الموضوع: غدير البنات
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-22-2007   رقم المشاركة : ( 5 )
@ بن سلمان @
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية @ بن سلمان @

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 156
تـاريخ التسجيـل : 01-10-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 14,724
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 20
قوة التـرشيــــح : @ بن سلمان @ مبدع


@ بن سلمان @ غير متواجد حالياً

افتراضي رد : غدير البنات

وبعد وفاة شاعر مكة الراضي، صاحب الأبيات الآنفة الذكر بعام واحد، ولد الشاعر الكبير حسين بن عبدالله سراج، ونظم في هذا الغدير وبناته، قصيدة وصفية نابضة بالحياة، يخال من يقرأ له أبياتها، أنه يرسم لوحة زيتية، أو يعرض صورة فوتوغرافية حية. يقول الشاعر:
على غدير البنات جآذر فاتنـــات
سحرنني غاديات قـــــتلنني رائحات

على غـديـر البنـات

يطفنه عابثات وبالهوى حالمات
وبالصبا مشرقات وفي الحِلى مائسات

على غـديـر البنـات

رددي يا جبال ياروابي ياتلال
واشهدي يا رمال أبدع الله الجمال

على غـديـر البنـات

أهن نـار ونــور أهن ياقلب حور
يمسن بين الزهور فديت تلك البدور

على غـديـر البنـات

رقصن رقص الخبير على هزيج الخرير
ونفحــة من عبيـر تفوح فوق الأثير

على غـديـر البنـات
بعد سنوات طويلة من وصفية الشاعر الطائفي حسين سراج، يأتي شاعر طائفي آخر هو مطلق بن عبدالله بن حريب، يقول قصيدة مختلفة في الغدير وبناته، فشاعرنا هذا، وقف على غديره الذي (كان) يعرفه فيما سبق، بعد أن (شابت نواصيها)..! يخاطب ذا الحجر وذا الشجر، ويستحث المكان، عله يتذكر معه الصحاب والطيور، وخرير المياه، وروائح الشيح، ويستنجد بشجر الطلح الذي يلف المكان، عله يعود بالذكرى معه، إلى أيام البهجة، وليالي الأنس حول غدير البنات. يقول ابن حريب في بكائية عجيبة:
أيا (غديراً) له في النفس منزلة
مازال في القلب ذكرى منك يبقيها
فهل ترى ياغدير الأنس تذكرني
إذ جئتك اليوم.. قد شابت نواصيها
أين الصحاب ومن كنا نعاشرهم
أهل المروءات في أسمى معانيها؟
أين الطيور التي كنا نطاردها
كذا خرير مياه كنت تجريها؟
أين الروائح من شيح ومن زهر
هل لايزال عبيقاً بالشذى فيها؟
إني أزورك علَّ الطلح يذكرني
وحسب نفسي إخلاص لواديها
إني أحن إلي أيام بهجتنا
ليت الليالي تعيد اليوم ماضيها..!
وأحسب أن شاعرنا بهذه القصيدة، يسدل الستار على صورة مشرقة، لمكان عبيق بالأحلام التي كانت تراود الشعراء، فقد جاء الشاعر ليخاطب طللاً وأثراً لم يعد به ماء، ولا بنات، ولا شيح أو زهر فوّاح..!

ومع اندثار هذا الأثر المكاني الجميل، الذي أنطق الشعر منذ عشرات السنين، إلا أن هذا الشعر، ظل يذكر غدير البنات، ويتغزل ببنات الغدير الجميلات.. إن الشعر يملك من قوة الخيال، ما يتفوق به على قوة الذاكرة في كثير من الأحيان، فالشعر العربي المعاصر، يقاوم طغيان النسيان، بالحنين الذي يفتت به جدران العولمة.
وفي حالة مثل حالة غدير البنات الذي (كان) ذات يوم، فإن الشعر المعاصر يصر على استدعاء الصورة البديعة لاستكمال جمالية العلاقة بين الماضي والحاضر، حتى لو كانت هذه العلاقة، مستمدة من ذكرى لمكان، كانت ومازالت له شاعرية تبهج وتبعث على النشيد. فالغدير وبناته، لازم شعراء معاصرين تغنوا بأيامه وبلياليه الجميلة: (أحمد سالم باعطب، عبدالله علي الحسيني البركاتي -رحمه الله- مطلق بن حميد الثبيتي -رحمه الله-، محمد محمود جاد الله من مصر، عبدالعزيز بن أحمد الرفاعي -رحمه الله-، عبدالرحمن بن زيد السويداء، حمزة بن أحمد الشريف، محمد بن منصور الشريف، أحمد الصالح -مسافر- عبدالله بن عبدالكريم العبادي، محمد عبدالقادر فقيه، عبدالله القرعاوي، بديعة داود كشغري، السيد عبيد مدني، علي النعمي) وغيرهم.

http://www.arabicmagazine.com/last_i...=1522&num=1533
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس