كبسولة اقتصادية
الاحتياطي السري.. وسيلة تلاعب إدارات الشركات المساهمة الفاشلة
المهندس عبد العزيز حمود الصعيدي
تحتفظ كل شركة، خاصة المساهمة منها باحتياطيات بعضها ملزما والبعض اختياري. ويأتي على رأس قائمة هذه الاحتياطيات: الاحتياطي النظامي وهو ملزم، احتياطي الطوارئ، احتياطي ديون مشكوك في تحصيلها، واحتياطي فني.
جميع هذه الاحتياطيات معلنة، أو متفق عليها، وتظهر في القوائم المالية للشركات المساهمة، على شكل بنود واضحة وصريحة، ولكن هناك احتياطياً من نوع آخر، الاحتياطي السري، والذي تلجأ إليه بعض الشركات المساهمة الفاشلة والرديئة الإدارة، وهذا النوع من الاحتياطيات لا يظهر في القوائم المالية، ولا يعلم به سوى القلة، مثل أعضاء مجلس الإدارة، ومن هم في قمة الهرم التنفيذي.
تخصص جميع الشركات المساهمة ما نسبته 10في المائة من الأرباح الصافية على شكل احتياطي نظامي، ترتفع هذه النسبة إلى 25في المائة في المؤسسات المالية والبنوك، وهذا الاحتياطي ملزم لكل شركة مساهمة، والهدف الرئيسي منه تعزيز أداء الشركة أو رفع رأسمالها عندما يتراكم لديها احتياطيات تسمح بذلك.
وتلجأ بعض الشركات إلى احتياطي طوارئ أو احتياطي فني، مثل احتياطي نشاط غير مستقر أو احتياطي صندوق التكافل، في الشركات المساهمة المعرضة لأي مخاطر غير محسوبة وفي أي لحظة، دون سابق إنذار.
بعض الشركات يترتب عليها دفع مبالغ كبيرة، وربما بشكل مفاجئ، وليس لديها بند أو مخصصات لتغطية مثل هذه المتطلبات، الحالات التي تتبادر إلى الذهن هنا هي شركات التأمين التي ربما يترتب عليها دفع مبالغ ضخمة قد تصل إلى المليارات في حالات الحروب أو القلاقل السياسية، أو سقوط وتحطم طائرة ووفاة جميع الركاب، في مثل هذه الحالة قد يترتب على شركة التأمين دفع قيمة الطائرة وتعويض ورثة جميع الركاب، لهذا تحتاج إلى تخصيص مثل هذا الاحتياطي.
بيت القصيد في هذه العجالة هو الاحتياطي السري الذي تلجأ إليه بعض الشركات التي تكون إدارتها فاشلة، أو من ذوات النوايا السيئة، هذا النوع من الاحتياطيات لا يظهر في القوائم المالية، ولا يعلم به سوى القلة القليلة من أعضاء مجلس الإدارة، ومن هم على قمة الهرم الوظيفي أو التنفيذي في الشركة، وأحيانا لا يعلم بذلك سوى رئيس مجلس الإدارة وبعض الأعضاء، وهذا الاحتياطي يفيد أي إدارة رديئة لتلميع صورتها والظهور بمظهر الفارس الذي أنقذ الشركة في حالة أي توعك، أو عند تعرضها لأزمات أو عند أي انتكاسة أو خسائر كبيرة، فتظهر جزءاً من هذه الاحتياطيات لتحسين وتلميع صورتها، وكل ما في الأمر هو تغيير بعض أرقامها الحقيقية، وبطريقة سرية أخرى.
وأما كيف تستطيع شركة أن تخلق مثل هذه الاحتياطيات، فالوسائل كثيرة، فقد تلجأ إلى أحد، بعض، أو كل الوسائل التالية: تخفيض قيمة بعض الأصول، تضخيم حجم الالتزامات، المبالغة في حجم الديون المشكوك في تحصيلها، استخدام وسيلة إهلاك متسارعة.
يتم تخفيض قيمة الأصول بعدة طرق منها على سبيل المثال لا الحصر تسجيل قيمة الأصل بأقل من القيمة المدفوعة، وتسجيل الفرق على بند آخر، مثلا في حالة شراء أرض، لو تم شراء الأرض بمبلغ مليون ريال، تسجل قيمتها في الأصول بمبلغ 700ألف ريال، ويحمل المبلغ المتبقي وقدره 300ريال على بند مصاريف، مثل رفع مساحي، قلع أشجار، تنظيف مواقع، أو أي بند آخر، ولن تعدم الشركة التي تبحث عن مثل هذه الوسائل عن وجود مخرج.
وأما تضخيم حجم الالتزامات، المبالغة في حجم الديون المشكوك في تحصيلها، فهي بتخصيص مبالغ أكثر من المعقول وهو أمر بسيط.
وأما بند الاهلاك على الأصول، فيعرف كثير من القراء أن هناك عدة طرق لتحديد بند الإهلاك منها: القسط الثابت وهو الأكثر شيوعا وانتشارا بين الشركات، الرصيد المتناقص، الرصيد المتناقص المضاعف، والقسط المتسارع، وهذا الأخير تلجأ إليه بعض الشركات التي ترغب أن يصبح لديها احتياطي سري، فمن جهة تستخدم هذا النوع من الإهلاك الذي يخصص إهلاكاً كبيراً في السنوات الأولى من عمر الأصل، وذلك بجمع أرقام العمر الافتراضي للأصل ومن ثم احتساب القسط الأول بقسمة آخر سنة على عدد السنوات، كما تلجأ الشركات التي ترغب في تكوين احتياطي سري إلى تقليص العمر الافتراضي للأصل، وكذلك عدم احتساب قيمة تخريدية للأصل. ولبيان ذلك نفترض أن أحد الأصول البالغة قيمته مليون ريال؛ وهو من الأصول التي جرت العادة أن يحسب عمره الافتراضي بنحو 10سنوات، وله قيمة تخريدية تبلغ 120ألف ريال؛ في حالة الشركة التي ترغب الاحتفاظ باحتياطيات سرية يحتسب العمر الافتراضي لهذا الأصل بخمس سنوات فقط، ولا يخصص له قيمة تخريدية.