عرض مشاركة واحدة
قديم 06-21-2007   رقم المشاركة : ( 2 )
كريم السجايا
مشارك


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 714
تـاريخ التسجيـل : 08-12-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 386
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : كريم السجايا يستحق التميز


كريم السجايا غير متواجد حالياً

افتراضي رد : عقدة" الحجاب في تركيا ، منقول .

مفكرة الإسلام: تصاعدت حمى التكهنات السياسية حول موقف الجيش التركي من الانتخابات الرئاسية والمقررة اليوم الجمعة الموافق27 من أبريل 2007 ، خاصة بعد أن بات في شبه المؤكد فوز وزير الخارجية التركي "عبد الله جول" بمنصب الرئاسة ، وذلك بعد إعلان "رجب طيب أوردغان" رئيس الوزراء التركي ورئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، الذي يتمتع بأغلبية مطلقة في البرلمان حيث يسيطر على 354 مقعدًا من أصل 550مقعدًا، ترشيح جول لانتخابات الرئاسة التركية.
ويعود هذا التصعيد لطبيعة العلاقة المعقدة بين الحكومة التركية التي يسيطر عليها حزب "العدالة والتنمية" والذي يتهم بتوجهاته الإسلامية - على الرغم من نفي قياداته - وبين الجيش التركي الذي يعتبر نفسه حامي حمى تركيا العلمانية أو الحديثة كما يسميها الساسة الأتراك.
ولإدراك موقف الجيش من هذه الانتخابات لابد أولاً من فهم طبيعة هذه العلاقة المعقدة بين حكومة حزب العدالة والجيش التركي والتغيرات التي طرأت على الساحة التركية نتيجة لهذه العلاقة.

• طبيعة العلاقة بين الجيش وحزب العدالة:
ظلت المؤسسة العسكرية التركية تلعب دورًا مهمًا في التاريخ التركي الحديث ، منذ تأسيس الجمهورية التركية العلمانية عام 1923 على يد مصطفى كمال أتاتورك ، فلقد أسس أتاتورك جمهوريته العلمانية على أساس عسكري بالدرجة الأولى وهو المنطق الذي لا زال أثره قائمًا حتى عصرنا الحاضر، وهو ما عبر عنه رئيس الأركان التركي السابق "حلمي أوزكوك" بقوله: إن العسكريين هم الذين قاموا ببناء نظام حديث في تركيا وإن هذا التغيير الذي شهدته تركيا على أيديهم له الأهمية نفسها ، بمثل ما لعصر النهضة الأوربية بالنسبة للغرب، إن هذه النهضة إنما قامت بأيدي الجنود".
ولا يزال الكثيرون في تركيا يعتقدون أنها بلد عسكري وأن هناك رباطًا لا انفصام له بين الدولة والقوات العسكرية التي أنشأت هذه الدولة في الأساس ، وتعتقد المؤسسة العسكرية التركية أن مهمتها هي الحفاظ على علمانية هذه الدولة ، وللأسف ليست علمانية المؤسسة العسكرية التركية هي نفسها العلمانية الغربية بل إنها علمانية متطرفة تعمل على نبذ وإقصاء ومحاربة أي مظهر من مظاهر الدين حتى ولو كان بعيدًا عن السياسة.
واستتبع ذلك أن مد العسكريون نفوذهم إلى مؤسسات ومجالات هي بطبيعتها من اختصاص السلطات المدنية، ونظرًا لهذه المكانة التي يتمتع بها العسكريون فقد ترسخ في الأذهان أنه لن يكون هناك تغيير في الأوضاع ما لم يتم دعمه من قبل المؤسسة العسكرية.
وهذا ما يفسر تحرك الجيش التركي عام 1997 من خلال "مجلس الأمن القومي" للإطاحة بحكومة "نجم الدين أربكان" بسبب النزعة الإسلامية في إصلاحاته الداخلية واعتماده سياسة المحاور الإسلامية في سياساته الخارجية.
وأمام هذه المعضلة اعتمد حزب العدالة استراتيجية تقوم على تغيير الداخل من خلال الخارج، ومن ثم اتجه الحزب نحو أوروبا أملاً منه في إقامة جسور اتصال مع أوروبا والعمل للانضمام للاتحاد الأوربي سيساعد مساعدة كبيرة في إتاحة مزيد من الحريات والتقليل من حجم تدخل الجيش في شؤون الحكم.
ساعدت الأفكار التي يقوم عليها حزب العدالة والتنمية في تحقيق هذه الاستراتيجية "تغيير الداخل من خلال الخارج" ، فحزب العدالة ليس حزبًا إسلاميًا بالمعنى المتعارف عليه، بل إن قادة الحزب أنفسهم يؤكدون أنه حزب علماني محافظ بالمفهوم الغربي للعلمانية، وليس وفق مفهوم المؤسسة العسكرية التركية للعلمانية.
فأردوغان انتقد بشدة الصحافة التركية والأوربية عندما وصفت حزبه بالإسلامي حيث ذكر بأن حزبه ليس إسلاميًا ولا يشكل الدين محورًا في عمل الحزب ، وقال في لقاء مع شبكة "سي. إن . إن" التركية بتاريخ 21 سبتمبر 2002 "حين تكون العلمانية قائمة على الحرية يتمتع الجميع بالحقوق فيها ، ويكون للفرد الحق في الحرية في معتقده وإيمانه وعدم تدخل الدولة في هذا ، ويعد النموذج الأنجلو ساكسوني هو الأكثر قبولاً في التطبيق العلماني لدينا" ، نفس هذه الفكرة عبر عنها جول بقوله: "نريد أن نصبح أوروبيين بمعنى الكلمة ، في ألمانيا لا تفرض الحكومة على الكنائس ما تقدمه للناس أيام الأحد ، وفي بريطانيا يمكن للفتيات أن يذهبن للجامعات وهن يرتدين ما يحلو لهن بما في ذلك الحجاب الإسلامي ،أما في تركيا فحديثك عن الإسلام كما يحلو لك قد يلقي بك في السجن وبالتأكيد فإن الفتيات لا يستطعن دخول الجامعات أو المكاتب الحكومية وهن يرتدين الحجاب" وعقب إعلان ترشحه للرئاسة أكد جول أن سيحافظ على علمانية الدول التركية والمبادئ التي وضعها مصطفى أتاتورك في نفس الوقت الذي طالب فيه طالب باحترام قرار زوجته ارتداء الحجاب مؤكدًا أنه قرار شخصي وحق فردي وعلى الجميع احترامه ، وتبني حزب العدالة لهذه الأفكار ساعده على اتجاهه نحو أوروبا وجعله مقبولا في الخارج والداخل.
لذلك فالصراع بين الجيش وحزب العدالة ليس صراعًا بين الإسلام والعلمانية كما يحلو للبعض أن يوصفه ، لكنه في الحقيقة صراع بين تفسيرين للعلمانية ، بدون الدخول في تفاصيل هل هذه الأفكار هي خطوة مرحلية لحزب العدالة ، أم أنها تبني أصيل للحزب لأننا لسنا بصدد تقييم الحزب ولكننا نتحدث عن طبيعة العلاقة بين الحزب والعسكر.
وهذا ما يفسر لنا بعض المرونة التي قد يبديها العسكر تجاه الحزب على العكس من موقفهم من تجربة حزب الرفاه، وهو ما جعل كذلك الجيش يتخذ موقفًا مرنًا إلى حد ما من ترشيح جول للرئاسة.
ووصف تعليق قادة الجيش التركي بشأن احتمالية ترشيح أحد قيادات حزب العدالة لمنصب الرئاسة بالإيجابي ، حيث أكدوا عدم تدخلهم في العملية الانتخابية لكنهم حذروا من خرق النظام العلماني للدولة.
بجانب ذلك فهناك عدد من العوامل والظروف المواتية التي قد تحد من حركة الجيش في حال فوز "عبد الله جول" بالانتخابات الرئاسية.
• عوامل تحول دون انقلاب الجيش :
برزت عدد من المتغيرات على الساحة التركية كانت في صالح حزب العدالة في صراعه ضد تدخل المؤسسة العسكرية في شؤون الحكم في البلاد وقيدت حركة هذه المؤسسة إلى حد بعيد.
ومنذ أن فاز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات البرلمانية عمل على سحب البساط بالتدريج ودون إثارة المعارك من تحت أقدام العسكريين ، معتمدًا في سياسته هذه على عدد من العوامل :
1- فبعد هجمات 11 سبتمبر وتصاعد الصراع بين الإسلام الأصولي والغرب حرص الحزب على تقديم نفسه كنموذج للتعايش بين قيم الحداثة الغربية والإسلام ، وتلقفت الإدارة الأمريكية هذا النموذج وعملت على ترويجه في مواجهة ما تسميه الأصولية الإسلامية في المنطقة ، حيث تعتبر إدارة بوش أنه لا يوجد ما هو أكثر إلحاحًا من تقديم منظور آخر للبلدان الإسلامية بعيدًا عن ما تسميه العنف والتطرف ، وتركيا تحمل هذا المنظور وفق الرؤية الأمريكية للمحافظين الجدد.
وهذا الدعم الأمريكي انتقده الرئيس التركي الحالي "أحمد نجدات سيزر" بقوله: إن الخطر على العلمانية التركية ينبع من قوى داخلية وخارجية على السواء، القوى الداخلية المقصودة هي بالتأكيد العدالة والتنمية؛ أما الخارجية، فقد وصفها سيزر بالدول التي تريد تقديم تركيا كنموذج لدول العالم الإسلامي الأخرى، باعتبارها دولة إسلامية معتدلة" في إشارة لواشنطن.
2- سعى حزب العدالة لإيجاد سند خارجي في مواجهة الداخل من خلال تجذير علاقاته بالخارج فبجانب حصوله على دعم البيت الأبيض - خاصة بعد أن وافق البرلمان التركي الذي يسيطر عليه الحزب على إرسال قوات للعراق بناء على طلب أمريكي لكن المعارضة العراقية الرافضة بشدة لهذا الطلب حالت دون تنفيذه - عمل على تقوية علاقاته بدول الاتحاد الأوروبي وهو الأمر الذي مهد بعد ذلك لإنجازه التاريخي بانتزاع موافقة الاتحاد رسميًا على بدء مفاوضات انضمام تركيا إليه وتتويج مسيرة ناهزت الأربعين عاماً من ركض العلمانيين الأتراك خلف الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السبيل تبنى أوردغان موقفًا وُصف بالمعتدل من الدوائر السياسية الأوربية والأمريكية عندما التقى خلال زيارته لواشنطن في يناير عام 2004 بالمؤتمر اليهودي الأمريكي وقد منحه المؤتمر جائزة الشجاعة وعبر أردوغان عن سروره البالغ من المستوى العالي في العلاقات التركية مع "إسرائيل" واقترح أن تقام منطقة صناعية بالاشتراك بين تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة في منطقة جنوب الأناضول.
3- الإنجازات الاقتصادية الداخلية الهائلة ، حيث نجحت حكومة أردوغان في تثبيت اقتصاد البلاد إيجابياً، وزيادة النمو، ورقابة نسبة تضخم ، وكانت سياساته الاقتصادية المتبعة في العموم متجاوبة مع اهتمامات وتطلعات القطاعات المختلفة من الاقتصاد التركي، الذين يمثلون غالبية الشعب، مثل قطاع العمل، المزارعون، المتقاعدون والموظفون الحكوميون كل هذا زاد من أسهم وشعبية حزب العدالة في الشارع التركي.
4- اتخذ أردوغان من الشروط والمعايير الأوروبية الصارمة للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي ذريعة ومسوغًا لتقليص النفوذ السياسي الطاغي للعسكر، لذلك فإن جيش التركي أصبح مكبلاً بعد سلسلة القوانين التي وضعها العدالة كي تنطبق المعايير الأوروبية على تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي، ولم يَعُد العسكر أصحاب أغلبية داخل "مجلس الأمن القومي" الذي كان تقليديًّا يتشكل من الجيش للضغط على الأحزاب وأصبح الآن له رئيس مدني وأغلبية مدنية أيضًا.
وعلى الرغم من تذمر الجيش من تقليص صلاحياته إلا أنه لا يملك إلا الموافقة على هذه الإجراءات و إلا سيقف في مواجهة حتمية مع القوى السياسية المدنية التركية ، والدول الغربية.
هذه العوامل مجتمعة تحول دون إقدام الجيش التركي على انقلاب ضد "عبد الله جول" حال فوزه بالانتخابات الرئاسية في تركيا ، خاصة وأنه من المستبعد أن يقوم جول بتغييرات جوهرية لأن رئيس الدولة ليست له صلاحيات واسعة تمكنه من القيام بهذه التغييرات ، وإن كان من المتوقع حدوث بعض التغييرات الشكلية والطفيفة ، نحو دخول "خير النساء" زوجة جول قصر الرئاسة بغطاء الشعر وهي القضية التي أثارتها الصحافة التركية والأوربية بصورة مبالغ فيها وتحمل الكثير من اللغط ، لكن يبقى فوز جول نصرًا معنويًا للإسلاميين في كل مكان.
• أخيرًا :
يجدر بنا أن نشير إلى أنه مع اعتقادنا أن الجيش لن يتدخل فإن الطريق للرئاسة ليس ممهدًا لجول ، فبجانب العسكر المتحفز هناك قوى المعارضة العلمانية الشرسة والمتغلغلة في كافة مؤسسات الدولة خاصة التعليمية والإعلامية وهي المؤسسات الأكثر تأثيرًا على المجتمع.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس