتزدحم بالطالبات اللاتي قد تصل اعدادهن إلى (800) طالبة فأكثر، الأمر الذي يتولد معه - إضافة إلى المرحلة العمرية - الكثير من المشاحنات والتحزب.
وتضيف الدخيل ان هناك مدارس يتطلب الوضع فيها وجود مسؤولي أمن مدربين خارج أسوارها كتلك التي تقع في مناطق نائية والتي تحيط بها الاستراحات والمدارس المزدحمة لتنظيم ومتابعة تحركات الطالبات أثناء انصرافهن.
فيما طالبت وبشدة كل من الأستاذة نورة القرشي وبسمة العامودي بمركز التدريب التربوي بمحافظة جدة وجود سيدات أمن بالمدارس مثل الجامعات والكليات وذلك لأن هناك أموراً لا تستطيع المعلمة أو المرشدة أو مديرة المدرسة ملاحظتها داخل المدرسة وفي أثناء الفسحة أو في نهاية الدوام، فوجود موظفة متخصصة في هذا الأمر سيسهم في تحقيق الأمن داخل فبناء المدرسة.
وتذكر العامودي أن العنف في مدارس البنات يحتاج إلى حل جذري والى دراسة من قبل المسؤولين حتى لاتصبح ظاهرة يصعب حلها في زمن العولمة والانفتاح. مبينة أن المدارس الأهلية ومدارس التحفيظ والأحياء الراقية يندر فيها هذا الأمر
وقالت الأستاذة مها حميد بالقنفذة لابد من وجود سيدات أمن في المدارس لانضباط الطالبات كونه يسهم في استقرار المدرسة أمنيا، ومن باب الحرص على الطالبات فترة انصرافهن وخروجهن من المدرسة حيث يحدث الكثير من التدافع والاشتباكات، كما أن الأمن سيقضي على المشاكل.
غياب التخطيط الجماعي
واستنكرت مستشارة مدير التربية والتعليم بمحافظة جدة الأستاذة اعتماد شعيب قائلة أنني استنكر وبشدة هذه الفكرة، للأسف كوني أوصل للمؤسسات التربوية التي يقع على عاتقها الأمن النفسي للطالبة والذي يتضافر مع الأسرة.
وتستطرد قائلة المدرسة مركز إشعاع ثقافي واجتماعي وتربوي، الفكرة مرفوضة تماماً لأنه يجب البحث عن الأسباب التي أدت إلى ظهور بعض السلوكيات العدوانية وعلاجها لاتركها.، أنا كأم ومعلمة وتربوية أرفض هذا الاقتراح فأين دورنا كتربويات، المعلمة مهما كان سنها بمجرد دخولها للمدرسة تصبح أم وأخت للطالبة، لماذا لم تظهر في السابق هذه القضية لأن التربويات كن يتعاملن مع الطالبة ككيان بشري، فالطالبة هي أم الوطن.
وتضيف مستشارة مدير التربية والتعليم بجدة، الطالبة عندما تتعرض لسوء المعاملة من المدرسة تصاب بأمراض نفسية بسبب الضغوط ولكن عندما تجد المعاملة الحسن يتغير الوضع وترى مديرة مركز الاشراف وسط الرياض ان الوقاية خير من حدوث المشاكل والتي تعد حالات استثنائية في مدارس البنات تكمن في وجود لوائح وآليات وأنظمة تكفل الحقوق لكافة العناصر المسيرة للعملية التربوية وهيئة إدارية وليس في تعين موظفة أمن داخلها.
مؤسسة لضبط السلوك
وذكرت الأستاذة نوضة سعيد القحطاني مستشارة مدير عام التربية والتعليم بحائل أن تعيين سيدات أمن داخل مدارس البنات لن يحد من ظاهرة العنف بل يؤدي إلى تفاقم المشاكل لأنه سوف ينشأ رفض داخلي لوجودهن داخل المدرسة من قبل الطالبات فستحاول الطالبة التعبير عن هذا الأمر بالرفض والتمرد والعصيان.
وترى القحطاني أن البديل هو لجنة خاصة مهمتها ضبط السلوك الاجتماعي والنفسي للطالبات من قبل متخصصات في علم النفس والاجتماع أو من المعلمات الثقة اللواتي يتم تدريبهن تدريباً مكثفا ومتواصلا لمعالجة الحالات والسلوكيات الخاطئة لدى الطالبات، وبذلك تصبح الطالبة تحت المراقبة والمتابعة والمعالجة أفضل من أن تكون تحت الحراسة وكأننا في مؤسسة عسكرية.
وتختتم حديثها قائلة لأن مهمتنا الأساسية تربوية تعليمية فمن الواجب كتربويات تعديل السلوك الخاطئ وخلق جيل تربوي قبل أن يكون جيل تعليمي.
وتذكر الأستاذة فوزية سلمان الزماي مديرة وحدة توجيه وإرشاد الطالبات بحائل أن من أسباب انتشار هذه القضية هي أن المعلمة عليها ضغوط كثير وليس لديها الوقت لاحتواء الطالبة وبالتالي انتشرت السلبيات كما أن المعلمات أحيانا يفتقدن القدوة الحسنة بالإضافة إلى القنوات الفضائية التي تحمل الكثير من صور العنف والتي يجب أن يقابلها قنوات إعلامية تربوية. مؤكدة أن معظم مشاكل التعليم سببها غياب التخطيط الجماعي.
وذكرت مديرة مركز الاشراف التربوي وسط الرياض(المكلفة) الاستاذة عواطف فهد الحارثي أنه ينبغي النظر إلى المدرسة على أنها مؤسسة تربوية تعليمية وأمن للطلاب والطالبات وأن لايتغير المفهوم التربوي لها فلسنا بحاجة إلى أمن طلابي، نحن بحاجة إلى مرشدة طلابية مؤهلة ومتخصصة في علم النفس وفي مجال الارشاد الطلابي.
وتؤكد الحارثي بأن المدارس بحاجة إلى إيجاد كفاءات الارشاد الطلابي القادر على أداء مهمتها بكل اقتدار، فوجود موظفة أمن داخل المدرسة تخل بالاستقرار النفسي لمنسوبات المدرسة أكثر منه مدعاة للاطمئنان. وحول هذا الموضوع قال الأستاذ بكر عبدالرحمن المستشار التعليمي لمكتب نائب وزير التربية والتعليم للبنات، في البداية ومن وجهة نظري لا اعتقد بأن العنف والعنف المضاد في مدارس التعليم العام للبنات متصاعد إلى الدرجة التي تستوجب فيها إيجاد حارسات امن الآن، إن فكرة إيجاد حارسات الأمن تعتبر عموما جديرة بالاهتمام والتجريب على عينات من المدارس، مع التأكيد على أن يكون دورها مقتصراً على الجانب الرقابي والمحافظة على المظهر العام للنظام في المدرسة فقط وبدون التدخل في الأدوار التربوية لمعلمة الفصل جنبا إلى جنب مع المرشدة الطلابية، مضيفا ان يكون تدخلها لفض الاشتباك بمعرفة إدارة المدرسة، وان لايسهم تدخلها إلى تلاسن بألفاظ نابية بين طالبة ومعلمة وكل هذه السلوكيات الواقعة في مدارس البنات لاتحتاج إلى تعيين سيدات حراسة وأمن لحماية الطالبة أو المعلمة لأنها سلوكيات يمكن السيطرة عليها وعلاجها، فهذه القضايا تحتاج مديرة ومعلمة ومرشدة طلابية يستشعرن عظم المسؤولية والأمانة الملقاة عليهن تجاه بناتنا الطالبات من خلال عدة بنود هي:
ملاحظة سلوكيات الطالبات منذ حضورهن من المدرسة إلى انصرافهن منها والتركيز على مايلاحظ من أي توجيهات عدوانية أو إثارة مشاكل تجاه زميلاتهن ومعلماتهن.
اتخاذ إجراءات تربوية وتوعوية مفيدة للطالبات ترسخ في أذهانهن الشعور بالمواطنة الصالحة وأهمية الإحساس بالمسؤولية.
مراعاة حاجة الطالبة إلى التربية المبنية على التفاهم والحوار والتوجيه بما يعزز العلاقة الايجابية بين الطالبة والمعلمة.